| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

الجمعة 12/3/ 2010

 

الصمت الأمريكي عن التزوير .. صفقة مقايضة غادرة بحق العراقيين ؟
 

علي ألأسدي - البصرة  

"
الكاذب لا يُصدق ولو قال صِدقا " .. شيشرون

لقد أظهرت عملية الانتخابات التي جرت يوم الأحد السابع من آذار تحت وابل من قذائف المورترز والكاتيوشا والقنابل الأخري أن شعبنا قوي وذي عزيمة لا تضعفها لا تهديدات الأعداء ولا غدرالأصدقاء والأشقاء والجيران. لقد خرجت الجماهير نساء ورجالا ، شبابا وشيبا ، الجد والابن والحفيد ، مشيا أو على سرير المرض أو على كرسي الاعاقة ، تدفعها رغبة جامحة للتعبير عن رغبتها في التغيير والمجيء بشخصيات نظيفة ووطنية تتكفل بإعادة البناء وتحسين حياة الناس التي حولها فساد السلطة الحالية إلى جحيم أرضي ، وليس هذا فحسب بل ليعاقبوا المفسدين والمراوغين والمنافقين وسراق المال العام والمرتشين. لقد عبر قادة العالم عن اعجابهم بشجاعة وتصميم الشعب العراقي على التعبير عن خياراته سلميا وعبر صناديق الاقتراع ، فلم نستغرب لأننا نؤمن بقدراته ، فهو مدرسة لكل من يريد أن يتعلم الوطنية والنقاء وحب الحرية.

كنا نعرف أن الفاسدين سيتشبثون بالسلطة و سيستخدمون كل خبرات التزوير المتاحة للتلاعب بأصوات الناخبين ، وتحويل الهزيمة إلى نصر ، مستفيدين من ممارسات التزويرالتي جرت في إيران المجاورة ، ومن خبرة النظام السابق ومرتزقته طوال حقبة حكمهم. لكن الرأي العام العالمي يقظ بما فيه الكفاية ليكشف عن التزوير ويفضح الواقفين وراءه. وكانت أولى الاشارات قد وردت من ممثل الاتحاد الأوربي الذي راقب عملية التصويت ، والعد ، وإدخال البيانات في الحاسبات الالكترونية العائدة لمفوضية الانتخابات. وحسب ما جاء في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، صرح السيد ستروان ستيفنسون رئيس وفد البرلمان الأوربي للعلاقات مع العراق جاء فيه:

«لقد تلقيت اتصالات هاتفية وبريدا إلكترونيا من قبل الكثير من الأشخاص، منذ إغلاق مراكز الاقتراع، بما في ذلك الصحافيون وضباط الشرطة حتى من مدير لمحطة الاقتراع، وكلهم قدموا لي تقارير مقلقة عن محاولات لتشويه نتائج الانتخابات، كما أن الإعلان عن إرجاء نتائج الانتخابات أمر مشؤوم، وهناك اعتقاد بأنه يجري العبث بأوراق الاقتراع وصناديق الاقتراع. وهناك شيء واحد واضح هو أن جميعهم تقريبا أكدوا لي في رسائلهم، أن هذا التأخير هو علامة مهمة جدا، حيث يدل على فوز القوى الوطنية العراقية على عكس ما يسعى النظام الإيراني لتحقيقه في العراق».

وأضاف: «إن التزوير واسع النطاق الذي وقع خلال الانتخابات والتأخر في إعلان النتائج، لا يشكك فقط في شرعية الانتخابات، بل إنه يشير إلى مخطط يدفع العراق نحو الأزمة، وعلى الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي أن تواجه بقوة أي تلاعب في أصوات الشعب العراقي ومنع هذا البلد من السقوط مجددا في دوامة العنف الطائفي. أن الاتحاد الأوروبي، بوصفه أكبر مانح لمساعدات التنمية للعراق، لن يتسامح مع انتخابات «مزورة وغير نزيهة، مشابهة لتلك التي جرت في إيران» في يونيو (حزيران) من العام الماضي. وأوضح ستيفنسون أن لديه «معلومات من مسؤولين عراقيين ومراقبين دوليين تفيد بأن إيران تدفع مئات الملايين من الدولارات لشراء الأصوات»، كما «لدينا معلومات بأن شاحنات محملة بصناديق اقتراع ممتلئة قد عبرت فعلا الحدود الإيرانية باتجاه العراق»، على حد قول البرلماني الأوروبي، وأوضح أن ما يجري حاليا يعزز «قلق» البرلمانيين الأوروبيين وجميع المؤسسات الأوروبية تجاه الانتخابات.

وبخصوص ما ستسفر عنه الانتخابات رأت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية :

" أن الرئيس أوباما والولايات المتحدة بحاجة أن يروا القادة العراقيين يثبتون لشعبهم انهم ليسوا مجموعة من المرتشين يسعون للاستيلاء على غنائم السلطة أكثر من سعيهم لاعادة بناء العراق". إن هذه وتلك التحذيرات سيدي الرئيس أوباما ، لم تلقى إذنا صاغية من اللاهثين وراء الغنائم ، لأن السلطة ومكاسبها هي كل ما يعني الساعين لتزوير الانتخابات ، ولهذا فقد زوروها أسوة بأشقائهم في المظلومية وحب آل البيت.

لقد أثبتت السنوات السبع الماضية إن السلطة العراقية غارقة في الفساد ، وأن مخاوف الادارة الامريكية ليست جديدة ، ومع أنها على تماس مع اولئك الفاسدين لم تعمل شيئا للضغط على الحكومة العراقية لتصحيح مسارها ، وهي تعرف أن محاربة الفساد جزء مهما من الحرب على الارهاب في العراق وفي كل أنحاء العالم. بل أن موظفين امريكان سابقين احتلوا مناصب رفيعة في العراق كالسفير زلماي خليل زاد والجنرال السابق وحاكم العراق إبان احتلال العراق أيف غاردر متورطون بعمليات فساد كبرى في عقود نفطية ووساطات تجارية في اقليم كردستان وبغداد مقابل خدمات سياسية يؤدونها على حساب وحدة ومصالح العراق. والولايات المتحدة تعرف أكثر مما نعرف عن الغنائم التي تشارك فيها شخصيات حكومية في بغداد وكوردستان منذ عهد بريمر ولحد اللحظة.

إذا عاد الفاسدون مرة أخرى نوابا ووزراء برغم افتضاح محاولات التزوير، فإن صمت الأمريكيين موضع اتهام وإدانة ، فهو يعني أن إرادة الشعب قد زورت بعلم السلطات الأمريكية العسكرية والمدنية ببغداد. وأنه قد تم العبث والتلاعب بأصوات الناخبين الذين خاطروا بحياتهم للوصول إلى صناديق الاقتراع ، وبذلك ستكون الجهة التي مورس التزوير لصالحها قد ضمنت مسبقا مباركة الأمريكيين لبقائها لولاية ثانية ، مقابل تغاضيها عن صعود بعض البعثيين إلى قبة مجلس النواب ، بالرغم من رفض الأكثرية الساحقة من الشعب العراقي وهيئة المساءلة والعدالة. لقد اختار المزورون ذات الطريق الذي لا يفلت سالكوه من العقاب أبدا.


 

 

free web counter