| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

الأحد 2/12/ 2007



الفنانون العراقيون ... الصورة المنسية عن العراقي الاخر..،،
(بمناسبة رحيل الفنان المبدع راسم الجميلي)

علي الأسدي

اكاد اعرفهم جميعا،وان لم ارتبط بعلاقة صداقة او تعارف مع احدهم. لقد تعرفت عليهم عبرالمسرح وقاعات الرسم والنحت، وعبرالراديو والصحافة والشاشة الصغيرة، فكانوا لي كالوطن احمله اينما حللت اثناء رحيلي وترحالي في بلدان المهجر الاجباري. جنود مجهولون نذروا حياتهم للتواصل مع شعبهم وشعوب العالم الاخرى عبر الغناء والموسيقى والشعر والمسرح والسينما. بعبارة ادق عبر الجمال والابداع والتألق.
حمل الفنانون هموم شعبهم الكبيرة اينما حلوا وكانوا لصيقين به، فعبروا عن معاناته وتضحياته وانتكاساته، وساندوا نضالاته وانتفاضاته من اجل حياة افضل. لقد حملوا رسالة مقدسة هي خدمة شعبهم بتعزيز ثقافة التسامح والتفاهم والانفتاح على الاخر وكبح التطرف بمختلف اشكاله. وعندما هبت عاصفة الكراهية الغريبة من وراء الحدود، حاولوا ماستطاعوا وقف تداعياتها على ثقافة التسامح التي عايشوها وعملواطويلا على تنشئتها وتعزيزها. كما حاولوا جاهدين استيعاب وامتصاص صدمتها الاولى والاحتفاظ برباطة الجأش والتحلي بالامل ولكن من دون جدوى.
لقد كانت العاصفة عدائية لكل ماهو جميل وخيرومبدع،وبالنسبة لهم وهم اصحاب الحس المرهف تجربة شديدة القسوة لم يألفوا مثيلا لها.لقد شاهدوا بام عيونهم مخلفات التاريخ البائد تظهر للحياة من جديد، من جهل وتشدد ديني وتعصب مذهبي وعنصري وجنوح اجرامي فريد في قسوته وساديته، لم يراعي اي اعراف اوقيم دينية اوحدود اخلاقية. لقد عطلت هذه الهجمة الشرسة من الغرباء والجهلة سلطة القانون وقدرة العقل على فهم ما يجري، وفيما اذا كان هذا يمثل سياسة نظام ام زمرة متوحشين.
لقد توقفت سبل الحياة كليا امام فناني الشعب، حيث اطفئت انوار المسارح والسينمات، واغلقت مكاتب التسجيل وقاعات التدريب والتمثيل والاخراج والديكور.والاكثر من ذلك لم يعد الناس يسمعوا اصوات اغاني مطربي وفناني الشعب المحببة في المقاهي والمتاجر وحتى البيوت. وراح اطفال لاهون بالاسلحة الحديثة يفجرون ويقتلون ويهددوا بالقتل ما شائوا بأسم الدين والشريعة والابتزاز.
وفوق ذلك كله تجاهل الحكومة وبالاخص المتنورون منها لدور هذه الكوكبة من كنوز الثروة الثقافية والتراثية التي لا تقدر يثمن. ولو امتد هذا التجاهل والتهميش لفترة قصيرة عابرة ، لما وجه اللوم لاحد في الحكومة اوالبرلمان.لكن الحاصل بالفعل هو الالغاء ومحاولة نسيان رموز الثقافة والتراث،وهذا غير مقبول ابدا. ان التخلي عن رموزالتراث و ثقافة الشعب كمن يلغي تاريخ وحاضر ومستقبل شعب.
ان فنانينا يلوذون بالصمت، وهم الوحيدون الابطال الذين لم يمدوا يد المساعدة لاعداء العراق في هجمتهم على شعبه الصامد الصبور. فهل يصح ان تترك هذه الكوكبة النظيفة المحبة والمحبوبة للشعب ضحية التشرد والحرمان والتجاهل؟ انهم يتساقطون كاوراق الخريف بعيدا عن وطنهم الذي احبوه وتغنوا به وله. اخر من رحل غريبا عن الوطن عملاق الكوميديا ومعشوق ملايين العراقيين الفنان راسم الجميلي. انصفوا تراث العراق..بحصر اعدادهم اينما يكونوا ووضعهم على قائمة الكفاءات النادرة واحتساب رواتب مجزية لهم وباثر رجعي. بذلك فقط تكون خطواتكم مباركة من الشعب والتاريخ.
 


 

free web counter