| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

الأربعاء 29/7/ 2009

 

مقتدى الصدر ومباحثات المجلس السياسي للمقاومة
مع الأمريكان في أنقرة....؟؟

علي ألأسدي - البصرة

اختتم مجلس النواب العراقي دورته التشريعية الصيفية بجلسة غريبة في حواراتها ربما هي الأغرب في تاريخ المجلس منذ انتخابه قبل حوالي الأربع سنوات. في تلك الجلسة التي عقدت في 27 / 07 /09 انتقد النواب الولايات المتحدة الأمريكية لانتهاكها السيادة العراقية بتوقيعها البروتوكول مع المجلس السياسي لما يسمى بالمقاومة العراقية بوساطة تركيا التي استضافت المباحثات في عاصمتها. أمر مثير للضحك والحزن في آن. فالنواب الذين تحدثوا عن الموضوع لم يطلعوا على فحوى المباحثات ولا على البروتكول ، لكنهم أبدوا أرائهم بحرية بناء على ما قيل في وسائل الاعلام التي نقلت الخبر عن ممثل المجلس السياسي المدعو علي الجبوري. لم يفكر المتحدثون في أبعاد وظروف المحادثات ، وفيما إذا كانت تنسجم مع دور الولايات المتحدة في حفظ الأمن وتحقيق الاستقرار في العراق الذي نصت عليه الاتفاقية الأمنية بين البلدين. بل راحوا يتنافسون في إبداء مشاعر الامتعاض من الأمريكان الذين عبّدوا لهم الطريق إلى المجلس الذي يتحدثون باسمه ، والأمريكان ما يزالون يسهرون على حمايتهم في الجو كما في الأرض والبحر. وكان عليهم أن لا يضيعوا الوقت في خطابات لا معنى لها قبل أن يتعرفوا على موضوع المباحثات ومن شارك فيها من غير الذين ذكرتهم وسائل الإعلام وعلى رد الأمريكان جوابا على استفسار الخارجية العراقية.

وقبل أن تتحول جلسة المجلس إلى مغلقة تحدث بعض الأعضاء عن الموضوع بطلاقة لسان ليتهم تحدثوا بمثلها عن أزمة الكهرباء والفساد في وزارة الصحة والتعليم والنفط ومجالس المحافظات وأزمة المياه مع تركيا وسوريا التي تلحق الكوارث بالزراعة والمزارعين العراقيين. إن ما قيل عن عدم إحاطة الحكومة علما بالمحادثات ليس واقعا ، فالحكومة ليست بعيدة عنها كما يتصور البعض، ولم تكن زيارة السيد مقتدى الصدر إلى تركيا بعيدة عنها أيضا ، وما الضجة الإعلامية إلا جزء من سيناريو مسرحية ساخرة. سبحان من أوحى للصدر للهبوط من قم المقدسة ليذهب بزيارة عمل إلى أنقرة في نفس الفترة التي كانت المحادثات معقودة بين ممثلي الولايات المتحدة وتركيا والمجلس السياسي للمقاومة. لم يعلن عن موعد وموضوع ونتائج زيارة الصدر المعروف بمعارضته للاحتلال والتفاوض معه ، وهو يعرف دور تركيا بالوساطة في محادثات دمشق وتل أبيب. ولم يتأخر سماحته طويلا حتى حل ضيفا كريما على دمشق الحاضنة لأبطال المقاومة من كل صنف وفي مقدمتهم البعثيون. إن المسرحية الساخرة لم تنتهي دون أن يكون لأيران دورها ورؤيتها وشروطها في كل ما يجري في بغداد وأنقرة ودمشق ، ولكن من وراء الكواليس فهي تجيد التمثيل لكن خبرتها في الاخراج باهرة.

أما ما دار في جلسة مجلس النواب الحماسية فقد وردت مقتطفات منها في البيان الذي أصدرته الدائرة الإعلامية لمجلس النواب أنقلها نصا كما وردت في البيان.

" ناقش المجلس الاجتماع الذي جمع ما يسمى بالمجلس السياسي للمقاومة بمسؤولين أميركيين برعاية تركية وفق ما تناقلته وسائل الإعلام، حيث طالب النائب حسن الشمري باستضافة وزير الخارجية لإيضاح الموضوع وابدى رفض كتلة الفضيلة لعقد الإجتماع لتعارضه مع الدستور العراقي. واعتبر النائب قيس العامري عقد هذه الاجتماعات خرقا للسيادة العراقية والاتفاقية المبرمة مع الولايات المتحدة وطالب بتبليغ الاحتجاج العراقي الى السفير التركي. فيما اشار النائب حميد مجيد موسى إلى أن الاجتماع "تدخل في الشأن العراقي وليس من حق الجارة تركيا القيام باستضافة الإرهابيين الذين يقتلون ابناء الشعب العراقي" وطالب بتفعيل المصالحة الوطنية ليلجأ العراقيون الى بعضهم البعض وبذلك يتم تفويت الفرصة على من يريد التدخل بالشأن العراقي.

من جانبه طالب النائب وائل عبداللطيف بتأسيس العلاقة بين جمهورية العراق وتركيا على أساس عدة معطيات منها الاجتماع الأخير في تركيا وموضوع المياه إضافة الى القصف التركي المستمر للقرى والقصبات العراقية. اما النائب محسن السعدون فقد دعا الحكومة إلى إعادة النظر في العلاقة مع الدول التي ترعى الإرهاب وتساعد على إيذاء الشعب العراقي وان تقوم بمعاملة هذه الدول بالمثل.

واكد النائب فلاح شنشل على ضرورة استدعاء السفيرين التركي والأمريكي من قبل الحكومة العراقية لإبلاغهم الإحتجاج العراقي، فيما طالب النائب محمد ناجي باستدعاء السفير العراقي لدى تركيا، اما النائب محمود عثمان فقد اشار الى ان المجلس السياسي للمقاومة لا يؤمن بالعملية السياسية الجارية في العراق وعليه لا ينبغي التحاور معه مطالبا بالكشف عن الجهات التي شاركت في الإجتماع ليطلع عليها الشعب.

وعبر النائب ظافر العاني عن رفضه التام لأي مؤتمر يجري في الخارج يستهدف استقرار العراق، فيما بين النائب سليم الجبوري ان هناك ضرورة لمناقشة الموضوع مع جهة ممثلة عن الحكومة العراقية لمعرفة اذا كانت الحكومة الأمريكية تعلم بهذا الاجتماع وكيفية تعامل الحكومة مع الأمر، وأخيرا طالب رئيس لجنة العلاقات الخارجية من رئيس مجلس النواب إعداد ملف عن هذا الموضوع وتقديمه للحكومة العراقية التي يجب عليها ان تصدر بيانا رسميا بهذا الشأن ".

هكذا تحدث أعضاء مجلس النواب ، وكأنهم في مسابقة خطابية مع أنهم يعرفون أن الكلمات لا تشبع جوعان ، ولا توفر فرصة عمل لعاطل ، ولا تعيد ليتيم بسمة. لكن الكثيرمن النواب وربما جميعهم أشاد بجهود الولايات المتحدة عندما نجحت في تشكيل قوات الصحوة التي كان لها الفضل في تحجيم إرهابي القاعدة وطردهم من مناطق عديدة من البلاد. ألا تنسجم محاولة الولايات المتحدة وتركيا الأخيرة مع الاتجاه نفسه الذي أثمر حركة الصحوة؟

فما قامت به الولايات المتحدة حينها كان نجاحا متميزا ما كان بالامكان تحقيقه أبدا لو ترك الأمر لقادة التكتلات السياسية التي لم تكن وليس لها الرغبة والجرأة والرؤى لاجراء حوار على أي مستوى مع معارضيها. وقد علمت إن لجنة مساعي حميدة من مناضلي حركة تحرير أيرلندة الشمالية ، وأخرى من اتحاد جنوب أفريقيا قد بذلتا جهودا في موضوع المصالحة الوطنية ، لكنها فشلت بسبب عدم تعاون الجهات العراقية الرسمية. إن طريق التفاوض هو السبيل لوقف سفك الدماء وتخريب البنية التحتية لاقتصادنا المتردي ، فالحل العسكري كما أثبتت السنين الست الماضية مكلف جدا واستمراره لم يجلب غير المزيد من الضحايا. إن شعبنا سيظل يعاني ، فقط ، لأن مسؤولين في الحكومة يستنكفون الجلوس مع معارضيهم ويرفضون مساعي الآخرين للعمل نيابة عنهم ، وهذا عين الخطأ.

لقد تحدث السيد عادل برواري عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب إلى صحيفة الشرق الأوسط ردا على امتعاض بعض النواب من الموقف الأمريكي قائلا : لقد ردت السفارة الأمريكية في بغداد على استفسار الخارجية العراقية قائلا : " أن الولايات المتحدة ما زالت هي المسؤولة عن السياسية الخارجية والداخلية للعراق من خلال سعيها إلى إنجاح العملية الديمقراطية ، وأن ما حصل كان ضمن مشروع المصالحة الوطنية في البلاد، لكن دون تهميش دور الحكومة العراقية ". وقال النائب عن حزب الفضيلة السيد باسم شريف إن «الحكومة العراقية كانت قد أجرت مفاوضات في 2007 في إطار ما يعرف بالمصالحة الوطنية من خلال محاولة ضم جماعات مسلحة خارج البلاد إلى العملية السياسية»، متسائلا عن سبب «دهشة الحكومة» إزاء محادثات الأميركيين مع ممثلين عن الجماعات المسلحة.

لقد تفاوض قادة التحرير في اتحاد جنوب أفريقيا مع قتلتهم من العنصريين البيض بهدف وقف سفك الدماء وتحقيق الأمن والمباشرة بتنمية البلاد لتحسين حياة الشعب وبناء مؤسساته المدنية والرفع من مكانته بين شعوب العالم. نعم لقد جلس قادة التحرير مع العنصريين ، لأن دافعهم كان مخلصا لأماني شعبهم ، وتمكنوا اعتمادا على مبادئ التسامح التي تحلوا بها من عقد اتفاقات السلام التي فتحت عهدا جديدا أمام شعبهم ووطنهم ، إنهم لم يخسروا بل بالعكس كسبوا حب شعبهم وشعوب العالم لحكمتهم التي يضرب المثل بها الآن. لقد تفرغ قادة التحرير بعد ذك نحو المرحلة الأهم وهي بناء اقتصادهم وتوفير فرص العمل والسكن اللائق ومستوى العيش الكريم لكل أبناء الشعب.

إن الحكومة لم تتعامل بجد مع موضوع المصالحة الوطنية ، ولا تريد لأحد أن يساعدها بذلك ، فيما الشعب يدفع الثمن دما وحرمانا من الأمن ونقص الخدمات الأساسية.



البصرة 29 / 7 / 09



 

free web counter