| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

 

الخميس 25/1/ 2007

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

لقد أخفقتم في تنفيذ وعودكم
 لقد خدعتمونا


علي الأسدي

تمر ألأسابيع والشهور والسنين، والشعب ينتظرتنفيذ ما ألتزمت به قائمة ألأكثرية ( المباركة 555 ) وحليفاتها في حكومة التفرقة الطائفية، حيث لم يلمس غير ألأخفاق تلو ألأخفاق في اي وعد قطعوه للناخبين . ففي مجال ضروريات الحياة ، التي كان العراق أحسن حالآعليها قبل قرن من الزمان ، يتردى فيها مستوى الأداء يومآ بعد يوم، من دون اي شعور بالمسؤولية الوطنية من جانب المسؤولين.
وبدلآ من التقدم الى امام من خلال تنفيذ سياسات فعالة لتنشيط ألأقتصاد ودعم المشاريع ألأنمائية ، يدفعون بالمجتمع وألأقتصاد الى الوراء نحو عصور التخلف والظلام والهمجية. فالبطالة الواسعة والتي تتوسع بأستمرار، لم يوضع أي تصور لمعالجتها،و تتحول مع مرورالوقت الى مصدر للجريمة المنظمة و الأرهاب والتدمير.
أن المئآت من المشاريع الصناعية في طول البلاد وعرضها متوقفة يهددها الصدأ، بالرغم من النداءات المستمرة من جهات أقتصادية وسياسية حريصة، دعت الى البدء في تأهيلها واعادة عمالها المعطلين اليها، حيث يعدون بمئات ألألاف مما سيسهم في تحسين ظروف حياتهم، أضافة الى أمداد السوق المحلي بمنتجاتها الذي هو بأمس الحاجة اليها لما تتمتع به من طلب واسع.

ان أستهلاك المواطن العراقي من الطاقة الكهربائية تناقص الى ادنى المستويات، ليستقر الى ما دون وضعنا قبل أكتشاف النفط والغاز. كما ان أستهلاك المواطن العراقي من بقية انواع الوقود ليس أفضل من ذلك.
اما المستوى التعليمي في رياض الأطفال والمدارس فحدث ولا حرج، حيث تستبدل المناهج التعليمية التبعيثية بأخرى أشد فقرآ وسطحية، تفوح منها رائحة السموم الطائفية، على حساب المعارف العلمية التقدمية والفنون الجميلة والثقافة ألأنسانية. مما تعكس الرغبة اللا مسؤولة في أستبدال الثقافة البعثية المقرفة، بخطاب ديني مضطرب و منحاز.
وليست المعاهد والجامعات بأحسن حالآ، فقد تحولت الى ساحات بائسة لنشاط طائفي متخلف مصطنع وممل، غيرمقبول من أعضاء هيئة التدريس او من الغالبية الطلابية.
أن المستوى العلمي في ظل هذه ألأجواء، لن يكون أفضل مما آلت أليه المستويات العلمية في الدول ذات ألأنظمة الشاذة، مثل حكم طالبان المنهار في أفغانستان. ان الحصيلة الطبيعية لهكذا انحراف في النظام التعليمي العراقي، سيكون بدون أدنى شك مخيب لأمال وتطلعات ابناء شعبنا في مستقبل واعد، ترتقي فيه الحركة العلمية وألأدبية الى مستويات نظيرتها في العالم المتمدن.
ان السير في طريق التقدم والتنمية، وأزالة التخلف ألأقتصادي والثقافي الذي لحق بالبلاد والمجتمع خلال الحقبة الماضية، يتطلب حشد مختلف الطاقات العلمية والمعرفية، وزجها في عملية البناءالمعقدة والمتشعبة.

بما يعني ضرورة بناء جسور الثقة بين مؤسسات الدولة المختلفة وأصحاب الكفاءات، لأجل تفعيل دورهم المميز في عملية صنع القرارالسياسي- ألأقتصادي . ان دور الكفاءات العراقية في الظروف الحالية، شبه معطل أن لم يكن معطلآ كليآ، في ظل الوضع ألأمني والسياسي المعقد والصعب. لكن صعوبة وتعقيد الأوضاع السياسية وألأقتصادية وألأمنية، لا يعفي السلطات العليا في الدولة، مما لحق بذوي الكفاءات من تهميش.
لقد أضطرهذا الوضع الى ما يشبه اليأس والخيبة من السلطات الجديدة التي علقوا على مسؤوليها أمالآ أنتهت للأسف الى عزلتهم.
ان اعدادآ كبيرة من ذوي ألكفاءات أضطرت الى الهجرة وألأنتشار في أرجاء المعمورة. لقد كان حريآ بسلطة العهد الجديد، أن تحيط ذوي الكفاءات بالعناية وألأهتمام، وتتيح لهم فرص العمل وألأبداع، للقيام بدورهم المطلوب،في عملية التنمية، والمساهمة في صياغة سياساتها ودراسة سبل حل المشاكل التي تواجها ، بإعتبارهم من ذوي ألأختصاص وربما التجربة في التعامل مع اوضاع اشد تعقيدآ من تلك التي تواجهها بلادنا.

أما في مجال الوئام ألأجتماعي، فقد انحدر دور الحكومة بشكل عام، وبالأخص القوى الدينية فيها، الى اللامعقول واللامسؤول في التمترس الطائفي العنيد، والتجاهل المخجل، لما يحصل من أهانة لحق المواطنة التي أصبحت المعاناة منها ومن تبعاتها، همآ يوميآ، تتجاوز آثاره المادية والنفسية حدود التحمل والقبول.

لقد فشلت الحكومة، التي يغطي الشعب نفقات ما يفترض ان تقوم به، من واجبات حماية امن ورزق وسلامة المواطن، واصبح وجودها او عدمه سيان. واذا ما صحت الأخبار عن دور لقوى مشاركة في ألأئتلاف الحاكم، فيما يعرف بالتغاضي عن دور ميليشياتها في القتل والتهجير، فإن عدم وجودها أفضل الف مرة من وجودها.
أن حكومة لا تأبه بما يجري في أنحاء مختلفة من البلاد، وبخاصة عاصمتها، من قتل على الهوية المذهبية والدينية والقومية والشهادة العلمية، وتتغاضى عن تهجير عشرات ألألاف من العوائل العراقية وغير العراقية، من بيوتهم وقراهم ومدنهم، بل ومن بلدهم، وأغتصاب وتهديد بألأغتصاب والقتل ،أن حكومة مثل هذه، لا ينبغي ان تحكم، بل ينبغي أن تحاكم بتهمة التطهير العرقي.
ان حكومة لا تعبه ولا تهتز معنويآ، ولا تباشر في فتح تحقيق، لملاحقة قتلة مالا يقل عن خمسين مواطن يوميآ، تعثر الشرطة على جثثهم وعليها آثار تعذيب وحشي، ملقاة في المزابل اوفي النهر اوعلى قارعة ألطريق، امر يثير اكثر من علامة أستفهام. وحكومة لاتتابع قتلة أساتذة جامعيين وعلماء فكر وأطباء نادري التخصص، وسياسيين ذوي تأريخ وطني ومهنيين مقتدرين من رجالات الجيش العراقي، من ذوي الخبرة والتفوق،حكومة كهذه، تدعو للتساؤل فيما أذا كانت تتمتع بأي قدر من المصداقية، وفيما أذا كان من اللازم والملح سحب الشرعية منها وتحويل ملفها الى القضاء العادل.
خلال ما يقرب من أربع سنوات، أغتيل اكثرمن مائتي مواطن، بين أستاذ وطبيب وعسكري، لم تستطع الحكومة من الوصول الى واحد من مرتكبي جرائم القتل تلك. وأذا كانت الحكومة غير مطلقة اليد في القيام بواجباتها،بسبب قيود تفرضها القوات الأمريكية، ألا يتطلب ذلك من اي فرد في الحكومة، ان يعلن ذلك تعبيرآ عن أبسط مشاعر الوطنية؟.

ان أعادة عجلة التطور الثقافي وألأجتماعي الى بدايات التأريخ ألأسلامي ، ليس سوى عبث وقصر نظروأستخفاف بطموحات الناس ومصادرة خياراتهم . وهي أيضآ لا تجلب الأمان وألأستقرار وألسلام ألأجتماعي والرفاهية، بل العكس، تفتح ألأبواب لصراعات لا طائل من ورائها والغالب فيها مغلوب وان أدعى ألنصر.
ان ألأحتقان الطائفي مولود غير شرعي لمؤتمر لندن، ومن بعده مجلس الحكم السيئ التوجهات وألأدارة، و يتطلب من القوى الدينية التي منحت الأذن بفتح ملف الطائفية، أن تتريث كثيرآ وهي تزيح ما تراكم على صفحاته من غبار القرون.
ينبغي غلق الملف الطائفي في ضوء المتغيرات السياسية، التي انتهى اليها الصراع بين القوى الفاعلة على الساحة العراقية، وأسقاط مشروع بريمرالطائفي من الذهن العراقي. فقد ثبت عمليآ وبما لايدع مجالآ للشك ،عمق الهوة التى حفرها بريمر بمهارة بالغة، ليتساقط العراقيون فيها، الواحد بعد ألأخر سنة وشيعة وغيرهم دون تمييز او مداهنة.
يجب العودة الى المشروع الوطني الذي تبنته القوى الوطنية طوال فترة الحكم السابق، واحتوى كل التيارات السياسية دون اشارة لمذهب او دين، و دون تهميش لأي تيارسياسي او ديني.
ينبغي العودة الى المشروع الوطني العراقي و التعامل مع الطرف ألأخرعلى قدم المساوات، بأعتباره الجزء الأخر من الجسد العراقي، بعيدآ عن الغرور و ألأحلام غير الواقعية، التي شبه للبعض واقعيتها في ظروف لم تكن واضحة المعالم كما هي ألأن.
ان ماحصل في الأعوام الأربعة التي توشك ان تمضي منذ سقوط النظام، كانت وقتآ ضائعآ من حياة العراقيين، عندما ضعف الى حد ألأحباط العمل التضامني المشترك بين القوى السياسية، وتعمق الخلاف بين فريق البناء الذي كان سيتحمل مسؤولية التنمية والتقدم ألاجتماعي و ألأقتصادي. فهل سأل أعضاء حكومة الفتنة الوطنية أنفسهم، أين كنا أيام الحصار السيئ الصيت، وكيف أصبحنا ألأن بدون الحصار وبطل الحصار؟

المطلوب حاليآ العودة الى ألأرض، والهبوط من بساط الريح الخرافي، الذي لم يعد يستهوي حتى أطفال القرى النائية، والتصرف بواقعية ومسؤولية، وألأمتناع عن العزف على الحان تخدش ألأسماع، وتجرح المشاعر وتحبط الأمال التي انتعشت يوم التاسع من نيسان 2003.
أن الوضع المأساوي الذي وصله الشعب العراقي، خلال الربع ألأخير من العام الرابع منذ سقوط النظام، يطرح التساؤلات التالية :
هل نجح المشروع الطائفي، في تحقيق الوئام الأجتماعي المطلوب، لضمان الحد ألأدنى من ألأستقرارأللازم، لأنطلاق عملية التنمية ألأقتصادية، السبيل الوحيد للقضاء على الفقر والجهل ولرفع المستوى المعاشي للناس ؟

ألا ينبغي للمتمترسين في الخنادق الطائفية سنة كانوا او شيعة، أن يعيدوا النظر في حساباتهم، قبل أن تتشابك السهام بالسهام ،و قبل أن يقفوا وجهآ لوجه أمام المزيد من ألأيتام وألأرامل، وقبل أن تطفو المزيد من الجثث، من سيئي الحظ في مياه نهري دجلة والفرات اللذان لم يخلقا لهذا؟؟
الا يحتاج كل هذا الى وقفة تأمل، والتفكير بما ينبغي عمله لتغيير هذا الواقع المزري؟
اليس الوئام والتوحد ونبذ الخلاف والعمل المشترك، هوأفضل السبل للسير الى أمام، من أجل خيرنا ومستقبل أجيالنا القادمة؟؟
أليس ألأفضل للسنة والشيعة ان يتركوا الحسم في خلافاتهم الشرعية، الى يوم الوقوف أمام الله تعالى يوم القيامة، وهو العالم بما في الصدور وهوعلى كل شيئ قدير؟؟