د. عدنان الظاهر
www.mars.com
السبت 4/12/ 2010
براغ والزاهدةعدنان الظاهر
سألتني جادّةً : ما الفرقُ بين الزُهد والتصوّف ؟ أنا زاهدة لكني لا أدري أأنا متصوّفة أم لا ؟ ماذا أولُ لها ؟ بمَ أجيبُ وأنا نفسي زاهدٌ لكني لا أعرفُ التصوّف ولم أمارسه رغم قربي الشديد من الحُسين بن منصور الحلاّج شهيد التصوّف وقتيل أحد خلفاء بني العباس ( المقتدر بالله ) . لاطفتها لأطفئ شيئاً من لهب حرارة جديّة حديث مسألتها. قلتُ لها يا زاهدة ، لا يصلُ تصوّفٌ لمثيلاتك. قالت لماذا ؟ لأنَّ طبعكِ من حرير غير مألوف وهو نسيج عازل خالٍ من المسامات لذا لا ينبتُ صوفٌ على أديمه أو على أديم جلدك . تزهّدي ولا من ضير في زهدك هذا ولكنْ حذارِ من التصوّف لأنَّ الحريرَ والصوفَ لا ينسجمان. إمّا صوفٌ وإما حرير . هذه هي نواميس الطبيعة . لا ينبتُ صوفٌ على حرير ولا ينبتُ حرير على جلد خروف . إقتنعت الزاهدة أو تظاهرت فما زال بعض الشك يدور مع إستدارات عينيها في محجريهما . كيف السبيلُ لإقناعها بحجتي ؟ فكّرتُ ولم يطلْ بي تفكيري . سأدعوها لنقضي معاً فترة عشرة أيام في إحدى العواصم الأوربية الجميلة . هناك يطيبُ مزاجها الكافوري وتتحرر سجيتها وتمارس حرياتها كما تشتهي وعندذاك ستتيسرُ أموري وتقوى حجتي لتقهر شكوكها . هناك ستقتنعُ أنْ لا من صوفٍ مع حرير ولا من حريرٍ مع صوف .لا يختلطان . أعجبها مشروعي فقالت أقبلُ ما عرضتَ عليَّ ما دمنا لا نختلطُ الإختلاط المألوف بين الرجل والمرأة من حيثُ أنت الصوفُ المندوف وأظل أنا ذلك الحرير الصيني الطبيعي البهي الناعم من إنتاج أفخر نوعيات دود القز في العالم. يا للذكية ! كيف أسبغت على صوف الخروف طبع الذكورة وآثرت حريرها بطبع الأنوثة ؟ الصوف مُذكّرٌ والحرير مؤنث . لكنَّ الحرير لغوياً مُذكّرٌ نقول هذا حرير ولا نقول هذه حرير . قالت في العاصمة الأوربية الجميلة التي اقترحتَ للقائنا لا من فرقٍ بين الرجل والمرأة . إنهما يتبادلان الأدوار . الذكرُ نهاراً يغدو أنثى في الليل . في غمرة فرحتها قالت سنزورُ هذه المدينة معاً إذاً وليتنا نقضي العمرَ فيها .
نوفمبر 2010