| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. عدنان الظاهر
www.mars.com

 

 

 

الأحد 26/10/ 2008



الحلة بين العشق والإنتماء
( كتاب للأخ الصديق المربي جعفر حمّود الهجوَّل )
(*)

د. عدنان الظاهر 

وعدتُ الأخ والصديق الوفي والمؤرخ الفذ الأستاذ محمد علي محيي الدين ( أبو زاهد ) ... وعدته بُعيد إستلامي لهذا الكتاب الذي جاءني من مدينة حلب السورية مع صديق ... وعدته أنْ أكتبَ ملاحظات ٍ عن هذا الكتاب . ولما كنتُ أجهلُ عنوانَ أو عناوين الإبن والصديق والأخ الأستاذ جعفر حمّود الهجّول [ جعفوري ... كما كنا نسميّه في طفولته وصباه ] سألت ُ أبا زاهد فإقترح أن أكتب ما أودُ كتابته عن الكتاب وسيقوم هو مشكوراً بإيصال ما يصله مني لأخينا العزيز جعفر آل هجول ... فهما صديقان وقاطنان معا ً في مدينة الحلة . مرّت الأيام وظللتُ كسلانَ أتقاعسُ عن إنجاز ما وعدتُ حتى قدح َ أبو زاهد الشرارة َ في رأسي وشحذ َ هممي إذ ْ نشر بالأمس مقاله التقويمي لكتاب عزيزنا جعفوري في موقع الحوار المتمدن . لديَّ ملاحظات على ملاحظات أبي زاهد عن الكتاب سأبلغه بها في بريد خاص ذاتَ يوم أرجو أن لا يمتدَ ويطولَ . ألخصُّ ملاحظاتي على الكتاب موضوع النقد كما يلي :

أنَّ الكتاب َ مكرَّس ٌ أساسا ً لتأريخ عائلة آل هجوّل والتأريخ الشخصي لعزيزنا جعفوري ثم يأتي تأريخ الحلة لاحقاً بدلَ أنَ يكونَ السياق معكوساً.
مع ذلك ، رحت مع السيد المؤلف في سياحة ممتعة للغاية فيما سطّر من وصف بيت أجداده في منطقة الكلج أو الوردية في الجانب الصغير ( الصوب الصغير ) من مدينة الحلة إضافة ً لما وصف من وضع وأحوال بستان العباس والسينما الصيفية التي بُنيت بين نخيلها . لفت نظري ولأول مرة في حياتي أنَّ لهذه البستان كثرة من الشركاء منهم على سبيل المثال السيد معزّ القزويني والد صديقنا المربي السيد صادق . ثم بعض آل غلام وربما عائلة السيد زاهد شفيق . كنتُ أتصورها ملكاً صرفا ً خالصا ً بإسم عمنا المرحوم السيد حمّود الهجوّل .

ومن كبريات المفاجآت إكتشافي أنَّ الصديق والمربي الفاضل الأستاذ عبد الزهرة رشيد هو عم جعفر وكذلك من آل هجول . خلالَ العمر الذي أمضيتُ في الحلة ما عرفتُ هذه الحقيقة علماً أن الأستاذ عبد الزهرة رشيد سبق وأنْ درَسني اللغة الإنكليزية في الصف السادس الإبتدائي عام 1947 / 1948 إثر تخرجه في دار المعلمين الإبتدائية في بغداد مباشرة ً . كما إنه كان الصديق المقرَّب لأخي المرحوم جليل .

اليهودي واوي وسينما بابل /
ذكر جعفوري العزيز في الصفحتين 41 / 42 ما يلي :
[[ ... كنتُ صبياً أذهبُ مع والدي إذ كان شريكاً لأحد أصدقائه في إستئجار كازينو وحانوت سينما بابل الصيفي ... ثم ذكر اليهودي واوي ]]. ما أعرف وما عاصرت وما علق بقوة في ذاكرتي تُفيدُ أنْ ما كان للمرحوم حمود الهجول شريكاً في إدارة الكازينو الملحقة بسينما بابل بقسميها الشتوي والصيفي . أذكر عام 1949 / 1950 الدراسي وكنت في الصف الثاني متوسط ... كنتُ أرتاد الكازينو الملحق بالقسم الشتوي من سينما بابل بصحبة أخي الأكبر مني قحطان للدراسة هناك وسماع الأخبار وربما للعب الطاولي أو الدومنة والأزنيف وتناول التكة المشوية والفشافيش والكبدة على فحم المنقلة . كان عمنا المرحوم هو المسؤول وهو من كان يدير الكازينو وحده ثم إلتحق به مساعداً لا شريكا ً الرياضي المعروف السيد حساني كاظم الموسوي بعد أنْ فشل في دراسته ولم يستطع ْ إجتياز إمتحانات بكالوريا الصف الثالث المتوسط . وكان دائم الحضور معنا السيد والطبيب لاحقا ً المرحوم شجاع علاء الدين القزويني فقد كان صديقا ً لأخي قحطان ومن جيله . هناك إذا ً مبتدأ إنغمار العم المرحوم حمود الهجول في مهنة إدارة المقاهي ومن هناك إنتقل فإفتتح مقهاه الخاصة وسط بساتينه في الجانب الصغير من الحلة وعلى الشارع الرئيس المؤدي إلى محطة القطار . الطريف هو أنَّ مقهاه الجديد كذلك ملاصق أو ملحق بإحد دور السينما لا أتذكر الإسم لعله الفرات ، سينما الفرات .
أتذكر الشاب اليهودي جيداً إذ كان يبيع البرتقال في ( كوشر ) على رأسه في سينما بابل أثناء فترات الإستراحة أو قبل بداية العرض .

أخطأ الأستاذ جعفر في كتابة إسم الحاكم الذي قتله المحامي الحلاوي السيد موسى الأعرجي حيث ذكره على أنه " الهاشمي " في حين أنَّ الإسم الصحيح هو " ياسين الشيخلي " . /
الصفحة 61

خطأ كبير آخر وقع على الصفحة 113 من الكتاب حيثُ ذكر المؤلف ما يلي بخصوص المرحوم عطشان ضيؤل الإيزرجاوي [[ ... وإستطاعة الإيزرجاوي الهروب إلى ألمانيا الديمقراطية وإنتحاره برمي نفسه من مسكنه في الطابق الثالث بعد سماعه بنجاح إنقلاب 8 شباط ]] . يا عزيز جعفر ، إلتقيت بالإيزرجاوي ضيؤل صيف عام 1968 في موسكو خلال لقاء عقده في إحدى بنايات جامعة الصداقة بطلب من بعض ناشطي جماعة إنشقاق عزيز الحاج ( القيادة المركزية ) وفي هذا اللقاء أسهب في ذكر أمور عسكرية دقيقة وكيف تمَّ إبعاده وآخرين من الضباط الذين كانوا يرون ضرورة إزاحة عبد الكريم قاسم عن السلطة وكيف كشفهم الحزبُ لقاسم فشتتهم ومزقهم شَذَرَ مّذرَ . كان يؤكد أنَّ الحزبَ الشيوعي كشفهم لقاسم . قال لي شخصياً إنه كان ما زال حتى يومذاك (صيف 1968) عضواً في اللجنة المركزية ويحمل هويتها التي أنقذته يوماً من مشكلة ليست صغيرة ذكر تفاصيلها لي في حينه . الذي دعاه ونظّم ذاك اللقاء هو المرحوم مصباح الخيرو وقد حاول المرحوم وهاب عبد الغني القاضي تخريب هذا اللقاء والتشويش عليه لأنه كان في الجانب الآخر : اللجنة المركزية ضد جماعة القيادة المركزية .

على أنَّ أكبر عيب في نظري هو الكيفية التي تطرق السيد جعفر إليها في التعرض لإنتخابات نقابة المعلمين للعامين 1961 و 1962 . مر َّ على إنتخابات العام الأول سريعا ً مرَّ الكرام لم يذكر ما وقع لي قبل وأثناء وبعد الإنتخابات والدور الرئيس الذي كُلفتُ للقيام به فكنتُ ممثل َ القائمة المهنية وكل ذلك مثبت بالتفاصيل في الجزء الأول من مذكراتي عن الحلة وتأريخها السياسي والنقابي فإنْ لم يقرأ الأستاذ جعفر هذه المذكرات فلا بدَّ وأنْ يتذكر أحداثها وقد عاصرها هو عضوا ً في الأسرة التعليمية في مدارس لواء الحلة فضلاً عن معرفته الشخصية بي . إذا غضضنا الطرفَ عن هذا الخلل فهل يجوز أو يمكنُ غض النظر عن حوادث إنتخابات عام 1962 ومحاولة قتلي عَلنا ً في شارع المكتبات من قبل عصابات يعرفها جيداً ؟ لِمَ مسحَ أخونا العزيز جعفر آل هجول هذا العام بشكل مطلق ولم يتطرق إليه لا من قريب ولا من بعيد ؟ كان قريبا ً جداً من أحداث ذلكم العام ولا أتعرض كيف ولماذا لكنه يفهم دون ريب ٍ قصدي ! سأرسل له عن طريق الصديق الشهم الغيور أبي زاهد هذا الجزء من مذكراتي لكي يصحح معلوماته ويضيف لها ما يستحق الإضافة للتأريخ تأريخ الحلة وليس لتأريخ أفراد .

أخيراً وقع الأستاذ جعفر في خطأ الإبتسار إذ ذكر معلومات غير وافية عن الصديق المشترك الشجاع وهاب عبد الغني القاضي . إختفى وهاب عن الأنظار إثر إنقلاب الثامن من شباط 1963 ثم أفلح في الهرب إلى السعودية حيث عمل ـ كما قص َّ هو لي حكايته ـ عاملا ً في مقهى قريبة من الحدود مع العراق . من هناك إنتقل تهريبا ً إلى الكويت على ظهر بعض لوريات الحمل الثقيلة بصفة حمّال . زاول في الكويت أعمالا ً شتى وشارك بعض العراقيين السكن في بيوت متواضعة مكتظة بساكنيها . جمع بعض النقود وقرر السفر إلى البلدان الإشتراكية . لم يكن معه جواز سفر فأضطر إلى سرقة جواز سفر عراقي مزوّر يحمله شخص عراقي . وصل بهذا الجواز إلى بلغراد عاصمة يوغسلافيا يومذاك . تجاهله مسؤولو إتحاد الطلبة وشككوا في أمره ونواياه لأنه جاءهم لا يحمل ترحيلاً أو توصية من حزب أو من أحد . ضاقت به السبل وواشكت نقوده على النضوب . حصل بمعجزة على عنواني في جامعة موسكو خريف عام 1965 . كتب لي رسالة مؤثرة جداً وطلب مساعدتي في إيجاد زمالة دراسية له في جامعة الصداقة . فاتحتُ أحد مسؤولي رابطة الطلبة العراقيين في الإتحاد السوفياتي بالأمر فقال هل تزكيه ؟ أجبتُ نعم ، وأعرفه معرفة جيدة . قال ستنظر الجهات المختصة بالأمر . لم أصدق !! زارني هذا الطالب وبشرني أنْ حصلت الموافقة على قبوله طالباً في جامعة الصداقة وطلب مني الكتابة له للحضور الفوري . أبرقت له برقية موضحاً التفاصيل . بعد يومين إثنين كنتُ في إستقباله في محطة القطار .
كان لقاء ً ولا باقي لقاءات العمر ! ظل معي في حجرتي في القسم الداخلي ضيفا ً قرابة َ أسبوع حيث أبلغني المسؤولون بأن أصطحبه لجامعة الصداقة لإكمال متطلبات بداية الدراسة ومكان له في الأقسام الداخلية . أخذته إلى هناك وسلمته إلى مسؤولي الرابطة في جامعة الصداقة . واصل دراسته وما كنا نفترق أبداً حتى أنه كان الوحيد من بين اصدقائي الذي أصر َّ أنْ يودعني في مطار موسكو بعد أن أنهيتُ دراستي وحان وقت مغادرتي في شهر أيلول عام 1968 . الطريف أنه إخترق صفوف شرطة المطار ورجال أمنه ولحق بي تاركاً صالة التوديع حتى سلّم الطائرة فضحك منه بعض الضباط هناك مدهوشين كيف وصل حتى سلم الطائرة . كتبت ُ هذه التفصيلات في الجزء الثاني من مذكراتي الخاصة بأعوام دراستي في جامعة موسكو .

(*)
كتاب الحلة بين العشق والإنتماء لمؤلفه جعفر حمّود الهجوّل / الجزء الأول / سنة الطبع 2007 . الناشر : مكتب اللقاء العراقي للطباعة والنشر . العراق ، بابل .

 

25.10.2008

free web counter