| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

الأثنين 22/2/ 2010

 

العفو عن سلطان هاشم وزملائه .. أفضل للعراق من إعدامهم ...؛؛

علي ألأسدي - البصرة  

"
الضعيف لا يغفر ، فالمغفرة شيمة القوي " ... المهاتما غاندي

لقد انتهى صداما غير مأسوف عليه ، رغم أني تمنيت أن أراه وراء القضبان لآخر يوم في حياته ، ليذق مرارة الحرمان من الحرية التي حرم العراقيين منها سواء داخل السجون أو خارجها ، وليتعلم وإن بعد فوات الأوان ، طعم التسامح الذي قابله به الذين كرس حكمه لاستئصالهم وذويهم ، فلم يعذبوه أو يهينوه ، بل منحوه كل الحق ليدافع عن نفسه ، حق لم يمنحه لضحاياه الكثر.

لقد كانت فترة عصيبة تلك التي أعدم فيها ، حيث اعتقد كثيرون أن القضاء عليه سينهي آمال أنصاره في عودته إلى السلطة ، لكن يظهر أن أنصاره لم يدركوا بعد أن تلك المرحلة السوداء قد تلاشت مع سيدهم و لن تعود أبدا ، وما عليهم إلا أن يعترفوا بذلك. فالأمريكيون الذين فقدوا من أجل الاطاحة بسلطة صدام حوالي خمسة آلاف من عسكريين ومدنيين ، إضافة إلى عشرات الآلاف من الجرحى وخسائر مادية هائلة ، لا يمكن أن يديروا ظهورهم ويعودوا من حيث أتوا ، فقد بنو علاقات جديدة ، وأزعم أنها ستكون متكافئة وإيجابية مع السلطة العراقية كأي دولتين حرتين ، بعكس ذلك لن تتطور العلاقة بين البلدين وستواجه الممانعة والرفض.

نحن الآن أمام وضع جديد ، فالاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية تتقدمان ولكن ببطء ، وهو مؤشر إيجابي مهم ، ودليل على بزوغ فجر جديد ، بعد أن تمت محاصرة أهم الأزمات التي هددت الوفاق الوطني وهي احتمالات الحرب الأهلية ، وهو انتصار لجهود العقلانيين من أبناء الشعب ، وزعماءنا السياسيين والدينيين من الشيعة والسنة. وكان لرئيس الوزراء نوري المالكي جهودا مشهودة في محاصرة هذه الأزمة ووئدها قبل أن تستفحل. إن مثل هذه المؤشرات تتطلب من السلطات الشيعية والكردية وهي المعنية أكثر من غيرها بمعاقبة المسيئين إليها في الحقبة الماضية ، أن تصدرا عفوا عن العسكريين المحكومين بالاعدام ، كبادرة عن حسن النوايا تجاه الطائفة السنية التي ينتمي لها المحكومون جميعهم. إن مبادرة مثل هذه تعمق الأخوة العراقية / العراقية ، وتفتح الطريق لمزيد من التعاون وإذابة الجليد المتراكم بين فرقاء العملية السياسية ، وتزيل أحقادا دفينة لا ضرورة لها فالتسامح من شيمة الخيرين والأقوياء. وأن سبيل الانتقام الذي استخدم ضد ابناء الشعب من قبل النظام السابق لا يجب أن يكون سبيل العراق الجديد لمعاقبة الخصوم حتى لو كانوا من أركانه.

إن المسئول الأول والأخير عن ما جرى في العراق من جرائم تطهيرعرقي وطائفي وسياسي هو صدام حسين ، أما الآخرون فلم يكونوا غير أدوات تنفيذ تحت التهديد بالموت ، حيث لم يكن أمامهم خيار آخر غير الاذعان. إن كثيرا من العسكريين والمدنيين ممن كانوا في مواقع مرموقة في النظام قد أنزل بهم حكم الموت لمجرد شكوكه باخلاصهم ، وهي أمثلة كثيرة وعلينا تذكرها عند التعامل مع قضايا المحكومين العسكريين والمدنيين الذين ينتظرون حكم الاعدام في السجون؟ ولا ننسى أن الفترة الماضية التي قضوها في المعتقلات كانت تجربتهم الأقسى في حياتهم ، ولا شك أن الشعور بالذنب عما اقترفوه نتيجة تنفيذهم لأوامر الطاغية ، قد وضعهم في موقف لا يحسدهم عليه أحد ، وهي عقوبة بحد ذاتها ، وستبقى في ذاكرتهم مدى العمر فيما لو كتبت لهم الحياة وتحرروا من السجن. إن أوان النوايا الخيرة وإبداء روح التسامح قد حان الآن ـ ولابد من التسابق مع الزمن قبل أن ينتصر الشر فهو بانتظار فرصه حولنا.

فكما ذكرت ( وكالة أكانيوز ) في 21 شباط الجاري ، نفى الجيش الاميركي اليوم الاحد الانباء التي ترددت عن رفضه تسليم وزير الدفاع الاسبق سلطان هاشم والمسؤولين العراقيين في نظام صدام حسين، المعتقلون في السجون الاميركية في العراق، الى الحكومة العراقية. وقال كريم السياب مستشار الجنرال ديفيد كونتاك، قائد قوة المهام 134 المسؤولة عن ادارة المعتقلات الاميركية في العراق ، إن "القوات الاميركية ستقوم بتسليم المعتقلين المذكورين الى الجانب العراقي متى طلبت الحكومة العراقية ذلك، ووفرت مكانا مناسبا للمعتقلين، لان سن المعتقلين ووضعهم الصحي لا يسمح بوضعهم مع باقي المعتقلين الآخرين".

خلال أيام ربما يكون المحكومون بالاعدام تحت مسئولية الحكومة العراقية ، والأمل أن تتريث في أي اجراء تتخذه وأن لا تقع تحت تأثير نزعات الكراهية والثأر، وأن تأخذ بنظر الاعتبار أن السلطات الأمريكية والكثير من دول العالم تتوقع أن تتعامل حكومتنا بعين التسامح والرأفة الذي سيقابل عالميا بالترحاب ، وسيكون في صالحنا أيضا ، وبخاصة أن دولا كثيرة تنظر للعراقيين كونهم متطرفون ولا يعرفون الوسطية في تعاملاتهم ، وبخاصة أن هناك توجه عالمي لالغاء عقوبة الاعدام أصلا.

القرارالآن في يدي رئيس الوزراء باعتباره رئيسا للحكومة الاتحادية ، وسيكون لقرار العفو الذي يصدره وقعا عظيما في أوساط الطائفة السنية العراقية والعربية ، وهو عامل مهم في طريق المصالحة الوطنية التي يتطلع إليها قادة الدول العربية ، ومنظمات حقوق الانسان في العالم. ومما لاشك فيه أن ذلك سيعزز السمعة الطيبة للعراق باعتباره دولة القانون والتسامح. وأجد نفسي متفائلا فأتوقع من رئيس الوزراء أن يعد من الآن بالنظر في هذا الطلب بعد الانتخابات مباشرة حتى لا يعتبره البعض دعاية انتخابية فيما لو بت في ذلك الآن. أرجو من كل قلبي أن يستمع سيادة رئيس الوزراء لهذه الهمسة من عراقي هو نفسه كان ضحية لذلك النظام ، لكنه يتطلع إلى عراق جديد لا تستعمل سلطاته عقوبة مارسها النظام البائد دون رحمة ، لنثبت للعالم أننا نختلف في قيمنا وتعاملنا مع الخصوم.

 

 

free web counter