| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

                                                           الأربعاء 31 / 7 / 2013

 

تساؤلات وملاحظات .. حول لقاء المالكي الأخير..؟؟

علي ألأسدي

في لقاء تم أخيرا لم يعلن الهدف منه جمع السيد رئيس الوزراء نوري المالكي مع عدد من الشخصيات العراقية ، كان بينها رجال أعمال وممثلي بعض وسائل الاعلام. لم يكن من الصعب معرفة الغرض من عقد اللقاء الذي دام ساعة تقريبا كان هو المتحدث الرئيسي فيه تعليقا على أسئلة وملاحظات المشاركين في اللقاء.

كان واضحا أن لقاء الوفد مع رئيس الوزراء قد تم في اطار الاستعدادات للانتخابات التشريعية القادمة ، وسيكون ضروريا من الآن فصاعدا ايجاد المناسبات لرئيس الوزراء لتقديم شخصه كرجل دولة ناجح يستحق الدعم لولاية جديدة.

لقد اقترح أحد المشاركين في اللقاء على دولته أن يقوم اسبوعيا بتوجيه كلمة للشعب العراقي أسوة بالرئيس الأمريكي الذي يقوم أيضا بتوجيه كلمة أخرى سنوية يتحدث فيها عن حالة الاتحاد. كان شعوري الداخلي انها فكرة جيدة لتعريف المواطنين بانجازات وخطط الحكومة للمستقبل في مختلف شئون حياتهم ، لكن السيد المالكي تجاهل المقترح ولم يعلق عليه وحسنا فعل.

برأي الخاص ان تجاهل رئيس الوزراء للمقترح قد جاء لشعوره بكونه غير عملي وقد يوقعه في مأزق لا يحسد عليه. لأن أي حديث يوجهه لشعبه لابد أن يتطرق فيه للمشاكل التي تواجهه في حياته اليومية كالفساد المالي والاداري وانعدام الأمن وسوء خدمات الكهرباء التي لم تعالج أو يوضع حلولا لها.

وكخطوة استباقية حاول رئيس الوزراء في ذلك اللقاء تحميل شركائه في العملية السياسية المسئولية عن فشل حكومته في تنفيذ سياساته ، حيث اتهمهم بوضع العراقيل في طريق تصميمه لتعزيز دولة القانون والشرعية. وقد بين بأنه يخدم كافة مواطنيه دون تمييز بصرف النظر عن أصولهم الطائفية والاثنية والدينية والحزبية ، متدينيين كانوا أوعلمانيين. ولو استجاب لمقترح الحديث الأسبوعي كوسيلة للتواصل مع أبناء الشعب فماذا عساه أن يقول بخصوص تلك المشكلات..؟

فرئيس الوزراء يعرف جيدا انه بعد كل تلك السنين والوعود التي قطعت ونكثت ، ومليارات الدولارات التي انفقت مازالت أزمة الكهرباء مثالا صارخا للفشل الى جانب الفساد المالي والاداري والارهاب. فالشعب الذي يصارع الموت في كل منعطف وفي كل خطوة يخطوها في بغداد خاصة من حقه أن يتسائل .. ما الحل يا رئيسنا ، لقد أصبحنا على موعد مع الموت في كل يوم جمعة قبل صلاة الظهر وخلالها وبعدها..؟؟

كان اللقاء مناسبة لتوضيح ملابسات ما يجري من أحداث عنف طائفية ، وعما يتردد بين الناس من اشاعات بأن مليشيات موالية له يتزعمها المدعو " البطاط " متورطة في بعض أعمال العنف من قتل وتفجيرات في مناطق عديدة من بغداد. لقد نفى السيد المالكي اية علاقة له بذلك الشخص وذكر للمشاركين ان السلطات الأمنية تبحث عن البطاط للقبض عليه. ولاشك أن هذا التوضيح سيسعد الشيعة قبل السنة ليثبتوا لأخوتهم السنة أن يصدقوا حقيقة بأنهم لن يسمحوا أبدا لأي كان أن يرميكم بحجر باسمنا.

كما جرى التطرق الى ما اشيع بأن جهات محسوبة على الحكومة تقوم بالتمهيد لتحويل منطقة الكرادة الشرقية من بغداد الى مدينة مقدسة كالكاظمية وكربلاء ، وان قوة من الشرطة تابعة لمحافظة بغداد قامت في الآونة الأخيرة باغلاق المقاهي والنوادي. فكان رد رئيس الوزراء انه ضد أي اجراءات تتخذ من جانب اي جهة تقوم باغلاق مرافق عامة يرتادها الناس باسم الدولة وانه يدين تلك التصرفات الخارجة عن القانون.

وتطرق اللقاء الى موضوعات أخرى جرت مناقشتها بشكل عابر مع أنها واحدة من أهم مهمات الحكومة ، وهي عدم وجود سياسة استراتيجية في مجال الاسكان والتصنيع ومعالجة البطالة ، وهي السياسات التي لم يعرها دولته الاهتمام المطلوب الذي تستحقه خلال سنوات حكمه.

المحزن أن رئيس الوزراء الذي يسعى لولاية ثالثة ما يزال لم يدرك أنه قد اضاع فرصا لا تحصى كان باستطاعته فيها أن يبني صروحا اقتصادية تدفع بالعراق أشواطا في سلم التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، لكنه للأسف قد أخفق في ذلك اخفاقا لا يغتفر له مادام حيا. وأرجو أن لا أكون مخطئأ فللرئيس مستشارون اقتصاديون بامكانهم الرد لتصحيح ملاحظتي هذه.

أما تبريرات الفشل ( الكهرباء مثلا ) التي ساقها والتي حمل وزراء من حكومته المسئولية عنها فلم يكن موفقا في ذكرها ، فكما يبدو ان ذاكرة دولة رئيس الوزراء اما ضعيفة أو أصابها الاعياء ، فهو يحمل غيره مسئولية تردي الخدمات كلما تصاعدت حدة تذمر الرأي العام ، بينما تقع المسئولية على عاتقه فهو بمثابة ربان السفينة.

وحتى أكون أكثر تحديدا ، وحتى لا أتهم بالسلبية ، وحتى لا أصنف بكوني من اصحاب المواقف المسبقة سأتطرق الى بعض السياسات التي كان من المفترض أن يكون لرئيس الوزراء فيها انجازات بينة ، فالفترة التي شغل السلطة فيها كانت كافية جدا ليحقق ولو القليل منها ، لكنه للأسف لم يفعل.

1- القطاع الصناعي :

· ورث العراق من النظام السابق صناعات جبارة في مختلف فروع الانتاج كان المنتظر دعمها وتأهيل وتحديث الصناعات المتقادمة منها ، حيث كانت منتجاتها تلبي الطلب الداخلي عليها ، في حين يصدر الفائض للخارج. وقد وظفت عشرات الآلاف من العمال والمهندسين ، ومع أن الحصار الاقتصادي قد سبب لها نقصا في قطع الغيار والتكنولوجيا لكنها ورغم ذلك استمرت مصدرا مهما للناتج القومي.

· فصناعة مثل الحديد والصلب ، الآلات والمعدات الصناعية والزراعية ، الصناعات الكيماوية والبتروكيماوية بما فيها المشتقات النفطية ومصافي النفط ، والصناعات الغذائية ، الملابس والسجاد وغيرها من المشاريع لم تحضى بالاهتمام اللازم. فتردى بعضها بينما اغلق البعض الآخر أبوابه وسرح عماله نتيجة فتح باب الاستيراد على مصراعيه امام السلع المنافسة الأجنبية.

· بينما كان المفترض ابقاء سياسة الحماية التجارية عبر الضرائب الجمركية وتحديد استيراد السلع المنافسة أو منعها نهائيا حماية للمنتج والعمالة الوطنية. فسياسة الحماية التجارية تعتبر شرطا أساسيا لحماية فرص العمل والصناعة ، الولايات المتحدة برغم صراخها حول الحرية التجارية ماتزال تتبع أقسى نظام حماية تجارية لانتاجها الزراعي وليس ذلك فحسب ، بل تدعمه ماليا بكثافة.

· الالتزام باستراتيجية بناء الصناعة العراقية يعزز وينمي مصادر جديدة لدخلنا القومي الى جانب موارد النفط الخام التي تعتبر موردا مهما لكنه غير مستقر بسبب تذبذب اسعاره هبوطا تارة وارتفاعا تارة أخرى. وفي ميدان بناء صناعة جديدة عبر القطاع العام أو الخاص لا نتذكر للأسف مشروعا واحدا تم افتتاحه من قبل السيد رئيس الوزراء أو أحد وزرائه.

2 - صناعة السياحة :

وهذه وان اعتبرت جزء اساسيا من القطاع الخدمي ، لكنها تصنف لمعايير كثيرة ضمن احد الفروع الصناعية. الصناعة هذه يمكن أن تكون مصدرا لانتاج متنوع يتجاوز بناء المنتجعات والفنادق ويكون مجالا واسعا لزيادة التشغيل ومعالجة البطالة.

· الاستثمارات المطلوبة في هذا المرفق يصعب حصرها وتتعلق باحياء وتطوير التراث الشعبي والمواقع الأثرية التي تستهوي السواح من جميع قارات العالم وبخاصة وان العراق متعدد الحضارات. لا نجد هنا أيضا انجازا واحدا يثير الانتباه. وهناك غيابا شبه كامل للجهد الحكومي والخاص لتنمية هذه الصناعة الهامة ، بينما تنشط هناك عصابات نهب الآثار العراقية والتجارة بها بأبخس الأثمان. المواقع الأثرية ليس فقط تنهب ، بل يتم تخريبها بسبب الاساليب البدائية المتبعة للبحث عن الكنوز الأثرية والتراثية التاريخية التي لا تقدر بثمن.

3- وفي السياسة الزراعية يستمر تجاهل :

· حماية الأراضي الزراعية من التصحر. وقد اتسع مدى هذه الظاهرة بشكل خطير في السنين الأخيرة ، حيث أدت الى هجرة المزارعين الى المدن بحثا عن لقمة الخبز ، وقد اصبحت ظاهرة أحياء الصفيح داخل المدن وخارجها تلفت الأنظار. بينما يجب العمل الدؤوب لاستصلاح الأراضي الزراعية التي غزاها التصحر وشق الترع المائية سواء بتحويل مجاري الانهار أو استخدام المضخات لضخ المياه من الانهر أو من المياه الجوفية عبر الانابيب أو الترع نحو المزارع المهجورة لاعادة الحياة اليها. وفي هذا الميدان لم يسجل اي تقدم يذكر.

· معالجة الأراضي الزراعية من التلوث البيئي الذي سببته الحروب الأخيرة خلال ربع القرن الماضي بدء من حروب صدام الداخلية ، أو الخارجية ضد ايران والكويت ، او الحروب الأمريكية على العراق وما خلفته من تبعات ستظل لعقود تفتك بالناس ومزروعاتهم ومنتجاتهم الزراعية ومياه الشرب والري.

· في مقدمة تلك الملوثات اليورانيوم المنضب والفوسفور الابيض الذي خلفته الصواريخ والقنابل المحرمة أو تلك التي ينبغي تحريمها للمخاطر الكثيرة التي تخلفها في التربة والمياه. لقد عززت بالأدلة العلمية مخاطر تلك الملوثات العديد من المنظمات الأممية التي طالبت باجراءات عاجلة من الدولة والأمم المتحدة للتخلص من مخاطرها الحالية والمستقبلية. وما نحتاجه اليوم هو مضاعفة الجهود المبذولة في هذا المجال من قبل الدولة وأخذ الأمر بجدية تتناسب والأخطار التي تسببها تلك الملوثات على حياة السكان العراقيين.

· ما عدا ذلك هناك ملوثات تسببها المخلفات الصناعية التي تأخذ طريقها الى الانهر دون معالجة سواء تلك التي تطلقها مصانعنا العراقية أو الآيرانية. فهذه مع مرور الزمن تصبح معاملتها أصعب كثيرا ، لأنها تتغلغل عميقا في التربة فتلوث المياه الجوفية.

· الآمر يتطلب جهدا متواصلا يبدأ بالتعليمات واجراءات الردع وينتهي بالغرامة والعقاب الصارم. من دون ذلك سوف لن يبقى نهرا واحدا سليما على أن تتكلف الجهات الدبلوماسية بمعالجة المشكلة مع دول الجوار التي يتسسب مواطنوها في تلويث الأنهر المشتركة معنا.

· تحسين وتطوير منتجات النخيل ومكافحة الآفات المرضية والحشرية فهذه تجري ببطء شديد. حيث يجري بين الحين والآخر الاعلان عن حملات مكافحة لكن هل هي كافية لايقاف الوباء الزاحف على نخيل العراق فلا علم لنا بذلك ؟ لكن ما نعلمه أن الوباء جدي وانه يتزايد ولا يتناقص. وكما تشير العديد من التقارير ان النخيل يفقد موقعه في الحياة الزراعية كمنتج رئيسي متعدد المنافع للسوق الداخلي وكسلعة للتصدير.

· التصحر الناتج عن الاهمال في الحفاظ على المناطق الخضراء في مدننا وقرانا سواء كان من قبل المواطنين أو الجهات الحكومية. فعدم الوعي بأهمية الشجرة والخضرة في البيئة الحضرية يقابله اهمال واضح من قبل الجهات المسئولة في المحافظات والمدن العراقية للعناية بالشجرة القائمة وبالاكثار منها. السبيل لمعالجة ظاهرة التصحر هو خطة دائمة للتشجير تعمل على مدار العام وتدعم بتشريعات تمنع قلع أو قطع الأشجار لأي سبب.

4- قطاع الاسكان الحضري والقروي :

· لم يحضى هذا القطاع باهتمام جدي كالتزام حكومي لتعزيز التطور الحضري وفق المعايير الدولية في تخطيط المدن وتحسين بيئتها لساكنيها. وكان البناء السكني وما يزال ينمو عشوائيا خلال ربع القرن الماضي ، وبخاصة خلال فترة ما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق.

· تعامل الدولة مع هذا النشاط الحيوي في حياة السكان من منطلق ذاتي ، فمنح الاراضي للسكن تحت بند المكافئات والعطايا هو خطأ فاضح ويجب أن يتم وفق خطط مدروسة ومبررة. التوجه الفوضوي في توزيع الأرض الحكومية للبناء والتوسع السكاني يجب أن ينسجم مع القدرة الاستيعابية للمدينة.

· ويجب أن يفعل قانون الهجرة والسكن في العاصمة الذي كان ساريا قبل الاحتلال. فما دامت الهجرة مستمرة الى العاصمة بغداد فان أزمات المياه الصالحة للشرب وخدمات الكهرباء والاتصالات والطرق المعبدة والنقل والصحة والتعليم ستستمر الى مالانهاية. وهذا ما يجب على أية حكومة وطنية أن تعرفه وتتجنبه.

5- وبالعودة الى كلمة دولة رئيس الوزراء السيد المالكي في لقائه المشار اليه في بداية المقال ، فقد حفزني حديثه عن توزيع أراضي على الفقراء للكتابة حول هذا الموضوع الهام. حيث قال ، بأنه قد قرر تقسيم أراض في بغداد خصصها للعوائل الفقيرة والأيتام والأرامل ومن في شريحتهم.

· جميل وعظيم من رئيس وزراء دولة يتذكر وينصف سيئي الحظ و أكثر شرائح المجتمع فقرا وغبنا وحرمانا وهم أولئك الذين أجبروا على العيش في ظل أسوء ظروف الفاقة في بلدنا.

· واذا ما تم تنفيذ القرار بعدالة كما أعلن وذهبت الأراضي للمستحقين فعلا فهي ستكون بالنسية للمنتفعين كوعد بالجنة ، فهل حقا سينال المهضومة حقوقهم تلك الأرض دون ابتزاز من قبل من سيكون بيدهم تنفيذ قرار الرئيس..؟

وبناء على ذلك اسوق الملاحظات التالية :

· الفقراء والأيتام والأرامل يعدون بمئات الألوف ، وبناء عليه ستحتاج لادارة خاصة تدرس الطلبات وتتحقق من المستفيدين الحقيقين. فكما نعرف سيتقدم الصفوف مدعون ومزورون وجشعون ولصوص فينبغي وضع شروط يصعب على هؤلاء اجتيازها لضمان وصول الحق الى أصحابه.

· يجب عدم التمييز بين المستحقين تحت أي اعتبار ، فالترمل واليتم والفقر لا علاقة له بدين أو طائفة ، وليس له شكل أو لون ، هويته الوحيدة وشهادة تعريفه انه عراقي ، وسيفخر بكونه ابن هذا العراٌق اذا ما ضمنت له حقوقه بدون تمييز.

· لكن أرجوك حضرة الرئيس ألا يعتبر قرارك بتوزيع الأرض دعوة للتصويت لصالحك لا يملكها آخرون غيرك ، فهو تدخل غير مباشر للتأثير على الناخبين ..؟؟

 

 

free web counter