| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

الأربعاء 9/12/ 2009

 

حرمان الأقليات العراقية من حقوقها...دليل إفلاس سياسي فاضح ...؛؛

علي ألأسدي - البصرة

أظهرت مهزلة التجاذبات بين الكتل السياسية داخل مجلس النواب على خلفية نقض السيد طارق الهامشي لتعديلات قانون الانتخابات ، أظهرت كم هي رخيصة حقوق المواطنين في مقاييس تلك الكتل العنصرية المتخلفة، وكم هي رخيصة كراماتهم هم عندما أنصاعوا كالخراف لمسئولي الولايات المتحدة عندما طالبوهم بحل خلافاتهم في الساعة الحادية عشرة من ليلة الثلاثاء الثامن من ديسمبر/ كانون الأول. لقد وافقوا ( مثل الكرته ) فسحب الهاشمي نقضه الباهت بصفقة مع ضميره ، مخيبا أمل المهجرين الذين صدقوه وهو ينفش ريشه كالطاووس. وصدرقانون الانتخابات المعدل كما أدعوا ، لكنه لم يكن معدلا ، بل ملطخا بالعار. لقد أثبت الأمريكان و ممثلو المنظمة الأممية أنهم أحرص على مصالحنا من رؤساء الكتل السياسية ، تلك الكتل التي تغير مواقفها كما تغيرالحرباء الوانها ، وأصبح همها اليومي ليس مصالح شعبها بل مصالحها الطائفية / القومية الضيقة . لقد أثبت الأمريكان أيضا أنهم أحرص منا على الأقليات الدينية والقومية العراقية ، الأقليات التي أثبتت خلال التاريخ أنها الأشد التصاقا بالوطن وهموم الشعب العراقي ، والأنقى وطنية ، والأغنى ثقافة ، والأعرق تاريخا. فقانون إدارة الدولة الذي أصدره الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر في حينه ضمن لتلك الأقليات حقوقا أنصفتهم ، فيما ظلمهم أبناء جلدتهم من المتنكرين للقيم الأخلاقية والمبادئ الاسلامية والديمقراطية والأخوة العراقية. إن الأمريكيين وحدهم من يتحمل المسؤولية الكاملة عن خطأ الاتيان بأولئك الأميين المتخلفين من بلدان اللجوء وتسليمهم سلطة الحكم في العراق.

لقد أصدر الحزب الشيوعي بيانا رفض فيه القانون المعدل الذي لم يعالج الثغرات الجدية المنافية للديمقراطية التي انطوى عليها، وخصوصاً ما يتعلق بالمادتين الاولى والثالثة اللتين تقضيان بتقليص المقاعد التعويضية إلى 15 مقعداً، واعتماد القاعدة السيئة الصيت التي تـُمنح بموجبها المقاعد الشاغرة للقوائم الفائزة، وذلك في انتهاك سافر للديمقراطية ومبادئ العدالة. بل جاءت التعديلات لتكرس نزعة الاحتكار وتضييق التنوع في التمثيل السياسي داخل المجلس والاستحواذ دون وجه حق على ملايين الأصوات وذلك بقصر توزيع المقاعد التعويضية على القوائم الفائزة.

نذكر القارئ العزيز ، بأن هذه ليست المرة الأولى التي تتآمر فيها الكتل السياسية الكبيرة على حقوق الكتل السياسية الصغيرة والمرشحين المستقلين والأقليات القومية والدينية الصغيرة ، الممثلة للمسيحيين والمندائيين والأيزيديين والشبك والكرد الفيلية. فقد مهدت لهذا الاستحواذ المستهجن على حقوق الأقليات قبيل موعد اجراء انتخابات مجالس المحافظات التي جرت العام الماضي ، حيث تعاونت قيادات الكتلة الشيعية والسنية والأكراد فيما بينها ، تعاون اللصوص في تقسيم الغنائم ، وألغيت المادة 50 من قانون انتخابات مجالس المحافظات. و كانت المادة 50 في النص الاصلي لقانون انتخابات مجالس المحافظات قد اقرت بتخصيص مقاعد للاقليات الدينية والقومية في ست محافظات ، منها بغداد والموصل وديالى، اضافة الى المحافظات الكردية الثلاث. لكن الصيغة التوافقية التآمرية للقانون المقرة في 24 سبتمبر / أيلول 2008 الغت المادة 50 ، الامر الذي اثار موجة احتجاجات من ممثلي الاقليات المتضررة التي يتعذر عليها الوصول الى مجالس المحافظات بالطريقة الانتخابية العادية. وكان ستيافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص الى العراق من الاشخاص الذين انتقدوا النواب العراقيين لاسقاطهم هذه الفقرة التي كان القصد منها حماية حقوق الاقليات. وطالب باعادتها بأسرع ما يمكن ، لكن الطائفينن والعنصريين أبوا ذلك ، لأنهم مصرون على إقصاء الأقليات تماما من التأثير في قرارات مجلس النواب.

لقد حظيت الدعوة الى حماية حقوق الاقليات بدعم قانوني، فقد دعا حينها المحامي طارق حرب الخبير بالشئون القانونية قادة الكتل السياسية العراقية الى الاسراع في تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات، بما يسمح باعتماد حصة تمثيل عادلة للمكونات الاجتماعية. وأوضح في تصريح لوكالة (آكي) الايطالية للأنباء في حينها، أن »الرأي القانوني فيما يخص تمثيل النساء والاقليات، يستند الى المادة 49 من الدستور العراقي التي حددت حصة تمثيل (كوتا) للمرأة، وسائر المكونات الاجتماعية الصغيرة في المجلس التشريعي للبلاد، وفق الفقرتين أولا ورابعا، وانسحب الرأي الى ادراج هذه الآلية في قانون البرلمانات المحلية«. واعتبر أن »الغاء المادة خمسين الخاصة بتمثيل الاقليات في قانون المحافظات، جاء بخلاف الحكمة التي يجب ان تسود في القانون، اذ طالما أنهم (البرلمانيون) اعتمدوا نظام (الكوتا) بالنسبة للنساء، كان عليهم أيضا اعتمادها مع الاقليات العراقية، لان النص الدستوري واحد«، على حد تعبيره.

وفي تعليق لصحيفة الحياة البيروتية ّنشر الثلاثاء 8 ديسمبر / كانون الأول الجاري فضح مناورات الكتلة الكردية أثناء مناقشة التعديلات بقصد تحقيق اقصى ما يمكن المكاسب قبل موافقتها عليها ، وبالفعل حصلت على ثلاث مقاعد برلمانية إضافية كثمن لتمرير القانون. وليس هذا فحسب فقد طلبت من البيت الأبيض أن يمنحها ضمانا بالابقاء على مشاركتها في الحكومة الاتحادية في التركيبة الجديدة بعد الانتخابات العامة. وكما أوردت الصحيفة " ان الإدارة الأميركية تعهدت خلال اتصالاتها مع كبار القادة الأكراد ضمان وزنهم في المعادلة العراقية، بصرف النظر عن حجم التمثيل النيابي، فيما لمحت تلك المصادر الى ان اعتراض الأكراد تركز على التصدي لـ»نية مبيتة لتحجيم دورهم في بغداد، عبر سحب منصب رئيس الجمهورية منهم لمصلحة السنة». وأن التعهدات الأميركية ركزت على «حفظ التوازن العرقي والطائفي» في المعادلة العراقية ". إن موضوع الضمانات لا صلة له بقانون الانتخابات لا من قريب أو بعيد ، وقد أقحمت فقط لابتزازالأمريكان مقابل تمريرهم للتعديلات. لكن المصادر الأمريكية الرفيعة المستوى لم تبين الكيفية الني ستتدخل فيها لحفظ التوازن العرقي والطائفي. وإذا كانت الولايات المتحدة ستخرج من العراق في نهاية 2011 أو بعدها بقليل ، فكيف سيتسنى لها حفظ التوازن العرقي والطائفي ، ولماذا الحرص على هذا التوازن بالذات ، فيما التوازن المطلوب في العراق هو توازن الشعب العراقي بكافة قومياته وأقلياته الدينية؟

لقد صرح الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس أمس ان «الرئيس باراك اوباما ونائبه جو بايدن تباحثا الأحد مع رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني حول قانون الانتخابات». وأشار الى ان «الرئيس ونائبه (جو بايدن) جددا تأكيد التزام الولايات المتحدة البعيد الأمد في العراق بما في ذلك تجاه الحكومة الإقليمية في كردستان».وترى الصحيفة من خلال ما جرى ويجري في العراق بعد صدور قانون الانتخابات المعدل ، أن التغيير في المعادلة الجديدة لن يتجاوز نسبة 5 %، وهكذا تكون الطبقة السياسية الحاكمة في العراق قد اغلقت الكثير من منافذ التغيير. وفيما يكرس النظام الانتخابي، وفق القائمة المفتوحة الخيارالمناطقي ويقوض امكانات تحرك الأحزاب العابرة للطوائف من جهة، فإنه من جهة أخرى يطرح امكان احداث تغيير داخل الكتل السياسية الحالية عبر تغيير وجوهها ومرشحيها. وتختم الصحيفة تحليلها للوضع العراقي " يبدو أن التعقيدات التي فرضها التوازن السياسي في الانتخابات السابقة عام 2005 ستعيد فرض نفسها في الانتخابات المقبلة، على مستوى اعادة تشكيل الحكومة التي لا يتوقع ان تشهد تغييرات جوهرية في خريطتها لجهة التقسيم الطائفي والعرقي للمناصب، مع امكان حدوث تغييرات لمصلحة شخصيات جديدة قد تكون رئاسة الوزراء بينها ".

إذا ما تحققت تننبؤات المحللين السياسيين حول احتمال بقاء التشكيلة الحالية من الوجوه السياسية الفاقدة للمصداقية في قمة السلطة أربع أعوام أخرى ، يعني أن الحياة لن تكون مجدية ، بل وغير ممكنة من دون ثورة المظلومين المهمشين والكادحين المحبطين الجياع ، فهي الوحيدة القادرة على وضع كل شيئ في مكانه الصحيح بعد أن ترمي بالفاسدين إلى مزبلة التاريخ.

 


البصرة 9 / 12 / 2009







 

free web counter