| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

الخميس 6/12/ 2007

 

تفكيك الكتل الطائفية شرط لتفعيل دور البرلمان ؛؛

د .علي الأسدي

كان لعدم نضوج التجربة الانتخابية والتفاؤل المفرط والساذج بها من قبل النخب السياسية في البلاد، قد غيب تماما النوايا الحقيقية لقادة الكتل الطائفية، في استثمار التجربة الجديدة للهيمنة مستقبلا على السلطة التشريعية الفتية وتشكيلة الحكومة القادمة بعد ذلك.وتم لها ما خططت له مستحوذة على الحكومة والبرلمان وكل سلطات الدفاع والداخلية ووسائل الاعلام الحكومية وتأمين النفوذ الضروري في ادارة المحافظات في الوسط والجنوب. واتضح فيما بعد كيف تمكنت من استثمار الديمقراطية لتدجين مؤسساتها ولتختزلها في قبة برلمان تمسك هي بخيوطه خلف الكواليس.وتستخدم ادوات واذناب اخطبوطية من وراء ظهرقبة البرلمان وعبره لتنفيذ مشاريع فائقة الخطورة تتعلق بوحدة البلاد الترابية والشعبية والثروات الوطنية.
اما نظام القوائم الطائفية، فقد ترك الباب واسعا لقادتها ليتبوأوا قيادة اكثرية في البرلمان ومع حليفها الرئيس التحالف الكوردستاني مكنها بعد ذلك، من عقد اولى الصفقات وراء الكواليس بصياغة مشروع الدستور. الدستور الذي تضمن ابوابا وموادا سببت شرخا عميقا في وحدة الشعب واوجد مناخا سياسيا غير ملائم للسير بالعراق نحو بر الامان والاستقرار. وتشير كافة التحليلات السياسية الى ضرورة تعديل الدستور الجديد ليلبي طموحات كل ابناء شعبه بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية والاثنية والقومية.
فصفقة الدستورلم تضمن المساواة و العدالة بين المواطنين، اذ لم يرفع الحيف عن المهمشين والمظلومين من ابناء المجتمع العراقي الذين تشكل المرأة نصفه الاكثر عطاء والادني حقوقا وانصافا. ولم يكتفي الدستور بإسقاط حقوقها المكتسبة في السابق عبر نضال طويل استغرق قرنا من السنين، بل فرض قيودا جديدة على حريتها لم تألفها الدساتير في العالم المتحضر.وقد تم هذا بفضل وتأثير القوى الدينية ذات النفوذ في لجنة صياغة الدستور، التي اعتبرت تمرير قناعاتها المتخلفة البائدة بشأن المرأة، واجبا تمليه عليهم مبادئ دين وسنة نبوية كيفوها لتبرير فعلهم اللاإنساني.
لم يكن غالبية المشاركين في الاستفتاء مطلعون ومستوعبون لمسودة الدستور في المقام الاول. وكان المثقفون المتنورون والمتخصصون اول من تقاطر على مكاتب التصويت بنعم على الدستور،لا اقتناعا بمحتواه بل احتراما للحق الانتخابي وممارسة الديمقراطية التي يمارسونها في العراق لاول مرة، بعد تجربتهم المريرة مع ديمقراطية الخوف والاضطهاد السابقة.

ولهذا السبب تضمنت مسودة الدستور المصاغة على عجل مقصود بنودا وموادا غير متعارف عليها في دساتير العالم، مثل تعزيز دور المراجع الدينية، والنص صراحة على استئصال فئات واسعة من المجتمع لانتماءات سابقة لحزب البعث، ونمط فيدرالي للحكم في المحافظات يهيئ لدخول العراق مرحلة انقسامات على اسس مذهبية وعنصرية وجغرافية لا اول لها ولا اخر، وغير ذلك من المواد والابواب المبهمة.
لم يكن للقوى والاحزاب السياسية العلمانية المشاركة في لجنة صياغة الدستور دورا فاعلا في الوصول بالدستور الى افضل صياغاته لمواد مهمة تخص تلك المشار اليها انفا. وقد يعود ذلك الى شعورهم بالدونية بسبب ضعف تمثيلهم في البرلمان. لكن ذلك لايشكل سببا معقولا لغياب دورهم المطلوب وطنيا وحضاريا.و كان بإستطاعة ممثليهم رغم قلة وزنهم في اللجنة الدستورية تثبيت مواقفهم بوضوح وبإصرار،واعلانها للرأي العام عبر وسائل الاعلام لحشد التأييد لمواقفهم وتثبيت معارضتهم الصريحة للمواد الدستورية مثار الخلاف. لقد اتخذ ممثلو التكل الطائفي الاخر المكون من مجلس الحوار الوطني واهل العراق وجبهة الحوار الوطنية الموقف الصائب، عندما اصروا على مواقف من بعض مواده المثيرة للجدل.
اما تبعات القوائم الطائفية الانتخابية فقد تجسدت في خنادق، تمارس كل منها ما تشاء من سبل الاسقاط والالغاء والايذاء،في وقت يقف جميعهم شهودا على تردي اوضاع المواطنين الحيرى الذين لا ذنب لهم سوى انهم هم من اتى بهذه القيادات الجاهلة الى قبة البرلمان،ظنا منها بأنها ستنظر في قضاياهم وتحل مشاكلهم وتحسن من مستوى معيشتهم.وبدلا عن كل ذلك برع قادة الكتل في لعبة تبادل الادوارواتقنوا مهنة السطوعلى المال العام والخاص. والغوا من قواميس السياسة مصطلحات النزاهة والاخلاص للوطن والشعب.
ان الفترة الماضية من عمر البرلمان لم تأتي بمعجزات وهو ما لم يطلب من قادة القوائم او اعضائها.لقد توقعت الجماهير ان يحزم اعضاء القوائم امرهم ويشرعوا بممارسة واجباتهم في اقتراح السياسات او الاجراءات لتحسين حياة الناس المتردية التي يمكن وصفها بالكارثية. فمشاكل الحياة اليومية تزداد سوء ومشقة، وفي ظل الخصام الدائم بين التكتلات الطائفية لا يظهر في الافق اي انفراج قريب في العلاقة بينها لصالح المواطنين. وان سبب العلاقة المتأزمة في البرلمان بين تكتلاته الطائفية تكمن في التكلات ذاتها، التي اصبحت عبئا على المواطن والمجتمع معا. والتجارب الماضية لم تأتي بدليل واحد على قيام التكتلات الطائفية بالعمل على تحسين حياة المواطنين.
ان اعضاء البرلمان مقيدون بالعمل ضمن قيادة تكتلاتهم وتوجهاتها، ما يعني ان عضو البرلمان ليس حرا في التعبير عن حرصه وضميره ومشاعره الوطنية. وهنا تكمن حقيقة الركود السائدة في البرلمان،التي تمنعه عن بحث موضوعات بالغة الاهمية للمواطنين خاصة وللبلاد عامة.
ولكسر هذا الجمود الذي يحيط بدور البرلمان ونشاط اعضائه، ينبغي البحث بجدية في تفعيل دوره. وللوصول الى ذلك يجب تفكيك التكتلات الطائفية القائمة المعوق الرئيس لاي تعامل جدي مع مطاليب الشعب.
نعتقد ان قيادة البرلمان هي الجهة المخولة والمؤهلة لوضع البرلمان امام الحقيقة الراهنة وضرورة تغييرها لصالح المجتمع. ان تواجه كافة الكتل الطائفية بواقع عملها الحالي وانعكاسات ذلك على حياة المواطن.وينبغي مصارحتها بإدائها الضعيف لخدمة الشعب الذي اقسموا على خدمته بما اوتوا من جهد.ولذا فإن حل الكتل/القوائم يعتبر شرطا اساسيا لتفعيل دور عضو البرلمان خاصة والبرلمان بصورة عامة.وبنفس الوقت يتطلب اقتراح آليات لتفعيل دور الاعضاء الذين اصابهم الخدر والكسل بسبب الجمود الذي فرضته عليهم قيادات تكتلاتهم الطائفية.
ونعتقد ان الخطوات التالية يمكن ان تخرج البرلمان من حالته الراهنة وتعيده الى جماهيره التي انتخبته:-
1- الاعلان رسميا عن حل التكتلات الطائفية الشيعية والسنية التي اشتركت في الانتخابات الاخيرة وانهاء اي تبعات قانونية لها صلة بتكوينها وعملها.ويحرم على الاشخاص الانتماء او المشاركة او العمل على تكوين قوائم على اسس طائفية او دينية.
2- الاعلان عن ان اعضاء البرلمان من التكتلات المنحلة المشار اليها، سيكونون مسؤولين كأفراد امام رئاسة البرلمان. وسيتم التعامل معهم على هذا الاساس من قبل مؤسسات الدولة.
3- يوقف العمل بسياسة التوافقات المعمول بها لحد الان،وترك الموضوعات المثيرة للخلافات الى اللجان المتخصصة، ويتاح لعضو البرلمان المشاركة في اعمالها بكل حرية، اذا توفرت فيه القدرات التي تتطلبها تلك اللجان.
4- تشكل لجنة استشارية عليا تتكون من اكبر الاعضاء عمرا واقدمهم ممارسة للعمل الوظيفي البرلماني والحكومي، للتنسيق مع رئاسة البرلمان، وتكون مهمتها الحرص على التزام مبادئ العمل المقررة للاعضاء وتقديم المشورة لهم عند الحاجة اليها .ويكون لها الحق في اقتراح الاجراءات الرادعة بحق العضو الذي يخرج عن الضوابط المقرة في البرلمان.
5- اتخاذ الاجراءات الضرورية لتوزيع اعضاء القوائم الطائفية المنحلة على الوحدات الادارية محافظات - مدن - قرى - قصبات، ليكونوا في تماس مع ابناء شعبهم، للتعرف على مطاليبهم وشكاواهم بخصوص اي موضوع يتصل بالاداء الحكومي. ويتطلب هذا فتح مكاتب دائمة في الوحدات الادارية مجهزة بمكاتب سكرتارية تتقبل المراسلات والاتصالات والزوار سواء تواجد عضو البرلمان ام لا. ويلتزم عضو البرلمان بالحضور الى مكتبه في اوقات يحددها بالتنسيق مع مهامه ومشاركته في اعمال البرلمان.
ان الديمقراطية الوليدة تتطلب منا جميعا على اختلاف معتقداتنا صيانتها وتعزيزها وتطويرها، وبفضل ذلك فقط يمكن للعراق ان يعيد دوره موطن الحضارات وادي الرافدين .

 


 

free web counter