| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. عدنان الظاهر
www.mars.com

 

 

 

السبت 27/12/ 2008



أعياد الميلاد

د. عدنان الظاهر

- 1 -

الشمعةُ وحدي

أشعلُ ناراً فيها

تهتزُّ على جُنح الريحِ وقصف الرعدِ

تأخذها الأجراسُ لهيبةِ ناقوسِ كنيسةِ عيسى في المهدِ

تصهرني تمثالَ نحاسٍ بوذيّا

أتسلّقُها خفّاشا يتعلّقُ مقلوبا

شبحاً يتشبّثُ في مسمارِ جحيمٍ مُلقى في النارِ

حاورهُ عيسى يومَ الميلادِ على أبوابِ القدسِ

فأبى... وتمادى... شيطاناً إبليسا.

- 2 -

غصنٌ يتدلى

يتأرجحُ في تيهِ الضوءِ الساقطِ أطيافاً أطيافا

يتلألأُ ما بين غصونِ شجيراتِ مصابيحِ الميلادِ

فيُذكّرُني أعياداً ما فَتِئتْ تتوهجُ في فَلَكِ الأسحارِ

( ما أقساها ذكرى تتوضأُ بالنارِ )

( ما أقساها من ذكرى )

أطفيءُ فيها حسراتِ النفسِ الظمأى.

يا سارقَ أفراحي يا عيدُ

بالغتَ فضاعفتَ مساحةَ أحزاني يا عيدُ !!

- 3 -

مجرى دمع الشمعِ عيونُ رقيبٍ يترصّدُني في بابي

يحملُ سرّاً ذكرى ورسائلَ أحبابٍ غابوا…

درسوا أَثراً مختوما

بالشمعِ المصهورِ على صفحةِ قرطاسٍ من ماءِ

يجري أكبرَ من ظلي طولا

أعلى من سمتِ بيوت مجوسِ النيرانِ

أتوسّلُ بالشمعةِ أنْ تقرأَ حزنَ مرايا أحداقي

أنْ تسرحَ في طقسِ غريبِ طيوفِ الأنوارِ

ساعةَ أن يُضربَ ناقوسٌ في الدورِ

حيثُ الأصداءُ الصمّاءُ

تتوسعُ أمواجاً أمواجا

في معدنِ هزّاتِ الناقوسِ الملطومِ

تتناوحُ في جسدٍ مصلوبٍ مفصولِ الرأسِ

فالرومُ تحاصرُ أقصاها

والرومُ تعلّقُ في شجرِ الزيتونِ ضحاياها أجراسا.

- 4 -

أسمعُ صوتا

أسمعُ صوتاً عذْبا

يتسربلُ بالموسيقى جهرا

يرفلُ بالبهجةِ والغربةِ والسحرِ

يأتيني من باطنِ مؤودِ الأجسادِ السمراءِ

يأتيني من خلف دهورِ عبيدِ الأسوارِ

من قلعةِ ربٍ سوّاني جاناً من نارِ الأسرارِ

إبليسا، مَلَكا من شررٍ فوّارِ

يلفحني بالريح القصوى.

أسمعُ موسيقى

أسمعُ صوتا في صمتِ الأوتارِ

أَبَتي ... هل تسمعُ مثلي شيئا ؟

ثبّتها نقْشا محَفورا

في لوح الطينِ وفوق صدورِ الأسرى

كي لا يتساقطَ منها حزنُ الشمعِ الذائبِ في عيدِ الميلادِ.

- 5 -

مرَّ العامُ وها إني في دارٍ خالٍ مهجورِ

أتقلّبُ فوقَ فراشِ المحنةِ معزولاً محموما

لا أسمعُ صوتَ زفيرٍ حيٍّ في صدري

أتساءلُ أين الإثمدُ في أحداقِ يمامِ الحفلِ النشوانِ الشادي

أين صفوفُ كؤوسِ الخمرةِ حيث السامرُ يأتينا

يبقى حتّى ساعاتِ الفجرِ الأولى

يتأملُ دمعَ شموعِ ختامِ الحفلِ وما جفَّ على جدران كؤوس السُكرِ

يسألُ هل في دجلةَ ماءٌ رقراقٌ جارِ

يُشفي داءً في شَفْةٍ بعدَ الخمرةِ ظمأى للماءِ ؟

يسألُ هل غابت بعد الحفلةِ سكرى ماريّا ؟

غابتْ ماريّا ...

نفقتْ في حفلِ قيامةِ عيسى مصلوبا

نفقتْ ومضتْ في ثوبِ صبيٍّ مقتولِ

تبحثُ عن قبرٍ في وطنٍ للقتلى مجهولِ.



 


 

free web counter