| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

                                                                                    الأثنين 21/2/ 2011

 

قلوب العراقيين معكم ... أيها الليبيون الأبطال ..

علي ألأسدي - البصرة  

تنتفضون يا أبطال ليبيا هذه الأيام لتقولون لا لديكتاتور اعتمد كل اساليب التزييف والمراوغة ليحيط شخصه بهالة من المعرفة والنبوغ لا يملكها ، فقدم نفسه زيفا كثوري اشتراكي ، فلم يكن أكثر من مهرج وفوضوي ، حول شعبه واقتصاد بلده إلى حقل تجارب لهلوسات سماها النظرية العالمية الثالثة. لقد عانيتم يا شباب ليبيا وشيوخها الأحرار طوال العقود الأربعة الماضية كارثة انسانية ، تجاهلها المجتمع الدولي ويتحمل جزء كبيرا من مسئولية معاناتكم مع أنه مطلع على تفاصيلها كاملة. فهو على معرفة كاملة عما كان يجري من تغييب لحرية تأسيس الأحزاب والجمعيات ، وقمع لحرية الرأي والمعتقد والتظاهر ، وحرمان من ثروات بلدكم الغزيرة ، لكن المصالح الأنانية للشركات النفطية العالمية وقفت عائقا أمام أي اجراءات لمعاقبة الديكتاتورية ، وانصاف شعب ليبيا الطيب.

لقد قدم القذافي نفسه كفقيه وداعية اسلامي عظيم ، يهرع نحوه رؤساء دول ، وقادة سياسيون ليشهروا اسلامهم على يديه ، مستغلا ثروة شعبه لشراء ذمم أولئك الرؤساء ، ليظهروا أمام شاشات التلفزة الحكومية وهم يرددون أشهد أن لا الله إلا الله في مسرحية كوميدية هزيلة لم تدم دقائق يستلموا بعدها الثمن من قوت الشعب الليبي وكدحه. لكن الشعب الليبي لم يكن غافلا عن نفاق وهلوسات زعيم مشكوك بسلامة عقله ولا يعرف له علاجا. وخلال سنين حكمه التي زادت عن الأربعة عقود ، قاد شعبه من كارثة اقتصادية إلى أخرى ، ومن فضيحة سياسية إلى غيرها ، دون حساب لمصالح شعبه وحقهم في ثروة بلادهم. وبدلا من حل مشاكل شعبه الاقتصادية كما هو الحال في أكثر الدول المتحضرة عبر تطوير الحياة المادية والروحية ، أشغلهم في معارك ضد بعضهم البعض ، ليشغلهم عن عبثه بثروتهم ومصادرته لحقوقهم السياسية. فقام بدفع العمال للسيطرة على المعامل وورش العمل ، والفنادق والمتاجر الحكومية والخاصة التي يعملون بها ، وأدارتها ذاتيا وتقاسم مواردها مع الدولة. وحرض الناس للاستيلاء على مساكن بعضهم البعض تنفيذا لقرار غير مسئول سماه " البيت لساكنه " ، فشجع بذلك الغوغاء والسماسرة وأرباب السجون لاقتحام البيوت الشاغرة وتلك المستأجرة من ملاكها. وبذلك زج السلطة في تشجيع الناس على سرقة حقوق بعضهم البعض دون عقاب ، بعملية لم يسبق لها مثيل ولم يقدم عليها إلا معتوه. لقد قادت عمليات السطو تلك إلى نزاعات بين الجيران والأخوة والأقارب ، ولم تسلم منها حتى مباني الدولة ، وأدت في نهاية المطاف الى حرمان الناس من ممتلكات كدحوا العمر كله من اجلها ، وبنفس الوقت كوفئ اللصوص على جرائم سرقتهم بأملاك لم تبذل من أجلها ساعة عمل واحدة.

وبينما وضع كل موارد النفط تحت تصرفه دون رقابة من مؤسسة حكومية ، أو سلطة تشريعية ، كان الشعب المغلوب على أمره يراقب بحسرة وهو يرى بأم عينيه كيف كانت ثرواته تنهب وتبعثر في دعم النزاعات في الدول المجاورة ، وشراء الذمم في كل أنحاء العالم باحثا عن مرتزقة يكتبون عنه مقالا ،او ينشرون احدى صوره ، أو يتحدثون عن نظريته المزعومة. أو في محاولته الكارثية للتسلح النووي التي كلفت المليارات وضاعت هباء ،ومغامراته الطائشة في حادث تفجير الطائرة المدنية فوق مدينة لوكوربي التي أودت بحياة العشرات من الأبرياء العزل ، وفي قرارات اعلان الوحدة من جانب واحد مع الشاد ، وتونس ، ومصر ، والنيجر وغيرها والتي لم تجلب أي منافع للشعب الليبي ، بل بالعكس قادت الى استنزاف ثروة البلاد ، ونشر البطالة والعادات والتقاليد الضارة بين الليبيين. كانت كل تلك القرارات قد اتخذت من جانب العقيد القذافي شخصيا ، لم يستشر بها شعبه أو حتى حكومته ، وكان يفاجئ بها الجميع ، مما يدلل على نهجه الفردي واستهانته بارادة ورأي الشعب الليبي. ومما ساعده على الاستئثار بالقرارات المصيرية لشعبه ووطنه هو غياب الاحزاب السياسية العلنية في البلاد ، وما اصراره على تحريم النشاط الحزبي إلا ليكون هو صاحب القرار الأول والأخير. ورغم اعلانه بأن نظامه ديمقراطي والشعب هو مصدر السلطات ، لكنه يزج بالسجن كل أصحاب الرأي الحر ، والسجون مكتظة بالشباب منذ سنين بدون محاكمة لمجرد شكوك لفقها مرتزقته أعضاء اللجان الثورية.

عمد القائد الليبي خلال العقود الماضية إلى تدجين الشعب الليبي والسيطرة على أدق التفاصيل في حياته ، فكان يتعمد اشغاله وارهاقه إلى الحدود التي لم يعد قادرا فيها حتى على التفكير بسبل تحسين حياته وبناء مستقبل أبنائه. فكان يتحكم بحاجاتهم المعيشية ، فهو من يحدد متى وكم تستورد البلاد حاجتها من الفواكه ، أو السلع الألكترونية ، أو غيرها ، وهذا يحدث في بلد من أغنى دول العالم النفطية. ويعتقد القذافي مخطئا أنه من الذكاء والمكر ما يمكنه من اخفاء زيف شعاراته وادعاءاته و تبعات حماقاته عن أبناء شعبه ، لكن الليبيون كانوا على دراية تامة بما كبده لبلادهم من خسائر اقتصادية ، وما أضاعه من فرص لتقدم ورفاهية أبنائهم ، كما أنهم على دراية تامة بعاهاته وهلوساته. خلال فترة حكمه الطويلة حرص على وضع الاعلام المهيمن عليه من قبل مرتزقته في خدمة برنامجه التدجيني ، فقد كان يفتعل المناسبة تلو المناسبة لتظهره خطيبا تارة ، ومحاضرا في الجامعة تارة أخرى ، أو زائرا متفقدا لأعمال مؤتمراته الشعبية التي تعد بالمئات وعلى مدار السنة ، أولجانه الثورية التي يصعب حصرها ، وفي كل تلك الاجتماعات كان هو المتحدث الوحيد ، أو أحد مرتزقته ممن لقنوا عم يتحدثون ، وعن أي قضية يتساءلون ، وفي كل تلك اللقاءات كانت الهتافات تتعالى دون انقطاع لتمجيده وتمجيد ثورته.كانت الشعارات تردد بوتيرة هستيرية في تلك الاجتماعات ، ومنها مثلا : الفاتح .. ثورة شعبية ، الفاتح ...ثورة انسانية ، الفاتح ضد الرجعية ، وكان هو يتلذذ بالاستماع اليها ، مبديا شعورا بالاعتزاز والزهو ، حتى لو استمرت ساعات ، مع أنها قد تسبب الصمم.

روى لي أحد الأصدقاء عمل هناك لفترة من الزمن قائلا ، عندما كانت القناة التلفزيونية الليبية الوحيدة حينذاك تنقل خطابا للقذافي ، يسارع هو أو زوجته فورا إلى كبح صوت جهاز التلفاز كليا ، وتترك الصورة لوحدها على الشاشة ليلهو فيها الأطفال قبل ذهابهم للنوم ، بنفس الوقت يدير مفتاح الراديو / كاسيت باعلى صوته لسماع أغنيات محمد عبد الوهاب؛؛

أيها الليبيون ، انكم تقومون بعمل عظيم لمستقبل ليبيا هذه الأيام ، ومهما تفنن الطاغية في بطشه فلن يتمكن من قهركم ، ولن يستطيع أبدا اصلاح ما تركه من خراب حتى لو عاهدكم على ذلك. المجد لشهدائكم الأبرار الأبطال ، والنصر دائما للشعوب.

 

 

free web counter