| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي فهد ياسين

 

 

 

                                                                                 الجمعة 22/4/ 2011



الوزارة في المغارة !!

علي فهد ياسين

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية في بيان لمفتشها العام السيد علاء رسول محي الدين أنها (كشفت !) عملية أحتيال لشركة باور انجينير البريطانية من خلال عقد ينص على تجهيز رؤوس طاقة كهربائية بقيمة 4,5 مليون دولار كانت الوزارة قد أبرمته مع الشركة المذكورة بوساطة (بنك بيبلوس اللبناني !) عام 2008 ,وقد تأخرت الشركة بتنفيذ العقد حتى مطلع 2011 , وبعد وصول الشحنة الى ميناء أم قصر كانت الصناديق تحتوي على (عدد يدوية ,ومفكات, ورافعة شوكية أشبه بلعبة أطفال يتم التحكم بها بالريمونت كونترول) !.

السيد المفتش العام (مشكورا !) أكد على أن الوزارة ,وبعد أكتشافها لعملية النصب والاحتيال أبلغت بنك بيبلوس اللبناني (وضغطت عليه !) بعدم تسديد مبلغ الشحنة للشركة البريطانية والغاء الصفقة ,ووضعت الشركة في القائمة السوداء !.

لم يحصل العراقيون على حاجتهم الفعلية من الكهرباء منذ الحرب العراقية الايرانية رغم أمكانيات البلد الهائلة التي أستنفذتها عصابات الأجرام البعثية في حروبها العبثية ,وقد أستبشروا خيرا بسقوط صنم الدكتاتورية في 2003 لتغيير واقع الخراب الذي طال كل مناحي الحياة , الا أن كل الآمال تبخرت خلال الثمانية سنوات السابقة في انجاز مشاريع للكهرباء توفر الحاجات المتنامية لهذا العصب المتحكم في كل مناحي الحياة ,نتيجة لهزالة التخطيط ولانشغالات الحكومات المتعاقبة في تحقيق برامج النفع الخاص على حساب العام الذي يحتاجه الشعب الذي قدم ولايزال التضحيات المتراكمة منذ عقود من أجل غد أفضل يبشره به السياسيون ويشتركون جميعهم في اجهاضه .

لقد كثرت الوعود , وصرفت المليارات على مشاريع للكهرباء كان تسويقها الأعلامي أكبر بكثير من حقيقتها , وكان الشعب في كل مرة ينتظر نتائجها ويعود خائبا من أحلامه ,حتى وصلت أزمتها الى اعتمادها محورا أساسيا في البرامج الأنتخابية التي أوصلت قوائم بعينها لمقاعد البرلمان , وكان تعهد السيد رئيس الوزراء نوري المالكي بتبني برنامجا لتوفيرها خلال سنتين , آخر ما يعتقد العراقيون أنهالقشة التي ستعدل الميزان بين الصدق ونقيضه ! ,وقد أعفي وزير وجاء بديله وتوافق البرلمان على تمرير خطة الكهرباء بمبالغ طلبتها الحكومة كي تكون نتائجها مساهمة في الاستقرار السياسي الذي تشعبت متطلباته !

أن الأعلان الذي صدر عن المفتش العام لوزارة الكهرباء يمثل نموذجا واضحا لآليات العمل في الوزارة , وهو في تفاصيله يشكل صدمة كبيرة للعراقيين للاسباب التالية :

أولا . وزارة الكهرباء تتعاقد على صفقة ل (رؤوس طاقة كهربائية) , هذا يعني أنها بحاجة لها , والتعاقد كان في العام 2008 وقد أنتظرت الوزارة حتى بداية العام 2011 لتنفيذ العقد ! فهل يستقيم الأحتياج مع هكذا أنتظار لتنفيذ الصفقة؟

ثانيا . أنا لاأفهم مبررا لوزارة الكهرباء العراقية التي تدير ميزانية بمليارات الدولارات في أن تعتمد مصرفا لبنانيا في أية صفقة تحتاج لتنفيذها , خاصة وأن هناك بنوك عالمية في دول متطورة صناعيا ومنها بريطانيا الدولة التي تتواجد فيها الشركة المعنية بالتجهيز الذي احتاجته الوزارة وهناك سفارة عراقية في لندن لها ملحقية تجارية يفترض أن الصفقة من أختصاصها وذاك جزء من نشاطها ؟

ثالثا . كان أستحداث مكتبا لمفتش عام في الوزارات هو آلية لتحجيم الفساد , ونحن هنا أمام حالة تثير الدهشة والألم , حين يعلن المفتش العام لوزارة الكهرباء أنه أكتشف حالة نصب وأحتيال بعد ثلاث سنوات ! فهل الأكتشاف هنا يحسب له أم عليه ؟

رابعا . نحن عرضنا نموذجا لفساد مزدوج تشترك فيه الشركة الأنكليزية ووزارة الكهرباء وقد أخبرنا مشكورا المفتش العام للوزارة بتفاصيلها ! , وبأجراء مكتبه الذي تمثل في وضع الشركة البريطانية على القائمة السوداء دون أن يعلم أن هذه الفضيحة تطاله هو أيضا لان واجبه الوطني والوظيفي كان يلزمه بمتابعتها أولا بأول وبوقت مبكر وبدون أنتظار لثلاث سنوات كي يعلن عنها كأحدى أنجازاتة !.

خامسا . وأخيرا هل أطلع وزير الكهرباء على بيان مفتش الوزارة ؟ وماهي الأجراءات التي أتخذها بحق الجهة التي أبرمت العقد ودائرة المفتش العام في وزارته ؟ وهل أطلع مكتب رئيس الوزراء على هذه الفضيحة ؟ الى الآن لم نجد أي أجراء معتمد يفضح ويعاقب كل مشترك فيها ليكون عبرة للفاسدين وأشارة للشعب تدلل على أن بعض التصريحات التي يطلقها السياسيون هي حقيقة وليست اوهام !.
 

 

free web counter