| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. عدنان الظاهر
www.mars.com

 

 

 

الثلاثاء 18/12/ 2007



زهدي والمتنبي والتحولات
(3)

عدنان الظاهر 

وكما إتفقنا في لقائنا الأخير في بيت زهدي في مدينة لايبزك الألمانية ...
إجتمعنا لكي نناقش مؤلف رواية ( تحوّلات ) في فحوى ومعنى هذه التحولات في ضوء وقائع إنقلاب الثامن من شهر شباط عام 1963 البعثي الدموي الأسود وقد عاصرها الروائي وعاشها بساعاتها وأيامها ولياليها . تم الإتفاق أن نجتمع ثانية ً في مدينة لايبزك على أمل أن يلتحق بنا أخونا دكتور ممتاز كريدي فإن لم يستطع الإلتحاق بنا فلسوف نلتحق نحن به . نزوره في بيته لنطمئن على صحته وحال قلبه بعد العمليات المعقدة التي أُجريت له . وافق الجميع على فكرة أن يكون اللقاء لدى ممتاز كريدي شرطَ أن نحمل معنا نسخة ً من كتاب التحوّلات وعدّة اللقاء كاملة ً شاملة ً لا من نقص ٍ فيها من مشروب ومأكول لكي نوفر له جهد تجهيز متطلبات إضافة ثلاثة أصدقاء إنْ جاعوا أكلوا الكرة الأرضية أديمها والشجر وإنْ ظمأوا شربوا مياه البحار وإنْ طربوا فسوف لن تنام المدينة ... فصديقنا ما زال يمر في فترة النقاهة التي ربما ستطول بالنظر لطبيعة عمليته الجراحية المعقدة والخطرة في عين الوقت ... ولا على المريض حرج . فوجئ الصديق الحلي الممتاز بزيارتنا وعاتب زهدي بأدبه المعروف وكياسته المألوفة كيف لم يخبره تلفونياً بمجيئنا إليه خاصة ً وإنه يستقبل المتنبي ويتعرف عليه لأول مرة في ألمانيا . فتح زهدي قناني النبيذ الإيطالي الأحمر القاني ومددتُ يدي إلى جيب بنطالي ( بنطروني ) الخلفي الصغير فأخرجتُ منه زجاجة ويسكي من قياس ربع ليتر
( رُبعيّه ْ) جلبتها خصيصاً لممتاز لأني أعرف أنه يسيغ ويفضل هذا المشروب سويةً مع الفودكا الروسية على سواهما من مشروبات الدنيا ... يشرب لكنه لا يسكر فأية معدة في جوفه وأي جهاز عصبي في جسده ! صب َّ أبو الطيّب المتنبي لنفسه كأس ماء ٍ معدني ٍّ وسيجارته لا تفارق طرف فمه ودخانها يضبب وجهه فلا يكادُ يبين . هل أجهز الشاي ؟ سأل ممتاز كريدي . كلا ، قلنا ثلاثتنا بصوت واحد فيه نبرة إستنكار حادة ... ما موقع الشاي في حضرة النبيذ والويسكي الأسكتلندي وقبل التورط في النقاشات الجدية حول التحوّلات وإنقلاب شباط الأسود ؟ سنجهز نحن الشاي فيما بعد حين نشبع نقاشات ٍ وتجاذبات ٍ فنشعر بالجوع حينئذ ٍ وحينئذ ٍفقط سنفتقد نكهة َ الشاي الثقيل يحرق اللسانَ وتنكمش الشفتان ويحلو مذاقه ويطيب طعمه في فم أسكرته الخمرة وأتعبه النقاش وهدته ذكريات الإنقلاب الفاشي الأليمة والمرعبة .
تقبل صاحب الضيافة عذرنا وإستحسن منطقنا فسلّم أمره لنا وهو يشعر بالغبن . تطلع المتنبي في وجهه ملياً وكان واضحاً أن لديه سؤالا وربما أكثر من سؤال . وبالفعل ، سألَ ممتازا ً كم سنة ً لك هنا مذ ْ فارقت مدينتك الحلة والعراق ؟ رد َّ ممتاز قد لا تصدق يا متنبي إذا أجبتك . غادرتُ مدينتي ووطني في عام 1952 وجبتُ مدائن جميلة شتى حتى إنتهى بي المُقام هنا في مدينة لايبزك . هل عُدتَ للعراق يا صديق ؟ مرة واحدة زرت أهلي فيها وكان ذلك بعد ثورة تموز 1958 . وهل لديك نية أن تزوره ثانية ً بعد زوال حكم الطاغوت الجبّار وتحرره منه ومن عصاباته الدموية المتوحشة ؟ غمغم ( ممتاز ) وكنت بالكاد أسمع بعض غمغماته : نعمْ ـ ساخراً ـ تحرر العراق ... تحرر من صنم دكتاتوري ولكن إستعبده مَن حرره !! كان العراق محتلاً مستعبداً من قبل شخص واحد وحزب واحد سلماه لقوات أجنبية متعددة محتلة والإحتلال يبقى هو الإحتلال . يبدو أن صاحبيَّ كانا يتابعان نجوى وغمغمة الصديق ممتاز كما كان شأني . فهماه كما فهمته أنا وربما أفضل مني . كان ما زال غارقاً عميقاً في دوامة حزنه وهمه على ما آل إليه أمر العراق والعراقيين بعد التاسع من شهر نيسان 2003 . صبَّ المتنبي له قليلاً من الويسكي في كأس بللوري يشع زجاجه كأنه كوكب ٌ دري ٌّ ثم أضاف إليه عدة مكعبات صغيرة من الثلج ، قرّبه منه فأطال ( ممتاز ) فيه النظر لكأنه يقول لنفسه : أأرفضه وأعتذر من ضيفي المتنبي أم أتقبله وأرضى بالعواقب وما قد يجر الويسكي على قلبي الجريح من متاعب ؟ مدَّ أخيراً ممتاز كفه لضيفه لتناول الكأس أو كأس البللور مع بسمة خفيفة حول شفتيه دون باقي أجزاء وجهه ، شكره بلطف ثم قال ضاحكاً : يا شاعرَ الكوفة والعراقين عراق العرب والعجم ... أتسكرني عليلاً مدمّى القلب نازف َ الصدر بالويسكي الثقيل وأنت الشاعر لا تشرب إلا الماء المعدني ؟ ليس هذا من الإنصاف يا متنبي . هز َّ المتنبي رأسه وشرع ينشد مترنماً والكثير من أمارات الحزن الشفيف تفرض نفسها على ملامح وجهه :

أفيقا ، خُمار ُ الهم ِّ علمني السُكرا
وسكري من الأيام ِ جنبني الخمرا

قرّب كأس مائه من فيه فرفع ممتاز كأسه وجاريتُ وزهدي الصديقين فرفعنا كأسينا متمنين الشفاء العاجل والناجز للصديق ممتاز كامل كريدي.
إقترح فيلسوف التحولات الروائي دكتور زهدي الداوودي أن نفتتح الجلسة بالأسئلة والحوارات لكنَّ صاحبنا المتنبي إعترض بإنَّ لديه أسئلة يود أن يوجهها للصديق ممتاز كريدي قبل الدخول في أمر الإنقلابات والتحولات والناسخ والمنسوخ . هل لديك يا ممتاز ما يمنع من توجيه أسئلة شخصية لك من قبل ضيفك المتنبي وهو كما تعلم شاعر عراقي بدوي منفتح القلب والطويّة يقول بلسانه ما يوحي له قلبه وضميره ؟ قلتُ لممتاز . تردد ممتاز قليلاً قبل أن يجيب : سأسمح له وله وحده أن يسألَ ما يشاء لأنه يدخل لأول مرة ٍ بيتي ومدينتي . نهض المتنبي فرحاً جذلاً مصفقاً لممتاز وما كاد يجلس في مكانه حتى بادر بالسؤال : يا دكتور ممتاز ، أرى بيتك كثير الهدوء تام الإنتظام ... هل من أطفال أو أولاد وبنات لديك في بيتك وهل أنك أصلاً متزوج (( متأهل )) أم لا ؟ صعدت حرارة الشعور بالحرج والحياء فإحمرت وجنتا ممتاز فدارى حياءه بأن ْ قرّب كأس شرابه من شفتيه دون أن يمسسه . أردت وزهدي تشجيعه على أن يجيب فرفعنا كأسينا عالياً صارخين في صحتك يا أيها الممتاز ! وضع كأسه على المائدة دون أن يتناول منه شيئاً . كان شديد الحذر وكان مأزوماً لا يريد أن يجيب عن أسئلة المتنبي . كان مطأطئ الرأس حين أشار زهدي بإتجاه المتنبي بسبابته والوسطى محركاً كلا الإصبعين أماماً وإلى الخلف ففهم المتنبي أن ممتازا ً كان قد تزوج مرتين لكنه اليوم عازب ٌ يعيش في شقته وحيداً . أشفق المتنبي على ممتاز والحال الذي هو فيه . إعتذر منه وقال فلنطو ِ هذه الصفحة القاتمة ولندخل في صلب مواضيع أجندة يومنا هذا لعلنا نجد فيها ما ينسي صاحب البيت الهم َّ الذي سببنا له . ليتنا لم نأتِ إليه ... إعترض ممتاز محتجاً قائلاً كلا كلا كلا ... أتيتم فشرفتموني وأتيتموني في الظرف المناسب فالوحدة هنا ثقيلة عليَّ خاصة بعد إجراء العمليات الخطرة المعقدة . المريض ضعيف نفساً وجسداً والوحدة تقتله .
أشار عليَّ زهدي أن أفتتح الجلسة بأيما موضوع أشاء فلقد غدا المزاج ُ عابساً متوتراً تخيّم عليه أجواء المستشفيات وقاعات العمليات الجراحية الكبرى وروائح العقارات والسوائل المخدرة بل وحتى وخزات الإبر وأصوات مشارط الجراحة والأردية البيض تغطي الجميع أطباءً وممرضات . رأيت ُ أن الصديق زهدي كان في غاية الإنسجام في وصفه لصالة العمليات والصداري البيض فلم أشعر بالدهشة لأنه يصف ما يصف بدقة وفي رأسه صورة حبيبته الممرضة مادلين رقم واحد (1) في مستشفى كركوك عام 1955 . هناك فارق والده الحياة وهنا يجلس معنا صديق مريض يتشافى ويتعافى كاد لولا العملية أن يفارقَ الحياة .
القيتَ الكرة يا زهدي في ملعبي ولكم كنتُ أتمنى أن تبادر أنت للحديث عن روايتك الجديدة وأن تكشف لنا بعض أسرارك فيها والكثير من أسرارها فيك . قال لم أترك سراً لي لم أكشفه فيها ... لكني أتوقع منك أن تستكشف أشياءَ أخرى جديدة فاتتني ولم أكشف عنها أو نسيتها أو ضاعت مني فيما بين السطور وأنا أعرفك خبيراً في كشف الغيوب وإزاحة السُتر ونبش المطمور و ... قاطعته قائلاً لا تبالغ ْ ولا تشتطَّ يا سيد الزاهدين ... معنا رجل يُدعى المتنبي فهو مَن سيتولى مهمات كشف الغائب وإستشراف المستقبل وإيضاح ما غمُض علينا من تفاصيل روايتك ... إنه هو المتنبئ وهو كشاف الغيوب وقارئ الممحي . إعتذر المتنبي بتواضع جم مدعياً أنه يعود لزمن غير زماننا وإنه لا يفهم فلسفات التحول وإن ْ خبر تقلبات الزمان وخياناته وعلاقة تقلبات وخيانات بعض الناس بطباع الزمان وتعلمهم منها ومنه [[ كلما أنبتَ الزمانُ قناة ً // ركّبَ المرءُ للقناةِ سِنانا ]].
يا جماعةَ الخير ... قلتُ ... ما دام الفأس قد وقع على يأفوخ رأسي فإني لأود ُّ أن أوجه أول أسئلتي للصديق زهدي خورشيد الداوودي عن سبب تصميمه روايته بحيث يقابل فيها بين حدثين كبيرين جداً وقعا فغيرا وجه العراق السياسي والإقتصادي والإجتماعي في أقل من خمسة أعوام سالت فيهما ومن أجلهما وبسببهما دماء كثيرة ووقعت تجاوزات ومظالم كثيرة تقشعر لبعضها الأبدان . أعني ثورة تموز 14 تموز 1958 ــ وإنقلاب الثامن من شهر شباط 1963 على وجه التحديد . قال زهدي وضّح قصدك ... لم أستوعب ما تريد أن تقول . يا زهدي ، أردتُ أن أقول أن بعض مَن تعرف من ساسة سابقين يميلون لتفسير أحداث التأريخ بمقولة الحتميات التأريخية . أي كل ما يقع أمامنا هو أمر محتوم وواقع لا مَحالة ويضربون لذلك مثلاً من إنهيار المعسكر الإشتراكي أواخر القرن الماضي. قالوا إنَّ إنهيار الإشتراكية هو قدر حتمي فرضته ظروف وأحوال معينة لا مهرب منها ومن أحكامها . وبرزت ظاهرة العولمة والقطب الأمريكي الأوحد كنتيجة حتمية مباشرة لسقوط الأشتراكية ... هكذا قالوا أو تقريباً . سؤالي يا زهدي وأنت كذلك مؤرخ وكنتَ في قلب السياسة وبعض هؤلاء المنظرين الجدد هم من أصدقائك والمقربين منك ... هل تحسب أو تعتقد في ضوء نظرية هؤلاء (( المنظرين !! )) أن سقوط ثورة 14 تموز 1958 هو كذلك أمر حتمي لا مناص ولا مهربَ منه ؟؟!! يدّعي هؤلاء المنظرون أنَّ العولمة وقد غدت ظاهرة كونية شملت العالم أجمع إنما تمهد بعالميتها هذه لظهور الإشتراكية ثانية ً على مسرح التأريخ ومن ثم إنتصارها السلمي النهائي !! العولمة هي حاضنة ورحم الإشتراكية !! كان زهدي منصتاً لي بعمق أنساه كأسه وسيجارته التي تركها تستهلك نفسها في المنفضة على مهل ودخانها يتضاءل ويتمايل يمنةً ويسرة ً في جو الغرفة . رفع رأسه ووسع من عينيه تحت حاجبيه وقال : ما علاقة العولمة والإشتراكية بحديث ثورة تموز وإنقلاب شباط في العراق ؟ العلاقة وثقى يا زهدي . سأل كيف ؟ كيف ؟ أنا أقول لك . أراد ممتاز أن يقولَ شيئاً لكنَ المتنبي حال دونه ودون أن يشرع بالقول . وضع سبابته على شفتيه ففهم ممتاز قصده . إذا كانت ـ إستأنفتُ حديثي ـ العولمة كظاهرة حتمية إنتصرت في إثر هزيمة الإشتراكية فإن َّ سبيل إنتصار هذه سيتم عن طريق تلك . ظاهرة تؤدي إلى أخرى في تسلسل من الحتميات التي لا من راد ٍ لوقوعها حسب أقوال المنظرين . طيب ، فإذا كان نجاح أنقلاب الثامن من شباط 1963 في العراق هو كذلك أمر محتوم لا مهربَ منه ، فإلى ما إنتهى إنتصار الإنقلاب الدامي الأسود ؟ إشتراكية ـ عولمة ـ إشتراكية ... آمنا وسلمنا ولكن ، كيف ترسم لنا مسلسل تطور الأحداث في العراق في ضوء نظرية أصحاب حتمية العولمة : ثورة تموز ـ إنقلاب شباط ـ ... ما هو وليد الإنقلاب الحتمي ؟ هل أدى الإنقلاب ُ إلى الإشتراكية أو إلى ظاهرة أخرى إيجابية أفضل وأعلى من ثورة تموز التي أطلقتم عليها صفة الثورة البرجوازية الوطنية الدمقراطية وما كانت إلا أنقلاباً عسكرياُ وقف الشعب العراقي وراءه منذ لحظاته الأولى وطوره إلى ثورة ذات سمات وطبائع خاصة معينة تقلبت وتغيرت مراراً وإنتهت بالعراق إلى كارثة . ظل زهدي منصتاً يفكر كيف يجيب وقد وضعته في زاوية حرجة أو في قفص إتهام بسبب تهمة لا ناقةَ له فيها ولا من جمل . هل أعيد سؤالي وشرح وجهة نظري ؟ قال لا ، لا حاجة بك إلى ذلك . الموضوع واضح . الإنقلاب الفاشي الأسود الذي حلَّ محل ثورة تموز لم يجلب للعراقيين وضعا ً أفضل ولم يستطعْ أن يؤسس دولةً أرقى من تلك التي أسستها ثورة تموز 1958 . كان الإنقلاب إنتكاسة ً بكل المقاييس المعروفة . قد يكون هذا الإنقلاب أمراً حتمته ظروف وأوضاع معينة مهدت له كافة سبل ووسائل النجاح وأعانته في دك دولة الثورة وتقويض أسسها الفتية وتغيير حتى علمها ومبادئها ومجمل قوانينها ومبادئها الخلقية.
كل هذا صحيح ، أضاف زهدي السياسي والمؤرخ ، وعليه فإني أعتقد ، قال زهدي ، أنْ ليس كل حتمية تأريخية تفضي إلى حتمية افضل منها أو أرقى صعوداً في سلم التطور القانوني والبشري والحضاري . الإنقلاب هنا ردة إلى الوراء ... تقهقر ... إنحطاط ... تفسخ في النسيج الخلقي والتأريخي ... جرح متقيح لا شفاء منه ... ليس كل حتمية هي حتمية تطور وإرتقاء . هل أجبتك يا صديق ؟ سأل زهدي . قلت لا أدري ، إسالْ بقية الأخوة لعل لهم رأياً مغايراً . تطلع زهدي في وجهي الصديقين فالفاهما نائمين ، الكأس في يد ممتاز لم تمسسه شفتاه والسيجارة في المنفضة أمام المتنبي . تبادلت ُ نظرات الحيرة والعجب مع زهدي كأني كنت أتساءل : ما العمل ... أنتركهما نائمين أم نعلن لهما عن إنتهاء جلسة مجلس برلماننا الموقر الذي إذا نام أعضاؤه فلا من صحو ٍ بعد نومهم ؟؟!! لم أسمع جواباً من زهدي ... ألفيته هو الآخر نائماً فما قيمة وجدوى صحوي ؟ تصبحون على خير !!

[[ " تحولات " رواية للدكتور زهدي خورشيد الداوودي / الطبعة الأولى 2007 . الناشر : المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت ]].

13.12.2007
 

free web counter