| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

الجمعة 30/11/ 2007



يا رخص الوطن من ينشرى وينباع * ..؛؛

علي الأسدي

الهيمنة على الاحتياطي النفطي العراقي وضمان تدفقه الى الاسواق الامريكية في المستقبل، هو الهدف المركزي للتواجد العسكري في العراق. وهذه حقيقة اكدها مسؤولون امريكان سابقون وخبراء عسكريون استراتيجيون من الولايات المتحدة واوربا. المسؤولون العراقيون لهم وجهة نظرهم المخالفة، حيث يؤكدون دائما ان الامريكان قد حرروهم من الديكتاتورية الغاشمة. ويرددون بدون حرج عن ترحيبهم بالتواجد الامريكي على اراضي العراق، كما اعلن عن ذلك مرات عدة السيد الطالباني رئيس الجمهورية.

ولم يكن غريبا ان توقع الحكومة العراقية وثيقة اعلان المبادئ للتعاون بين الولايات المتحدة والعراق في الايام القليلة الماضية. وليس مستغربا ايضا ان تعلن الحكومة العراقية تعبيرا عن امتنانها لما قامت به الولايات المتحدة من تضحيات، ان تستضيف قواتآ عسكرية في قواعد دائمة على اراضيها، تعزيزآ للتعاون المشترك ولحماية الحرية في العراق والعالم.

ان النفط والتوجد العسكري هما كل ما تريد الولايات المتحدة ان تضمنهما، قبل ان تعلن عن انتهاء المهمة في بلاد الرافدين. ولم يكن ذلك ممكنا من دون ان تشعر الولايات المتحدة العرب والكورد بانهما في وضع يحتاجان فيه الى احضان الولايات المتحدة الدافئة. ان اللغة الدبلوماسية والاتصالات الحميمية بين الطرفين، لم تثمر في تمرير قانون النفط والغازالذي يحقق للشركات النفطية الاميركية حلمها القديم للعوم في بحاره العميقة.

وبرغم التلميحات غير المباشرة التي تناوب على اطلاقها بين الحين والاخر، مسؤولون في الادارة الامريكية والكونكرس، لم تستطع حكومة المالكي ان تدفع بقانون النفط والغاز، مسافة ابعد من تلك التي تفصل ادارته عن قبة المجلس النيابي الخاوية الا من بعض اعضائه. ولانعلم بحق ماذا يجري وراء الكواليس من تجاذبات، ففي كل مرة يعلن عن تقديم مشروع قانون النفط والغاز الى البرلمان، يصرح اعضائه، انه لاعلم لهم به وانهم لم يطلعوا عليه لحد الان.

لقد حزم السيد بوش امره اخيرا،وباشر بتنفيذ خارطة طريق تبدأ خيوطها من واشنطن - انقرة - كوردستان - بغداد. خارطة واضحة المعالم غير قابلة للمساومة،محورها المركزي حزب العمال الكوردستاني،وبطلها غير المساوم مائة الف عسكري بانتظار الاشارة للزحف على نواة دولة كوردستان الكبرى.

كانت النتائج سريعة، وكما توقع لها البيت الابيض ايجابية جدا وتتطابق مع ما رسم لها مسبقا. حيث بدأت خطة الطريق بزيارات مكوكية بين بغداد وانقرة، وبين بغداد واربيل، وبين واشنطن وانقرة،وبين بغداد وواشنطن. ولم يتطلب الامر ان تتحمل الانسة كوندا عناء السفر الى اي من بغداد واربيل،اذ كانت الرسائل اليهما واضحة جدا.

على الفور بادرت الحكومة العراقية والقيادات الكوردية المرعوبة، باجراءات وتعهدات للحد من النشاط الارهابي لنشطاء حزب العمال الكوردستاني التركي. ومع استمرار التحشدات العسكرية على الحدود بالتزامن مع طلعات الطائرات التركية داخل الحدود العراقية،استقبلت ورحبت وزارة النفط في اقليم كوردستان بالشركات النفطية الامريكية، للتعاقد في مجال البحث والتنقيب وتصنيع النفط في الاقليم، مما دفع وزير النفط الاتحادي حسين الشهرستاني للتعبير عن رفضه لتلك التعاقدات كونها غير شرعية ولم تقترن بموافقة وزارته.

ان المسؤولين الاكراد ايقنوا ان ابداء المرونة والكثيرمن السخاء في تعاقداتهم النفطية ومنح الافضلية للشركات الامريكية،يشكل الضمانة الاساسية لتحجيم الدور التركي ومنعه من لعب دور الشرطي على البوابة الشمالية لدولتهم غير المعلنة. وهذا بالفعل ماحصل،وهدأت العاصفة على حدود العراق الشمالية. وليس هذا فحسب، فان تعميق التعاون النفطي مع الولايات المتحدة وبالامتيازات المقدمة على حساب المصالح الوطنية العراقية، يحللهم من الالتزام بآداب الاستئذان من السلطات الاتحادية. فما تقوم به السلطات في كوردستان هو مقايضة نفط كل العراقيين مقابل السلام مع الاتراك. واصرارا على السير في هذا الاتجاه االمصلحي الوحيد الجانب، وبالضد من المصالح الوطنية لعموم لشعب العراقي، يفاوض وفد من الاقليم حاليا شركات امريكية كبرى وربما تركية وغيرها من ذوات النفوذ، لمنحها عقودا للهيمنة على المزيد من احتياطيات النفط في المنطقة الشمالية كلها.

وبفضل خطة الطريق الامريكية هذه وشفافية سلطة الاقليم لم يتبقى ما تخشاه الشركات الامريكية من عقبات، لاستكمال هيمنتها على باقي الحقول والاحتياطيات النفطية في العراق. فالقوة التفاوضية لممثلي الحكومة الاتحادية ستكون في ادنى مستوياتها، حيث لن يكون من الان وصاعدا بمقدورها ان ترفع سقف شروطها على الشركات النفطية الكبرى، لكون هذه الشركات تعمل بالفعل في كوردستان باتفاقيات تعتبر الافضل في منطقة الشرق الاوسط.

وانطلاقا من الواقع الجديد هذا لا يجد المسؤولون في الاقليم من ضرورة للرجوع الى بغداد للبت في شرعية او عدم شرعية ما يعتبرونه شأنا كورديا خالصا. وزادوا بان ردوا على الشهرستاني، بانهم سيضاعفوا عدد العقود مع الشركات الاجنبية كلما حاول تكرار تصريحاته، التي لا معنى لها ولا تلزمهم او تلزم الشركات النفطية المتعاقد معها بشيئ.

وللحقيقة فانهم على حق، لان مسودة قانون النفط والغاز الذي اشرفت على اعداده الشركات النفطية والحكومة الامريكية وكل من صندوق النفط الدولي والبنك الدولي ، نص بوضوح غير قابل للتأويل على احقية الاقاليم والمحافظات النفطية على توقيع العقود مع الشركات النفطية. وواضح من هذا النص وغيره ان شركات النفط الكبرى كان لها النية المسبقة للحط من قوة المفاوض العراقي،سواء كان وزارة اتحادية او محافظة نفطية او اقليما، وهذا ما حدث و يحدث الان بالفعل في كوردستان.

ان كل ذلك يصب في صالح الشركات النفطية الاحتكارية. تلك الشركات التي تحتل الصدارة في ممارسة الفساد وشراء ذمم المسؤولين مقابل تغاضيهم عن هدرحقوق شعوبهم.

ان المسؤولين في اقليم كوردستان يتصرفون بثروات كل المواطنين العرب والاكراد وكأنها ثرواتهم الخاصة، تماما كما كان يفعل ديكتاتور العرب والاكراد.

* "
 مع الاعتذار للشاعروالاديب المبدع عريان السيد خلف "

 


 

free web counter