| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. عدنان الظاهر
www.mars.com

 

 

 

الأثنين 2/8/ 2010



نيفين / وريثة كليوباتر

عدنان الظاهر   

(سياحة في مصرَ مُنذ عهود الفراعنة حتى حرب حزيران 1967)

نيفينُ فوق النيلِ آلهةً من السحرِ المُعتّقِ في عيونٍ من عقيقِ 

جسداً من الماسِ المُمرَّدِ والمُرصّع بالزُمرّد والمرايا

أسطورةً دحرت ملوكَ الرومِ وانكفأتِ على أبوابها

عَرَباتُ كِسرى

وجحافلُ الهكسوسِ واندحرَالمقوقسُ والمجوسُ

وجثت أباطرةُ الممالكِ عند شُرفةِ قصرها

أسرى ...

عبيداً في يد النخّاسِ في سوق الخليلِ

سجدت أمامَ العرشِ إذ خفقت بنودُ جنودِها للنصرِ في شُرُفات

روما

صدحت مياهُ الدردنيلِ وعرّبدَ البسفورُ نيفينُ يا نيفينُ يا حيفا ويا

نيفا

يا ربّة الجسرِ المُعَلّقِ في سلاسلَ من حديدِ

يا مَجْمعَ النورين  والبحرين يا قمراً

يُضيءُ سماءَ مصرَ ولا

 ينامُ

فكيفُ أنامُ والألوانُ والأضواءُ والأشواقُ تخطفُ ناظري

وشواهقُ الأهرامِ تُدمي مقلتي دمعاً حراما  

أهناكَ دمّرت الحروبُ عروقَ صبري

وهناكَ صاح البوقُ أعلى الطورِ في صحراءِ سينا

وهناك صلّى الجندُ تحت القصفِ والنيرانُ حتّى

مجمع البحرينِ شبّتْ

أهناكَ موسى ؟

يا ويلَ أمٍّ أسقطتني عاجلاً من سطح داري 

ثم أفنتْ عُمرَها تبكي على روح شهيدٍ ماتَ قبلي

وتصلّي الغائبَ المجهولَ أنفالاً وتبكي إذْ تُصلّي .

لا أمسحُ الكرْبَ المُعلّقَ فوقَ رأسي 

حاملاً قنديلَ نارِ

لا أرفعُ الراياتِ في أبراج حزني

سُوداً ففي الراياتِ أحلامي ويأسي ثمَّ بأسي .

ماذا ؟

نيفينُ تبقى كوكبَ النورِ الُمشَعشعِ في مداري

طيفاً يمرُّ ولا يمرُّ

ومدىً أراهُ ولا يراني

ومسافةً تدنو وترتدُّ

نيفينُ

Viva

نيفينُ فيفا

نيفينُ قوسُ النصرِ معقودُ القناطرِ فوق ماء النيلِ من حدٍّ

 لحدِّ 

ومسلّةُ التأريخِ في نَحْسٍ وسَعْدِ 

كيف اللقاءُ وبيننا ستون قرنا

كيف اللقاءُ وبيننا نيلٌ وبيداءٌ وحُزْنُ

ما بينَ جزرٍ ومدِّ

نيفينُ فيفا

نيفينُ فيفا !

 Adieu

وداعاً نيفين ، نعم ، وداعاً نيفين ولكنْ : من هي نيفين وما علاقتها بكليوباترا ونيل مصر وإهرامات مصر وحرب الأيام الستة من عام 1967 ؟

قال لي الشاعر أحمد شوقي ( وكان معه الشاعر الراحل أملْ دَنْقل ) أكتبْ فكتبتُ :

كل الخير في صباحاتك يا نيفين ويا نيفا ويا فيفا النصر والإنتصار / كوني كما أريدك عالية المقام والرأس .

 بالطبع كتبتها لك إذْ لا أعرف في دنيانا اليوم إلاّ نيفين واحدة هي نيفين المصرية  ولا أعرفُ إلاّ إهرامات مصر ونيل مصر وكليوباترا المصرية وليس في النفس ألم وغصّة أكبر من ألم وغصّة مأساة حرب الأيام الستة عام1967

فما زالت صورة طابور الجنود المصرين رافعي الأيدي في سيناء مستسلمين للعدو أصحاب موسى الذي تاه في صحراء سيناء كما تقولُ التوراة ... ما زالت ماثلة في رأسي ومن هنا جاء الحزنُ في القصيدة وبكاء والدتي والرايات السود علامة الحِداد . ثم هناك حزن مُضاف أني لم أر هذه النيفين بعدُ وربما لا أراهاَ رغم أنها هناك في مصر عانت وما زالت تعاني منذ عهود الفراعنة حتى عهود الخلافة العثمانية وسيطرتها على بلاد العرب شرقاً وغرباً ثم مصر الحديثة بعد إستقلالها عن المستعمر الإنكليزي وتأميم قناة السويس عام 1956 .

وهل في الدنيا إلا دردنيل وبسفور تركيا والجسر المعلّق بسلاسل الحديد العملاقة الذي يربط القسم الشرقي من أسطنبول بجزئها الغربي ونيفين إسم تركي كما تفضّلتِ فبيّنتِ لي ؟ هل رأيتِ هذا الجسر ؟ عبرته صيف عام 1977 بسيارتي حين خططنا لزيارة الكثير من البلدان الأوربية وقد كان ... قطعتُ 14 الف كيلومتراً من الطرق وأمضينا في تلك الرحلة شهرين كاملين هما يوليو وأغسطس وزرنا سبعة بلدان وسبحنا في العديد من البحار والبحيرات وأحواض السباحة وفي طريق عودتنا قريباً من الحدود العراقية التركية حصل لنا حادث نجونا منه بمغامرة تشبه الأعجوبة .

 أطلتُ عليكِ حديثي لكني سبق وأنْ قلتُ لكِ إنَّ الحديث معك شيّق حتى لو طالَ وتشعّبَ فاصبري على حكم الأقدار يا عزيزتي .

سأوافيكِ بكل تطور يطرأ على هذه القصيدة وما سيلحقُ بها وربما أنشرها كما هي لوحدها عندئذٍ سأوافيك بعناوين وروابط المواقع التي ستنشرها إذا أحببتِ متابعتها .

ملاحظة أخيرة : كتبتُ فيك ما كتبتُ قبلَ انْ أراكِ فما سأكتب فيكِ وعنكِ لوأراكِ ؟

تدّخلَ شوقي ودنقل معاً فقالا : سوف لن تكتبَ فيها وعنها كلاماً أفضلَ مما كتبتَ ! لماذا يا سادة ويا شعراء ؟ لأنَّ زخمَ الموجة البحرية الأول هو الأقوى من بين زخوم باقي الموجات !

عجيبٌ أمركم يا شعراء ، عجيبٌ أمركم ، لكأنكم تقرأون الغيب . قال أمل دنقل : لا من غيبٍ ولا هم يحزنون . إنمّا نتكلمُ عن خبرة وتجربة ومعاناة وصراع مرير مع الشعر . صحيح يا شوقي ؟ هزَّ أحمد شوقي رأسه الأشيب موافقاً ثم شرع يغني مقاطعَ من أوبريت مجنون ليلى وهو من تأليفه وغناء أسمهان ومحمد عبد الوهاب . وما المناسبة يا أمير الشعراء يا شوقي ويا صاحب الحسن حلفتُ بيوسفه ؟ إنه الغرام ، قال ، الرومانس العالمي ... فما أراك إلاّ واقعاً في غرام نيفين كما سبق وأنْ وقعتُ في غرام أسمهان . نهض أمل دنقل وهو يردد : قام اللهُ في عون العاشقين وكفانا اللهُ شرّه فإننا قريباً راحلون .

ما أنْ غادر بيتي الضيفان حتى سمعتُ صوتَ محمد عبد الوهاب صادحاً :

هل المنادون أهلوها وأخوتها
أم المنداون عُشّاقٌ معاميدُ ؟

 

 آب ( أغسطس ) 2010


 

free web counter