| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

الأربعاء 17/6/ 2009

 

ماذا يجري خلف الكواليس يا وزارة النفط ...؟؟

علي ألأسدي - البصرة

قبل أقل من سنة وبالتحديد في 22 / 9 / 2008 وقعت وزار ة النفط على اتفاق أولي مع شركة شل الأنكلو- هولندية على تأسيس شركة مشتركة لاحتكار انتاج وتصنيع الغاز في جميع مناطق جنوب العراق. وبموجب العقد سيمتلك العراق فيها 51% من أسهمها ، وستحتكر الشركة بيع الغاز الخام المنتج سواء المستخرج من قبل شركة نفط الجنوب أو غيرها من المنتجين. وستسعى الشركة إلى تطوير انتاج الغاز المصاحب وغير المصاحب للانتاج النفطي في جنوب العراق بما فيها المياه الاقليمية . وستحتكر إضافة لذلك وهو الأهم تحديد أسعار جميع المنتجات الأخرى مثل الغاز السائل لأغراض الطبخ والتدفئة التي تباع للمستهلكين المحليين وفق السعر السائد في السوق الدولية الذي سيعادل أضعاف سعره الحالي في السوق المحلية مما سيحمل المستهلك العراقي وخاصة طبقاته الفقيرة أعباء لن يكونوا قادرين على مواجهتها في ظل مستوى الدخول الحالية في البلاد. . وبهذا تكون وزارة نفط العراق الجديد قد نفذت بدون قيد أو شرط أولى أوامر صندوق النقد الدولي بخصخصة الثروة النفطية والغازية العراقية. ، ويكون السيد حسين الشهرستاني أو مسئول في تاريخ العراق يرتكب مثل هذه الخطيئة الجسيمة بحق الشعب الذي زحفت ملايينه لتصادق على دستور يؤكد على أن الثروات النفطية ملكية عامة للشعب العراقي.

إن الاتفاق المذكور ما يزال لم يقترن بموافقة مجلس الوزراء ( كما يقال ) ، وعليه فإن هناك بعض الأمل في أن يقف بعض الوزراء ضده ، أو على الأقل تأجيل البت فيه لحين إجراء تعديلات جوهرية على بنوده وشروطه الاحتكارية المضرة بمصالح الشعب. علما بأن الاتفاق مع شركة شيل قد تم بمفاوضات مباشرة بين وزارة النفط وشركة " شيل " النفطية الاحتكارية دون المرور بإجراءات المناقصة العامة التي يفترض أن تمر بها مثل هذه الاتفاقات. لقد أبقت وزارة النفط المفاوضات مع الشركة المذكورة سرية الطابع تماما ، فلم يعلن عن المشاركين في التفاوض عن الجانب العراقي ، وفيما إذا استعان الوزير بمستشارين ذوي كفاءة وخبرة في شئون مثل هذه الاتفاقات ، و أخفت كل ما دار من مناقشات خلف أبواب مغلقة بعيدا عن أعين ومسامع الشعب ، وهو أمر يثير الكثير من التساؤلات عن دافع الوزارة من وراء هذا التكتم حول قضية هامة تتعلق بمصير أحد أهم ثروات البلاد الكاربوهدراتية. وما حاول وزير نفطنا إخفاءه عنا نحن أبناء شعبه كشفته الناطقة باسم شركة شيل السيدة مارني فونك في حينه قائلة * :

(باستطاعتي التوكيد على أننا قدّمنا اقتراحا مفاهيميا للسلطات العراقية, لتقليص كمية الغاز المحترق في الجنوب, حاضرا ومستقبلا, الى الحدّ الأدنى, من خلال تجميع الغاز والإفادة منه. أما محتويات الاقتراح فخاصة جدا, وسريّة. وبينما تعتبر الصفقات المبرمة صغيرة ، إلا أنها تنطوي على وعود كبيرة بالنسبة للشركات ).

لقد نفى وزير النفط مرارا عدم رغبته في الآخذ بعقود المشاركة بالانتاج وبناء على ذلك اعترض (من بين أسباب أخرى )على العقود أل ( 28 ) التي عقدتها وزارة نفط اقليم كوردستان القائمة على هذا النوع من العقود ، و من استمع إلى تصريح وزير النفط الاتحادي يتملكه الشعور بالثقة ، لكن ما أكده السيد رئيس الجمهورية مام جلال حينها يحبط تلك المشاعر.

لقد علق فخامته على اعتراضات الشهرستاني في يوم 6 تشرين أول 2008 أثناء مؤتمره الصحفي مع السيد مسعود البرزاني ، عندما قال: " أن حكومة إقليم كوردستان ليست وحدها من وقع عقود مشاركة في الإنتاج ، بل الحكومة المركزية أيضا وقعت مثل تلك العقود ".

و قد جاءت أولى ردود الفعل على تحدي وزير النفط الاتحادي للإجماع الوطني المعارض لتلك العقود من مجلس النواب. فقد أعرب السيد جابر خليفة مقرر لجنة النفط والغاز في مجلس النواب العراقي ، عن عدم ترحيبه بالاتفاق المبرم مع شركة شل الاحتكارية ، متهما وزارة النفط بالتخبط في القرارات المتعلقة بالاستثمار الأجنبي ، قائلا في حديث مع راديو سوا " أن منشأة غاز الجنوب هي منشأة إستراتيجية عملاقة لا يمكن تقديرها بثمن ، والعقد المبرم ، وإن لم ينص على بيع ، لكنه في حقيقة الأمر هو بيع لمنشأة عملاقة بهذه الطريقة. تتضمن منشأة غاز الجنوب ستة خطوط للإنتاج في الرميلة الشمالية ، وخور الزبير ،ومرفأ لتصدير الغاز ، إضافة لمنظومة أنابيب مهمة جدا. وأشار النائب إلى " أن وزارة النفط لم تبلغ لجنة النفط والغاز في مجلس النواب ، او حتى السلطات المحلية في البصرة بتفاصيل العقد مع شركة شل ". وقال النائب : "هناك إشكال قانوني ، فوزارة النفط بعد أن استحصلت موافقة مجلس الوزراء ، انفردت بهذا العقد دون علم مجلس النواب". لقد مرت تلك الصفقة / الجريمة دون حساب ودون خجل وربما عقاب في الوقت الحاضر على الأقل.

كان ذلك في تشرين أول الماضي ولم ينفي وزير النفط أو أي ناطق باسم وزارته تلك المخاوف. لكننا الآن أمام كارثة وطنية أخرى ، أعظم وأشنع ، متمثلة بالصفقة الجديدة التي أعدها وزير النفط خلف الكواليس في ليل ، فهل ستمر كما مرت سابقتها مع شركة شيل؟

إن الصفقة المشبوهة الجديدة تقدم احتياطيات هائلة من النفط والغاز العراقي على طبق من ذهب إلى الاحتكار النفطي العالمي الذي تقوده الشركات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والهولندية بما فيها شركة شيل (
ـBP, Shell, Exxon Mobil, Total, Chevron, Conoco Philips ). وكما تصرف في اتفاقه مع شركة شيل أبقى الوزير تفاصيل مفاوضاته حول الصفقة الجديدة سرا بينه وبين مجموعة من معاونيه بعيدا عن مجلس النواب ووسائل الاعلام الوطنية والشعب الذي يضم مئات الخبراء النفطيين من ذوي الخبرة والكفاءة. ويثير التحرك المكثف لوزارة النفط البعيد عن الأضواء مخاوف الوطنيين من انفراد وزير النفط ورئاسة مجلس الوزراء بالتوقيع على الاتفاقات مع شركات النفط والغاز دون مشاركة مجلس النواب وموافقته بحجة عدم وجود نص دستوري يلزم وزير النفط بالرجوع على مجلس النواب.

لقد أشار الكاتب الأميركي بوب هيربرت إلى تلك الصفقة التي على ما يظهر قد بدأ التمهيد لها منذ أمد ، في مقال نشره في 5 / 7 / 208 حيث قال :

"لم يعد ممكناً لأي منا أن يظل دافناً رأسه في الرمال لفترة طويلة، حيث غدا هذا أمراً يزداد صعوبة على الدوام، وهو ما يرجع إلى أن كل يوم جديد، يجلب معه حقائق جديدة، تجبرنا على إخراج رؤوسنا من الرمال، والعودة إلى دنيا الواقع ". وأضاف :

" منذ أسبوعين، نشرت "نيويورك تايمز" خبراً مفاده أن أربع شركات نفط غربية عملاقة، قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من توقيع "عقود من دون منافسة" ستعيدها إلى العراق، الذي يمتلك ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم بعد السعودية. وهذه الصفقات المنتظر استكمال الإجراءات الخاصة بها خلال ثلاثين يوماً، تمثل ذلك النوع من الأخبار الذي تعيش من أجله مشروعات النفط الكبرى. ويمكن سماع أصوات المديرين المنتشين وهم يغنون:"آه ... أيها اليوم السعيد!" في أروقة شركات "إيكسون" و"موبيل" و"شل" و"توتال" و "بي. بي"، ابتهاجاً بعودتهم إلى العراق الذين طردوا منه منذ ثلاثة عقود ونصف. وقد علمنا خلال هذا الأسبوع أيضاً، أن مجموعة من المستشارين الأميركيين، الذين يقودهم فريق من وزارة الخارجية، قد لعبوا دوراً رئيسياً في صياغة العقود بين الشركات والحكومة العراقية، وأن شركة" شيفرون" أيضاً على وشك توقيع عقود مماثلة ".

ويورد الكاتب ما نشرته مجلة " التايمز " في عددها الصادر في نوفمبر 2003 قولا لمحررها السيد " ديفيد راييف " ذكر فيه " :"إن القرار الخاص بحماية وزارة النفط فقط- ليس المتحف الوطني، ولا وزارة الصحة- كان له تأثير أكبر من أي شيء آخر في إقناع العراقيين في ذلك الوقت بأن الولايات المتحدة قد جاءت للعراق لغرض واحد فقط هو النفط. كم هو مريح الآن أن تطبق إدارة بوش منظورها الخاص المهووس بالنفط في تقديم المشورة للحكومة العراقية بشأن عقودها البترولية مع شركات النفط الكبرى. والعقود في حد ذاتها ليست ضخمة، ولكنها أشبه ما تكون بالمفاتيح الموضوعة في حلقة من الأهداف المشتهاة التي ستبدأ بفتح الأبواب المؤدية إلى احتياطات العراق النفطية الضخمة. ويضيف الكاتب أيضا : وفي عدد "نيويورك تايمز" الصادر أول من أمس كتبت الصحيفة تقول:"في وقت ترتفع فيه أسعار النفط إلى عنان السماء، فإن تقديم عقود بلا منافسة - في دولة يوجد بها بعض من أكبر حقوق النفط غير المكتشفة حتى الآن، وتتوافر فيها بالتالي احتمالات تحقيق أرباح كبيرة - يعتبر بلا شك جائزة نادرة لصناعة النفط".

إن الحلم الذي راود مدراء شركات النفط التي تحدث عنها الصحفي " بوب هيربرت " قد بدأ يتحقق الآن. فقد نشرت جريدة الصباح البغدادية في عددها الصادر الأحد 14 / 6 / 2009 ما قاله مقرر لجنة النفط والغاز في مجلس النواب العراقي السيد جابر خليفة بخصوص الصفقة الخطيرة والذي ورد فيه :

"ان مدير عام نفط الجنوب فياض الموسوي ومدراء 20 هيئة وقعوا على مذكرة يرفضون فيها التوقيع والموافقة على عقود التراخيص مع الشركات الأجنبية المقرر توقيعها في 29 حزيران الجاري، مضيفا ان هذه التراخيص تعني بيع 80 بالمائة من الاحتياطي العراقي للشركات الأجنبية. وأوضح ان المذكرة رفعها مدير عام شركة نفط الجنوب مع مدراء الهيئات لرئيس الوزراء نوري المالكي ووزير النفط حسين الشهرستاني ووكيل الوزارة لشؤون الاستخراج، مشيرا الى ان لجنة النفط والغاز في مجلس النواب ستعقد اجتماعا طارئا لمناقشة هذه المذكرة ".

وأضاف أيضا : " ويمنح مشروع الاتفاق الجديد بين وزارة النفط ومجموعة الشركات المشار إليها حقوق استغلال النفط في ستة حقول نفطية هائلة الاحتياطي النفطي وحقلين غازيين عملاقين ، وستعلن أسماء الشركات التي لم تعد سرا نهاية حزيران الحالي. وقد أبدى وزير النفط السابق السيد ابراهيم بحر العلوم رأيه في ما تقوم به وزارة النفط قائلا :

" ان ثمة سوء تخطيط في التعامل مع ملف الاستثمار النفطي " منتقداً طرح 80 بليون برميل نفط للاستثمار في شكل ارتجالي. وأشار إلى "ان التراخيص الأولى قد ابتاعتها الشركات الكبيرة ، و أن هناك شبه إجماع بين الخبراء العراقيين على وجوب بقاء الحقول المنتجة المشمولة بمشروع الاتفاق بإدارة عراقية ، على رغم حاجتها إلى شركات أجنبية لتطويرها."

بموجب مشروع الاتفاق الجديد فيما لو سار كما مخطط له ، وعلى الأكثر ستتم الموافقة عليه عبر توافقات تساومية ، إذا لم تفضح مراميه على نطاق واسع ، ويدان كل الذين أسهموا أو يساهموا في العمل على تمريره في غفلة عن الجماهيير العر اقي والواعية. وفق الاتفاق المذكور ستكون حوالي 70% من الاحتياطي النفطي العراقي المؤكد والبالغ 118 مليار برميل ، وأكثر من 50% من احتياطيات الغاز المؤكد والبالغة 78 تريليون قدم مكعب ستكون تحت تصرف تلك المجموعة من الشركات الاحتكارية. إن وجود هذه الشركات التي ستحتكر النشاطات النفطية والغازية في مناطق امتيازها ، سيجعلها قاب قوسين أو ادنى من الهيمنة على بقية الاحتياطي المتبقي مضافا إليه تلك الاحتياطيات المكتشفة وغير المؤكدة التي يصل مجموعها 350 مليار برميل من النفط و 110 تريليون قدما مكعبا من الغاز. **

إن الاتفاقات الأولية المشار إليها أعلاه هي أدلة جديدة على الأهداف غير المعلنة لنزع ملكية الشعب العراقي لثرواته النفطية والغازية وتحويلها إلى ملكية الشركات النفطية الأجنبية على مراحل ، كان أولها الصفقة مع " شركة شيل " وثانيها وليس آخرها الصفقة الحالية مع الشركات الاحتكارية الستة. إنه برنامج محبوك مسبقا كانت الحرب والاحتلال وسيلته ، وصندوق النقد والبنك الدوليان رسل الحكمة والمشورة والأمر بالمعروف.


* منير الجلبي – محلل في الشئون السياسية والطاقة - الأخبار اللبنانية ، 6 / 4 / 09
** علي ألأسدي – شركة شيل النفطية تكشف الوجه الآخر للشهرستاني
  http://www.al-nnas.com/ARTICLE/AAsadi/7shel.htm



البصرة 18 / 6 / 09



 

free web counter