| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي فهد ياسين

 

 

 

                                                                                 الثلاثاء 20/11/ 2012



في مجلس النواب العراقي .. البطالة بلا أقنعة !

علي فهد ياسين

ينفرد مجلس النواب العراقي عن مجالس النواب في دول العالم بالعديد من الحالات التي تؤهله للدخول في موسوعة كينس المتخصصة في أِنجازات الأوائل , ولا يحتاج المرء لجهدِ كبير كي يتأكد من ذلك , وفي موضوعة الحضور لجلسات المجلس نصل الى أن مجلسنا ( الموقر) يقدم لنا احصاءات عن الحضور والغياب مضمونة التسجيل في الموسوعة العالمية الأشهر .

ولمن يريد التأكد من ذلك , ولبعض أعضاء المجلس ممن لايطيقون أساليب الأحصاء والحساب , نقدم كشفاَ معتمداً من رئاسته ومنشوراَ في موقع المرصد النيابي العراقي بتفاصيل الحضور لشهر أكتوبر الماضي , يبين بصورة لاتقبل اللبس أحقيته في الدخول الى الموسوعة وبجدارة !.

عقد المجلس في الشهر المذكور ثلاث جلسات في التاسع والثالث عشر والخامس عشر منه , كان مجموع الحضور فيها 540 نائباً من مجموع النواب ال 975 , أي بغياب 435 نائباً , وهذا أعتماداً على أن عدد أعضائه 325 نائب ,وعلى مستوى اللجان تتصدر لجنة شؤون الأعضاء والتطوير البرلماني قوائم الغياب بواقع 138 غياب منذ تشكيل المجلس , وقد يكون من المناسب تبرير زيادة الغياب في هذه اللجنة لأنها أنجزت عملها في تحقيق الأمتيازات للنواب منذ فترة طويلة , أما مهمة التطوير البرلماني فهي مؤجلة لأنها ليست بأهمية مصالح النواب ولا تخدم أجندات الكتل البرلمانية !.

تدور تبريرات الغياب حول محاور السفر والمرض والدور الرقابي والتواصل مع الناخبين , وفي واقع جلسات أكتوبر لايصمد مع الحقيقة سوى مبرر المرض والسفر المتفق عليه ضمن برنامج سابق , أما الدور الرقابي ولقاء الناخبين فانهما سببين هزيلين وغير لائقين بعضو مجلس النواب المفترض فيه العمل المثابر من اجل ناخبيه والبلد عموماً, اذ أن ثلاث جلسات في شهر كامل لايمكن أن تعيق النائب عن مهامه خارج المجلس , أما السفر فهو السرطان الذي يفتك بمصلحة البلاد في كل مؤسسات الدولة وليس في مجلس النواب فقط .

لقد أصدرت رئاسة البرلمان قراراً فضفاضاً في موضوعة الغياب , يبدء من خصم نصف مليون دينار عراقي وينتهي بفصل النائب المتمادي بالغياب دون أعذار قانونية ,لكننا الى الآن ومع أستفحال حالات الغياب لم نشهد أية حالة ردع تكون عبرةً وعلاجاً لفوضى الغياب , لابل أن منهجية الغياب تحولت الى أداء سياسي معرقل في الكثير من حالات الضرورة التي تناقش فيها قوانين أساسية تخص صالح الشعب , أستطاعت من خلالها الكتل تحقيق مصالحها الضيقة في المساومات دون رادع أخلاقي في مشهدِ متكرر على مدى سنوات العمل البرلماني في دورته السابقة والحالية .

أذا كان عضو البرلمان يدعي الحرص على مصالح ناخبيه والعمل من أجل بناء بلده فالأولى به أولاً الحرص على حضور جلسات البرلمان لتحقيق ذلك , فالعمل من داخل البرلمان هو تكليف مدفوع الثمن من ثروات الشعب وليس أطار لصورة النائب في وسائل الأعلام وهو يستعرض أخطاء الآخرين ويدعي حصافة رأيه ونظافة يده وأخلاص كتلته ووطنية قائده السياسي!,بل أن واجبه الوظيفي والوطني يحتم عليه أحترام القوانين التي اصدرها المجلس الذي يمثله وعموم أبناء شعبه بمن فيهم المنتخبين له والمؤمنيه على تمثيلهم الذي أقسم اليمين الذي يفترض أن يحترمه !.

كانت رئاسة البرلمان قد سمحت لقادة الكتل البرلمانية بعدم الحضور للجلسات مبررة ذلك بأِنشغالاتهم السياسية في وقتِ كان فيه (الرأس!) السياسي يتكور من أشخاصِ بعددِ أصابع اليد !, لكن واقع الحال الآن يعرضُ لوحةً متشضية أصبحت فيها الكتلة الواحدة نافرة لتكويناتِ جديدة على رأس كل منها رأساً جديداً قائداً لها , وعلى هذا يكون السماح للرؤوس بعدم حضور جلسات المجلس يتعدى في تعداده رؤوس أخطبوط لا تكفي معه أصابع الأيدي والأرجل لتتعداها الى تعاريفِ أٌخرى لامجال الى ذكرها الآن أِحتراماً لهيبةِ الشعب وأخلاقه !.

في العراق وفي كل العالم لا أحد يخطأ في تعريف البطالة المقنًعة , ويستطيع العراقي تلمس هذه الظاهرة في جميع المؤسسات الحكومية دون عناء , هي أجراء يٌفترض أنه مؤقت في مراحل التحول من الدكتاتورية الى نظام البناء الجديد على أنقاضها مهما كانت توجهاته الأقتصادية , لكن قناع البطالة لايجوز أن يجد له ملاذاً في المؤسسات الجديدة التي تقود التغيير وخاصةً مؤسسة التشريع والرقابة المتمثلة في ممثلي الشعب المنتخبين في مجلس النواب , لكن الذي يحدث في دورتين أِنتخابيتين أن العدد الكبير من نواب المجلس ( يجتهدون !) في عطالتهم دون أقنعة !.
أخيراً , رئاسة البرلمان لم تُطلع الشعب على آليات جباية أموال الغائبين عن جلساته , والأهم لم توضح قيمة الأموال التي تراكمت من تحصيل استقطاعات الغياب , وماهي ابواب صرفها ؟! , مع أن المؤكد أن تلك الأموال لاتساوي قيمة تأثير حضور النائب في الجلسات , فهل ستوزع هذه ( الغنائم !) كما وزعت المليونين ومائتا ألف صوت التي أنتخبت عراقيين يحترمون ناخبيهم , على قوائم ( الكبار!) الذين يتغيبون عن جلسات المجلس لأنشغالهم بمصالحهم الخاصة؟ .


 

free web counter