| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

الخميس 6/11/ 2008

 

آراء في تعديلات الحزب الشيوعي العراقي
على الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة..؛؛

علي ألأسدي - البصرة

لقد أفصح أخيرا الحزب الشيوعي العراقي عن ملاحظاته النقدية للاتفاقية الأمنية على لسان سكرتيره العام السيد حميد مجيد ، في الندوة التي عقدها يوم الجمعة 28 / أكتوبر في " فندق الشيراتون " في بغداد ، تحت عنوان:

(موقفنا من الاتفاقية الأمنية مرهون بمضمونها وبمدى استجابتها لمصالح شعبنا).

أن عقد الندوة كان ضروريا جدا ، لكنه بنفس الوقت جاء متأخرا جدا ، نظرا للتطورات السياسية المتسارعة في عراق اليوم وفي العالم ، إضافة إلى حساسية وخطورة ما يحيط قرار التوقيع بالموافقة على الاتفاقية أوعدمه. لقد نشرت العديد من الكتابات بقلم أشخاص مصنفون كونهم شيوعيون أو قريبون من الشيوعيين ، عكست كتاباتهم حماسا غريبا لعقد الاتفاقية بصيغتها الراهنة ، عبر عن تهافت وفجاجة سياسية لم تكن متوقعة. وبخصوص التعديلات التي أقترحها الحزب على بعض بنود الاتفاقية ، فهي الأخرى لم تضع النقاط على حروف كثيرة ، وهذا بحد ذاته كان أقل كثيرا مما كان يتوقعه كثيرون من ملاحظات وأراء وتعديلات أساسية على الاتفاقية المزمع توقيعها. وبدت ملاحظات الحزب التي كشف عنها في تلك الندوة ، وكأنها أعدت على عجل فقط لتسجيل موقف كان لابد منه لطمأنة الرأي العام المتلهف لرأي الحزب في الاتفاقية ومن قرار التوقيع عليها في الظرف الحالي الداخلي والأمريكي.

إن التعديلات التي أقترحها الحزب وقدمها للحكومة العراقية ، تصب في صالح التوقيع عليها بشكلها الراهن برغم تعديلاته التي أشار إليها وهي في غالبيتها أقرب الى التزويق منها الى التغيير في الجوهر والمضمون ، وهو ما سأتطرق إليه في السطور التالية.

لا أعرف بالضبط حقيقة نسخة الاتفاقية الأمنية التي نشرتها صحيفة الشرق الأوسط ، وفيما إذا كانت مرتشة أو بدون رتوش ، نسخة طبق الأصل أو إعلانا مدفوع الثمن. ولم يكن هناك خيار أمام الكتاب والمهتمين بمصير العراق ، غير أن يدرسوا تلك النسخة المنشورة ويعلقوا عليها. ومما يؤسف له ويعاب على الحكومة العراقية إحجامها عن نشر صيغة الاتفاقية حتى اليوم ، وإنها لم تؤيد أو تنفي ما ورد بالنسخة المنشورة ، وكأن الأمر لا يعنيها ، مع أنها أول من يدان في حالة كشف الحقيقة.

ومع ذلك ، فلم يكن من خيار آخر غير وضع هذه المسودة على الطاولة ومباشرة البحث وفك الطلاسم التي احتوتها. في الاتفاقية الكثير من الغموض المتعمد والمراوغة و الغبن والتجاهل لحقوق العراق . والمطلع عليها عن كثب يلاحظ الحيف الذي سيلحق بالجانب العراقي في حالة قبولها دون تعديل جذري على بنودها الواحد والثلاثين. إن الاتفاقية لم تتحدث عن قواعد عسكرية في أي بند من بنودها ، ولم تسميها بالاسم ، ولم تذكر عددها ولا مواقعها ، ولا مهماتها ، علما بأن الأنباء تشير إلى وجود أربعة عشر قاعدة ضخمة ، فيما أنباء أخرى تقدرها بخمسين قاعدة وهو أمر شديد الغرابة. ترى أليس لتلك القواعد أسماء ومواقع على خريطة العراق ،أليس بعضها أو كلها مهيئا لاستقبال وانطلاق الطائرات المدنية والعسكرية ، فلماذا لم يشر إلى ذلك في أي بند من الاتفاقية؟.

لقد وردت كلمة "مساحات " - ولم يطلب المفاوض العراقي تحديدا واضحا لماهية تلك المساحات ، وفيما إذا كان المقصود بها القواعد والمطارات ، أو سجونا ومعتقلات ، وإذا كانت تعني بالفعل ذلك فلماذا يرفض الأمريكان النص على ذلك صراحة؟. وربما طلب المفاوض العراقي ذلك ولم يفلح ، من يدري ، فالمفاوضات كانت سرية وما تزال سرية. أليس وراء التهرب من ذكر التسمية الحقيقية أهدافا لا يريد الجانب الأمريكي البوح بها ، ليفاجئ الحكومة العراقية في المستقبل بأمور غابت عنها؟.

جاء في المادة الأولى من الاتفاقية – تحدد هذه الاتفاقية الأحكام والمتطلبات الرئيسية التي تنظم "الوجود المؤقت " للقوات الأمريكية في العراق وأنشطتها فيه وانسحابها من العراق. إن العبارة التي وضعناها بين قويسات تتحدث عن وجود مؤقت ، لكن ماذا عن وجود دائم أو طويل الأمد؟ فالاتفاقية لم تشر إلى ذلك في المسودة المعلنة ، علما بأنه في مذكرة إعلان المبادئ التي وقعها رئيس الوزراء السيد نوري المالكي والرئيس بوش تردد موضوع التعاون بعيد المدى. وكما نعرف ويعرف كثيرون أن هناك ملاحق سرية لم يعلن عنها ، ولم تنفي وجودها الجهات العراقية أو الأمريكية ، مع أن الحزب الشيوعي في ندوته المشار إليها ، قد نفى نفيا قاطعا وجود مثل تلك البنود البنود والملاحق السرية. والغريب أن الحزب نفسه كان لأسابيع قليلة ماضية يطالب الحكومة بالتحلي بالشفافية و الكشف عن مجريات المفاوضات للشعب ، ما يعني أنه لم يكن على بينة بموضوعات المفاوضات وما وصلت اليه ، فمن أين له هذه الثقة بعدم وجود ملاحق او بنود سرية؟.

وقد ورد في ندوة الحزب الشيوعي العراقي المشار إليها سلفا ، أن الحزب قد قدم تعديلات على " اتفاقية الإطار الإستراتيجي " التي وقعها السيد رئيس الوزراء والرئيس بوش في الأشهر الماضية ، وهو ما لم تشر إليه نسخة الاتفاقية الأمنية المعلنة المنشورة في الصحيفة المذكورة. فقد نصت " اتفاقية الإطار الإستراتيجي " على سريانها دون مدة محددة ، مع إشارة إلى - " ما لم يقدم أحد الطرفين إخطارا خطيا للطرف الآخر". وقد بين الحزب خشيته من عدم تحديد فترة زمنية للاتفاقية ، مما قد يستغل للالتفاف على الجدول الزمني للوجود المؤقت للقوات الأمريكية الوارد في الاتفاقية المزمع توقيعها موضوع مناقشتنا هنا. ولهذا السبب يقترح الحزب أن تحدد مدة الاتفاق الإستراتيجي بين (3 – 5 )سنوات مثلا. وقد اكتفى الحزب بهذا التعديل الوحيد على اتفاقية الإطار الإستراتيجي ، لأنه الوحيد الذي كشف عنه في تلك الندوة ، فهل بقية بنود الإطار الإستراتيجي كلها على أحسن ما يرام؟

في المادة الثانية من الاتفاقية الأمنية المنشورة ، عرفت المصطلحات كما يلي :- 1 - المنشآت والمساحات المملوكة لحكومة العراق التي تستخدمها قوات الولايات المتحدة أثناء فترة سريان هذه الاتفاقية. تتردد هذه المصطلحات في كل مكان من الاتفاقية باعتبارها منشآت مملوكة لحكومة العراق. لم تشر الفقرة ولا في أي مكان آخر الى منشآت تملكها الولايات المتحدة في العراق ، والكل يعلم أن السفارة الأمريكية مثلا منشأة مملوكة للولايات المتحدة ، ولا نعلم فيما إذا استملكت أراض عراقية أخرى في أي مكان في العراق تزاول عليها نشاطات مستثناه باعتبارها غير مملوكة للعراق ولم ينص عليها في إلا تفاقية؟.

في الفقرة 5 - من نفس المادة نقرأ : - المتعاقدون مع الولايات المتحدة والمستخدمون العاملون لدى المتعاقدين مع الولايات المتحدة – " يعني هذان المصطلحان الأشخاص أو الكيانات المشروعة غير العراقية ومستخدميهم الذين هم مواطنو بلد ثالث والموجودون في العراق لتوفير -السلع والخدمات والأمن في العراق إلى قوات الولايات المتحدة او نيابة عنها -...الى آخر الفقرة.

إن ما ورد في الفقرة يدعو للتساؤل ، اليس من حق الدولة المضيفة أن تعرف شيئا عن ماهية تلك المهام الأمنية والخدمية ، ومناطق عملها ، وجنسيات أعضائها ، وسلامتهم من الأمراض السارية والخطرة ، وفيما إذا كانوا مجرمين محترفين ، يشكل وجودهم في شوارع قرانا ومدننا خطرا على أطفالنا ومواطنينا الآخرين؟ وفي هذه الحالة تحتم الضرورة إخضاعهم للكشف الطبي للتأكد من سلامتهم من الأمراض ، خاصة وأن عدد أولئك المستخدمين قد يتجاوز عدد القوات الأمريكية ذاتها. وفي هذه الحالة يطلب من الجانب العراقي أن يضمن الاتفاقية بندا تلتزم به الولايات المتحدة بتقديم قوائم بعدد ومهام وأعمار وجنسيات كل واحدا منهم لإخضاعهم للكشف والرقابة الصحية.

في المادة الخامسة – يتكرر استخدام مصطلح – المتفق عليها – وهنا يثار تساؤل " وماذا بشأن المنشآت غير المتفق عليها؟ فنحن نعلم أن هناك منشآت بالفعل غير مذكورة نصا وغير متفق عليها ، فما موقعها في الاتفاقية ، وما مصيرها بعد نهاية مدة سريانها.

وورد أيضا – ضمن الفقرة 2 منها – "تسعى الولايات المتحدة للحصول على موافقة حكومة العراق على مشروعات البناء والتحوير الكبرى - . لم يحدد هنا حدود المشروعات الصغرى ، حتى يقرر بناء عليه المشروعات " الكبرى ". فالمطارات والقواعد تختلف في مساحاتها ، فكيف ومن يقرر فيما إذا كانت كبرى تحتاج إلى موافقة الجهات العراقية ، أو صغرى لا تحتاج إلى موافقة. وإذا كانت الاتفاقية تنتهي بنهاية عام 2011 فما الضرورة من إنشاءات كبرى أو تحويرات كبرى قد تتطلب فترة زمنية تتجاوز عام 2011 ، علما أن بناء القواعد الكبرى مكتمل أو موشك على الانتهاء ؟

في المادة السابعة – أشير إلى احتفاظ الولايات المتحدة بالمنشآت المتفق عليها ، معدات وتجهيزات ومواد تحتاجها ، ونص على عدم اتصال تلك المعدات بالأسلحة الكيماوية والنووية والراديولوجية والأسلحة البيولوجية والنفايات المتصلة بتلك الأسلحة. وفي المادة الثامنة نص على أن يعمل الطرفان على تنفيذ الاتفاقية بطريقة تنسجم مع حماية البيئة الطبيعية والسلامة البشرية. وتؤكد الولايات المتحدة على التزامها باحترام القوانين البيئية والمعايير العراقية.

لم يبين في هاتين المادتين ولا بعدهما على حقوق العراق في إجراء الاختبارات الضرورية في المناطق التي لها علاقة بخزن واستخدام تلك المعدات ، والتحقق من تنفيذ الجانب الأمريكي لالتزاماته بنصوص المادتين السابعة والثامنة. وهذا استغفال واضح للجانب العراقي من الطرف الأمريكي. إن العمليات العسكرية التي قامت بها الولايات المتحدة ، ضد الأهداف العراقية إبان حروبها العديدة ضد النظام السابق ، قد خلفت كارثة بيئية سيعاني الشعب العراقي من تبعاتها لقرون عديدة من السنين ، ولم تعترف بها ، أو تتعهد بالتعويض عن الأضرار التي لحقت وستلحق بالعراقيين نتيجتها. وكان على المفاوض العراقي أن يضمن الاتفاقية حقا صريحا للخبراء العراقيين بأجراء التفتيش والتحقق متى شاءوا من الآثار البيئية ، وأن يمنح الحق بمطالبة الجانب الأمريكي ، بوقف استخدام او خزن تلك المعدات وان لا يساوم بشأنها. و مما يثير الاستغراب ، أن الحزب الشيوعي العراقي ، لم يشر إلى ذلك في التعديلات التي أقترحها على مسودة الاتفاقية. وكل ما أقترحه بخصوص هذه المادة هو : استبدال عبارة " ولا يتصل مباشرة أو غير مباشرة " بعبارة .." ولا ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر ". وهذا التعديل لا يغير مما هو وارد في الاتفاقية من إجحاف واضح بحقوق العراق وسلامة مواطنيه وأراضيهم.

في الفقرة 5 من المادة التاسعة ، أجازت الولايات المتحدة لنفسها حقوقا على العراقيين غير مقبولة ولا تليق بدولة تدعي الاحترام الكامل لسيادة وحقوق العراق ، وهنا أخفق الحزب أيضا في التعرض لهذه القضية التي تتعلق بالسيادة العراقية حصرا. نصت الفقرة على ما يلي :

- "لا تُفرَض على طائرات حكومة الولايات المتحدة والطائرات المدنية التي تعمل في حينه حصراً بموجب عقد مع وزارة الدفاع الأمريكية أية ضرائب أو رسوم أو رسوم مشابهة، بما في ذلك رسوم التحليق أو رسوم الملاحة الجوية أو الهبوط أو الانتظار في المطارات المملوكة للحكومة أو التي تشغلها الحكومة على أرض العراق. ولا تُفرَض على المركبات والسفن المملوكة لقوات الولايات المتحدة أو الجاري استخدامها في حينه حصراً من جانب قوات الولايات المتحدة أي ضرائب أو رسوم أو رسوم مشابهة ويتضمّن ذلك الموانئ التي تمتلكها أو تديرها الحكومة في أرض العراق. ولا تتعرض تلك المركبات والسفن والطائرات الى أي تفتيش، وتُعفى من متطلبات التسجيل داخل العراق ".

المادة الثانية عشرة - مكرسة للولاية القضائية. وبرغم الترحيب و الضجة الكبرى التي أثيرت حول إخضاع المخالفات الجسيمة التي ترتكبها القوات الأمريكية عمدا وخارج ساعات الواجب للقضاء العراقي ، فأن النصوص الواردة في هذه المادة تدور حول المتعاقدين ومستخدميهم ولم يذكر اسم افراد القوات المسلحة الأمريكية بالنص الصريح والواضح. ولو أعيد قراءة فقرات المادة جيدا فأن الفقرات التي جاءت بعد الفقرة ( 2 ) من المادة الثانية عشرة ، تلغي عمليا حق الولاية القضائية العراقية على المتعاقدين ومستخدميهم. فالفقرات العشرة التي احتوتها المادة الثانية عشرة قد صيغت بشكل متعمد لتمييع حق العراق في الولاية القضائية من جانب ، ومن جانب آخر ، أدت إلى ان تلغي الفقرات بعضها البعض قبل الذهاب إلى القاضي العراقي. وبذلك تكون الفقرة (2 ) قد مثلت استجابة مراوغة من الجانب الأمريكي لطلب المفاوض العراقي بمنح الولاية القضائية على التعامل مع المخالفات الجسيمة كما وصفت في الفقرة. وقد أقترح الحزب الشيوعي حذف عبارة " الحق الرئيسي " من الفقرة ( 3 )، وبحذف الفقرة ( 5 )لأنها تفرغ مضمون الفقرة ( 2 ) ، في حين لم يتعرض إلى الفقرتين السادسة والثامنة التي تلغي أي دور لولاية القضاء العراقي.

أما المادة الخامسة عشرة ، الفقرة (1) فقد نصت على أن لا تخضع للتفتيش عمليات استيراد معدات أو تجهيزات أو مواد او تكنولوجيا أو تدريب او خدمات من قبل افراد القوات ومستخدميهم ، ويجوز لهم إعادة تصديرها ونقلها واستخدامها، ولا تخضع كذلك لمتطلبات الإجازات أو لأي قيود أخرى أو ضرائب أو رسوم جمركية أو أي رسوم أخرى تُفرض في العراق. أما الفقرة( 2) فنصت على أن لا يخضع تصدير البضائع العراقية من قبل قوات الولايات المتحدة والمتعاقدين معها لأي تفتيش أو أي قيود عدا متطلبات الإجازة.

إن المادة أعلاه إذا ما تركت من دون تعديل ، سيترك الباب مفتوحا للقوات العسكرية ومستخدميهم أن يصدروا ما يشاءون من الممتلكات العراقية دون قيد أو شرط ، وهو حق لا ينبغي أن تقبل به حكومة العراق تحت أي ظرف. ولابد هنا من اقتراح نصا بديلا ، تخضع بموجبه للإجازة والتفتيش والتحديد الكمي كافة المواد المراد تصديرها أو إعادة تصديرها من قبل الجهة الأمريكية عسكرية كانت او مدنية. وإن إلغاء المادة كليا ، كما أقترحه الحزب الشيوعي في تعديلاته على الاتفاقية لا يحل مشكلة تصدير سلع يحرم تصديرها بأي حال من الأحوال. لأن عدم وجود نص يتعامل بوضوح مع قضية خطيرة كهذه يترك الباب مفتوحا لاجتهادات الموظفين العراقيين المكلفين بالإشراف على دخول وخروج الأفراد والبضائع. ومعلوم أن آلاف القطع الأثرية النفيسة والمصادر والمستندات والمخطوطات والتسجيلات المستندية المهمة ، قد تم تهريبها إلى خارج العراق خلال السنين الماضية وخاصة في بداية السنوات الأولى للغزو الأمريكي للعراق. ولذا فأن النص في الاتفاقية على حق العراق في التفتيش وعد جواز التصدير دون إجازة أو رقابة الجهات العراقية المختصة ، يجب أن يكون واضحا وصارما.

المادة السادسة والعشرون تعرضت لموضوع البند السابع من قرار مجلس الأمن رقم 661 لعام 1990 ، وجاء فيها : ينبغي أن يسترد العراق مكانته القانونية والدولية التي كان يتمتع بها قبل تبني قرار مجلس الأمن الدولي رقم 661 (1990)، ويؤكدان كذلك أن الولايات المتحدة (سوف تبذل أفضل جهودها لمساعدة العراق ) على اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك بحلول يوم 31 ديسمبر/كانون الأول عام 2008.

لقد أقترح الحزب الشيوعي التعديل التالي على المادة أعلاه : تحذف العبارة المحصورة بين قوسين أعلاه ، وتحل محلها العبارة : ( سوف تعمل بحكم موقعها في مجلس الأمن على ...) ويبقى بقية النص كما هو.

وبخصوص الأصول العراقية في المادة السابعة والعشرون ، أضاف الحزب الشيوعي عبارة ( وغيرها من الصادرات ذات المنشأ العراقي ) الى الجزء الأخير من نص المادة لتكون صياغتها النهائية كالآتي : تظل الولايات المتحدة ملتزمة بمساعدة العراق بشأن الطلب الذي قدمته الى مجلس الأمن الدولي لمد الحماية والترتيبات بشأن البترول ومنتجات البترول والغاز الطبيعي الناشئ في العراق وغيرها من الصادرات ذات المنشأ العراقي.

إلا أن الحزب لم يبين لماذا هذه الحماية أصلا ، ما دام العراق قد تحرر من ربقة البند السابع ومن تبعات قرار مجلس الأمن رقم 660 لعام 1990 ؟. ولم يطرح الحزب فهمه وتبريره للحماية الأمريكية التي أقترح توسيع مداها لتشمل بقية الصادرات العراقية ، والى أي حين ، و فيما إذا كانت الحماية الأمريكية سترتب أي التزامات عراقية تجاه الولايات المتحدة ؟. وهناك مخاوف جدية من ربط تلك الحماية بالإشراف على طريقة استثماراتنا للثروات النفطية والغاز ، و بضرورة أن يكون للشركات النفطية الأمريكية دورا رئيسيا في استخراج وإنتاج وتصدير تلك الثروات.ولم يورد السكرتير العام أية أراء تطمأن العراقيين وتبدد الأسس التي قامت عليها تلك المخاوف المشروعة.

لقد نوه السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي في نهاية حديثه الى أن " هناك ردود فعل متباينة، منها ردود فعل أمريكية في الغالب رافضة، وبعضها يذهب الى التهديد المبطن والآخر صريح مفاده ان العراق سيعاد الى حالة الفوضى وسيخسر كثيرا من عدم التوقيع على الاتفاقية، ويفقد المساعدات والدعم والتسليح، وستستباح أمواله في الخارج. ولكن التحليل الدقيق للأمور والمعرفة الصحيحة لتناسبات القوى السائدة في اللحظة الملموسة، وخصوصا بالنسبة للطرف الأمريكي، كل ذلك يتيح الاستنتاج بأن ما يجري من تصعيد وتهديد ما هو إلا "طبول فارغة" يراد منها التهويل والتأثير على المفاوض العراقي لإجباره على التسليم بما ليس في قناعته والخضوع لمطالب وشروط الجانب الأمريكي. وإضافة الى ذلك هناك تصريحات لبعض المسؤولين الأمريكيين تشير الى أنهم لن يترددوا في سماع وجهة نظر العراقيين". وذكر أيضا :

هناك من يعتقد ، وتجنبا لتوقيع الاتفاقية حاليا ، بضرورة العودة الى قرارات هيئة الأمم المتحدة. وهذا يعني العودة الى المربع الأول الذي انطلقنا منه بعد 9 /4 /2003. فقرارات الأمم المتحدة ليس لها أفق محدد، ولا تتمسك بجدول محدد لجلاء القوات ، وبالتالي لا تتحدث عن استكمال السيادة. وأضاف السيد حميد مجيد قائلا :-

وبقدر تعلق الأمر بنا نود التأكيد على الجوانب التالية:

1- لسنا من أنصار القبول المطلق ولا الرفض المطلق، بل نحن مع خيار الإصرار على تعديل الاتفاقية بصيغتها الحالية، وهناك إمكانيات فعلية. فكلما أحسنا النظر، ووحدنا القوى، واستفدنا من العاملين الإقليمي والدولي وحتى الأمريكي، بالتوظيف الصحيح للتناقضات الناشئة بين أطرافه بشأن العراق، كلما استطعنا ان نحصل على اتفاقية عادلة تؤمن السيادة والاستقلال، وتوفر حق تقرير المصير، وتؤمن جدولا زمنيا لجلاء القوات. وهذا ما نعمل عليه ونناضل من اجله.

2- يسعى حزبنا مع الآخرين لتعديل الاتفاقية، فهي بصيغتها الحالية غير مقبولة في المجتمع العراقي كما أنها لن تمر في مجلس النواب بهذه الصيغة، وسنكون أول الرافضين

3- إذا ما اخذ الجانب الأمريكي بالتعديلات المقترحة فسيكون لنا موقف ايجابي مبدئي من الاتفاقية ولكن ليس قبل الاطلاع على التعديلات ومضامينها الرئيسية وما إذا كانت تتفق مع ما يريده العراقيون.

4- نعول على تعديل الاتفاقية ولكننا نعتقد ان تحقيق ذلك لن يتم دون تعبئة الرأي العام باتجاه التعديل والاهتمام بالضغط الشعبي، فنحن لا نريد ان نؤدي دور المتفرج في هذه المعركة.

5- كل خيار خارج تعديل الاتفاقية ليس خيارنا. أما إذا فرضت الظروف أشياء أخرى فعندها سيكون لكل حادث حديث، علما أننا لن نقبل بإشاعة الفوضى ولا بانقلاب عسكري.

6- لن نقبل بأية اتفاقية سرية ولا بملاحق سرية لها، فكل شيء يجب ان يكون معروضا على الشعب".

 


 

free web counter