| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

الأثنين 26/1/ 2009



هل يفوز بالجنة من ينتخب ذوي الأكف البيضاء.. ؛؛؛

علي ألأسدي

لم يتبقى إلا أياما على حساب الأرباح والخسائر الذي يستعد لجرده 14456 متنافس على 440 مقعدا يتشبث البعض منهم بالمستحيل للفوز بها فهي بالنسبة لهم مقاعد من الذهب الخالص. لقد أحجم الكثير من المحللين السياسيين عن الخوض في التوقعات حول نتائج ما ستسفر عنه الحملات الدعائية الممهدة لانتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراءها نهاية الشهر الحالي. فالمحللون السياسيون أمام ظاهرة انتخابية جديدة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الديمقراطية في العالم ، فقد اتسمت الحملة الدعائية بالغرابة والتعقيد بما لا يقاس مقارنة بأي انتخابات غريبة جرت في دول العالم المتخلف. فالوعد بالجنة كان واحدا من المكافئات لناخبي قوائم معينة زينت صور مرشحيها بعبارات المأساة الكربلائية وأسماء شهداء واقعة الطف ، فيما أخرى التزمت بضمان الوظائف في مؤسسات الدولة ورواتب مجزية لناخبي مرشحيها ، بينما اكتفت قوائم أخرى بتوزيع مبالغ نقدية وهدايا عينية هبطت عليها من السماء.

انتخابات بهذا الابتكار والتنوع والإغراءات التي لا تخطر ببال لم يسمع عنها من قبل ، ويحار المرء في تفسير الهدف من كل هذه الإغراءات وفيما إذا كان للمصلحة الوطنية أي شيئ منها؟ ووفق أي تقييم أو دراسة ميدانية أو تخيلية يصعب الخروج بنتيجة تقريبية عن نصيب هذه القائمة أو تلك الكتلة الجديدة من المقاعد في مجالس المحافظات المنتخبة. وسيكون من الصعب جدا الخروج بتقدير ما عن عدد من يتوقع فوزهم من قائمة الحزب الإسلامي مثلا الذي كانت وعوده للناخبين مزيجا من الوعود بالجنة والتوظيف في دوائر الدولة المتخمة أصلا بموظفين زائدين عن الحاجة.

إن أي محلل سياسي خبير وليس مستجد مثلي لن يستطيع أن يتوقع على وجه التقريب عدد الفائزين من قائمة شهيد المحراب برغم ما امتلك ذلك الخبير من قدرات في مجال التنبؤات واستقراء خيارات الناخبين ، لأن الخيارات هنا محدودة جدا فالناخب هنا لا يبحث عن كفاءة من ينتخب وإنما عن رضا شهيد المحراب وهو في عالمه الآخر أو شيئ من هذا. وهكذا مع أصحاب بعض القوائم العلمانية التي صاغت برامجها اعتمادا على وعود بإعادة هيبة الدولة ورجالها المخلصين من رجال ونساء ورؤساء عشائر العهد السابق الذين ينتظرون في عمان وعواصم أخرى لاستلام مواقعهم وامتيازاتهم التي فقدوها في ظل العهد الجديد.

لكني لم أجد ولا ربما آخرين من أمثالي وجدوا أي وعود أو عطايا دنيوية أو غير دنيوية التزم بها ممثلو القوائم الديمقراطية والليبرالية لناخبيهم ، فهل ستكفي الكفاءة وبياض اليد ونقاوة الضمير والوطنية الصادقة لتفضيلهم على الآخرين ، وهل سيسمح أصحاب الجيوب المنتفخة من المال الحرام لأولئك النجباء أن يأخذوا أماكنهم في مجالس المحافظات لخدمة شعبهم بتعفف ونزاهة بدل أولئك الذين لم يفعلوا غير المعاصي في الدنيا و ينتظرهم في الآخرة عذاب عظيم؟

لست من المتشائمين أو السلبيين بل بالعكس أشعر بتفاؤل عجيب و لي إيمان راسخ بأن الشعب لم يفقد طبيعته الخيرة وما يزال رغم ما واجه من مصائب ومحن قادر على التمييز بين أشرار الناس وأخيارهم وبين ما هو صالح للوطن والشعب وما هو خطر على مصالحه ومصالح أجياله القادمة.
لكن ما أخشاه هو هذا الضجيج الذي يخدش الآذان عن ديمقراطيتنا وسبل الأمن والنظام الذي عزز لسلامتها وضمان نزاهتها ، فهل سيصدقون القول حقا ويؤمن لصناديق الاقتراع أيادي نزيهة لفرز الأصوات ؟
وهل سيلتزم الكبار بحقوق الصغار من ذوي القوائم الصغيرة والمستقلين والمرشحات من النساء المهمشات إلى أجل غير مسمى؟
وما أخشاه أيضا أن تأتي الديمقراطية بقطط سمان جديدة أكثر شراهة من سابقتها تتربع على مقاعد مجالس المحافظات لتحقيق الغنى السريع على حساب شعب بلدنا وليمهدوا الطريق إلى الآخرين الذين أتوا بهم لتنفيذ مخططات التقسيم والتفتيت السوداء باسم الفيدرالية والديمقراطية كلمات " الحق التي يراد بها باطل ".

فأقلمة الوسط أو الجنوب أو الغرب وسيلة نهب جديدة أبطالها الإقطاعيون وشيوخ القبائل الجدد الذين يخوضون الحروب بسبب بقرة فكيف بهم مع بئر نفط أو منجم نحاس أو قناة ماء؟
 

البصرة 26 /01 /2009
 


 

free web counter