| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

الأحد 28/12/ 2008

 

هل ينتخب البرلمان العراقي السيد حميد مجيد رئيسا له…؟

علي ألأسدي / البصرة

لقد هدأت لبعض الوقت العاصفة التي اجتاحت البرلمان العراقي باستقالة وإقالة وتقاعد رئيسه المثير للجدل الدكتور محمود المشهداني ، الرئيس الذي سيذكره تاريخ ديمقراطيتنا الغريبة بحزن مع أن الرجل في أفضل صحة وحيوية. لقد أتت الطائفية بالرجل وهي من أطاح به ولولاها لكان ما يزال في موقعه يصرخ في هذا ويقمع ذاك ويحذر بالويل والثبور لمن يتجرأ على رفع صوته عليه وهو على منصة الرئاسة. لقد كنت معجبا بالرجل وبجرأته الفريدة وتحديه للإرهاب الذي مرت به البلاد في عامي 2006 و2007 ، حيث أذكر له كلمة حق قالها بجرأة وصراحة وجاء فيها " إن الإرهابيين بأعمالهم تلك لا يقدمون أي شيئ ، ليس لهم أهداف ولا يطرحون أي برنامج ، عليهم أن يعلنوا عن ذلك ويعرفوا عن أنفسهم ، ما عدا ذلك لا فائدة من نشاطهم ". إن ذلك القول لم تقوله جبهته " جبهة التوافق " التي ينتمي إليها ولم تقوله شخصيات كثيرة من تكتلات أخرى.

إن الزوبعة التي أثيرت حول قول المشهداني بأن نصف أعضاء البرلمان عملاء لا تستحق كل ذلك ولا يجب أن تغضب أحدا لأن البرلمان بالفعل يضم أعضاء من مختلف مكوناته يجاهرون بعلاقاتهم القوية فوق العادة بالولايات المتحدة إلى درجة الطلب إليها بإقامة قواعد عسكرية في العراق دون أن يراعوا أن ذلك الطلب يغضب جماهير الشعب قبل أي جهة أخرى ، فيما أعضاء آخرون يجاهرون بخدمة مصالح إيران ويعملون أي شيئ للإيفاء بتلك الخدمة ، وإذا ما جمع عدد أولئك وهؤلاء ربما يزيد العدد عن النصف كثيرا.

إن البرلمان العراقي كان يحتاج إلى شخصية جريئة تستطيع كبح الفوضى وفرض الهدوء والنظام الذي بدا في بعض الجلسات خارجا عن السيطرة. يتطلب من البرلمان والرئاسة الجديدة أن تقدر موقف الرجل وعمله الشاق والخطر في أعقد مرحلة تاريخية مرت بها العملية السياسية والبلاد معا ، فله مني شخصيا أطيب المنى والصحة في فترة تقاعده المبكرة جدا.

تبقى مسألة الرئاسة الجديدة وأحاديث الساسة وراء الكواليس ، والترقب الذي يشغل كثيرين وفيما إذا ستخرج الكتل السياسية عن المنهج الطائفي وتأخذ بالمنهج الوطني الذي يخدم الجميع بدون استثناء. أود هنا أن أخوض في موضوع اختيار الرئيس الجديد للبرلمان العراقي من منطلق متجرد تماما من أي تعصب طائفي قومي أو حزبي ولكن من موقع منحاز جدا ومتطرف جدا لمصلحة – الشعب والوطن العراقي -

إن شخصية السيد حميد مجيد موسى التي نذرت نفسها ووضعت حزبها في محك وموقف لا تحسد عليه ، لكنها أرادت خدمة وإنجاح العملية السياسية والنأي بها عن المصالح الضيقة التي جسدتها المحاصصة الطائفية خلال الأعوام الماضية والتي لم تجلب للبلاد غيرعدم الاستقرار والعودة به إلى الوراء عقودا من السنين. لقد أثبتت شخصية السيد حميد مجيد موسى ترفعها عن تلك المصالح وبقيت أمينة للوطن والوطن فحسب ، ولا شك بأن أغلب أعضاء البرلمان يعرفون عنه ذلك وأن كثيرا منهم يشهدون له بقدرته الفريدة على التعبير عن الاستقامة والمثابرة في جعل البرلمان السلطة التشريعية لا اسما بل عملا وانضباطا مسئولا في مراقبة السلطات كافة بكل تجرد و مسئولية وطنية. إن الفترة التي قضاها عضوا في البرلمان أثبتت حياديته في علاقته مع الجميع ، وهو زعيم الحزب الوحيد في العراق وفي البرلمان الذي ينضوي في صفوفه كل مكونات شعبنا العراقي ، ففيه الشيعة والسنة و المسيحيين والمندائيين والشبك والأيزيديين والكاكائيين عربا وأكرادا وتركمانا ، وجميعهم يتمتعون بدون تمييز في الترشح إلى كل المواقع في الحزب ، أما تاريخ حزبه الحزب الشيوعي العراقي فيشهد على عدم طائفيته أو عنصريته ، حيث تداولت قيادته منذ تأسيسه في عام 1934 شخصيات من كل الآديان والقوميات والطوائف ، فمؤسسه الراحل يوسف سلمان مسيحي يساعده في القيادة شيعي وسني ومندائي وكردي، تلاه بهاء الدين نوري كوردي ، وتقلد بعده القيادة حسين الرضوي عربي شيعي ، وبعده عزيز محمد كردي ، ليحل مكانه السيد حميد مجيد عربي مسلم من الحلة. إن الحزب أقدم الأحزاب العراقية على الإطلاق منذ تأسيس الدولة في العشرينيات من القرن الماضي. إنه أكثر القوى السياسية فعالية وقدرة على التجديد والعطاء والتضحية من أجل الوطن والشعب خلال أكثر من سبعة عقود من السنين. إنه الحزب الوحيد الذي يبني علاقاته مع جميع القوى السياسية دون مصالح ضيقة أو تعال أو تجاهل أو غرور او استخفاف بصرف النظر عن حجم هذه القوة أو الحزب. إن السيد حميد مجيد ولا شك الشخصية الأصلح في هذا الظرف الحرج من حياة البرلمان ومستقبل نشاطه.

إنني أدرك أن عددا من القوى اليسارية في العراق تنتقد السيد حميد مجيد لحماسه اللامحدود لإنجاح العملية السياسية وتعزيز الديمقراطية الوليدة في بلادنا ، وأعرف أن ما أفصح به هنا سيثير حماسة البعض لنقد هذا الرأي والتقليل من أهميته ، لكني مقتنع أن أشكال الكفاح السياسي متنوعة وكثيرة وكل طرف له أسلوبه الذي يعتقد بصحته ويعمل وفقه للوصول إلى أهدافه ، وأن السياسة التي يدافع عنها السيد حميد مجيد هي واحدة من تلك الأساليب التي يراها الأفضل في ظروفنا لخدمة شعبنا العراقي.

إن أعضاء البرلمان أمام منعطف جديد وهام وعليهم ممارسة الجرأة والتصرف بمسئولية لاختيار الأصلح لرئاسة برلمانهم الرجل الذي لن يخذل شعبه أبدا.


 

free web counter