| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

الأحد 6/9/ 2009

 

هل يجتاز قادة الائتلاف الوطني الجديد...
اختبار - من أين لك هذا -..؛؛

علي ألأسدي - البصرة

"
إن الدين ضروري للحكومة، لا لخدمة الفضيلة ولكن لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس"
                                                                                                  ميكافيلي

تداولت الصحافة العراقية خلال الأيام القليلة الماضية صورة بالألوان لممثلي القوى المكونة للائتلاف الوطني العراقي الجديد ، صورة لا ينقصها غير الزي الموحد الذي يرتديه تلاميذ المدارس الابتدائية أيام زمان ، لكنها حتى بدون ذلك تعتبر جميلة جدا. وعند التمعن بالصورة جيدا يمكن ملاحظة براعة إخراجها ، حيث تم توزيع الشخصيات الرجالية والنسائية بشكل قصد منه إضفاء مسحة من التحررعلى التشكيل الجديد ، حيث ضمت المحجبات والسافرات.وقد وزعت الوجوه النسائية بشكل متناسق متوازن ، ففي أعلى الصورة في الوسط تتوسط سافرة امرأتين محجبتين بالعباية المبرد الحسينية ، وإلى يسارهن محجبة ثالثة وفق الحجاب الشامي ، فيما تقف في أقصى يسارهن امرأة أخرى بحجاب رمزي محدث. تقف النساء جميعهن بين رجال ملتحين وغير ملتحين ، بأربطة عنق وبدونها إعلانا من الائتلاف بتبنيه مفهوم " سياسة القبول بالآخر" مستعيضا به عن مبدأ التنوع الثقافي والسياسي المرتبط بالعلمانية وحرية الاختلاف.

وكدليل على رغبة قادة الائتلاف بتسويق نظرته "التجديدية " إلى أوسع مساحة من الرأي العام الداخلي والعالمي وللبيت الأبيض بشكل خاص ، فقد اقتصرت الصورة على مشاركة عمامتين شيعيتين وحيدتين سوداء وبيضاء وثالثة بيضاء وحيدة سنية. اقتصار تمثيل الأصولية الدينية بعمامات ثلاث غرضه التخفيف ما أمكن من الاعتقاد السائد بهيمنة الفقهاء وأشباههم على تفاصيل شئونه ، وهي محاولة غير مجدية بالتأكيد لأنهم موجودون في داخلهم.

وفي الصورة أيضا وهو الأهم ، يقف قادة الائتلاف في الصف الأول الذين قادوا الائتلاف السابق بكل عصبيته الطائفيه وضيق أفقه وسوء إدارته للحكم يتوسطهم السيد إبراهيم الجعفري. الجعفري الذي استمع الناس إلى حديثه الديني ما قبل الافطار في رمضان 2003. الرجل الذي توسم الناس فيه الورع والتقوى فكان نهبا للمصالح الذاتية والإرادات الطائفية. لقد توفرت له فرصة لزعامة حقيقية للعراق ، لكنه فرط بها مفضلا الثراء على حساب المال العام. كما ترتبط باسمه كوارث تأسيس جيش وشرطة فاسدة وطائفية وغير كفوءة ، وتنامت بعلمه ظاهرة الفساد والمحسوبية فأغرق الجهاز الحكومي بالجهلة ومزوري الشهادات على حساب الكفاءة والنزاهة والوطنية ، وأجاز لايران هيمنتها السياسية والاقتصادية والمذهبية ، وبذلك يكون قد مهد لجروح العراق التي لا تحصى ولا تلتئم.

على اليمين في الصورة يقف اللاعب الأساس في تشكيلة الائتلاف السابق والجديد الدكتورأحمد الجلبي ، الرجل الذي عمل الكثير جدا لاطاحة النظام السابق بالعون الأمريكي ، الرجل الذي لم ينصفه لا الأمريكيون ولا حلفائه اللذين حملهم على أكتافه ووضعهم في دست الحكم. لكن القوى تلك بعد أن طاب لها المقام تجاهلته بكل جحود وتنكرت له. وقوفه هناك على يمين الصورة لا يدل على جزع أو غضب على حلفائه ، فقد نجح في إنقاذهم من سقوط كان سيقضي عليهم وعليه ، ولا أدري إن كان سعيه هذا من أجل ثواب في الآخرة أم هكذا لوجه الله ؟؟

وفي الصورة أيضا شخصيات بالزي التقليدي العربي من أغنياء الحرب وتجارة التهريب ، فقد حرص مخرج الائتلاف على وضعهم في المكان المناسب لتستكمل الصورة كل تفاصيل المشهد العراقي ، معبرة بذلك عن أهم أزياء مجتمعنا الصحراوي والمديني ، وبذلك يكون التحالف الجديد تحالفا للأفندية ومعتمري العمامة والعكال والغترة والعباية والحجاب والسافرات من النساء. وقد غاب عن المخرج وربما لم يجد أحدا ليضعه في الصورة من كادحي شعبنا من سكنة الصرائف ومن المعدان بائعات القيمر ممن يرتدين الفوطة وعباية الصوف الخشنة ، او ممن يعتمر الجراوية والفيصلية البغدادية.

إن الصورة الملونة التي ظهر فيها قادة الائتلاف العراقي الجديد جميلة وزاهية ، لكن الصورة لا تنطق بشيئ عن نزاهة الذين ظهروا فيها ، وكان الأفضل لمخرج الائتلاف وحتى دون الحاجة إلى صورة لمكوناته أن ينشر تعهدا بسيطا وموجزا يلزم كل مرشحي الائتلاف للبرلمان والوظائف الحكومية لاجتياز اختبار بموضوع النزاهة ، مادته الأساسية " من أين ومتى كان لك هذا " ، ولا يستثنى من ذلك قادة الائتلاف ممن لم يحتلوا منصبا حكوميا معممين وغير معممين.

والاختبار ليس صعبا ، وكلما يتطلبه هو تبيان كل ما يملك من منقولات وغير منقولات حاليا وقبل 2003 بما في ذلك المسجلة بأسماء أقربائه ، وأن تقوم هيئة محايدة بالتحقق من ذلك ومنح شهادات غير مزورة في النزاهة. وحسب اعتقادي وأرجو أن أكون مخطئا بأن لا أحد ، وأكرر لا أحد من المنتمين للائتلاف الوطني العراقي سيجتاز اختبار النزاهة هذا أبدا.
 


البصرة 6 / 09 / 2009



 

free web counter