| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي فهد ياسين

 

 

 

                                                                                 الثلاثاء  17 / 6 / 2014



الحساب ليس مع داعش فقط ..!!

علي فهد ياسين

عشرة أعوام من الفشل السياسي لطواقم السلطات في العراق بعد سقوط الدكتاتورية , نتائجها المزيد من القتل والفوضى وهدر الثروات واستمرار الصراعات السياسية بين أطراف السلطة من المنطقة الخضراء الى المحافظات ومجالسها والأقضية والنواحي , اضافة الى الصراع المستعصي بين المركز والأقليم , وصولاً الى الصراع المسلح الخطير مع عصابات داعش التي احتلت الموصل وأعلنت وجهتها الرئيسية نحو بغداد , في توقيت كان الشعب العراقي ينتظر أعلان المحكمة الاتحادية تصديق الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة بديلة عن حكومة المالكي التي تفاقمت التقاطعات الطائفية والقومية المناهضة لها , والتي كانت أبرز موجاتها المواجهة العسكرية في الفلوجة والرمادي , التي أنفجرت قبل الأنتخابات وأستمرت بعدها , قبل أن تتقدم عليها أحداث الموصل وتطوراتها المتصاعدة , التي دفعت المرجعية الدينية لاصدار فتوى الجهاد ضد داعش , وهواعتراف صريح بخطورة الاحداث التي تهدد مستقبل العراق وسلامة شعبه .

لاشك أن المسؤولية الأولى في تردي الاوضاع في العراق وسيطرة العصابات الاجرامية على مساحات واسعة من أراضيه وأحتلال الموصل تحديداً , تقع على عاتق السياسيين المتصارعين طوال العقد الماضي , فقد أداروا البلد بسياسات واجندات ليس لها علاقة بالمصلحة الوطنية بقدر ماكانت مصممة ومنفذه لخدمة مصالحهم ومصالح الجهات الاقليمية المتصارعة للسيطرة على العراق وثرواته , والتي أختارت الصراعات الطائفية منهجاً مضموناً لادامة الفوضى وعرقلة بناء دولة عصرية منافسة للآخرين بقوة , خاصة وأن مقومات البناء متوفرة ولاتحتاج الا الى الاستقرار السياسي والأمني , وقد كان سلوك السياسيين القادة وأحزابهم ,السبب الرئيسي في سهولة تدخل الدول الاقليمية تحديدا في الشأن العراقي والدفع به الى الخراب المتصاعد والفوضى الخادمة لأدامة الصراع ونتائجه المدمرة , التي لازال الشعب العراقي هو الدافع الأكبر لضرائبها الدموية من خيرة أبنائه , مع الخسارات المتلاحقة والمتراكمة لثرواته .

لقد سقطت الكثير من الجدران التي كانت تخفي خلفها المؤامرات والمخططات المشبوهة لاطراف سياسية كانت تدعي الوطنية والحرص على مصالح العراقيين , والتي كانت تمثل مساحات كبيرة في جسد السلطات طوال العشرة أعوام المنصرمة , في سيناريوهات أجرامية غير مسبوقة في تأريخ العراق وربما في تأريخ العالم , اذ ليس معقولاً أن يكون المسؤول الحكومي هو أصلاً طرفاً معادياً للدولة العراقية , مصطفاً مع أعداء الشعب ومسؤولاً عن مجاميع ارهابية توغل قتلاً وتدميراً وبأدوات وأموال الحكومة التي يمثل أحد رؤوسها العليا , كما في حالة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي أو وزيراً فيها كما في وزير الثقافة السابق ووزراء آخرين وجهت اليهم تهم خطيرة من قبل القضاء , تحولت بعد ذلك الى حبر على ورق , كماهو حال العديد من الجولات الخطيرة للصراع بين الكتل المتنفذه التي تحولت الى مايشبه المسلسلات التلفزيونية الهابطة التي تسيطر حكاياتها على الخارطة الاعلامية الهزيلة المقدمة عبر الفضائيات العراقية والعربية , وفق سياسات التنويم والاسترخاء التي تخدم الحكومات العربية , والعراق ليس استثناءاً منها .

هؤلاء القابعين في مملكتهم الحصينة ( المنطقة الخضراء ) , الحافظين للطريق بينها وبين مطار بغداد , منفذهم المريح الى عناوين فللهم وقصورهم في العواصم العربية والاجنبية وعناوين البنوك التي يودعون فيها الثروات التي جنوها من العراق , والذين كانوا يضحكون ملئ أشداقهم على سذاجة ناخبيهم وعموم الشعب العراقي , يستنجدون الآن بفقراء العراق كي يحموهم من عصابات داعش وأخواتها , ولازالوا لحد الآن يرفضون الأعتراف بأن هذه العصابات كانت نمت وأستقوت وقوت أعوادها نتيجة أدائهم الهزيل وخياناتهم طوال العشرة أعوام السابقة , ولو كانوا أعتمدوا على ثقة شعبهم من خلال خدمتهم له لما وصل الحال في العراق الى ماوصل اليه الآن , ولو كانوا في الأصل جديرين بالمناصب التي احتلوها لقطعوا الطريق على الخونة والغرباء ودسائس دول الجوار , من أن تنال من الدم العراقي ومن مسيرة العراق بعد سقوط الدكتاتورية البعثية المقبورة .

لقد لبى العراقيون نداء ضمائرهم في التصدي لعصابات داعش الدموية , وستنتهي هذه المحنة الكبيرة التي وضعهم في معمعتها السياسيون الفاشلون وأحزابهم الساندة , لأن تأريخ العراقيين كفيل بعبورهم الى الضفة الأخرى , لكن هذه المرة سيكون الحساب شاملاً لجميع الأطراف , لأن منتج الفوضى لايختلف بالذنب عن المستفيد منها , ولأن ضرائب الدم هذه المرة تستدعي محاسبة المتسببين بها , سواء كانوا قتلة داعشيون أو ساسة مساندين أو فاشلين ومرتشين وأشباه رجال ومدعين , فقد طفح كيل الشعب ولن يتسامح بعد الآن مع أعدائه .


 

 

free web counter