| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

                                                                                 الثلاثاء 29/11/ 2011

 

كان اليورو سببا لغزو العراق ، فهل سيكون سببا لضرب ايران.... ؟؟
(2) الأخير

تعريب : علي ألأسدي

The Proposed Iranian Oil Bourse
By : Krassimir Petrov , Ph.D.*

Austrian Macro Economic / Investment Strategist
Commissioned by : J. Douglas Bowey and Associates
January 20,2006

"البورصة الايرانية المقترحة لتجارة النفط ستعجل في انهيار الدولار ، ومن ثم انهيار الامبراطورية الأمريكية"
                                                                                                   (كراسيمير بيتروف)

تفاصيل الدوافع الحقيقية لغزو العراق من قبل الولايات المتحدة بقيت خفية على الكثير منا في ظل ضجيج اعلامي غير مسبوق عن أسلحة محرمة دوليا مخبأة في مكان ما جاءوا ليبحثوا عنها. نفس السيناريو يتكرر الآن ، وهذه المرة حول دولة أخرى هي ايران ، وتحت نفس المبررات ، وبغطاء اعلامي مشابه لذاك الذي سبق غزو العراق. السيناريو يتكرر، لكن تنفيذه سيأخذ ربما الأسلوب الذي نفذ على ليبيا لفرض ادارة جديدة لاستغلال موارد البلاد الطبيعية والجيوسياسية. أثبت الأسلوب نجاحا ، ولم يسبب ضحايا بشرية أمريكية أو غربية ، وكونه أقل تكاليفا مادية وسياسية مقارنة بالسيناريو العراقي في 2003. فالأسباب التي سيقت حينها لغزو بلادنا ، تكاد تكون متطابقة للأسباب المعلنة التي تتداولها وسائل الاعلام العالمية حول ايران. الأسباب غير المعلنة هي مداربحث الاستاذ بيتروف في الجزء الثاني والأخير من الدراسة أدناه.

ثانيا – بورصة النفط الايرانية العالمية

الحكومة الايرانية قررت افتتاح بورصة عالمية لتجارة النفط تقوم على نظام للتعامل باليورو. من الناحية الاقتصادية يشكل هذا التحول من جانب ايران خطرا على هيمنة الدولاراكبر من الخطر الذي شكله قرار صدام عندما توقف عن قبول مدفوعات مشتري نفطه بالدولار ، لأن البورصة الايرانية ستتيح لأي جهة بشراء او بيع النفط بعملة اليورو ، ما يعني الحط من الدولار واهماله نهائيا. واذا ما تم ذلك وقامت البورصة النفطية فان أكثر بلدان العالم ستتبنى نظام اليورو ، وذلك للمنافع التالية:

1- سيكون الأوربيون غير ملزمين بشراء أو الاحتفاظ بالدولارالأمريكي من اجل تأمين مدفوعاتهم عند شراء النفط ، وسيكون بمقدورهم شراء النفط بعملاتهم المحلية أو باليورو.
2- اليابانيون والصينيون سينتفعون من شراء نفطهم من البورصة ، لأنهما سيتمكنان من تخفيض احتياطاتهم النقدية الضخمة من الدولار والتوجه ناحية اليورو ، وبذلك يتحاشون الاضطرابات التي يتسبب بها انخفاض قيمة الدولار في السوق الدولية.
3- وللروس أيضا مصلحة اقتصادية في استخدام اليورو بدل الدولار ، لأن معظم تجارتهم تتم مع اوربا. وحيث باشر الروس منذ عهد قر يب بالتخلص من الدولار كاحتياطي نقدي ، وتتوجه نحو حيازة المزيد من الذهب بدلا عنه. من جانب آخر ستتمكن روسيا من اجراء المبادلات التجارية مع كل من الصين واليابان باليورو. وأمام تصاعد الشعور القومي داخل روسيا فقد برز اتجاه التقارب مع أوربا على حساب الولايات المتحدة بالتخلص من الدولارعبر تبني اليورو ،
4- الدول العربية المصدرة للنفط سيكون من مصلحتها التحول إلى اليورو للتخلص من جبال العملة الأمريكية من الورق الأخضر المتناقص القيمة. وهي كروسيا جل تجارتها مع أوربا وهي لذلك تفضل عملة اليورو المستقرة على الدولار المتقلب.
في هذه الحالة فان البريطانيين وحدهم سيجدون انفسهم بين الصخر والأرض الوعرة ، فهناك علاقة ستراتيجية مع الأمريكيين لأمد طويل ، لكنهم أيضا يحرصون على ابقاء علاقاتهم مع أوربا على أعلى مستوى. للبريطانيين كل الأسباب للاستفادة والوقوف إلى جانب أوربا. لكن اذا ما شعروا أن حليفهم القديم ينهار ، هل يقفون بقوة معه ، ام سيديرون له ظهورهم؟ لحد الآن علينا أن نتذكر بان الاثنين يقودون تجارة النفط العالمية من نيويورك (NYMEX) وبورصة لندن (IPE ) ، ومع ذلك فان الاثنين ( البورصتين ) مملوكتين للأمريكان. والاحتمال المتوقع هو أما أن يغرق البريطانيين مع السفينة الموشكة على الغرق ، أم سيجدلون أنفسهم للاضرار بمصالحهم في بورصة لندن. ويمكن فهم لماذا لم تتبنى بريطانيا لحد الآن اليورو ، اذ من الواضح أن الأمريكان قد طالبوهم بعدم الانضمام ، بدون ذلك فان بورصة لندن كانت ستتبنى اليورو ، وهذا لو حصل فانه سيدمي شريكهم الستراتيجي ، لأنه سيلحق الضرر بالدولار.
وبصرف النظرعما يقرره البريطانيون هل سيكون لبورصة ايران النفطية القابلية لتحقيق مصالح الأوربيين والروس والصينيين والعرب بتبني اليورو ورفع الغطاء عن الدولار؟ الولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح بحدوث ذلك ، واذا كان ضروريا فانها ستستخدم مختلف الاستعدادات الستراتيجية لوقف أو تقييد عمليات المبادلات التجارية في البورصة ، مثل :
1- اعاقة المبادلات التجارية والمالية عن طريق نشر الفايروسات في شبكات الانترنيت والاتصالات ، أو من خلال عمليات مشابهة لما حدث في الحادي عشر من سبتمبر 2001 لضرب أو تدمير البنية التحتية الايرانية.
2- تشجيع الانقلاب العسكري للاطاحة بالنظام الايراني الحالي ، وهو أسلوب استخدمه الأمريكيون في العديد من الدول في مناسبات كثيرة في الماضي ( انقلاب الجنرال زاهدي عام 1953 ضد حكومة الدكتور مصدق الذي أمم النفط الايراني وطرد الشركات الأمريكية من البلاد كان واحدا من تلك المحاولات الناجحة التي استعادت بفضله شركات النفط هيمنتها على نفط ايران - المترجم ) .
3- التفاوض وفق شروط مسبقة وهو احد الأساليب التي تستخدمها الولايات المتحدة لفرض قرارتها على الآخرين. ورغم أن الانقلاب أو العمل التخريبي فان فرض شروط والتفاوض بناء عليها يعتبر خيارا محتملا.
4- استصدار قرار من مجلس الأمن لاستخدام العمل العسكري ، لكن هذا لا يمكن ضمانه بسبب وجود أعضاء مثل روسيا والصين التي لها علاقات طيبةمع ايران. وتجربة فرض عقوبات على ايران بسبب برنامجها النووي مثالا على ذلك.
5- شن ضربة عسكرية باستخدام سلاحا نوويا محدودا ، وهذا هو أفظع الاساليب الستراتيجية التي يمكن أن تفكر بها الولايات المتحدة. في هذه الحالة يمكن أن تستخدم اسرائيل للقيام بهذه المهمة القذرة.
6- القيام بحرب شاملة ، وهذه أيضا من أفظع الأساليب التي يمكن أن تلجأ اليها الولايات المتحدة ، وكان الجيش الأمريكي قد سبق له أن قام بمثل هذه الحرب. لكن هناك عقبات تقف في طريقها ، 1- قد تثير الولايات المتحدة بتصرفها هذا قوى عظمى. و2- قد تقوم بعض الدول باتخاذ مواقف ثأرية ، وتقرر التخلص من الدولار كجزء من احتياطيها النقدي لمنع الولايات المتحدة من تمويل عملياتها البوليسية. و3- لايران حليف ستراتيجي كالصين وهي دولة قوية قد تندفع للانخراط في الحرب إلى جانب ايران. و4- لايران اصدقاء حسني السمعة مثل الهند والصين وروسيا المكونين لمجموعة شنغهاي للتعاون يمكن أن يشكلوا ضغطا على الولايات المتحدة لمنعها من مثل هذه الخطوة.

ثالثا- انهيار الدولار الأمريكي
انهيار الدولار الأمريكي سيسرع في تصاعد التضخم في الولايات المتحدة ، وسيدفع بسعر الفائدة إلى الارتفاع أكثر فأكثرفي المديين القصير والبعيد. عند هذه النقطة ستجد الحكومة الفيدرالية نفسها أمام خيارين كارثيين متساويين هما الكساد أو التضخم المفرط. ففي الخيار الأول وهو الكساد ، تنهار الأسعار ويتسارع الانهيار المالي ، الخيار هنا هو اتخاذ الطريق الأسهل للخروج من خلال تسريع التضخم بواسطة ضخ الأموال إلى المؤسسات المالية. وعاجلا أو آجلا سيزيد هذا الضغط على الدولار في وقت تبدأ بالظهور آثار التضخم السيئة ، عندها ستبدأ الضغوط على بنك الاحتياطي الفيدرالي ليتخذ موقفا للحد منه. لكن التضخم المفرط لا يبدأ أو يظهر فجأة ، بل يأخذ عادة عدة سنوات قبل أن ينهار.فالتضخم الذي بدأ في عام 1920 في الولايات المتحدة لم ينتهي إلا في عام 1923 بعد أن سبب أضرارا مدمرة لدولار الأمريكي. وفي روسيا وبلغاريا الاشتراكيتين السابقتين ساد وضعا مشابها منتصف التسعينيات ، وقد استغرق التضخم المفرط فيهما بين 7 – 8 سنوات قبل أن يدمرعملة البلدين. لكن بسبب أن الدولار الأمريكي يشكل الاحتياطي النقدي العالمي فان التضخم المفرط يأخذ طريقا مختلفا تماما عن التضخم في التاريخ. حيث هناك عشرات التريليونات من الدولارات مهيمنة على الدين السيادي للدول المختلفة في العالم اضافة للأوراق المالية . ومهما كانت سرعة تصاعد التضخم المفرط فان المواطن الأمريكي العادي سيواجه عدة خيارات لحماية نفسه من آثار التضخم.
1- الناس تتجه في حالة مثل هذه إلى عملات ورقية أخرى مستقرة في البلدان المجاورة ، مثل الدولار الكندي والبيزو المكسيكية. لكن تلك الفرص تكون أحيانا محدودة ومعقدة بنفس الوقت ، وخاصة عندما تكون الدولة المعنية بالعملة البديلة تفرض رقابة صارمة وضوابط على تداول عملتها المحلية.
2- قد يتجه المواطنون نحو تحويل ما بحوزتهم من عملات إلى ممتلكات ثابتة كالأراضي والمساكن ، لكن المالكين غالبا ما يرفضون قبول العملية التضخمية ، وبسرعة تختفي الممتلكات من السوق. وفي هناك خيارات أخرى أمام المواطنين العاديين لحماية أنفسهم ، فربما يتمكن البعض منهم إلى شراء الذهب والفضة ، وهذا سيدفع أسعار هذين المعدنين إلى أعلى فأعلى . كما ان البنوك المركزية لا تجد سبيلا غير الذهب ، وذلك لأنه في وقت الأزمة يخشى البنك المركزي الاحتفاظ بكميات كبيرة من الأوراق النقدية غير المضمونة بالذهب. ومن ناحية اخرى لا يستطيع البنك المركزي تحويل عملاته الورقية إلى ممتلكات ثابته مثل الأراضي والبيوت.لذلك لا خيار للبنوك المركزية غير تحويل احتياطياتها من النقد الورقي إلى العملة الصعبة المعروفة تاريخيا بالذهب. وفي وقت الأزمات وعبر التاريخ كان الذهب هو الملاذ الأخير والآمن. لذلك وعندما يتجه الناس والبنوك المركزية للتخلص من عملاتهم المضطربة وقت التضخم باتجاه الذهب فان أسعاره تحلق عاليا في السماء ، وفي هذه الحالة لا مناص ولا فرق.


*
الاستاذ كراسيمير بيتروف
حائز على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة أوهايو الأمريكية ، ويعمل حاليا استاذا للاقتصاد الكلي والمالية الدولية في الجامعة الأمريكية في بلغاريا.

 




 

free web counter