| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

                                                           الثلاثاء 29/1/ 2013

 

المحذور الذي كنا نخشاه ... قد وقع ؛؛؛

علي ألأسدي

ليس المهم من أطلق النار أولا ، بل المهم والأهم هو اطلاق النار ذاته ، ففيه تكمن ألسنة اللهب التي ستكوينا جميعا ، بينما لم نشف بعد من حرائق 2006 وما بعدها ، فلماذا حصل هذا ، ومن المستفيد اذا كان الضرر يصيب الجميع كما اصاب الجميع من قبل ..؟

" ضبط النفس " عبارة بالغة الدلالة يرددها العقلانيون حين يغلب التوتر على التفكير السليم ، والانتقام على التسامح ، والفوضى على النظام والقانون ، فلماذا تناستها قوى الصراع الدائر اليوم في عراق اليوم ..؟

الأمور لم تخرج عن السيطرة بعد ، فهناك من الوقت ما يكفي لبناء جسور جديدة من الثقة بين ممثلي المجتمعين العراقيين ، وبين السلطات السياسية والأمنية وقيادات التظاهرات الشعبية في الفلوجة وغيرها من المناطق. فعبر الحوار متعدد القنوات ، العشائرية وجمعيات المجتمع المدني ورجال الدين يمكن خفض وتيرة الغضب ومنع تحول مظاهرات المحتجين الى العنف واستخدام السلاح بكل صوره ، فهذا يدفع الى المزيد من التوتر والعنف الذي لا يخدم غير اعداء استقرار العراق.

مشكلتنا في العراق ان العديد من دول الجوار مثل ايران وتركيا وبعض دول الخليج لا تريد للعراق الاستقرار ، وتسعى لتقسيمه واضعافه تحقيقا لاطماع سياسية واقتصادية. فتركيا لها اطماعها العثمانية في الشمال العراقي الغني بالنفط والغاز. وفي مقالي السابق " لا تصبوا الزيت على النار .. بل اخمدوها " أشرت الى أن شركات النفط والغاز لها دورا تلعبه ، وقد تنجح في خدمة مصالحها بالسبل التي تختارها لتأجيج الغضب الجماهيري ، فتقسيم العراق الذي تم تداوله في عام 2006 كان واحدا من خياراتها.

الدروس كثيرة هذه الأيام ، وفيها من التجارب ما ينفعنا في التعامل مع الأحداث المتسارعة ، وللتوصل الى الحلول التي تخدم مصلحتنا جميعا ، فالدرس الليبي ما يزال حيا في الذاكرة ، والدرس السوري ماثلا للعيان. قطر اليوم أداة فعالة لتنفيذ مصالح الاحتكارات النفطية العالمية ، فقد استخدمت في نقل الاسلحة والاموال والمدربين للمجاميع المسلحة التي حاربت القذافي لتفوز بما وعدت به من حصص في الثروة الليبية من النفط والغاز أسوة بشركات فرنسية وايطالية وبريطانية وامريكية. ولا نستبعد ابدا أن تبدأ نشاطها التخريبي انطلاقا من مناطق التوتر ، تحت ستارالتضامن والتعاطف مع المحتجين.

قصر النظر الذي يقع فيه بعض مسئولينا السياسيين يمنح الفرصة للقوى الاجنبية للنفاذ الى بيتنا الداخلي ، للعبث باستقرارنا و تعطيل جهودنا الانمائية لتحقيق ازدهار اقتصادنا وأمننا. لا ينبغي أبدا اعطاء المبرر للقوى الأجنبية للتدخل ، بعبارة أخرى يجب بذل المستحيل لاعادة ثقة الجماهير في مناطق التوتر بالسلطة السياسية ، فمهما نفذت من مطالبها فهو في نتيجة المطاف انتصار للشعب كله.

ما بذل من جهد منذ الغزو الامريكي لبلادنا للحفاظ على وحدتنا الوطنية وترسيخها يتعرض اليوم للانهيار للمرة الثانية خلال فترة ما بعد الاحتلال. ومع علم أكثرية سياسيينا أن انفراد أي قوة سياسية أو اثنية أو مذهبية في الحكم ليس فقط غير ضروري وغير مقبول من عامة شعبنا ، بل لأنه يتعارض مع الديمقراطية التي اخترناها باكثرية ساحقة بديلا للديكتاتورية وحكم الحزب الواحد ، ولأنها صمام الأمن لوحدة شعبنا ووطننا.

نقف اليوم على مفترق الطرق فاما أن نسير معا موحدين نحو عراق ديمقراطي نتساوى فيه بمسراتنا واتراحنا أو الافتراق ، وحيث كل يأخذ طريقه الى المجهول وهو أسوء الخيارات وأقربها الى ضياعنا جميعا. علينا أن نترك مرة والى الأبد كلمات مثل نحن وهم ، فاذا لم نستطع ، أو نصر على استخدامها في حياتنا اليومية الى ما لانهاية ، فلا مفر عندها من العودة الى الصحراء والغابة لنبدأ من هناك تجربة الحياة ماقبل الحضارات الانسانية.







 

 

 

free web counter