| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. عدنان الظاهر

 

 

 

 

الأثنين 7 /5/ 2006

 

 

محطات مندائية
 

عدنان الظاهر

لم أتعرف حتى عام 1955 في مدينتي الحلة أو في عموم العراق على الكثير من الأخوة المندائيين بسبب كونهم كانوا قلة قليلة جداً في مدينة الحلة . في وبعد عام 1955 تعرفت على البعض منهم أصدقاءً وزملاءً أثناء سنوات الدراسة في دار المعلمين العالية ( 1955 ــ 1959 ) في جامعة بغداد كما سنرى . ثم َّ تعرفت على العديد منهم خلال السنوات التي تلت هذه الأعوام تحت ظروف شتى متباينة

1 ــ
الأستاذ فاضل فرج خالد
تعرفت على الصديق فاضل فرج خالد يوم أنا كنا طلاباً في ثانوية الحلة للبنين ... وبالضبط خلال العام الدراسي 1953 ــ 1954 . كنت أنا في السنة الخامسة الإعدادية وكان فاضل بعدي بعام واحد فقط . لا أتذكر أين أمضى سنوات الدراسة المتوسطة الثلاث ، في الحلة أم في ناحية المدحتية
( الحمزة يومذاك ) حيث والده وباقي أفراد عائلته . كنت ألاحظ الزميل فاضل شاباً كثير الهدوء عظيم الخُلق مسالماً لا يحب المجادلات ولا يقحم نفسه ( شأن بقية الطلبة يومذاك ) في منازعات وخصومات أيا كان طبعها ودوافعها . كان شعاره [[ إدفعْ بالتي هي أحسنُ فالذي بينك وبينه عداوة ٌ كأنه ولي ٌّ حميم ]] . هكذا عرفت فاضل فرج طالب الثانوية . رغم كونه جاء الحلة من ناحية الحمزة ، ثم كونه ينتمي للطائفة المندائية (( الصبّة )) الصغيرة ... كان نشطاً إجتماعياً بين الطلبة . تحفظاته وتحوطاته أقل من تلك المعروفة في وعن أبناء بقية الطوائف غير الإسلامية . أخبرني فاضل فيما بعد إنه كان يزور خلال فترة قصيرة من تلكم المرحلة بيت الشاعر المندائي عبد الرزاق عبد الواحد . كان عبد الرزاق حينذاك مدرساً للغة العربية في متوسطة الحلة للبنين . جاء الحلة مباشرة ً بعد تخرجه في دار المعلمين العالية سنة 1954ــ 1953 . فصل من وظيفته عام 1954 وكنتُ أراه يعمل صائغاً في دكان صغير في شارع النهر في بغداد .
عدنا وفاضل لنلتقي ثانيةً طلاباً في دار المعلمين العالية في خريف 1955 ... هو يدرس علوم البايولوجي ( علم الأحياء ) وأنا أدرس الكيمياء . عشنا في الأقسام الداخلية للكلية معاً وكنا لا نفترق تقريباً . كنا طلاب قسم الكيمياء وطلبة قسم البايولوجي نحضر محاضرات مادة الفيزياء معاً ... وكان أستاذ هذه المادة الأنسان الرائع المرحوم سعدي الدبوني ، الصديق المقرَّب والحميم للبروفسور المرحوم المندائي عبد الجبار عبد الله. أتذكر جيداً كيف كان يأتينا أستاذنا الدبوني أحياناً متأخراً بضعة دقائق ... فهمنا في حينه إنه كان يشغل وظيفة مرموقة في الحكومة العراقية يومذاك ... مدير دائرة أو مديرعام أو شئ من هذا القبيل . كان يأتي الكلية بسيارة صغيرة لعلها بريطانية الصنع. هذا الأمر زاد في علاقاتنا حميمية ً وصرنا نقضي معاً أوقاتاً كثيرة في نادي الكلية أو في حدائقها خاصةً في الأوقات التي كنا ننتظر فيها مجئ أوان ساعات وجبات الطعام الثلاث التي كان طلبة الكلية يتمتعون بها مجاناً . ما كان فاضل آنذاك يختص بصديق أو زميل بعينه ، كان صديق وزميل الكل وما عرفنا عنه إنه يؤثر بني طائفته على بقية الطلبة . كان أممياً في طبعه ومنذ نشأته الأولى وفترة شبابه . بعد ثورة تموز قفز إسم فاضل فرج مرشحاً قوياً ليحل محل مهدي الحافظ ، رئيس إتحاد الطلبة في الكلية ، فقد قفز الحافظ ليتبوأ منصب رئيس إتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية . لا أدري بالضبط ماذا دار خلف الكواليس لكن ، إختفى إسم فاضل فرج وبرز بدلاً منه إسم الصديق عبد الجبار عبد الحليم الماشطة فغدا الماشطة رئيساً للأتحاد في دار المعلمين العالية وقد تحولت إلى كلية التربية . كان الماشطة صديقاً قريباً من فاضل سوية ً مع الصديق المشترك بيننا ( عبد الحسن عبد الرزاق الكُفيشي / أستاذ في جامعة بغداد فيما بعد) .
لم ألتق ِ والصديق فاضل فرج بعد تخرجنا في كلية التربية فقد تم تعيينه مدرساً في الشطرة أو في سوق الشيوخ في حين تم تعييني في مدينتي الحلة . لكننا إلتقينا بالصدفة المحضة في بغداد آواخر شهر حزيران عام 1977 في مبنى السفارة الجيكية وكان قصدنا تأمين الحصول على تأشيرة دخول هذا البلد إنقطعنا مرةً أخرى حتى تم بيننا لقاء قصيرمساء يوم من أيام آواخر شهر مايس عام 2002 في العاصمة السويدية ستوكهولم . كنتُ هناك مدعواً من قبل نادي 14 تموز الثقافي الديمقراطي لإلقاء محاضرة وبعض أشعاري . إفترقنا لكننا واصلنا الإتصالات التلفونية بين حين وآخر. ثم كانت تصلني أخباره عن طريق بعض الأصدقاء المشتركين فضلاً عما كنت ُ أزوده به من أشعار ومقالات أدبية قصيرة لينشرها في المجلة الثقافية المندائية (( الصدى )) حيث كان وما زال عضواً في هيئة تحريرها .

2 ــ
شاءت الصدف يومذاك ، حين كنا طلبة سنة أولى في دار المعلمين العالية ، أن أتعرف على طالب مندائي من العمارة يسبقني في الدراسة بثلاثة أعوام وكان ذلك أمراً نادرَ الحصول . فطلبة السنة الأخيرة في الكلية كانوا يحسبون أنفسهم صاروا مدرسين على الملاكات الثانوية والمتوسطة ، أما باقي الطلبة فما زالوا طلبةً مبتدئين
( زعاطيط ) لا يستحقون عقد صداقات . وكان فراشو الكلية يسمون الواحد منهم ( أستاذ ) فيزدادون غروراً . شذ عن هذه القاعدة طالب السنة الرابعة بايولوجي ( مثل فاضل ) إبن العمارة المندائي ( أُسامة إبراهيم يحيى ) . كان طريفاً منكّتاً خفيف الظل طيب الحديث والمعشر . وخلاف فاضل ، ما كان يعرف التحفظ المعروف عن الصابئة . كان يقص القصص وفيها ما فيها من كلام لم أسمعه من فاضل أبداً . ما كان يتحرج من ذكر الفاظ ٍ مكشوفة محرجة أو تخدش المشاعر وكان أحياناً سليط اللسان . أحببته كثيراً وكنت أود دوماً مصاحبته في النادي أو التمشي في حدائق الكلية أو أحياناً نتمشى معاً حتى باب المعظم بدل ركوب الباص المألوف ( أظنه يحمل رقم 7 ) . سمعت أخيراً أنه ما زال حياً يقطن بغداد.

3 ــ
من هو المندائي الآخر في دار المعلمين العالية ؟ إنه البروفسور الأشهر الدكتور عبد الجبار عبد الله . كان الأستاذ عبد الجبار مضرب المثل الأعلى في علمه وأخلاقه ومسلكه . كان طلبته يقدسونه تقديساً . كان بعض أصدقائي الحلاويين وغيرهم من طلبته يحكون عن علمه الأعاجيب. أتذكر منهم علي حسين وتوت وعبد الوهاب عبد الشهيد والمصلاوي حكمت فرجو والصديق النبيل أدور حنّا الساعور . بعد ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 أصبح الدكتور عبد الجبار رئيساً لجامعة بغداد بعد منافسة مشهورة بينه وبين الدكتور عبد العزيز الدوري حسمها عبد الكريم قاسم بترجيح كفة الأستاذ عبد الجبار . ما زلت أتذكره كيف كان حريصاً على أداء رسالته التعليمية السامية وتربية شباب العراق إذ لم تمنعه مهمات رئاسة جامعة بغداد المعقدة من مواصلة التدريس بكل دقة . كنت أراه يأتي دار المعلمين العالية يقود سيارة جامعة بغداد بنفسه تعففاً من أن يقودها السائق المكلف بقيادتها . كانت سيارة فورد صالون أمريكية ماركة فورد سماوية اللون تحمل علامة ( رئاسة جامعة بغداد رقم واحد ) . ما كانت تهمه المظاهر أبداً ، فكان يأتي صيفاً وهو رئيس جامعة بغداد بقميص أبيض وبنطرون لا غير . لا بدلة كاملة ولا ربطة عنق . عرف العراقيون ما جرى لهذا العالم الجليل إثر إنقلاب الثامن من شباط عام 1963 من إعتداءات وسجن وإبعاد من الوظيفة فأُضطر إلى مغادرة العراق والعمل والعيش في الولايات المتحدة الأمريكية إذ كان موضع تقدير وترحيب عاليين من قبل بعض الجامعات الأمريكية . غادر الدنيا في أمريكا وأظن إنه أوصى أن يدفن تحت تربة العراق ، وطنه ووطن أجداده الأقدمين . يشرفنا أننا طلاب تلكم المرحلة أن يرعى البروفسور عبد الجبار عبد الله حفل تخرجنا صيف عام 1959 في ساحة ملعب الإدارة المحلية الكبيرة الواقعة في حي المنصور من بغداد . خطب في هذا الحفل عبد الكريم قاسم يقف إلى جانبه المرحوم عبد الجبار رئيس جامعة بغداد .

4 ــ
عبد الرزاق عبد الواحد
قرأ الشاعر عبد الرزاق ، وكنتُ أحد الحضور ، في نادي إتحاد الأدباء العراقيين صيف عام 1961 قصيدة ( يا خال عوف ٍ عجيبات ُ ليالينا ) يجاري فيها قصيدة الجواهري ( يا أم َّ عوفٍ عجيبات ٌ ليالينا ) تعرض فيها صراحة لما وصل إليه حال العراق آنذاك من التمزق والتطاحن والإغتيالات والتجاوزات غير المسبوقة ثم التحول عن نهج الديمقراطية وسيطرة البعثيين والقوميين على أغلب مرافق الدولة : الجيش والشرطة والمحاكم والأمن والإستخبارات العسكرية ومعظم مناصب الدولة الحساسة . لم يمضِ إلا يوم أو أكثر إلا وتم إبعاد عبد الرزاق من منصبه معاونَ مدير معهد الفنون الجميلة في بغداد فجاء الحلة مدرساً في ثانوية الحلة للبنين . هنا توثقت علاقتي لأول مرة بالشاعر الزميل عبد الرزاق عبد الواحد إذ كنتُ مدرساً في متوسطة الحلة للبنين . كنا نقضي بعض الأوقات نتجول في سيارته البريطانية خضراء اللون ( أظنها ماركة زفير ) وأحياناً بسيارتي الروسية مسكفيج الزرقاء . وكان أحياناً يزورني في بيتنا ونتداول موضوعات سياسية شتى . كما كنا نلتقي في مقهى قريبة من دارنا في الحلة حيث كان يلعب [ الأزنيف ] مع الصديق المرحوم شوكت عباس . ما كنت أعرف هذه اللعبة لذا كنتُ متفرجاً أو أسجل النقاط لقاء شايات مجانية على حساب الخاسر في الجولات . نشط عبد الرزاق كثيراً كشاعر في هذه الفترة ولكن لم تكن الظروف السياسية يومذاك تسمح بإلقاء الشعر في منتديات أو تجمعات أو مناسبات عامة . كان يلقي أشعاره على حلقات خاصة من الأصدقاء في بيوتهم ويتم تسجيلها أحياناً . أزف صيف 1962 موعد مغادرتي العراق للدراسة في جامعة موسكو متمتعاً بإحدى زمالات الوكالة الدولية للطاقة الذرية . طلب عبد الرزاق مني أن أحمل إلى موسكو معي ديوانه الشعري للنظر في إمكانية إعادة طبعه هناك بمساعدة صديقه الشاعر عبد الوهاب البياتي . ما كان مرتاحاً من طبع وإخراج هذا الديوان وكان يشكو من كثرة ما ورد فيه من أخطاء مطبعية .
إعتذرت منه من أني معرض في مطار بغداد للتفتيش . ديوانه سياسي بالدرجة الأولى وفيه ما فيه من أشعار ثورية وأممية و... و... لكني وعدته أن أنقل طلبه حين أصل موسكو إلى الشاعر عبد الوهاب البياتي وهناك سيتم القرار . بالفعل ، إلتقيت ُ البياتي أواخر عام 1962 في جامعة موسكو لمناسبة إنعقاد مؤتمر إتحاد الطلبة العراقيين في الإتحاد السوفييتي . نقلت له رغبة عبد الرزاق فقال دون تريث وبشئ من الإنفعال : أنا نفسي هنا أعاني من صعوبات النشر !!
حدث إنقلاب الثامن من شباط عام 1963 وحصل في العراق ما حصل وقد نجوت من الموت المحقق . أخبرتني المرحومة والدتي في لقاء معها صيف عامي 1965 و1966 في بيروت ودمشق ... أخبرتني أن الحرس القومي بعد هذا الإنقلاب الفاشي الدموي مباشرةً جاءوا بيتنا يبحثون عني يحملون الرشاشات / أين عدنان أين عدنان ؟ قالت لهم إنتم تعرفون إنه في موسكو فصرخ أحدهم في وجه أمي {{ آخ ... مع الأسف ... طفر من الطاوة !! }} كان بين هذا الحرس بعض الطلبة الذين درستهم في متوسطة الحلة للبنين . سمعت أن أذى وبلاوي هذا الإنقلاب قد نالت من الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد أسوة بباقي المدرسين والمعلمين وباقي الناس وكان حينها ما زال في الحلة .
دارت الأيام والسنين ... أكملت دراساتي وأبحاثي في جامعتي موسكو وكالفورنيا الأمريكية ( إرفاين ) وعدت بإلحاح من الأهل إلى العراق فواجهتُ بدوري المصائب والمصاعب حتى تمكنت ُ بصعوبات بالغة من العمل في كلية علوم جامعة بغداد . صدر أمر تعييني في الخامس من شهر شباط 1970 . ضاع مني عبد الرزاق وما كنتُ أعرف مصيره أو مكان عمله حتى أرسل لي ذات يوم عام 1971 أو 1972 رسالة شفوية مع إبنة شقيقتي ( أسماء ) يعرب فيها عن رغبته أن يراني . أعطتني عنوان مكان عمله (( وزارة الثقافة والإعلام )) . زرته بالفعل هناك عدة زيارات وكان يشاركه مكتبه شاعر فلسطيني بعثي ( مصطفى علي أو علي مصطفى ...) وكان يأتي مكتبه بشكل دائم رئيسه عبد الجبار البصري . كان عبد الرزاق يقوم بمهام تصحيح وتحرير المقالات المرشحة للنشر في مجلة ( المعلم ) . كلما زرته وجدت قبلي صديقه الشاعر يوسف الصائغ . وكانت بينهما مودة وصداقة متينة . ثم إنتبهت إلى وجود شاب حلاوي جميل الوجه أخضر العينين يروح ويجئ إلى مكتب عبد الرزاق . إنه الكاتب عبد الستار عباس ... شقيق الصديق الأستاذ عبد الأمير عباس ( أو عبوسي ) .
إنقطعت علاقتي بالشاعر المندائي عبد الرزاق عبد الواحد بعد أن أصبح مدير معهد الدراسات النغمية ولم أره بعد ذلك أبداً . غادرت العراق في اليوم التاسع من شهر تموز عام 1978 ولم أعدْ إليه حتى هذه اللحظة . صعد نجم الشاعر عبد الرزاق صعوداً خرافياً وقد غدا شاعر صدام حسين وإبنه عدي كما يعرف الجميع . سألتُ عنه بعض معارفه من الأخوة المندائيين فقالوا إنه يتنقل بين دمشق وباريس .

5 ــ
الدكتور إبراهيم السُهيلي / أبو سوسن
تعرفت على هذا الإنسان المندائي الرائع شهر حزيران عام 1971 حين ضمتنا لجنة الإشراف على الأمتحانات النهائية لطلبة الأقسام العلمية في كلية التربية الملغاة يومذاك . كان البروفسور السهيلي يمثل قسم البايولوجي وأنا أمثل قسم الكيمياء والأخ الأستاذ سليم الغرابي ( أبو محمد ) يمثل قسم الرياضيات والدكتور رحيم عبد آل كتل ممثلاً لقسم الفيزياء ورئيساً للجنة . تعرفت على الأستاذ السهيلي جيداً خلال عملنا في هذه اللجنة ليلاً ونهاراً . لمست ُ في الرجل النزاهة والشجاعة وعلو الهامة والهمة . ثم عرفت أنه هو الآخر ناله الكثير من الأذى والظلم على أيدي القتلة الفاشيست أنقلابيي الثامن من شهر شباط 1963 . ألا نعم الرجل إبراهيم السهيلي عالماً فاضلاً وصديقاً صدوقاً وزميلاً زكياً طاهر الروح والسريرة . تعمقت علاقتي به أكثر بعد أن أنتقلنا إلى كلية العلوم / جامعة بغداد خاصةً وكان قسمانا ( الكيمياء والبايولوجي ) متجاورين في الكلية يربطهما جسر معلق قبل أن يهدمه الصديق النادر عميد الكلية الدكتور مجيد القيسي لأسباب تخص السلامة والشك في قدرة هذا الجسر على تحمل أثقاله بعد أن شاخ وهرم . وكان معه في القسم أستاذنا الدكتور المرحوم محمد سليم صالح وإبن الحلة المرحوم دكتور أحمد شوقي و نخبة أخرى من المعارف والأصدقاء .

6 ــ
الأستاذ عزيز سباهي / أبو سعد
كنتُ في سبعينيات القرن الماضي ألتقي والأخ عزيز في مقر صحيفة
( طريق الشعب ) في منطقة البتاويين من بغداد . إفترقنا هو إلى الجزائر وأنا إلى ليبيا . ثم جمعنا لقاء صيف عام 1981 في العاصمة الجيكية براغ
، جاءها أبو سعد من الجزائر وكان معه الدكتور عزيز وطبان وزوجه أم ذكرى والدكتور عبد اللطيف الراوي وحرمه أم دريد ودريد وأخواته الصغيرات . ثم كان كذلك الأستاذ إبراهيم أحمد الداوود وعقيلته . لا أدري لِمَ لمْ تأتي السيدة ليلى ، زوج عزيز معه إلى براغ . غادرنا براغ : رجعت أنا إلى العاصمة الليبية طرابلس . عزيز سباهي إلى الجزائر ومنها إلى كندا . أحمد إبراهيم إلى الجزائر ومنها إلى السويد . عزيز وطبان إلى الجزائر ومن الجزائر إلى هنكاريا . وغادر عبد اللطيف الراوي مدينة براغ كذلك للجزائر ... ومنها إلى سوريا ، ثم الإنتقال الأخير لأبي دريد ... للعالم الآخر مع شديد الأسف !!

7 ــ
أما في مدينة ميونيخ الألمانية فقد أسعدني الحظ بالتعرف على الصديق الوفي الكريم السيد ( كلدان قبيس ) وعائلته وأولاده ماجد ومحجوب وخلدون ... لقد أنجب أبو ماجد ونعم ما أنجب . كما تعرفت قبل بضعة سنين على أخيه الأصغر منه الشاعر الدكتور قحطان الأستاذ في بعض الجامعات الأمريكية . علاقتي وثيقة بالصديق الصدوق أخي كلدان ونكاد لا نفترق رغم صعوبة ظروفه العائلية جرّاء توعك صحة السيدة أم ماجد . الصديق ( كلدان ) موسوعة في الشعر الشعبي يحفظ منه آلاف الأبيات فضلاً عما ينظم هو من جميل وبليغ مثل هذه الأشعار . لا يكاد يفارقه مَن يسعفه الحظ في التعرف عليه ... رجلاً متواضعاً أميناً ومناضلاً يسارياً حافظ على شرف إلتزاماته السياسية التي تستهدف إعلاء شأن الإنسان وحريته وكرامته ومستقبله . لم يستطع البعث من تلويث نقاوة هذا الرجل ولم يطأطئ رأسه لطغاة بغداد الفاشيست ، فالعراق يفتخر ويتشرف بأمثاله . لا يبخل عليَّ بإعارتي ما بحوزته من كتب قديمة وحديثة وقد زودني ببعض كتب التراث المندائي ديناً وطقوساً وتأريخاً . أما بيته العامر فإنه مفتوح للأصدقاء ليلاً ونهاراً .

ختام / لديَّ معارف مندائيون آخرون ربطتني بهم علاقات غير عميقة وبعضها قصيرة أو وقتية أو موسمية . أذكر منهم الشاب الطريف البشوش ( منجد جواد غافل ) ... جاء موسكو شهر أيلول عام 1962 ثم غادرها إلى مدينة ( كراسندار ) هو وصديقه الكظماوي ( عباس الصرّاف ) ليدرسا الزراعة في جامعتها هناك . لمنجد خال كان كذلك طالباً في بعض معاهد موسكو . والد منجد هو المربي المعلم الفاضل السيد ( جواد غافل ) الذي كان يومذاك معلماً في بعض مدارس ناحية ( قضاء ) المحاويل التابع لمحافظة الحلة .


مايس 2007