| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي فهد ياسين

 

 

 

                                                                                 الأثنين  11 / 8 / 2014



لا يجوز طرد الدواعش من العراق ..!

علي فهد ياسين

تتطور الاحداث في العراق بشكل متسارع وبأتجاهات تنذر بالأسوأ , رغم دخول الذراع الجوي الأمريكي في دائرة المواجهة مع ( داعش ) , بطلعات جوية لا تتناسب مع حجم الخطر وخارطة اتساعه , حتى لتبدو للمراقبين أن الايام القادمة حبلى بالكثير من المفاجآت , أكثرها خشية أن تعمل الأطراف الساندة للأرهاب على ابقاء خرائط النفوذ دون تغيير , لتؤسس الى وضع جديد على الأرض يقترب من الأعتراف بخطوط جغرافية جديدة على الارض كأمر واقع .

بعد شهرين من ( خراب الموصل ) الذي جاء بعد ( خراب البصرة ) الذي سبقه بقرون , يجري حثيثاً مخطط (خراب العراق) على ايدي عراقيين وعرب وأجانب , ساهموا وما زالوا في تدمير البلاد والعباد , في مسلسل مستمر بحلقاته منذ عقود , بسيناريوهات تتناوب فيها الاطراف المسؤوليات للتنفيذ وتوزيع الغنائم , غير آبهةِ بأروح مئات الآلاف من الضحايا الابرياء من جميع أطياف الشعب العراقي , وعلى أيدي بعضهم البعض بدلاً من أن يعملوا معاً لاعادة الأعمار والبناء .

لكن كل صفحات الدمار السابق لا تعادل ما يتعرض له العراق الآن على أيدي برابرة القرن الحادي والعشرين (الدواعش) , فقد تجاوزت جرائمهم كل التوصيفات لأسلافهم على مدى تأريخ البشرية , وتجاوزت أفعالهم خلال شهرين فقط , ما قاموا به في سوريا خلال السنوات الثلاثة الماضية لسببين رئيسيين , الأول هو اصطفاف طيف عريض من السياسيين ( اصحاب النفوذ ) في سدة الحكم في العراق معهم , مما وفر لهم الحواضن الممتدة على طول الخارطة الجغرافية التي استهدفوها في المرحلة أولى من اجتياحهم للاراضي العراقية , والثاني هو المخطط الاستخباري الدولي الذي جرى تنفيذه بدقة وبخطوات متعاقبة ومدروسة للسيطرة على اعداد هائلة من الاسلحة والاعتدة والتجهيزات والمعدات العسكرية العراقية الحديثة , وهما حالتان لم يتوفر عليهما التنظيم الارهابي في سوريا طوال الفترة السابقة .

لا يزال الوقت مبكراً لكشف تفاصيل الأحداث وجهات تنفيذها بشكل نهائي , رغم أن ذلك ليس عصياً على المراقبين اذا ما جرى تتبع خيوط نسيجه وتوقيتات تطور مراحله وصولاً الى ما بات عليه الوضع الآن , فاللاعبين الرئيسيين لم ينزلوا من السماء , وهم أطراف الصراع السياسي في العراق منذ عقود , لكن الجديد هو نوعية ذراع التنفيذ التي هي ( عنوان اسلامي ) موجه بأوامر جهات ليس لها علاقة بالاسلام , ان لم نقل انها معادية للاسلام أصلاً.

لقد تصاعدت الدعوات الى ضرورة تكاتف الجهود المحلية والعالمية , الرسمية والشعبية , لـ ( طرد ) عصابات داعش من العراق , وهي دعوة لا أعتراض على مضمونها , بعد الكم والنوع الهائل من الجرائم التي ارتكبتها وترتكبها يومياً تلك القطعان البربرية التي تنشر الدمار في كل مكان تهاجمهه , لكن معنى الـ ( الطرد ) هنا هو ابعادهم خارج حدود العراق , وهذا أمر غير مقبول أطلاقاً , لأن هؤلاء استباحوا كل المحرمات القانونية والانسانية , فقد احتلوا اراضي عراقية , وقتلوا آلاف المواطنين , وأنتهكوا أعراض النساء العراقيات , واحرقوا وهدموا دور العبادة والرموز التاريخية والحضارية العراقية , اضافة الى قائمة طويلة من الجرائم التي يعاقب عليها القانون العراقي والقوانين الدولية .

أن مسؤولية حماية العراق وشعبه وثرواته وحدوده تتحملها الحكومة العراقية المنتخبة وفق الدستور العراقي الذي مررته احزاب السلطة , وهي ملزمة بتنفيذه , وعلى اسسه والقوانين الصادرة بموجبة تتحمل كل التبعات المترتبة على جرائم داعش , وهي ملزمة بالتصدي لهذه العصابات والقضاء على اخطارها بشتى السبل والوسائل التي يسمح بها القانون , وهنا تكون عملية طرد داعش من الاراضي العراقية لا تتوافق مع واجبات السلطات العراقية , لأن هؤلاء مجرمون يجب معاقبتهم على جرائمهم وليس السماح لهم بالافلات من العقاب , ومعلوم بان هروب المجرمين من الاراضي العراقية يعني خلاصهم من مواجة القانون , وعندنا امثلة صارخة على ذلك , منها هروب أربعة وزراء عراقيون بعد سرقة مليارات الدولارات من ثروات العراق الى دول يحملون جنسياتها وتدّعي انها صديقة للشعب العراقي , والى الآن لم تستطع السلطات العراقية تحريك ساكناً لاسترجاع هؤلاء السراق ولا الاموال التي سرقوها , فكيف تستطيع محاسبة قتله مرتزقة اوباش ليس لهم عناوين ثابتة اصلاً.؟

لاشك أن قيادات داعش اعتمدت اساليب خاصة بها لتجنيد التابعين من المناطق التي استولت عليها , هؤلاء عراقيون تختلف اسبابهم ودوافعهم للانتماء لتلك العصابات , لكنهم في الغالب يعتمدون اللثام لأخفاء هوياتهم , وهو مؤشر واضح على أنهم على قناعة راسخة بأن الأمر مؤقت مهما طال أمده , أما غير العراقيين فانهم لا يحتاجون هذا اللثام , والخطير في الامر هنا ان هؤلاء المشاركين مع داعش في جرائمها , اذا كان الامر بعد كل هذه الجرائم هو طرد المجرمين دون القصاص منهم , فان هؤلاء الباقين من العراقيين الذين سينزعون الزي الداعشي ولثامه , سوف لن يحتاجوا الى من يأتيهم من خلف الحدود مرة أخرى , لأنهم هم سيكونون قادة لفصول قادمة من مسلسل داعش وبنفس اللثام المؤقت الذي سيصبح شعاراً للمجرمين كلما اختلف السياسيون .

على ذلك لن يكون من الصائب الدعوة الى طرد ( قطعان داعش ) من العراق , انما يجب ان تتكاتف كل الجهود للحيلولة دون هروبهم من الاراضي العراقية , ليواجهوا مصيرهم الاسود جراء ارتكابهم الفضائع التي يندى لها جبين الانسانية , ولتتكشف شبكات مسانديهم وداعميهم ومموليهم العراقية والعربية والاجنبية , لتكون الصورة واضحة لاهالي ضحاياهم وللعراقيين والعالم أجمع , عسى أن تكون درساً بليغاً لأعداء العراق والانسانية .
 

free web counter