| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

 

السبت 7/10/ 2006

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس




الأقتصاد العراقي الى اين ؟ أعلان مدفوعة الثمن

 

د.علي الأسدي

ان من يطالع الصحف اليومية العراقية بانتظام، لابد ان يكون قد سأم حتى الغضب، التكرارالذي اعتاد المعنيون في الحكومات السابقة والحالية على ترديده في مناسبة واخرى، عن عدد محطات الطا قة الكهربائية التي ستنشأ في العراق، وعن حجم الطاقة التي ستستورد من ايران وسوريا وتركيا والأردن. وعن عدد الشقق السكنية التي سيتم بنائها في بغداد و كربلاء والنجف والكوت والأنباروالموصل والبصرة وغيرها لذوي الدخل المحدود ومن لادخل له. وعن عدد فرص العمل التي ستتاح للعاطلين عن العمل من الخريجين وغيرهم من الراغبين في العمل.

ونظرآ للتكرارالذي يميز هذه وغيرها من الأخبار الأخرى قد يتبادر الى أذهان الملايين من جماهيرالشعب بان هذه الأخبارلا تتعدى كونها أعلانات مدفوعة الثمن.
لقد دأبت سلطة الأحتلال باتباع هذا الأسلوب المضلل في الفترة اثناء وبعيد الأحتلال، لتحسين صورتها داخل وخارج العراق. ولكن ان يلجأ مسوؤلون في الحكومة العراقية الى ذات الأسلوب فأمر يصعب حتى التفكير به.

ولكن السؤال المحيرهو، اذا كان الذي يتردد يعبر عن جهد فعلي ،فمن المنطقي ان يكون هذا الجهد قد مربمرحلة التخطيط والمباشرة بألأعمال ألأنشائية، وصولآ الى تنفيذ المشروع المعني. وسواء أكان المشروع محطة طاقة اوعمارة سكنية اومصنع لأنتاج المواد الأنشائية،فمن الطبيعي ان يكون انجازه قد بان للعيان، او أحدث تغيرآ ما في مجاله حتى وان كان ضئيلآ، ويكون الناس قد لاحظوه وخاضوا جدلآ حول حسناته او سلبياته. اما ان يقرأ الناس ويسمعون ولا يجدون في الواقع اي جديد،فمن حقهم ان يغضبوا أشد الغضب ويشعروا بالأحباط .

لقد استبشرالملايين من مواطني بغداد، وخاصة أولئك المحشورون في مساكن هي اقرب الى كهوف انسان ما قبل التاريخ، باخبار عن تصميم وزيرالأعمار في اول تشكيلة حكومية في العراق الجديد، على بناء ملايين الوحدات السكنية في بغداد. واذكر اني فاتحت قريب لي عن نيتي لشراء مسكن لي ببغداد خلال تلك الفترة، فبادرني بـان اسعار المساكن حاليآ مرتفعة بشكل غير طبيعي، لكنها ستنخفض بالتاكيد بسبب توجه الدولة لبناء اكثر من مليوني وحدة سكنية خلال السنتين القادمتين. وعندما بدا مني ما يشير الى عدم اقتناعي بما يصدر في الصحافة، رد علي بما يوحي بان التوجه اكيد، وان الوزير رجل يتمتع بمصداقية، وانه يعرفه شخصيآ وقد عملا معآ ضمن الحركة الأسلامية ضد النظام السابق.
لقد مضى على هذا الحديث قرابة الثلاث سنوات، فلم يصدق كلام الوزيرولا كلام الذي ما بعد بعده، وقريبي ما زال على ثقته بسلطة العهد الجديد، رغم انه ما زال مغتربآ خارج الوطن ومغتربآ في الوطن. وقد عرفت اخيرآ أن أخيه الذي كان يستضيفه كلما جاء لزيارة وطنه، قد اجبر على هجرة مكان سكناهم المشترك في بغداد، فقد شملته حملة التهجير التي عمت بعض احياء بغداد في فترة حكومة الجعفري زعيم الحزب الذي ينتمي اليه قريبي.

اما ما قيل ونشر في الصحافة عن مشاريع الطاقة الكهربائية وما سمع مباشرة من المسؤولين انفسهم اعطى الأنطباع بان العراق يوشك ان يكون احد اهم مصدري الطاقةالكهربائية في المنطقة. لقد انقضت ما يقارب الأربع سنوات على بدأ معانات العراقيين من أزمة الطاقة الكهربائية،ورغم كل الحديث عن التخصيصات المالية وعقود الأنشاء واستيراد الطاقة، لم تثمر ايآ من تلك العقود المزعومة عن اي زيادة في امدادات الطاقة الكهربائية، لا في الشتاء ولافي الصيف ولا في الليل او النهار. بل ان الأسوأ هو الذي حصل، حيث تدنى عدد الساعات التي يتزود فيها المواطنون بامدادات التيار الكهربائي.
لقد تربع على كرسي وزارة الكهرباء خلال تلك الفترة ثلاث وزراء،اثنان منهم على الأقل من حملة الدكتوراه. والوزيرما قبل الأخير في جعبته اربعون عامآ من الخدمة في مجال الطاقة في أمريكا الشمالية، وفق ما ورد على لسانه في مقابلة خاصة مع قناة الشرقية الفضائية. وها نحن ولم تتعدى الفترة التي قضاها كل واحد منهم في عمله عامين، لنكون شهود على وجود احد وزراء الكهرباء في الأعتقال، والأخرملاحق للمسائلة لما ذكرعن مخالفات مالية في فترة اضطلاعهم بمهامهم الوزارية.
ومع املي الحار ان يكون الوزيران السابقان موضوع المسا ئلة بريئان،فأني اجد نفسي فيما اذا صح الخبر، امام سؤال محير،كيف يحصل هذا؟ ثلاث حكومات،ثلاث وزراء،في اقل من اربع سنوات، وتخصيصات مليارات الدولارات،و لم يتم حتى اجراءالصيانة الضرورية للأبقاء على مستوى الأمداد بالتيار الكهربائي، الذي كان عليه المواطنون قبل الأحتلال.
لقد كان بالأمكان بناء محطات صغرى للطاقة الكهربائية لكفاية حاجة مدينة محددة او عدد من المدن العراقية في هذه الفترة رغم قصرها، فيما لو توفرت الرغبة المخلصة لدى المسؤولين في الوزارة المعنية. لقد استطاعت بعض المبادرات الخاصة من العاملين في القطاع الخاص، ان تقوم بنصب محولات تعمل بالبنزين او زيت الديزل، ومباشرتها بتزويد المواطنين بالتيار الكهربائي في بعض أحياء بغداد مقابل اجورزهيدة محددة. و لقد ساعدت تلك المبادرات المواطنين في حل ولو جزئيآ للأزمة التي يعانون منها، فيما لم تقم وزارة الكهرباء من جانبها ، حتى بعمل الشيئ نفسه، ولو على سبيل الدعاية. ان الوزارة وهي ألأكثر قدرة ماديا وفنيآ، تستطيع لو ارادت، ان تباشر بنشاط اوسع من ذلك، لحل الأزمة التي كانت وما زالت تسبب المزيد من الشقاء والأذى، لذوي الدخل المحدود واصحاب المهن الصغيرة بصورة خاصة وللناس عامة.
ماذا كان يمنع وزارة الكهرباء، من اقامة عدة محطات لمدينة بغداد مثلآ، بالأستفادة من التقنية المتاحة لتحويل الطاقة الشمسية الى طاقة كهربائية. ان افرادآ واصحاب فنادق و مزارع دواجن قد تحولوا الى هذه التقنية النظيفة في بلدان مثل قبرص والأردن، فلم لا تقوم بذلك دولة غنية كالعراق؟
اما مشكلة البطالة فحديثها ذو شجون، فهي لم تدرج بعد في جدول اعمال اي وزيربجدية، وكأن الأمن الذي تضطلع بمهمةاستتبابه ثلاث وزارات، اضافة الى القوات متعددة الجنسية لم يفي بالغرض،مما يتطلب من بقية الوزارات التضامن معها،و بالتوقف عن اي نشاط في مجال أيجاد فرص العمل، وتاجيل البت بسياسات التشغيل المناسبة، لحين استباب الأمن في البلاد بصورة كاملة. أمر يشيب القلب قبل الراس.

.ان معالجة البطالة ليست منة من الوزير او اي مسؤول حكومي، انها واجب المسؤول الحكومي، أنها وظيفة الوزير أي وزير، للبحث في الوسا ئل الممكنة لأيجاد اقصى مايمكن من فرص العمل للقوى القادرة والراغبة في العمل. هل يعلم الوزير حقيقة ان قوة العمل هي أهم مورد اقتصادي وفق كل النظم ألأقتصادية في التأريخ، بدونه يستحيل تحريك العملية التنموية في البلاد، اي بلاد.
و العراق الذي يزخربقدرات أقتصادية متنوعة، قادرة على ان تهيئ لمواطنيه حياة كريمة ومتقدمة، فيما لم استخدمت السياسات ألأقتصادية المناسبة. ومع ان الكثير من القدرات الأقتصادية في العراق، يعمل بأدنى طاقته الأنتاجية،والبعض ألأخر كان قد طاله خراب الحروب والأهمال، ولكن عند اعادة تأهيلها، ستسهم بلاشك بأستيعاب جزأ مهمآ من العاطلين العمل.
ان انجاز هذه الهدف، يتطلب سياسة اقتصادية جديدة لأعادة تعمير ما دمر أو خرب جزئيآ، والمباشرة بتنفيذ خطة تستقطب القطاع الخاص للتنسيق في بناء المزيد من المشاريع الجديدة في حقول النشاط الزراعي والصناعي والخدمي.
وحتى تكون هذه السياسة الأقتصادية ، مجدية وفعالة وليست مجرد تمنيات أو ردود افعال، أو قرارات انفرادية،يجب ان تتم بالتنسيق مع ممثلي القطاع الخاص الوطني والأجنبي، و تعتمد التخطيط المسبق الشامل، بمعنى أدق اخضاع كافة القطاعات ألأقتصادية في مختلف أقاليم البلاد لفعل التخطيط، لتعم التنمية والتقدم بدرجات متقاربة كل قرى ومدن العراق .

وينبغي التركيزفي اي مخطط أوبرنامج اقتصادي قادم، على ان يكون في مقدمة المستفيدين من خيرات التنمية والتقدم تلك الفئات من المواطنين المحبطين التي اضطرها الأهمال والتجاهل لحقوقها ألأنسانية في العهود السابقة، للعيش تحت خط الفقرالمهين. وأن يكون الهدف الستراتيجي للسياسة ألأقتصادية من الأن فصاعدآ الغاء الفقرنهائيأ في العراق.
لا ادري ان كانت الذاكرة قد خانتني، فلم اتذكر ان كانت اي قائمة أنتخابية، قد تعهدت للنا خبين الأبطال، بالسعي لتحقيق هذا الهدف او شيئ قريب منه ؟، و هل اي احد من القراء ألأفاضل، سمع بشيئ من هذا القبيل بعد ألأنتخابات، من كل القوائم بما فيها المباركة و غير المباركة؟؟