| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. عدنان الظاهر
www.mars.com

 

 

 

الأثنين 19/11/ 2007



ورابعهم المتنبي (2)

عدنان الظاهر

جاءني ـ على غير عادته ـ أبو الطيّب المتنبي يحمل مقترحاً غاية في الطرافة . خيرك يا متنبي وأرى وجهك يطفح بالبشر هذا الصباح والبِشر يطفح به ؟ قبّحك الله ! ردَّ صاحبي مستنكراً سؤالي ، ثم قال : جئتك اليوم بمقترح قد يبدو لقصيري النظر من أمثالك خيالياً " فنطازياً " يستحيل أو يصعب وضعه موضع التطبيق . قلْ يا ضيفي فلقد شوّقتني بالفعل لهذا المشروع الخيالي ، فأخيلتك اليوم ما هي إلا حقائق الغد ، الغد كما تعلمون يتمم اليوم ، المستقبل هو امتداد الحاضر . قال أحسنتَ ، غدوت بفضل صحبتي وصداقتي فيلسوفاً ، قالها بسخرية رقيقة الجانب .
قال المتنبي: إنَّ ما حملت معي من مقترح يقضي بما يلي : أن تتصل بصديقك الشاعر الفلسطيني السيد ( وهيب نديم وهبة ) وتعرض عليه أن نزوره في بيته في مدينته الجميلة في كرمل فلسطين ، وبرفقتنا الروائية الفلسطينية السيدة ( دينا سليم ) . قلتُ: تقصد ( سادينا ) ؟ قال :أجلْ ، هي بعينها ، ومن لنا غيرها كاتبة رائعة بما تكتب ، ثم إنها سيدة مناسبات وولائم من الطبقة الأولى ، هل نسيتَ الدعوة التي أعدتها لنا على ساحل البحر في أستراليا، وكيف استقبلتنا في المطار وما جهزت لنا من فاخر الطعام والشراب ، وما أسبغت على الجو من دافئ الحفاوة وحميم المشاعر ؟ لا ، لم أنسَ يا صاحبي ، هل ينسى مثلها رجلٌ مثلي ؟ مستحيل . ثم أضفتُ ، لعلمك يا رجل ، كلما أتمعن وأمضي عميقاً في قراءة بعض ما كتبتْ من روايات أكتشف شدة تعلقها بالعراق والعراقيين حتى إنها نشرت رواية ً كاملة عنوانها (( الحُلُم المزدوج / طبعة ثانية 2004)) تولى بطولة أحداثها رجل عراقي يُدعى [ صارم ] . ثم استعانت ببعض لوحات اثنين من الفنانين العراقيين لتزيين واجهات اثنتين من رواياتها . قال من هما ؟ هما { صاحب أحمد } و { ستار كاووش }. إنها بذلك تكرّمك أنت يا متنبي رمزاً ومثالاً للعراق ولكافة العراقيين . قال وأكرِمْ بها من سيدة مبدعة عالية المقام . توسعتُ في كلامي وقد رأيت المتنبي مرتاحاً منه فقلت : أزيدك يا متنبي علماً ، أطلقت على بطل روايتها الموسومة (( تراتيل عزاء البحر )) إسم { حازم } !! هل تعرف مغزى هذين الاسمين في العراق ؟ قال ومَن مِن العراقيين مَن لا يعرف معنى ومغزى وتأريخ صاحبي هذين الإسمين (( صارم وحازم )) ؟؟ لا فُضَّ فوك يا متنبي ، إنك حقاً المتنبي ، متنبي زمانك وكل الأزمان .
تمَّ الاتفاق بيني والمتنبي بشكل قطعي ونهائي أن نزورَ ومعنا ( دينا سليم ) مدينة فلسطينية جميلة يسكنها الشاعر ( وهيب نديم وهبة ) إذ دعانا لقضاء نهار كامل في ضيافته ، وسيكون ذلك حدثا ً لا سابقة له ولا مِن مثيل . سيجد الشاعر والكاتب السيد وهيب نفسه محاصراً من جانبين واقعاً من جهة أمام سيد شعراء العربية وأمام روائية فلسطينية من الجهة الأخرى ف [[ على أيِّ جانبيك تميلُ ؟ / للمتنبي ]] . بيّن شطارتك وعلمك ولغتك يا وهّاب ويا وهيب ... تهيأ فالمنازلة ستكون جديّة حازمة وصارمة وأنت تعرف صراحة وحزم وصرامة العراقيين .
كتبت للصديق وهيب إيميلا عاجلا فرحب بالفكرة أجمل ترحيب واقترح أن ننفذ الزيارة صباح غد ٍ كيما يتأهب لها ومعه أهل بيته كافة .
وجدناه في انتظارنا في باب حديقة بيته وما كانت وجوهنا بالغريبة عليه حتى إنه استقبلنا بالأحضان ... خلافاً لما هو معروف عنه من التحفظ والتزام شروط ( الأتيكيت ) مع الضيوف فضلاً عن وقاره وحركة السنين البطيئة والحذرة في عروقه . قال : سنمضّي الفترة قبل الغداء في مناقشة أمور اللغة والأدب أو الأدب ثم اللغة . الشعر واللغة مع أبي الطيب والرواية مع دينا فما رأيكم ؟ كلام جميل ، قال ثلاثتنا بصوت واحد كأننا بعض طلبة الجامعة . إبتسم إبتسامة عريضة ، فإنه قلما يضحك بصوت عالٍ . دخلت بهو الإستقبال السيدة عقيلة وهيب تحمل فناجين القهوة وما حضّرت من حلوى ومرفقات القهوة ، دخلت ولم تلبث معنا إلا قليلاً .
مالت ( دينا ) نحوي ـ وكانت تتوسطني والمتنبي ـ وقالت
لصاحب ضيافتنا : لِمَ لمْ تبقَ معنا السيدة السامية سامية أم غادة ؟ قال إنها مشغولة في إعداد طعام الغداء لضيوفنا . قالت ( دينا سليم ) محتجة ً : ليس من المعقول ، وليس عدلا ً أن يختلي في بهو منزلك الفخم أربعة ُ أشخاص - ثلاثة فيهم رجال مع إمرأة واحدة فقط ، ليس عدلاً يا وهيب . إبتسم بكل مودة فأشرق وجهه وازداد حمرة ً وردية خفيفة حتى حسبته قد أُحرج من منطق ( دينا ) واعتراضها على تركيبة الحضور غير المتكافئة ، هو نوع من الحَرَج القريب جدا ً من خجل الرجال الخلوقين المتواضعين الذين يعرفون أقدار نفوسهم ويقدرون أقيام سواهم من الناس . ذهبت السيدة دينا أبعد قليلاً ، وقد رأت صديقها إبن فلسطين مُحرجاً محاصراً في زاوية حرجة ضيقة، فضغطت أكثر وواصلت الهجوم إذ قالت : طيب ، السيدة سامية مشغولة بإعداد الطعام ، وماذا عن بناتك الثلاث ؟ أطرق الرجل حياءً ، فمسح جبينه العالي بمنديل حرير أبيض، ثم تماسك فاعتدل في جلسته ، وأدار الحديث نحو سياقات أُخرَ لا علاقةَ لها بضغوط دينا ومقترحاتها . أحسسنا بالطبع بمدى حراجة مضيفنا وقد قسونا عليه ، فعدّلت دينا الميزان قائلة ً : هل تتذكر إذ كلمتني مرةً بالموبايل، وأخبرتني برأيك في رواياتي فقلت لي : [ وينك ... أنت أفضل روائية في فلسطين ] ... حينها كنت ُ أقضي بعض شهور الصيف على سواحل جزيرة كريت ، فوددتُ أنْ لا تتحمل الكثير من أجور جرّاء هذه المكالمة ، وأنا عنك بعيدة في بعض بلاد اليونان فقلتُ لك : أنا في ( كريت ) وسأتصل بك بعد رجوعي للبلاد ... فأقفلتَ التلفون ولم نتم َّ الحديث. قال : بالتأكيد ، أتذكر ذلك ، لم تزلْ ذاكرتي قوية . ثم إنَّ الاتصالات بك ومعك نادرة، فكيف تفوتني مثل هذه المناسبة ؟ حثها على قص المزيد من ذكرياتها معه أو مع غيره من الكتاب والشعراء والأدباء ، فتضاحكت ثم قالت : يشعرني بعض هؤلاء الأصدقاء أحيانا بالحرج إذ فيهم مَن يصحح لي سهواتي اللغوية التي يجدونها في بعض رسائلي الشخصية لهم . كتابة رسالة لصديق شيء ، وكتابة سرد قصصي أو روائي لنشره على الملأ شيء آخر ، مختلف تمام الاختلاف . لا من رقابة على القلم والنفس هناك في حين كل الرقابة والصرامة والانتباه والحذر في المجال الثاني . قال: أفهم ذلك وإنه يحدث كذلك معي [ وصوّب نظرات عينيه نحوي ] فإنَّ فيهم مَن لا يستطيع مقاومة جبروت وسلطان اللغة العربية عليهم ، لذا لا يمكنهم الإغضاء عن خطأ لغوي حتى لو جاء في رسالة من صديق عزيز . هذه مهمتهم يا عزيزة وهنا رسالتهم وإلا خانوا العربية وأساءوا إلى نفوسهم . ضحكتُ عالياً فاستغرب من ضحكي المتنبي الذي ظل صامتاً طوال الوقت يصغي للحوار الدائر بين دينا ووهيب وهبة . سألني بعنف : علام الضحك والمناسبة جادة جداً ؟ يا متنبي ، تذكرت مسألة حدثت بيني وبين صديق مختص باللغة العربية تؤيد ما قالت سيدتنا دينا . قال ماذا تقصد ؟ أقصد أني كاتبتُ هذا الصديق ذات يوم ، وأخطأت في كتابة الفعل الماضي من ( أساء يُسيءُ ) منسوباً لي إذ كتبته على شكل (( أسأتُ ))، فقامت على رأسي الدنيا، ولم ينمْ الصديق ليلته تلك إلا وقد بعث لي إيميل مصححاً خطأي مؤكداً أنَّ الفعل الماضي هو (( أسئتُ لا أسأتُ )) ، فأكبرت الرجل لأنني إلى حدٍ ما مثله وشبيهه في مواقف الجد والصواب . تمام يا متنبي ؟ قال أشهدُ بالله تمام ، هذا هو الفعل الماضي الصحيح . قامت من فرحتها دينا منتتصرة ً بي لنفسها شاهداً موثوقاً ، لكأنَّ الصديق إياه هو مَن أخطاَ في لغته لا هي ولا أنا . ما رأيك يا متنبي ويا شاعر الكون ؟ قال رويدك ! إنما أنا شاعر العرب وهذا يكفيني ، فلا تورطني مع متفيقهي اللغة العربية فلقد عانيتُ منهم ومن حذلقات بعضهم الشئ الكثير . سألته دينا ماذا تقصد فقال : أعرف أن بعض هؤلاء مغرم ٌ بشاعرعراقي غيري كرّس بعض دراساته له وإنه لشديد الإعجاب بشعره لدرجة إنه كان قد ناقش صاحبكِ عدنان في بعض معاني وفحوى ما كتب عن قصيدة بدر شاكر السياب { مرحى ً غيلان } . ثم زاد فأرسل لهذا العدنان المشاكس نسخة من تلكم الدراسة . تناول ( وهيب ) قطعة بقلاوة وقدمها للمتنبي فاعتذر واقترح تقديمها للسيدة دينا وقطعة أخرى لعدنان . قل إنه لا يتناول الحلويات لأنه مصاب بمرض السكري . تناول قطعة أخرى وقضم منها قضمة صغيرة ثم أعاد البقية لصحن من البللور أمامه .
كانت ( دينا ) تدخن ..وتدخن كثيراً، وكانت هي الوحيدة بيننا في هذا الأمر ، ثم َّ المتنبي الذي لم يكن مفرطاً مثلها بالتدخين . وضع وهيب أمامها الكثير من علب السجائر الأجنبية، فطابت نفساً خاصة بعد أن أتتها أم البيت العامر بصحن هائل مملوء بالبقلاوة وباقي أصناف الحلوى .
داعبتها دينا ودعتها للجلوس معنا ، لكنها قالت إنها لم تنته ِ بعدُ من إعداد طعام الغداء . إقترحت دينا أن تساعدها في أعمال الطبخ وإعداد السلطة مثلاً ، لكنَّ السيدة أم غادة رفضت الفكرة جملة ً وتفصيلاً وقالت : إنَّ هذا الأمر لا يصح ، فأنتم ضيوفنا لا نحن .
يبدو أن المتنبي قد استلطف قصتي مع الفعل المخطوء < أسأتُ > وتصويب بعض خبراء اللغة له ليأتي على شكل < أسئتُ > ... فطلب مني قص المزيد من حواراتي مع هذا البعض . استحسنتُ الفكرة خاصة ً، وقد أضافت دينا صوتها للمتنبي وثقلها الأدبي ثم حضورها الذي يتخطف الأبصار جالسة متألقة ً بين ثلاثة رجال رحماء على بعضهم أشداء على الخصوم والأعداء والقوم الظالمين . حثتني أن أحكي ما أعرف وعمّا جرى بيني وبين أحد أصدقائها من معلمي اللغة العربية ثم مختصيها . أحرجتني دينا ، أجلْ ، أحرجتني لأن لي مواقف غير قليلة مع هذا الصديق المشترك ، أذكر منها اثنين ، فهل أجرؤ على طرحهما في هذه المناسبة ونحن ضيوف ننتظر الغداء في دار صديق جئناه من آواخر دنيانا ؟
أطرقتُ مفكراً والحضور يترقب رد فعلي . حثني المتنبي على النطق، ثم تبعه وهيب فلم أجدْ بُداً مما ليس منه بد .
يا أصدقاء الخير والمسرة والسرور ... نشرت في موقع ( كيكا ... الاسم غريب ، ها ) جزءاً صغيراً من مذكراتي بعد مغادرتي وعائلتي العراق شهر تموز 1978 ، وكيف أمضينا وأين أمضينا هذا الشهر وعدة أيام من شهر آب . كتبت عن زيارتنا لمدينة ( جنيف ) السويسرية وبحيرتها الشهيرة ( بحيرة ليمان )، وتعرضت لمن زارها وكتب عنها من مشاهير الشعراء ولا سيما الإنجليزي ( بايرون جورج كوردون ) ثم ( توماس إليوت ) ... هو الآخر إنجليزي عاش في أمريكا . ثم ربطتُ بين ما كتب هذا الشاعران وما ورد في التوراة عن فترة السبي البابلي، وكيف أفاد الأول من نص التوراة ، ثم جاء الثاني فحذا حذو الأول ، وأفاد منه مقتبساً جملة ً شهيرة قالها مسبيو بابل على نهر الفرات العراقي فحوّلها من نهر الفرات إلى بحيرة ( ليمان ) هذه . بادر المتنبي ـ ولم يطقْ صبراً ـ للقول : وكيف وما وجه اعتراض الصديق الذي إعترض على هذه القصة ؟
صدمني الصديق ... صدمني بتعليق جارح قبلته منه برحابة صدر بل وبكل تقدير . لاحقني المتنبي فسأل : وما كان ذلك التعليق الصادم والجارح معا ً ؟ قال لي بعد أن أبدى إعجابه بالنقد وحسن التناول : لماذا تستعرض ثقافتك، فتذكر أموراً قد تبدو بعيدة عن سياق ما تسرد من مذكرات وذكريات ؟ سألتْ دينا بلهفة مَن يقف معي وقت الملمات والمصاعب وعهدي بها كذلك أختاً شجاعة ً مقدامة ً تضحي جرّاء ما تعتقد وتضحي أكثر في سبيل قناعاتها وحريتها مهما كانت النتائج . سألتْ : وهل أجبته على تعليقه وماذا قلتَ ؟ ببساطة وبكل برود أجبته (( وربما أغاظه جوابي ذاك !! )) : نعمْ ، أستعرض ثقافتي فإنها ملك للقرّاء ... وأرى من واجب الكاتب أن يثقف قرّاءه ، وأن يقص َّعليهم تجاربه، وأن يريهم ما لم يروا، ولا أرى في ذلك من عيب ، بل وأراه جزءاً من رسالتي في الحياة . صفقت الأخت العزيزة دينا سليم وهي واقفة تتطلع في وجوه الحضور . صفقت طويلاً ، لكنَّ المتنبي ظل َّ صامتاً على صمته ، كأنه هو المُدان ، متشاغلاً عنها بالحديث مع وهيب الذي كان مهتماً بهذه المسألة أكبر إهتمام .... رغم مشاغلة المتنبي .
جلست دينا طالبة ً مني والسيجارة بين شفتيها أن أروي لها خاصة ما قال بايرون وما قال توماس إليوت . انتبه المتنبي ، فشارك دينا طلبها مني في أن أروي أقوال هذين الشاعرين الإنجليزيين، بينما أبدى وهيب المزيد من الإهتمام بهذا الموضوع . استجبتُ فإني بطبعي لا أستطيع أن أقاوم ضغوط أو طلبات الأصدقاء . قال بايرون :

By the rivers of Babylon we sat down and wept

وهو عنوان قصيدة له قصيرة . أما توماس إليوت فلقد جرى بعد مائة وعشرين عاماً مجرى بايرون فقال في المقطع الثالث
The Fire Sermon من قصيدته الشهيرة (( الأرض الخراب أو الأرض اليباب / 1922))
The Waste Land:
By the waters of Leman I sat down and wept …

ليمان هي بحيرة جنيف والتي تسمى بحيرة ليمان . أمضى الشاعر بايرون فترات من حياته هناك في دارة صغيرة مطلة على بحيرة ليمان ما زالت في مكانها هناك ، وتعتبر جزءاً من معالم هذه البحيرة تخليداً لذكرى هذا الشاعر . بادر الجمع بعد صمت غير طويلٍ بالكلام، فطلبوا مني أن أروي الحادثة الثانية بعد أن أفضتُ في شرح الأولى المتعلقة بقصة الشاعرين الإنجليزيين . قلت تقصدون مسألة الخلاف بيني وبين هؤلاء المختصين بالعربية حول طريقة كتابة اسم الشاعر العباسي المعروف الحسن بم هاني المكنى بأبي نؤاس ؟ قالوا: أجلْ ، هي بعينها . أثارت هذه النقطة الفضول لدى دينا وأبي الطيب ووهيب فعجلوني بالجواب . قلت سأطلبك حكماً يا متنبي في أمر هذا المسألة . قال ضاحكاً (( فيك الخصامُ وأنت الخصمُ والحكمُ )) ، ما وجه خلافك وهؤلاء القوم ؟ يصر البعض منهم أن الصحيح هو (( أبو نُوَاس )) وليس (( أبو نؤاس )) ... بواو غير مهموزة . حاولت أن أقنعهم أننا في العراق لا نعرف إلا (( أبو نؤاس )) ولا نسمي شارعه الشهير المطل على نهر دجلة إلا بشارع (( أبي نؤاس )) . ثم أضفت فقلت كلا الشكلين صحيح ، فالعرب ، أو بعضهم ، تهمل الهمزة وتحضرني أمثلة من قبيل (( عجايب بدل عجائب // مصايب بدل مصائب // مصاير بدل مصائر // مناير بدل منائر ... والأمثلة كثيرة منها بير بدل بئر // ثار بدل ثأر // ذيب بدل ذئب // ساير البشر وسائر البشر ... وفي القرآن أمثلة على ذلك )) . ما رأي المتنبي في هذه المسألة ؟ قال بسرعة البرق : رأيك صحيح ولا حقَ في هذا الأمر لسواك !!
الطريف إني رجعت لكتب التأريخ القديم ، فوجدت أن بعض ملوك حمير في اليمن كان يدعى (( ذو النواستين )) وليس (( ذو النؤاستين )) ... علماً أن الناس مختلفون في أصل ومعنى تكنية الشاعر الحسن بن هانئ [ أو هاني ... ] ... مختلفون في معنى نؤاس أو نواس ؟؟ .
حضر الغداء ... قال الكريم وهيب ثم أضاف : بعد الغداء والشاي الأسود بالهيل والأخضر بالنعناع سنحاصر دينا سليم ونمطرها بوابل أسئلتنا حول بعض ما كتبت في رواياتها الثلاث دون مجاملة وبلا رحمة لا أخذاً لثأري منها، إنما لكي نساهم معها في تقوية عودها، وتقبلها للنقد سواءً جاءها منا أو من غيرنا من الأصدقاء وسواهم ، فمن ينتقد بالحق كمن ينقذ غريقاً ..
 

نوفمبر 2007
 

free web counter