| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

                                                                                 الجمعة 13/1/ 2012

 

مهمة الرئيس جلال الطلباني .. و بيضة القبان .. ؛؛

علي ألأسدي

الدور الذي يضطلع به الأخ رئيس جمهورية العراق لاحتواء الأزمة السياسية الراهنة ، والبحث عن حلول لها يحتل أهمية استثنائية في الظرف السياسي الحالي ، حيث يعتمد عليه مستقبل الوحدة الوطنية العراقية التي تمر بمنعطف خطر ومعقد ، لا يمكن تجاوزه بغير الدبلوماسية الطويلة النفس التي اتصف بها منذ تسلم منصبه لحد اليوم. وفي رأي الكثيرين أن دور الرئيس وعلاقاته مع مختلف الأطراف السياسية العراقية يماثل وظيفة بيضة القبان في الموازين ، لأنه حرص دائما ألا ينحاز لطرف على حساب الآخر ، وهو الشرط الضروري الذي يؤهله كضامن للتوازن الضروري الذي يمنع انحدار العراق الى حافة الهاوية. فهو ومن خلال ما يطرحه من آراء ، وما يقوم به من خطوات يتجاوز كثيرا دور سفراء النوايا الحسنة ، فرغم كونه ممثلا لقوة سياسية لها اعتراضاتها على السياسة العراقية الراهنة ، لكنه حرص ألا يكون لها تأثيرا سلبيا على ما ينوي انجازه للصالح العام ، وهنا تكمن اسباب النجاح التي وضعها هدفا للمؤتمرالوطني الذي يمهد لعقده بمشاركة القوى السياسية العراقية. واعتقد أن السيد جلال الطالباني يدرك جيدا أن الوضع العراقي الراهن لا يحتمل فشل مهمته ، و ان الخيارالوحيد أمامه هو النجاح وحده.

وحتى تنجح مهمة الرئيس طلباني ، واذا رغب أطراف الحوار في انقاذ العراق من محنته ، لابد لهم من القبول بمبادئ أساسية ثلاثة ، وهي : التسامح المتبادل بين الأطراف كافة ، والاعتراف المتبادل بالآخر ، والتضحية بالخاص من أجل العام. وليس مهما هنا أي المبادئ الثلاثة أكثر أهمية. وحتى يكون النجاح أكثر ديمومة وثباتا ، ينبغي على القوى السياسية العراقية أن تنظر الى ثلاثة حقائق مميزة لواقع البنية السياسية العراقية الحالية وهي : ليس لأي طرف من الأطراف السياسية المنخرطة بالعملية السياسية سلطة تعلو عن سلطة القانون ، ليس بين القوى السياسية جميعا من له حق الادعاء بالعصمة من الخطأ ، وأخيرا ، ليس لأي فصيل سياسي الفضل على فصيل سياسي آخر في وجوده على مسرح العملية السياسية. فجميع القوى التي تحكم باسم الشعب حاليا قد جاءت بها الولايات المتحدة الأمريكية ، فالفضل للأمريكيين وحدهم في وجود تلك القوى في سدة الحكم ، وأن الأمريكيين من حافظ على سلامتهم ، ودافع عن كياناتهم السياسية خلال الثماني سنوات الماضية. وسيكون من التواضع والحكمة عدم نسيان ذلك.

وفي اعتقادي أن المؤتمر الوطني القادم للقوى السياسية الذي اقترحه ويسعى اليه الرئيس العراقي يجب ان يتيح للقوى السياسية العراقية غير المشاركة في الحكومة للمشاركة الكاملة في أعماله ، و بذلك وحده يمكن استثمار كل الطاقات السياسية العراقية لبحث المشكلات الراهنة بصراحة وجدية والتوصل الى حلول أكثر قدرة على الحياة. ومن الضروري أن تتم أعمال المؤتمر بعيدا عن الضجيج الاعلامي غير المسئول ، فقد كان دور الاعلام خلال الأسابيع الماضية سلبيا جدا ، بسبب ما أحدثه من بلبلة للرأي العام الداخلي والخارجي لتركيزه على الجوانب السلبية في العلاقات بين القوى السياسية. كما ينبغي تحاشي تحويل المؤتمر الى منصة للخطابة ، أو نادي لتبادل الرأي ، او فرصة للدعاية واللعب على مشاعر الجماهير ، فمثل هذه الأدوار أصبحت من الماضي المحزن ، ولا ينبغي تكرارها. انعقاد المؤتمر هو المجال الأفضل لأي طرف لشرح وجهات نظره والدفاع عنها ، واذا ما تم تغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية ، سيمكن التوصل الى صيغ توافقية تخدمنا جميعا ، لأن التوافقات السياسية أصبحت قاعدة للعمل في نظامنا السياسي ، ولم تظهر لحد اليوم قاعدة أخرى أكثر ديمومة منها ، و ما علينا الا العمل وفقها.

التحضير للمؤتمر جيدا يعتبر أحد شروط نجاحه ، بمعني أن تتقدم الأطراف المعنية بمشاريع سياسية جدية ومدروسة جيدا ، ليس فقط لتنقية الأجواء ، فليس هذا هو الهدف من المؤتمر رغم أهميته ، انما الموضوع الأهم هو وضع خريطة طريق مفصلة ورصينة لعمل القوى السياسية خلال الفترة المتبقية من ولاية حكومة المالكي على أن تتحدد بموجبها المسئولية الجماعية عن تنفيذ السياسة الحكومية في مجالات الاقتصاد وغيرها من ميادين عملها. فالناس تريد أن ترى منجزات في مقابل المليارات من الدولارات التي انفقت وتنفق سنويا من قبل الأجهزة الحكومية التي وضعت الجماهير ثقتها فيها. وسيكون ايجابيا جدا أن يثمر المؤتمر لوطني المزمع انعقاده لقيام جبهة وطنية بين القوى السياسية العراقية جميعها ، يكون بمثابة المرجعية السياسية للقوى المؤتلفة داخلها ، قاسمها المشترك هو التنمية الاقتصادية ووحدة التراب الوطني.

رئيس الجمهورية أمام مهمة ليست سهلة ، لكن بسبب ما لشخصيته من قبول عام لخبرته السياسية الطويلة ، فان عوامل النجاح لمهمته تبدو أقوى من عناصر الفشل. ومن دون شك فان وضع الثقة في الرجل ، ودعم جهوده ، يتطلب من الاطراف الأخرى أن تمد له يد التعاون لانجاح مهمته ، فنجاحه هو نجاح للعراق ، وهذا ما لا تتمناه القوى المعادية للوحدة الوطنية العراقية ولاعادة بناء العراق.



 

free web counter