| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. عدنان الظاهر
www.mars.com

 

 

 

السبت 2/1/ 2010



حديثُ السِبح أو المسابح أو المسبحات

عدنان الظاهر   

لا يكاد يخلو جيب كل شاب عراقي قبل الكبير من السبحة
الإعتقاد السائد هو أن المسلمين الأوائل قد أخذوا المسبحة من بلاد الهند، فبينما استعمل المسلمون الحصى لأغراض التسبيح، كانت الهند قبل ذلك بعشرات القرون قد عرفت المسبحة، وتشير الدلائل التأريخية الى ان الإله (براهما) كان يحمل المسبحة بيده اليمنى كما ظهر جلياً في الرسوم التي تم العثور عليها،
. يقال ان العراقيين من أكثر الشعوب الخليجية والعربية استخداماً للسبح وامتلاك الأنواع النادرة منها.. وهناك أسواق عامرة بها ويتعامل أغلب أصحاب محال التحف والأنتيكات بها والحفاظ عليها كأنها حلي ذهبية بل هي كذلك لأن بعضها جاوز سعره ثمن قلادة الذهب وحل محلها في خزائن النساء .. وصارت للسبح تجارة رائجة ومربحة وتباع بالدولار ايضاً!

أنواع السبح
أنواع السبح كثيرة منها المصنوعة من أحجار (السندلوس أو الكهرمان أو المرجان والنارجين والباي زهر والفيروز..) ويعد الكهرب الالماني أغلاها وهو يمتاز بالرائحة العطرة وعمره الطويل ويستخرج حجر الكهرب من شواطئ المانيا وبولونيا ويبلغ سعر المثقال منه (50) دولاراً وبعضه (100) دولار.
أما سبح اليُسر فهي عبارة عن أعشاب تنمو داخل البحر تستخرج وتصنع منها السبحة وتتميز برائحتها المخمرة.. وميزة حجر الكهرمان انه يرسم خطوطاً إذا ما حك على الورق.
والمتداول حالياً من السبح هو السندلوس واليسر لإعتدال أسعارهما وهناك من السبح ما يباع بثمن مرتفع جداً يصل لثلاثة ملايين دينار، أما أرخصها فسعره (500) دينار! صياغة السبح
.. أما المادة التي تصنع منها السبحة فهي (البولستر) عادةً وأغلاها تلك المصنوعة من مادة (الكهرب) وهي أغلى أنواع السبح. وهنالك الكثيرون ممن لا يعرفون سعرها الحقيقي.. وهنالك نوعان من السبح من حيث عدد الحبات المصنوعة منها.. الأول ذات (101) حبة نسبة الى اسماء الله الحسنى وهي (99) والحبتان الباقيتان بمثابة فاصلتان للسبحة.

سبح مخدرة ايضاً
أحد باعة السوق يقول ان العراق من أكثر الدول التي تتعامل مع السبح وهو مستورد جيد لها.. ونأسف لأن الكثير من السبح النادرة أخرجت خارج العراق بسبب جهل اصحابها بقيمتها
الحقيقية.. وأغرب أنواع السبح سبح النارجين وهي عبارة عن جوزة يطلق عليها فحم الكوك في داخلها لبة نواة تحتوي على مواد مخدرة.. وهذا يفسر عدم السماح بإدخالها المطارات اذا كانت مغلقة ويسمح فقط للجوزة المفتوحة نصفين والخالية من النواة لصنع السبح منها. ويقال ان عصا موسى صنعت منه، أي حجر الكوك.
ولذلك فإن التجار اليهود غالباً ما يحتفظون بسبح النارجين في خزائن خاصة بها.

سوق الباشا
في سوق الباشا الذي افتتح في سنة 1951 ميلادية الموافق 1370 هجرية، وكان يعد من أكبر أسواق بغداد التي تباع فيها أنواع من السبح الاصلية والنادرة كالكهرب والكهرمان واليسر القديم والحجازي، وأغلبية المحال في السوق تتعامل بالاحجار الكريمة والسبح الاصلية المستوردة من الخارج خاصة من دول “روسيا، ألمانيا، تركيا، مصر، والهند”. والتي غالبا ما تكون أسعارها مرتفعة بعض الشيءباعة السبح بأنواعها المختلفة ينتشرون في كل مكان خاصة قرب الأماكن الدينية والجوامع والمراقد والأضرحة ويعرضون سبحاً مختلفة وهي رخيصة الأثمان عادة.... وقد انتشرت مؤخراً السبح التي يجلبها الزوار من إيران والسعودية وعادة ما تهدى إلى الأهل والأصدقاء للبركة والدعاء.
وردت كلمة التسبيح في القرآن الكريم بقوله تعالى (تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وان من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم انه كان حليماً غفوراً). وقد احتاج المؤمنون إلى وسيلة لضبط العدد الذي حددته السنة النبوية الشريفة لكل تسبيحة وكان التسبيح يتم بعقد الأنامل ولما كانت هذه الطريقة تشغل فكر المسبح إلى العد وتؤثر في خشوعه التجأ إلى وسائل أخرى عديدة فمنهم من استعمل الحصى وآخر استعمل النوى وغيره استعمل العقد في الخيط وهكذا...

تآريخ السبح
اتخذت السبحه في عصور ما قبل التاريخ كزينة وتعويذة وتميمة . وفي الآثار الفينيقية ما يشير الى استعمالها في المقايضة في معاملاتهم التجارية .
يعتقد بعض المؤرخين أن أول سبحة في الاسلام كانت من نوع البلح في صدر الاسلام ولم تكن معروفة في زمن (رسول الله عليه الصلاة والسلام) اشرف الانبياء .
لم تكن السبحة مستخدمة في صدر الاسلام . وعن ابن عمر رضي الله عنه : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيده " غير أن الصحابة استعانوا في تسبيحهم بما يساعدهم على ضبط العدد . ومن هذه الوسائل النوى والحصى والخيوط المعقودة .
في العصر الأموي أتخذ المسلمون السبحة أدارة تسبيحهم .
من أشهر السبح سبحة زبيدة بنت جعفر المنصور . وهي من السبح الفريدة في شكلها اذ صنعت من تواقيت رمانية كالبنادق . أشترتها زبيدة بخمسين ألف دينار .
سبحة هارون الرشيد . وهي عشرة حبات من الدر . تم شراؤها بثلاثين ألف دينار .
سبحة الكهرمان لها رائحة زكية كما أنها تضئ في الظلام .

أشكآل السبح
1 - الشكل البيضاوي وهو الشكل الشائع وقد يضم في دفيتيه أشكال أخرى
2 - الشكل الكروي المتكامل
3 - الشكل البندقي
4 - الشكل الأسطواني
5 - الشكل الحمصي أو شكل حبات الذره
6 - الشكل اليوناني المسطح - اللوزى
7 - الشكل المضلع

أخليكم مع الصور:/~

تستخدم السبحة لعدة اغراض منها:
لغرض العبادة الدينية وتلاوة الأوراد وذكر الله وتقواه وعبادته تستعمل وسيلة لاظهار الذات والبروز الاجتماعي والوجاهة والأبهة وكمظهر من مظاهر الترف عندما تكون غالية الثمن وتستعمل السبحة عند بعض الناس وسيلة نفسية فيتخذها عاملا مساعدا على التهدئة من انفعالاته أو ستارا لكبت المشاعر ووسيلة للتخلص من التوتر وتفريغ شحنات القلق النفسي وبذلك اصبحت السبحة ذات علاقة مباشرة بعواطف الانسان ومشاعره
كما قد تكون السبحة عند بعضهم مجرد وسيلة لتحقيق رغبة من خلال التسلي بحباتها هناك من يستعمل السبحة للاستغناء عن التدخين وهناك من يدعي أنها تعينه على التفكير الهادىء .

توضيحاتي وتعليقي على هذا المقال / عدنان الظاهر
أثار فيَّ حديثُ السِبح أو المسابح أو المسبحات ، وهذا أفضل الجموع ، لأنَّ صيغة المفرد الصحيحة هي المِسبحة وليس السبحة  .

المهم ... أثار فيَّ الكثير من الذكريات وبعض الشجون ثم بعض الإعتراضات على السيد صاحب " مقامة السبحات وأنواعها وأصولها " ...

فرغم طرافة المقالة لكنَّ إعترتها بعض النواقص وشئ من الأخطاء كان المفروض أنْ يتصدى لها أخونا الضليع والخبير في شؤون المسابح والمسبحات الدكتور مجيد القيسي حيث كانت له في بغداد مجموعة ممتازة منها رأيت بعضها لم تفارق كفيه لا ليلاً ولا نهاراً ولا سيما واحدة تشكيلتها اللونية من نوع الكهرب النادر كان أبو نبيل كلما دخلتُ عليه مقصورته الصغيرة المجاورة لمقصورتي في قسم الكيمياء / كلية العلوم من جامعة بغداد أواسط وآواخر سبعينيات القرن الماضي وجدته منشغلاً بالكتابة أو القراءة وتلكم المسبحة في يده أو مطروحة على طاولته . وكان كلما رأى عيني عليها سحبها من الطاولة ثم قال : هيهات هيهات ... لا تخلي عينك عليها ... هاي هدية من الحجي يقصد أخاه الحاج علاء الدين القيسي . فما كانت المسبحة تلك ؟ كانت من الكهرب الأصفر الليموني الصلد غير الشفّاف فيها خطوط ولطخات جميلة جداً من اللون الأخضر الحشيشي تسرّ الناظرين .

الشئ بالشئ يُذكر : رأيت مرةً في إحدى زياراتي لقسم الفيزياء في كلية العلوم ـ وما كان أكثرها لأنَّ المرحوم إبن مدينتي الدكتور محمد عبد اللطيف مطلب كان على رأس قائمة مَنْ كنتُ أزور يليه الصديق الدكتور طارق البصّام ـ ... رأيت في يد المرحوم ناجي عبد الصاحب مسبحة سوداء بشكل مطلق فاجأني بقوله إنها من الكهرب !! لم أرَ قبل ذلك في حياتي كهربَ أسودَ علماً أني أعتبرُ نفسي خبيراً بالمسألة الكهربية ...

الآن ، مع الأخ صاحب المقالة ويبدو أنه تاجر مسبحات ومقالته من باب الترويج لبضاعته فأهلاً به وبما قدّم لنا من معلومات لي عليها بعض الملاحظات :

لقد نسي هذا الرجل ذكر الكهرب الأخضر الشفاف مع ظلال سود تتخطف الأبصاروهو متوفر بكثرة في بلدان بحر البلطيق خاصة لاتفيا وليتوانيا ومعي اليوم واحدة أتخذها كمسبحة وإنْ كانت قد صُممت كقلادة لأجياد بنات حوّاء وهكذا يعتدي الرجال على حقوق النساء حتى في أمور الحليّ وما شابهَ ذلك ...

ثم فات الأخ صاحب المقالة انْ يعدد ألوان الكهرب وهي كثيرة متفاوتة وأغلاها في السوق الألماني اليوم هو اللون الأصفر الليموني المعتم [ وهو درجات ] يليه الأصفر الليموني الشفاف التام الشفافية ثم تليهما باقي الألوان وأكثرها هو اللون البني وهو كذلك درجات شتى وما بين اللونين هناك أشكال وتشكيلات لونية كثيرة لعلها تقع في دائرة إهتمام أخواننا الفنانين الإنطباعيين ...

كما فات الأخ صاحب المقالة أنْ يتطرق لذكر لون آخر ليس شائعاً كثيراً هو الكهرب الدموي العقيقي الأحمر الذي يسميه خبراء الكهرب الإنكليز الكهرب الصيني ، قال لي أحدهم في لندن يُسمّونه بالصيني لأنه يوجد طافياً في بعض مناطق بحر الصين ... يا سبحانَ الله ! البحر الصيني الأصفر يُنتج كهربَ أحمر اللون ... يا سبحان الله !

كلما أزور محلاً يبيع الكهرب كحلي للنساء وأسال صاحباته أو أصحابه عن الكهرب الأحمر ينكرونه ثم يُهرعون لكتب خاصة مثل الأطالس أو المعاجم الخاصة بالكهرب تأريخياً والواناً فلا يجدون شيئاً يمتُّ للكهرب الأحمر بصلة حتى أُضطر لإخبارهم أنَّ في حوزتي هذا اللون من الكهرب فيأخذهم العجب !

في حوزة " سو " زوجة صديقي الدكتور إبراهيم قلادة كبيرة من الكهرب الأحمر قالت إنها هدية من سيدة إنكليزية ورثتها أمّاً عن أم ولأجيال طويلة لأنها نادرة رأيتها بعيني وما زالت لديها .

لقد أخطأ الأخ صاحب المقال إذْ قرر أنَّ للكهرب رائحة زكية ... كلا ثم كلاّ ... حجر الكهرب خالٍ من أية رائحة شأنه شأنُ أي حجر آخر نبيل أو نصف نبيل ... إنما هذا القول شائع في العراق وعلى نطاق واسع لأنَّ أصحابه حين يفركون حبات مسابحهم يشمّون رائحة نفاذة وما دروا إنها رائحة الكافور يَمزج مسحوقه صنّاع مسابح الكهرب مع الكهرب حين تسخينه على نار هادئة منضبطة لتشكيل هيئة الحبّة الواحدة وهندسة إستدارتها أو بيضويتها وغير ذلك من الأشكال الهندسية . كان هذا الشأن مع مسابح الكهرب المصنوعة في تركيا خاصةً لكنها إختفت لأسباب أجهلها من أسواق العراق .

كما أثار إستغرابي قول الأخ صاحب المقالة إنَّ اليسر عشبة بحرية بينما المعروف إنه خشب من نوع الأبنوس متوفر خاصةً في الجزيرة العربية لذا فإنه رخيص في العربية السعودية ولديَّ منه أربع مسبحات حباتها مختلفة الحجوم والهيئات وكلها مفضضة لأنَّ اليسر يتفطر ويتكسر من غير تنبيته بنقاط الفضة . يُقال إنَّ اليسرَ يحمل ويتحمل هموم وحسرات حامله فيسحبها منه مضحياً بنفسه وجمال هندسته فيطقُّ مع كل حسرة أو تنهيدة وتظهر عليه الشقوق .

نسي الأخ صاحب المقال أنواعاً أخرى من المسابح الغالية أذكر منها مسابح اللازورد الأزرق الغامق [ لابيس لازولي ، في الألمانية والإنكليزية ] ولا سيما ذاك الذي يضم عروقاً من الذهب الطبيعي حيث يتواجدان في الطبيعة سويةً ولديَّ منه زرّان لربط نهايات أكمام قمصاني وتُسمى :
Cuff links

لديَّ مسبحة بنية اللون خرزاتها صلدة معتمة إبتعتها من إحدى مدن الساحل الإيطالي الشمالي القريب من مدينة البندقية [ فينيسيا ] ... إبتعتها حاسباً أنها من النارجين لكنَّ صاحب . .

المتجر قال بل إنها من الكهرب النادر الذي لا يتوفرُ إلا في جزيرة بالي في جنوب شرق آسيا . الطريف في أمر هذه المسبحة أنَّ حباتها تغير لونها من البنيّ الغامق الجميل إلى اللون الأحمر الدموي حسب زوايا مساقط الضوء !

أخيراً ... الكهرب المعروض في المخازن الألمانية اليوم هو مستورد إما من روسيا أو بولندا وليس مما يتجمع على سواحل بحر الشمال الألماني .

رأيتُ في أحد متاحف كوبنهاكن جناحاً كبيراً خاصاً بالكهرب مع شروح ضافية عن نشأته وأنواعه ومناطق جمعه . أما حُجرة الكهرب الألمانية التي سرقها الجيش الأحمر أثناء غزو برلين في نهاية الحرب العالمية الثانية فما زالت موضوع جدل ومساومات بين موسكو وبرلين . وفي مُتحف ماريا تيريزا بالقرب من العاصمة النمساوية فيينا حجرة جميع جدرانها ومحتوياتها من أحجار الكهرب الثمين .

الكهرب لا يترك خطوطاً على الورق ـ كما افاد الأستاذ صاحب المقال ـ إنما يسحب القطع الصغيرة من الورق بعد حكه ببعضه أو باليدين أو بقطعة قماش صوفي مثلاً لأنه كهرب أي فيه خاصية كهربائية تمت للمغناطيس بصلة .

قلتُ بدايةً إنَّ موضوع الكهرب موضوع ذو شؤون وشجون ويطول حوله الحديث وما زال في رأسي الكثير مما أستطيع قوله لولا إنشغالي بأعياد رأس السنة الجديدة ومتطلباتها ومتشعباتها فأرجو المعذرة مع الأمل الكبير في أنْ يدلو أخونا مجيد القيسي بدلوه فإنه هو الآخر جامع وخبير في المسابح ومسابح الكهرب بوجه خاص .



 

free web counter