نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

 

الأحد 16/7/ 2006

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

اراء في مستقبل الأقتصاد العراقي
(1)

د.علي الأسدي

ان تقييم الأداء الأقتصادي لأية حكومة لا يختص بماهو في عداد الأمال والتمنيات والجهود العشوائية في هذا الميدان او ذاك ,بقدر ما ينحصرفي  ما انجز من برنامجها الأقتصادى المحدد الأهداف والآليات للتنفيذ خلال فترة زمنية  تعهدت بانجازه خلالها.وفي الدول الديمقراطية تقوم اللجان البرلمانيةالمختصة بمراقبة اداء الحكومة من خلال ما تحقق من برنامجها المحدد ووفق مؤشرات كمية و نوعية وفنية.

  ويسعى البرلمان خلال جلسات عمله بمحاسبة اعضاءالحكومة كل بحسب اختصاصه. ويشترك اعضاء البرلمان  بكل قواه السياسية, سواء القوى التي تشترك في الحكومة, او تلك التي في المعارضة في مسائلة المسؤولين عن الأنشطة التي يقومون بها. وليس غريبآ او نادرآ ان تؤدي المسائلة في البرلمان والصحافة خارجه, الى كشف الكثير من الفشل في اداء المسؤولين, مما قد يؤدي لأقصاء المسؤول عن مركزه ,اوتنحيه بارادته اعترافآ بعجزه.وان هذه النتيجة ليست شاذة , بل هي جزء من عمل النظام البرلماني في الديمقراطيات المستقرة في العالم. ونظامآ من هذا الصنف كفيل بالوصول الى الأهداف المرسومة في سياسة الدولة في الفترة الزمنية المحددة.

ان المحللين الأقتصاديين والسياسيين في النظام الديمقراطي , لن يجدوا صعوبة في الحصول على المعلومات الضرورية عن اداء اعضاء الحكومة في اي مجال من مجالات نشاطهم الوظيفي. وهذا مهم واساسي لأخضاع السياسات الحكومية في شتى مجالات النشاط الأقتصادي , للتحليل العلمي  والتقييم الموضوعي,وبالتالي للحكم بالنجاح او الفشل على أداء الحكومة.

وفيما يخص سياسة العراق الأقتصادية منذ ما بعد التاسع من نيسان 2003, فمن غير الممكن تقييم أدائها الأقتصادي, بالطريقة المتبعة فى النظم الديمقراطية المستقرة. فلا ادارة الحاكم بريمر ومجلس حكمه, ولا التشكيلتان الحكوميتان, كان لهم في الواقع ما يمكن ان يعتبر برنامجآ اقتصاديآ بالشكل والمضمون الذي نقرأه في الدول الديموقراطية, او حتى في غير ذلك من الدول.

 بشكل عام يمكن فهم البرنامج الأقتصادي على انه  مجموعة  الأهداف الأقتصادية والأجتماعية التي  تتعهد الحكومة بانجازها , خلال فترة زمنيةمحددة,باستخدام اجراء ت وآليات السياسة ألأستثمارية و المالية والنقدية والأدارية والقانونية ,لضمان تنفيذها.

 وفقا لهذا المفهوم للبرنامج الأقتصادي كأحد ميادين ميادين السياسة ألأقتصادية, لا يستطيع الباحث الأقتصادي المحايد , ان يقيم الأداء الأقتصادي  لأي من السلطات التي توالت على الحكم في العراق خلال السنين الثلاثة الماضية,لسبب واحد واضح, وهو ان مثل هذا البرنامج لم يطرح للنقاش العلني خارج اوداخل الجمعية الوطنية, كوثيقة برنامجية تكون اساسآ لنشاط الحكومة ألأقتصادي خلال فترة بقائها في السلطة وربما لفترة أبعد من ذلك.

ان التساؤل المشروع هذه الأيام هو: هل ستؤدي الأتفاقات التي تمت بين الأطراف السياسية في حكومة الوحدة الوطنية،الى ألأسراع بأعداد برنامج وطني ينقذ ألأقتصاد من التدهور اكثرفأكثر، ويضعه على طريق التنمية والتقدم، ويوقف معاناة العراقيين التي بلغت حدآ ينبأ بكارثة موشكة، يصعب تحسب نتائجها ؟

 وهل يعي أعضاء الحكومة والبرلمان مغزى ان يخاطر الملايين من العراقيين بحياتهم، وهم على يقين بانهم مستهدفين من القوى ألظلامية ألأجيرة، ومع ذلك ذهبوا ألى صناديق ألأقتراع للتصويت لهم؟

 أن حياة العراقيين تزداد صعوبة من يوم ليوم، ولا نغالي عندما نؤكد على الحاجة الملحة لبرنامج  ينتشل ألأقتصاد من وضع أكدت اكثر من جهة دولية واقليمية على ان سماته الحالية  اقرب لتلك  لما قبل الثورة الصناعية ولا مبالغة في ذلك.

فالمجتع  الريفي العراقي يزاول حياته بمشقة بالغة، اشبه بتلك في بدايات التاريخ البشري. وسكان المدن بمافيها العاصمة ليسوا  افضل حظآ الا ما ندر،يعانون من العوز والفاقة والترمل واليتم والأمراض المستعصية وألأعاقة،ولا يجدون من يوقف ألظلمة التي تزحف ألى بيوتها ومدارسها ومستشفياتها وورش العمل الحلال والى شوارعها وازقتها، لتعيدها الى عهود ما قبل أكتشاف النفط والغاز والكهرباء.

اما شباب وطلبة هذا الجيل من العراقيين الطموحين، وبسبب ما آلت اليه عملية التنمية في بلادهم ، لا يجدون ما يتفاخروا به من برامج وانجازات اقتصادية، امام اقرانهم من أفغانستان وبنغلادش والصومال،أشد الدول تخلفآ في العالم،فكيف يكون الحال مع مواطني الدول المتطورة. وهل بمقدورهم ان يبرروا أقتصاديآ أو سياسيآ، ألأنفاق الباذخ ألذي كلف ميزانية الدولة المليارات من الدولارات، لبناء عشرات القصور ألخاصة، لرئيس دولتهم، بمواصفات فاقت بتخلفها ما تفتقت عنه عقلية اقطاعيي القرون الوسطى، والذي لم يعرف فيما اذا كان قد سكن في أحداها. لقد حدث هذا في وقت مايزال ملايين العراقيين، يسكنون ذات المسقفات من جريد وجذوع وسعف النخيل والطين،التي شيد نماذجها ألأولى اسلافهم من السومريين والبابليين.

لذا نعتقد ان المباشرة  بالأعداد لبرنامج اقتصادي لأنعاش الأقتصاد الوطني, وانتشال قوى الأنتاج فيه من التردي, مهمة شديدة ألألحاح ولاتحتمل التأجيل بأي حال من ألأحوال.  واذا كان مبررآ أخفاق  سلطة( الحاكم بريمر) و الحكومتان اللتان تولتا المسؤولية بعده، فليس هناك ما يبرر ان لا تقوم حكومة  الوحدة الوطنية بانجازهذه المهمة، وأعتمادها كخطة عمل للأعوام الخمسة او الست  القادمة.

لقد تحدث بعض المسؤولين عن أطلاق التخصيصات المالية للمحافظات لغرض المباشرة ببعض الأنشطة الأقتصادية فيها.ان اتخاذ اجراءات عاجلة لأنجازمشاريع اقتصادية لمعالجة النقص في الناتج الخدمي  تكون مبررة في الظروف غير الطبيعية التي يمر بها العراق.لكن مثل هذا التوجه لايمكن ان يكون بديلآ للبرنامج الأقتصادي الشامل، الذي يضع الأقتصاد العراقي على طريق التنمية ألأقتصادية المستديمة.

ان رصد وتوزيع التخصيصات المالية من قبل الحكومة، لأنجازمشروع هنا ومشاريع هناك، لن يفضي الى ما يرمي اليه برنامج أقتصادي يشمل كافة مناطق البلاد ومختلف حقول النشاط الأقتصادي . وحيث يحشد له أضافة ألى قدرات القطاع الحكومي، قدرات  كل من القطاع الخاص الوطني والأجنبي، على خلاف ما كان معمولآ به سابقآ بالتركيز على قطاع الدولة فحسب.

 ان ما يميز البرنامج ألأقتصادي الشامل عن نشاطات منعزلة وأحيانآ عشوائية، كونه يعد مسبقآ من قبل هيئة متخصصة، تتاح لها العديد من الدراسات العلمية، حول موارده المادية والبشرية و مختلف أهداف وآليات تنفيذها  خلال الفترة الزمنية المحددة لتنفيذه. كما تحدد الهيئة المسؤولة عن أعداد البرنامج  ألسبل الكفيلة و الضرورية لضمان تنسيق تدفق الموارد الأقتصادية خلال عمليات تنفيذ أهدافه و تحقيق التكامل ألأقتصادي فيما بينها.

ان  المشروعات قيد التنفيذ وتلك التي نفذت في حقول النشاط الأقتصادي  في البلاد لا يربطها ببعضها  رابط ،لكونها لم تكن جزء من برنامج، أهم وظائفه، ضمان التنسيق بين تلك ألأنشطة، من خلال الجدولة الزمنية لعمليات أنجازها، الذي يأخذ بالأعتبارالعلاقات ألأمامية والخلفية لبعضها البعض.وعند ذاك تكون المنافع المتحققة من أستخدام الموارد ألأقتصادية وألأجتماعية عند حدودها القصوى.وبالعكس ان أتخاذ القرارات المالية وألأستثمارية من قبل الجهات  المخولة خارج البرنامج ألأقتصادي كل على أنفراد،لايوفر أي ضمانة لتكامل أقتصادي بين ألأهداف المتحققة. أضافة الى ان مثل هذه القرارات غالبآ ما تؤدي الى بعثرة الموارد ألأقتصادية وألأجتماعية النادرة.

ولأن مثل هذه القرارات تتخذ في ظروف غيرمستقرة ومن قبل جهات تنقصها الخبرة وألأختصاص،فأنها تخرج عن تقاليد البحث والدراسة عند أختيارألأهداف ألأقتصادية وألأجتماعية. وفي ظل هذه ألأجواء لا تدرس الأولويات عند اختيارألأهداف ألأقتصادية وألأجتماعية دراسة موضوعية ومتأنية، وتغلب النزعة الفردية والمناطقية على قرارأختيارألأهداف في نهاية المطاف.

وفي هذه ألأحوال، يكون  من الممكن انجازمشروعات قبل أخرى تعتبرموردها( بكسر الراء) الوحيد للسلع المادية اوالخدمات،بما يعني بقائها متوقفة لحين اكتمال أنجاز المشاريع الأخرى .فأنجاز المشروع( ب) على سبيل المثال, قبل المشروع  (أ)الذي يشكل وفورات خلفية للمشروع (ب).يعني ذلك ان ألأستفادة من منافع المشروع (ب) تكون عند حدها ألأدنى، أذا لم يكن المشروع(ا) مكتملآ وجاهزآ للعمل. وفي حالة انجاز المشروع (ب) بعد المشروع (ا) فأن ألأستفادة من منافعه تكون عند حدها ألأقصى،  لكونه يشكل وفورات أمامية  للمشروع (أ).

وبناء عليه نعتقد انه يجب أن يبدأ العمل في ألأعداد لبرنامج الأنقاذ الوطني دون تأخير،من أجل مباشرة عملية تنمية ألأقتصادالعراقي الذي تعاني معظم قطاعاته النموالبطيئ.

وفي أعتقادنا ان من أولويات برنامج ألأنقاذ الوطني هذا، تأهيل وتطوير الصناعة النفطية بفرعيها التحويلي وألأستخراجي،وذلك لأهميتها الستراتيجية كمصدررئيس لكل من الدخل الوطني وتمويل عملية التنمية ألأقتصادية المستديمة.

أن وضع السوق العالمية للنفط حاليآ ملائمة جدآ لزيادة صادراتنا من النفط الخام ومشتقاته، حيث تشهد  أسعارها تصاعدآ ملحوظآ. وأن التعجيل بزيادة القدرة التصديرية من الحقول الحالية،أو مباشرة ألأنتاج من الحقول المكتشفة سابقآ، سيوفر للأقتصاد الوطني فرصة ذهبية لتعظيم حجم التراكم الرأسمالي، بما يساعد على أتاحة المزيد من ألموارد من النقد ألأجنبي، لتمويل تنمية باقي فروع النشاط ألأقتصادي،ورفع المستوى المعيشي لأبناء الشعب.

 كما ينبغي ان يتضمن البرنامج ألأقتصادي  سبل أعادة تأهيل المشاريع الستراتيجية ألأخرى، التي كان لأنتاجها دور هام في السوق الداخلي والخارجي كصناعات الكبريت واليوريا والفوسفات والسمنت وغيرها،قبل تعرضها لخراب الحروب وألأهمال في الأعوام الماضية.

 ان اعادة  تأهيل هذه الصناعات الهامة ومباشرتها النشاط ألأنتاجي سيلبي حاجات  السوق الداخلي وربما الأجنبي من منتجاتها،مما سيخفف من الضغوط على ميزان المدفوعات والميزان التجاري. كما ان تطويرهذه الصناعات و مباشرتها النشاط ألأنتاجي سيسهم في حل مشكلة البطالة لما تتيحه من فرص عمل لأعداد غفيرة من الأختصاصين والفنيين وغير المؤهلين الذين فقدوا أعمالهم بعد توقفها عن ألأنتاج.

وينبغي ان تحتل مشكلة ألأعتماد المتزايد على استيراد الحبوب أهتمام المختصين والمسؤولين ، وخاصة القمح والرز عند تحديد  أولويات التنمية الزراعية في هذه المرحلة، وأن  تقترح السياسة الزراعية المناسبة لزيادة ألناتج المحلي منها وصولآ للأكتفاء الذاتي في المستقبل غير البعيد.

 و في هذا ألأتجاه من الضروري أن يتبنى البرنامج الأقتصادي، آليات دعم و تشجيع المزارعين على زيادة المساحات الزراعية المخصصة لأنتاج الحبوب، من خلال سيا سة زراعية متعددة الحوافز. كأن  تشمل اسعارشراءالمنتجات الزراعية من قبل الدولة،والقروض والضرائب وجاهزية الدولة لتزويدهم بالبذور المحسنة وألأسمدة والمبيدات الحشرية، وبالأليات المناسبة والضرورية لتحسين وتطوير العمل الزراعي، بما في ذلك ألات حفر وتنظيف قنوات الري وضخ المياه .

ان الكثيرمن فلاحي العراق، ما كانوا ليهاجروا من اراضيهم الزراعية ويتركوا مهنة الزراعة، بحثآ عن مصدر رزق بديل في المدن وخاصة العاصمة وضواحيها، لو ان الحكومت السابقة قد أستجابت لمناشداتهم لها لأنتهاج سياسة داعمة ومتفهمة لمشاكلهم. سياسة استصلاح متواصلة للأرض، وتحسين سبل الدعم للعمل المزرعي وألأنتاج الزراعي، وبناء انظمة ري حديثة وتحسين وصيانة المتاح منها حاليآ. وبغياب الكثيرمن ذلك فلا غرابة أن يتعدى تعداد سكان بغداد الخمسة  وربما الستة ملايين نسمة،وأن تتشقق ألأراضي الزراعية على ضفاف دجلة والفرات، فيما تتدفق مياههما الحلوة جنوبآ لتضيع في مياه الخليج المالحة. ان هذا الهدر للموارد المائية الثمينة لم يكن ليحدث لو أستكملت الخطط التي أقترحتها جهات عراقية وعالمية متخصصة في خمسينيات القرن الماضي.

أن الدول المصدرة للحبوب وتلك المكتفيه ذاتيآ ليست اكثر وفرة في مياه الري من العراق،لكنها افضل استخدامآ للثروة المائية وألأراضي الزراعية وألأيدي العاملة الزراعية، فلم لانفعل الشيئ نفسه نحن في العراق. انه لمحرج حقآ للعراقيين الذين يشاركون في ندوات عالمية وأقليمية، أن يتحدث سياسيون واقتصاديون عن نجاح دول غير زراعية أصلآ بتحويل اراضي متصحرة الى أراضي زراعية ذات انتاجية عالية، في وقت تتحول سنويآ اجزاء شاسعة من أراضينا الزراعية ومسطحاتنا المائية وغاباتنا الى أراضي غير صالحة للزراعة.

لقد كان المزارعون العراقيون جيش الدفاع الأول ضد شبح المجاعة في العهود الماضية، وبفضلهم لم يعرف بقية سكان العراق المجاعات التي لم يسلم من شرورها ألا القليل من شعوب ألبلدان النامية.أن حكومة تعترف بقدارتهم وتوفر لهم المياه لأرواء أراضيهم وتدعمهم لأستبدال معداتهم الزراعية التي عفى عليها الزمن، التي اصبحت تستهوي مقتني التحف القديمة أكثر مما تستهويهم هم. فاذا ما توفر الدعم الكافي والمعونة الفنية المتواصلة، فلن يطول امد ألأعتماد على السوق الخارجي لأستيراد مفردات سلة الغذاء العراقية،وليس هذا فحسب ،بل وسيعرف العالم أن العراق لا يصدر النفط فقط بل فائضآ من الغذاء أيضآ.

أن القادم من السنين يحمل انباء غيرسارة لمستوردي الحبوب في العالم وبضمنهم العراق.واذا لم تتخذ السياسات الملائمة وتنفذ بجدية حازمة، فان احدآ آخر لن يفكر نيابة عن العراقيين لأيجاد الحلول لهم .واذا كان الأستيراد هو الحل في رأي السياسيين قصيري النظر،فان هذا الحل لن يكون ممكنآ في ألأعوام القليلة القادمة،وخاصة اذا لم تتواصل موجة تصاعد اسعار النفط بالمعدلات الحالية. واذا لم يجري اعادة تأهيل الصناعة النفطية،فلن يجد العراقيون عندها من يبيعهم الحبوب باسعار مخفضة.

 أن عدد الدول التي تعتمد في غذائها على استيراد الحبوب في تزايد مستمر.فالصين التي يقترب عدد سكانها  بسرعة فلكية من المليار ونصف المليار، أصبحت الأن من مستوردي القمح لأول مرة في تاريخها وتستورد بكميات كبيرة. لنتأمل ونسأل- من هذا الذي يستطيع اطعام هذا العملاق. لقد عبر عن هذه المخاوف السيد ليستر براون مديرمعهد واشنطن لأبحاث ومراقبة البيئة، أذ زاد وقال: لأول مرة في تاريخها يتعين على البشريةان تاخذ في الحسبان،ان حصة الفرد الواحد من المواد الغذائية ستنخفض باستمرار وعلى مدى فترة لا يمكن تحديدها.

اما المجموعة ألأخرى  من ألأولويات التي نعتقد انها الحلقة المركزية التي ترتبط بها وترتكز عليها عملية التنمية ألأقتصادية برمتها والتي ينبغي ويجب ان تكون محور البرنامج، فهي مشاريع البنية التحتية.

 كلنا مدرك كم طالها من ألأهمال خلال أعوام الحصار، والتخريب أبان الحروب وألأحتلا ل،وانعكاسات ذلك على حياة المجتمع العادية و على مجمل عملية التنمية ألأقتصادية المتعثرة اصلآ. وذلك لأن مشاريع البنية التحتية  ترتبط بعلاقات أمامية وخلفية متشابكة بمختلف ألأنشطة ألأنتاجية، وخاصة المشاريع ذات ألأنتاج الصغير، التي تعتمد كلية على خدمات الطاقة والمياه والصرف الصحي والنقل وغيرها المدارة من قبل الدولة. ولأن هذه الخدمات وخاصة الكهرباء  محدودة العرض مقارنة بالطلب المتزايد عليها فأن الكثير من الصناعات والحرف الصغيرة تواجه مصاعب جدية للأستمرار في نشاطاتها ألأنتاجية بكامل طاقاتها بل ان بعضها قد توقف بالفعل.

 ولهذه ألأسباب وغيرها يجب أن تحتل مهمة  تأهيل وتطويرمشاريع البنية التحتية ذات  ألأهمية البالغة لأستمرار وتطوير ألأنتاج في كافة فروع النشاط ألأقتصادي،هذا أضافة ألى كونها ترتبط مباشرة بحياة الناس وبمدى تطور سبل معيشته وتطلعاته المستقبلية. وينبغي أن يبحث معدواالبرنامج ألأقتصادي،امكانية وضع آليات لأستقطاب القطاع الخاص الوطني وألأجنبي لللأستثمارفي هذا القطاع الأقتصادي الهام.

ان أقتصاديات البنية التحتية ليست بالضرورة نشاطآ حكوميآ فحسب،  فالقطاع الخاص قد بلغ من الخبرة والقدرات المالية والفنية بما لا يقارن مع وضعه أبان العشرينيات من القرن الماضي، عندما كانت الحكومة المستثمر الوحيد الذي أضطلع بمهمة تسيير النشاطات في مجالاته.

 لقد أعتاد الناس أن ينظروا الى مشاريع البنية التحتية بأعتبارها أحد وظائف الحكومة، وليست نشاطآ أقتصاديآ يمكن أن يزاوله أي فرد له القدرة الفنية والمالية والرغبة في المجازفة في خوض غماره.  أنها كأي نشاط أقتصادي يمكن لمن يقوم به أن يستهدف تحقيق ألأرباح وأن يتوقع الخسارة أيضآ. ولأن المتطلبات الرأسمالية لمشاريع البنية التحتية عالية وتتعدى قدرات ألمبادرات الخاصة، فقد تكفلت الدولة، في ظروف خاصة في الماضي،  بتغطية تكاليفها الرأسمالية  ومباشرة ألأنتاج لأ شباع حاجات المواطنين.

أن مشاريع البنية التحتية أزدادت تعددآ وتنوعآ تبعآ للتطورالعلمي والتكنلوجي، الذي غير الكثير من سبل الحياة ومظاهرها، وأفرز بنفس الوقت مشاكل ثقافية وبيئية وأجتماعية لم يعهدها مجتمعنا من قبل. لقد ظهرت نتيجة لذلك مهام جديدة، تتطلب من الحكومة والمجتمع أن يتخذ أجراء بشأنها.

  فالبنية التحتية  لم تعد مقتصرة على المشاريع التي تزود المجتمع بخدمات  الطاقة الكهربائية والمياه الصالحة للشرب،وخدمات الصرف الصحي وخدمات تنظيف المدن والضواحي. لقد استحدثت أدارات متخصصة ووضعت تحت تصرفها اختصاصات أدارية وهندسية وقدرات مالية ضخمة،للقيام بأنشاء وتوسيع وحماية المساحات الخضراء في المدن والضواحي، وأعادة أنتاج وأستخدام المخلفات الصناعية والمدنية،وبناء وحماية وتطوير مشاريع الري والبزل، وتحسين الطرق والمواصلات والموانئ البحرية والجوية والأرتفاع بنوعية خدماتها الى الستويات العالمية، وتحسين الخدمات على الطرق السريعة وتشجيع اقامة محطات ألأستراحة الراقية بمحاذاتها لتقديم خدماتها للمواطنين وللوافدين لبلادنا من الخارج،تحسين وتطويرالمؤسسات الصحية الحكومية وتطوير نظام الرعاية ألأجتماعية،وتطوير مؤسسات التربية والتعليم  والعلوم والثقافة والبحث العلمي.

أن مشاريع البنية التحتية بهذا التعدد والتشابك ينبغي ان تكون موضع أهتمام السياسين وألأقتصاديين المختصين عند التخطيط للمراحل القادمة الأبعد مدى في عملية التنمية اللأقتصادية وألأجتماعية لبلادنا.

أن ألأنتاج الصغير وتشغيل الموارد البشرية العاطلة، هي الأخرى يجب أن تحضى بقدر كاف من الدراسة وألأهتمام عند أعداد برنامج ألأنقاذ الوطني.   فمسألة دعم المشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة يجب ان تكون في صلب اي سياسة صناعية تتبناها الدولة ضمن هذا البرنامج.

ووفق أتحاد المستوردين والمصدرين العراقي، يوجد في العراق حاليآ حوالي 180 الف مشروع صغير ومتوسط تحتاج لدعم الدولة لدورها المهم في تلبية حاجة السوق الداخلية من السلع والخدمات وللتصدير أيضآ.

 أن  هذه المشاريع  تعتمد اسلوب الأنتاج كثيف العمل,لذلك فهي مهيئة لتشغيل اعدادآ اكبر من العاطلين عن العمل، وهو ما يحتاجه ألأقتصاد والمجتمع العراقي في هذه المرحلة من تطوره. مع العلم ان فروعآ غير قليلة من هذه الصناعات  اجبرت على التوقف عن الأنتاج, بسبب مزاحمة السلع المستوردة  من دول الجوار وجنوب شرق اسيا والصين ذات العمالة المنخفضة الأجر.حيث ان اغراق السوق العراقية بالسلع المستوردة,قد اضركثيرآ بالصناعات الغذائية, والمشروبات والحلويات والملابس الجاهزة وصناعات الجلود, ومواد التنظيف, والأثاث المنزلي والمكتبي والسجاد ومواد البناء وغيرها كثيرة.

  ومن ضمن الأليات وألأجراءات التي يجب تفعيلها أوأعتمادها ضمن برنامج ألأنقاذ الوطني , للتعجيل في وتيرة تنمية هذا الصنف من المشروعات الأنتاجية ومساعدتها على الصمود امام المستورد من المنتجات المنافسة  الأتي:

1.  أتاحة القروض الميسرة الطويلة المدى للصناعيين الصغاروالحرفيين لتطويراسلوب انتاجهم وتوسيع اسواقهم داخليا وخارجيا.

2.   تقديم المنح المالية للمشاريع الحرفية التراثية الفردية و العائلية  لمساعدتهم في تغيير ألأساليب ألأنتاجه لتطوير نوعية المنتجات من أجل تحسين قدرتها التنافسية والأبقاء على نشاطها الأنتاجي والتجاري في السوق من جهة ,ولتشجيع الأخرين الذين تركوا عملهم الحرفي  للعودة الى النشاط الأنتاجي من جديد من الجهة الأخرى  .

3.  تنفيذ سياسة حمائية ,تكون من اولوياتها حماية المنتجين الصغار الذين اشير اليهم سالفآ.وذلك من خلال الأتي: ا- وضع علامات مميزة تعدها ادارة مختصة من وزارة التجارة والصناعة على شكل ختم يوضع علىالغلاف الخارجي للمنتج يشير الى تمتع السلعة بالحمايةالتجارية من قبل الدولة.ب- عدم السماح باستيراد نظيرها من  الأسواق الخارجية.ج- اعفاء السلع التي تتمع بالحماية التجارية من ضرائب التصدير.د- اعفاء المواد الوسيطة المستوردة اتي تدخل في صناعة السلع المحمية من ضرائب الأستيراد.ه- يتمتع اصحاب هذه المشاريع باعفاءات من ضريبة الدخل في المراحل الأولى من مباشرة الأنتاج.

أن تطوير هذه المشاريع  في ظروف العراق ألأقتصادية وألأجتماعية الحالية له اهمية بالغة وذلك للأسباب التالية:

اولا-  دورها المهم في استقطاب أعداد غير قليلة من العاطلين عن العمل، لكون اساليب الأنتاج السائدة فيها كثيفة العمل. وهو ما يتطلب دعمه في المرحلة الحالية من التنمية في بلادنا التي تشكو من البطالة الشاملة وبضمنها البطالة المقنعة.

 ثانيا-  انها تلبي حاجات واسعة من الطلب الداخلي على السلع والخدمات ,مما يبررالأستغناء عن مثيلتها الأجنبية وما يؤديه  ذلك من تخفيف الضغوط عن ميزان المدفوعات, من جهة ,والميزان التجاري من جهة اخرى .

وثالثا- بسبب ما تخلقه من دخول  لفئآت جديدة من المجتمع وزيادة في  دخول فئات اخرى,فأن ذلك سيساهم في تحسين المستوى المعيشي لجزء غيرقليل من المجتمع العراقي، ويساعد في الحد من أنتشار الجريمة المظمة وأنحراف ألأحداث والتشرذم العائلي. 

وهذا يساعد كثيرا في انخراط فئات متزايدة من العمال الجدد في سلك التعليم والتدريب مما يساعد في تحسين نظرتهم للحياة والمجتمع. كماان توفير فرص العمل لمن احترف الجريمة ابان فترة البطالة, يؤدي بالكثير منهم الى التحول للحياة الطبيعية المسالمة في الكثير من الحالات.

ان برنامج ألأنقاذ الوطني المطلوب هذا, ينبغي ان يكون واحدآ في سلسلة من البرامج ألأقتصادية متوسطة وطويلة المدى, يتوالى اعدادها وتنفيذها, في اطار سياسة التنمية ألأقتصادية المتواصلة والشاملة. وبفضل ذلك يمكن للعراق أن يواصل تقدمه الأقتصادي وألأجتماعي ويرفع من المستوىالمادي والروحي لمواطنيه.

ان مثل هذا التوجه المبرمج للسياسة الأقتصادية يفترض ان لا يتعارض مع نظام قوى السوق الذي تتسع قاعدة عمله في ألأقتصاد العراقي . و ان دور الدولة الواضح في قيادة  العملية الأنمائية الذي يميل اليه الكاتب, لاينبع من توجه عقائدي,  بقدر ماهو محاولة عملية , تعتمد  الواقع الأقتصادي والأجتماعي ألقائم,  للخروج بالأ قتصاد العراقي المرتبك,حيث ارست الدولة قاعدة عريضة للقطاع العام، لعب منذ عقود دورآ مهيمنآ في ألأقتصاد الوطني، الى جانب قطاع خاص محدد النشاط ،وبغياب شبه كامل لدور القطاع الخاص ألأجنبي .

 أن الوضع الذي كان سائدآ قبل التاسع من نيسان 2003، ما زال قائمآ حاليآ، مع تغير طفيف في ميزان قوى كل من القطاع العام والقطاع الخاص في سوق السلع والخدمات التي ينتجونها. ومع التغييرفي نظام الحكم بعد ذلك التأريخ، اصبح جليآ أن الحرية ألأقتصادية التي تقوم على المنافسة الحرة وجهاز الثمن، ستكون ألأساس لسياسة الدولة ألأقتصادية.

أن الواقع ألأقتصادي وألأجتماعي الحالي في العراق، لا يوفر شروط عمل نظام قوى السوق بصورة مطلقة وأن تبنته الدولة كأساس لسياستها ألأقتصادية، وذلك لأن أحد  أهم شروط  نظام قوى السوق وهي المنافسة الحرة, غير مستوفية شروطها فيه. ان سوق المنافسة الحرة (ألكاملة) يشترط وجود عددكبيرمن المنتجين او البائعين الذين ينتجون سلعآ متجانسة لا تختلف الواحدة عن الأخرى,وان لا تكون هناك اي عوائق قانونية او غيرها تحد من دخول اوخروج المنتجين اوالبائعين من السوق.وان يتوافر لدى المستهلكين المعلومات الكافية عن السوق والأسعار.

ان مفهوم المنافسة الحرة يمكن ان يكون مقبولآ من الناحية النظرية, الا ان ما يسود في سوق السلع والخدمات عمليآ ,هو ليس المنافسة الحرة بل مزيج من سوق احتكار القلة والمنافسة الأحتكارية.   ومن سمات سوق احتكار القلة هذا,هيمنة عدد قليل من المنتجين او البائعين,على الجزء  الأكبراو كل سوق السلعةالمنتجة, او المباعة . يعني هذا ان منتجي السلعة المعينة(او مستورديها)قادرون على تحديد سعر الوحدة منها والكميات التي  يرغبون ببيعهافي السوق. وهي بذلك تهدف الى تحقيق اقصى ربح ممكن.في وقت لا يستطيع ذلك البا عة ومنتجواالسلعة المعنية في حالة المنافسة الكاملة(الحرة).

في وقت تتميز سوق المنافسة الأحتكارية بوجود اعداد كبيرة من البائعين او المنتجين الذين ينتجون سلعأ متشابهة وليست متجانسة.و ان التغيرالذي قد يجريه بائع او منتج السلعة في سعر بيعها او في الكمية المعروضة منها في السوق,لا يؤثر في البائعين الأخرين,ومن ثم لن يخلق ردود فعل من قبل البائعين او المنتجين الأخرين من منتجي السلع المشابهة.في وقت تحدث  ردورد افعال من الباعة اوالمنتجين في حالة السلع المتجانسة, في سوق المنافسة الكاملة.

ان استطلاعآ سريعآ لسوق سلعة او عدد من السلع التي يبتاعها الناس الان من السوق العراقية, يقود الى كشف الحقيقة المرة, التي يواجهها المستهكون الذين ليس لهم نفس قوة المتحكمين في سوق السلعة المحددة.

.ان الظرف الحالي الذي يمر به الأقتصاد العراقي وللأ سباب المار ذكرها أضافة الى غياب واضح لسلطة القانون الذي يتيح حرية شبه كاملة للنشاط ألأحتكاري على حساب المستهلك المنهك اصلآ بسبب المستويات المتدنية للأجورو البطالة الشاملة في صفوف قوة العمل في الجتمع.

 فالمنتج الصغير والمتوسط  يواجه أزمة حقيقية بسبب توقف سياسة الحماية التجارية التي كانت مطبقة قبل التاسع من نيسان 2003،وهو يحتاج الى أعادة العمل بتلك السياسة، بمعنى أخر يحتاج لدعم الدولة.  

 فالبطالة الواسعة في المجتمع العراقي ادت  وتؤدي الى اعتماد فئات لا يستهان بها  من افراد الشعب,على التدخل الحكومي (البطاقة التموينية). التدخل الحكومي يرمي الى ابقاءهذه الفئات على قيدالحياة, وبنفس الوقت يسعى  لرفع مستوى المعيشة للفئات المعدمة, عن طريق ايجاد فرص عمل للعا طلين .وهذاالتدخل  يصب في صالح نشاط القطاع الخاص,حيث  يؤدي في النتيجة, الى زيادة الطلب على السلع و الخدمات التي ينتجها هذا القطاع. ان زيادة الطلب هذه والتي جائت نتيجة لتدخل الدولة, كانت ضرورية للأبقاء على نشاط العديد من مشاريع القطاع الخاص في السوق. و ان اي  نشاط اخر تقوم به الدولة ضمن هذه الحدود, سواء كان مباشرآ اوغير مباشر, يدعم الأنتاج السلعي و الخدمي للقطاع الخاص و يكون موضع ترحيب. واذا اضفنا الى كل ذلك مشاريع البنية التحتية, فأن تدخل الدولة يكون ضروريآ للتنميةالأقتصادية بشكل عام.

 ان تدخل الدولة وفق هذه الدراسة يعتبر ضروريآ لأيجاد المناخ الملائم لعمل قوى السوق.ان هذا الرأي ليس جديدآ في السياسات الأقتصادية .فقد انتهجته الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية في بداية الثورة الصناعية (1760-1830) وما بعدها وابان الأزمات الأقتصادية,التي لازمت النظام الرأسمالي الذي تتبناه تلك الدول.

ان جهود الدولة لتذليل الصعاب التي تعيق النشاط الخاص, في مجال انتاج السلع والخدمات للسوق الداخلي وكذلك مساعدته لولوج ميدان السوق الخارجي, هي نشاطات تؤدي الى زيادة الدخل القومي للمجتمع, وتؤدي  في النهاية الىرفع المستوى المعيشي لمواطنيها, وهو ما ينبغي ان تسعىاليه الدولة من كل نشاطاتها بالأساس.ولا يجب ان تسعى الدولة الى الأحلال محل القطاع الخاص,او منافسته في بعضها,فليست هذه وظيفة الدولة الأقصادية.

ان وظيفة الدولة التي ينبغي ان تضطلع بها من منضور هذه الورقة, هي التدخل  اجتماعيآ واقتصاديآ ,حيث يفشل نظام قوى السوق في  الأتي :

1-عندما تتحول المنافسة الحرة في سوق السلع والخدمات الى اي شكل من اشكال النشاط الأحتكاري.وذلك لمنع مثل هذا النشاط من تعريض المصلحة العامة الى الضررعلى المدى البعيد.ولمنع الحرية الأقتصادية, من ان تتحول الى حرية للأستغلال الجشع للمواطنين, الذين يفتقدون القوة التظامنية الفاعلة, لمواجهة النشاط الأستغلالي بمثلها.

ومثل هذا التدخل لا ينصرف فقط الى النشاط التبادلي التجاري ,بل الأنتاجي المادي والخدمي. و يشمل ايضآ حماية البيئة الطبيعية ومنع اي نشاط يسبب التلوث ويضر بالثروات الطبيعية,سواء كانت مكامن المواد الأولية,اوالمياه بما فيها المسطحات المائيه, والغابات والأراضي الزراعية المستغلة وغير المستغلة,والأثاروالثروة التراثيةو كل اشكال المال العام في المدينة والريف.

 2- ينبغي ان يكون للدولة دور رائد ودائم في متابعة ما يؤدي اليه النشاط الأقتصادي الحر من تمايز صارخ في توزيع الثروة والدخل.ولأجل منع  انقسام المجتمع الى فئات متناقضة,قلة متعالية غنية, وطبقة واسعة مسحوقة.

مما يتطلب في هذه الأحوال وتحاشيآ لظهور التناقضات داخل المجتمع,اصدار القوانين والنظم الضريبية المناسبة للحد من الظاهرة, وتحويل بعض مواردها, للفئات ذات الدخل المنخفض والعاطلين عن العمل, من خلال نظام متطور للضمان الأجتماعي.

3- ينبغي ان تسعى الدولة الى تنمية الثقافة والفنون ,ونشرها في الحقول التي  اسقطها نظام قوى السوق من مجالات نشاطه. وكذلك تقديم الدعم لهذه الخدمات حيثما واجهت صعوبات في تطورها  اووصولها للفئات المنخفضة الدخل.

ان نجاح سياسة التدخل الحكومي هذه بشكليها المباشر وغير المباشر، يعتمد على مدى التنسيق والتكامل بين نشاط الدولة ونشاط القطاع الخاص، الذي يحتمه مبدأ الشراكة في تحمل مسؤولية تحقيق التنمية ألأقتصادية وألأجتماعية في بلادنا لصالح الملايين من أبناء شعبنا، التي أنتظرت وضحت كثيرآ. ولقد آن ألأوان لأن تتمتع بثمار التطور المادي والروحي ألذي حرمت منه لعشرات طوال من السنين.