| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. عدنان الظاهر

 

 

 

 

الأحد 27/8/ 2006

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس


 

إلغاء مجلس الأمن الدولي

 

د. عدنان الظاهر

كشفت الحرب الإسرائيلة اللبنانية الأخيرة أكثر من ذي قبل أنَّ مجلس الأمن الدولي قد غدا أداةً أو ألعوبة شديدة الخطورة في يد الدول الكبرى وحلفائها. ففي مجرى هذه الحرب عرقل ثم أحبط ممثل الإدارة الأمريكية في مجلس الأمن ( بولتمان ) وممثل الحكومة البريطانية قراراً يقضي بإلإيقاف الفوري للحرب. وقبل ذلك وقفا ضد إتخاذ قرار يُدين جرائم الحرب التي أُقترِفت في لبنان جنوباً ووسطاً . فهل تستحق هذه المنظمة الدولية بعد اليوم أن تحمل إسم (( مجلس الأمن )) ؟؟ عن أي أمن تتكلم منظمة لا تستطيع فرض أمنٍ أو سلامٍ وتعجز عن تمرير قرارات بهذا الشأن ؟؟ كيف يمثل مجلس الأمن تجمعاً أممياً لكافة أمم الأرض يُسمّى (( الهيئة العامة للأمم المتحدة )) في حين تتحكم في القرارات المصيرية دولة واحدة أو دولتان ؟؟ أين صوت الأمم الصغيرة والمستضعفة وكيف تصون مصالحها وتحافظ على مستقبل شعوبها ؟؟
لذا أقترح على العرب وكافة المسلمين على وجه المعمورة وحكومات الدول الصغيرة الإنسحاب من عضوية هيئة الأمم المتحدة. أوأنْ تتقدم بإقتراح آليات جديدة لتشكيل مجلس أمنٍ جديد .... كأنْ يُصار إلى توسيعه بحيث تدخل في عضويته حكومات شعوب متعددة حسب مساحاتها الجغرافية أو عدد نفوسها. ففضلاً عن الأعضاء الخمسة الدائمين الذين لهم حق إستخدام الفيتو، أقترح ما يلي :

أولاً : إدخال :
// ألمانيا والهند وباكستان وإندونيسيا وبولندا وإسبانيا
// أربع دول تمثل شعوب أمريكا اللاتينية بالتناوب ( لفترة ثلاث سنوات مثلاً....)
// أربع دول تمثل شعوب القارة الإفريقية بالتناوب
// خمس دول تمثل الشعوب العربية بالتناوب
// كندا وأستراليا
على أن يكونَ إتخاذ القرارات بالتصويت وبالأكثرية البسيطة ( 51 % ) من مجموع عدد الأعضاء. معنى ذلك إلغاء حق الفيتو جملةً وتفصيلاً .

ثانياً : أو إلغاء مجلس الأمن ونقل صلاحياته كاملةً إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث التصويت على القرارات وإتخاذها بموافقة الأغلبية البسيطة ( 51 % ).

بتبني أحد هذين المقترحين يتم تجريد الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن من إحتكار إتخاذ القرارات المصيرية فيما يخص الحرب والسلام على الأرض.
آن الأوان لإلغاء مجلس الأمن بعد أن إستنفد أهدافه وسقطت حيثيات وجوده بإنتهاء الحرب الباردة بين معسكري الإشتراكية والرأسمالية، بين حلف وارشو وحلف شمال الأطلسي.
قامت عُصبة الأمم بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى كما هو معروف. وقامت هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها. وتأسيساً على ذلك...وبعد إنتهاء الحرب الباردة ، (( وإنها كذلك حرب )) ينبغي إلغاء مجلس الأمن ونقل كافة صلاحياته للهيئة العامة .... تجاوباً مع معطيات الحياة الجديدة وما طرأ على العالم من متغيرات خطيرة الشأن.
ينبغي على بعض الدول الكبرى أن تكف تلقائياً عن السيطرة على مقدرات الشعوب بسيطرتها على قرارات مجلس الأمن مستخدمةً سلاح الفيتو حيث درجت على تحدّي الكثير من الشعوب وتنكرت للمواثيق والعهود الدولية والكلام الجميل عن الديمقراطية وحرية الشعوب والسلام على الأرض.
أقول بهذا الصدد للإخوة الكتاب المأخوذين بأمريكا بإعتبارها القطب الأوحد وزعيمة العولمة.... والناصحين أو المروجين لفلسفة وسياسة إنتهاج سبيل المفاوضات لحل القضايا العالقة .... أقول لهم نعم، نجحت مفاوضات السلام التي دشنها وإنتهجها الرئيس المصري السابق أنور السادات.... نجحت في إستعادة صحراء سيناء ثم منتجعات طابا. نجحت ولكن ما كان الثمن ؟؟ وقّعت مصر إتفاقية سلام مع إسرائيل وهذا أمر جيد، لكنها في عين الوقت دخلت تحت المظلة الأمريكية، ثم غدت سيناء سوراً عازلاً يحمي ظهر إسرائيل بعمق مائتي كيلومتراً بالتمام والكمال. نجحت مفاوضات السادات الرامية للسلام لكنها تعثّرت وما زالت تتعثر فيما يخص القضية الفلسطينية. إلى أي مصير آلت إتفاقيات أوسلو والمعاهدات التي وقعها الراحل ياسر عرفات مع إسحق رابين ومن جاء بعده، وما مصير خارطة الطريق ؟؟!! من الذي يرفض التفاوض ويعرقل المساعي الخيّرة ويتنكر للعهود والمواثيق وقرارات مجلس الأمن ( قرار 242 و 338 على سبيل المثال ) ؟؟ أقول لهؤلاء الأخوة من الكتّاب المثقفين وحسني النوايا : رويدكم ... حاولوا قراءة وإستنطاق التأريخ القديم والحديث كيما تستنبطوا شيئاً منه (وأنتم لا شكَّ قرّاء جيدون ) ومن أحكامه وجبروت سلطان قوانينه... وتذكّروا جيداً إمبراطورية بابل وآشور وفارس وإمبراطوريةالإسكندر المقدوني ذي القرنين، ثم الإمبراطورية الرومانية فإمبراطورية الإسلام ثم المغول والترك فالإنجليز.... ما مصير هذه الإمبراطوريات ؟ ما مصير الإمبراطورية التي كانت يوماً لا تغيب الشمس عنها ؟
أحسب أنَّ أمريكا هي آخر إمبراطورية في تأريخ البشر . إنها اليوم في أعلى نقطة في عَجَلة إمبراطوريتها وليس بعد هذه النقطة العليا على العجلة الدوّارة سوى النزول... الهبوط.... الإنحدار . نعم، سيتشكل العالم الجديد ولكنْ لا كما تريد صاحبة العولمة والقطب الأوحد.
أرى أمامي عالماً جديداً لا شرقَ أوسطَ جديداً مركزه دولة صغيرة ومحيطه الدولة الأقوى. أرى عالماً جديداً حراً متحرراً. سينتصر التأريخ وستعلو إرادته القوية الحرة. الإرادة الكونية وحركة الكون الدؤوبة تفرضان نظاماً جديداً يتلائم مع الضرورات العالمية الجديدة. ليست العولمة قَدَراً أعمى مفروضاً على البشرية... وليست حتمية تأريخية كما تفضّل وكتب يوماً أحد هؤلاء الكتّاب من أصدقائي المحترمين. لا الرأسمالية بخالدة ولا البشر مخلَّدون. تلعب الأنظمة والظواهر أدوارها التأريخية ومن ثمَّ تستنفد مهامها وأهدافها وتنسحب من مسرح الحياة لتحل محلها ظواهر جديدة تستجيب لحاجات ومهام وأهداف أخرى جديدة. العالم يقف على وصيد حقبة لا تصوغ معالمها وقوانينها دول معينة ومن يقف وراءها محالفاً ... ولا حسب أماني وقراءات ونوايا بعض المثقفين الحسنة.

لا لمجلس الأمن بوضعه وتركيبته الحالية. نعم لمجلس أمن جديد مجرد من لعبة حق الفيتو. نعم لمجلس أمن موسّع تتمثل فيه غالبية شعوب الأرض سكّاناً وجغرافيةً ومساحاتٍ.
وإلاّ ... فلا مُناص من إلغاء هذا المجلس ونقل كافة صلاحياته وشرعيته القانونية إلى الهيئة العامة للأمم المتحدة.