| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

 

الثلاثاء 12/12/ 2006

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

نداء عاجل : يا عقلاء الأمة ...لاتكونوا جسرآ للفتنة الطائفية

علي الأسدي

تتردد يوميآ وبدون أنقطاع انباء، عن العشرات وربما المئات من العوائل، التي يجري تهجيرها، من اماكن سكناها في مناطق مختلفة من بغداد العاصمة. ويعرض على شاشات التلفزة صور نساء واطفال هائمين على وجوههم غيرمصدقين لما يجري في ظل العلم والدستور ومجلس ألأمة وقوات التحالف.
وفي حوادث اخرى، اغتيل اولياء امورعوائل فقيرة معدمة، امام أنظارأمهاتهم وزوجاتهم واخوتهم واطفالهم،بدم بارد وبدون رحمة او رأفة أنسانية، ثم أمروا بمغادرة بيوتهم والمنطقة في الحال.
وفي حالات اخرى تم القتل والتهجير امام اعين رجال الشرطة والجيش.ان مثل هذه الجرائم لايمكن ان تمر دون عقاب، وألا فأن سلطة الدولة ستكون مسؤولة عما جرى ويجري بأسمنا، نحن العراقيون الذين لايمكن ان نرضى او نسمح، بما يجري ضد ابناء وطننا سنة كانوا او شيعة أومن اي ديانات أخرى.
ان على لجان حقوق ألأنسان ان توثق مثل هذه الحوادث، وتحدد المسؤولين عنها من رجال الدولة ، سياسيين وعسكريين،وفيما أذا كانوايحضون بتأييد أحزاب أوتكتلات سياسية او دينية. وان تطالب المجتع الدولي بأجراء تحقيق دولي في جرائم القتل والتطهير العرقي والطائفي، و محاكمة من تثبت أدانتهم لأنزال اقسى العقوبات بحقهم.
ويخطئ من يعتقد ان مثل هذه الجرائم يمكن ان تغيب عن العدالة، بسبب الوضع السياسي المرتبك في بلادنا في الوقت الحالي. ولابد ان يحين الوقت لمحاسبة كل الذين ارتكبوا او شاركوا في أيذاء أبناء شعبهم مهما طال الزمن. ومثال ما يجري في محاكمة صدام خير ذكرى لمن لا يفقه حكم التأريخ ودروسه.
لقد تضاربت الأنباء عن العدد الصحيح لضحايا التهجير الطائفي، الذي شمل السنة والشيعة والمسيحيين والمندائيين وغيرهم . فقد اوردت بعض المصادر ان الرقم ربما تجاوز المليوني مواطن، وان عملية التهجير لم تبلغ على ما يظهر اهدافها المرسومة.
وفي الأيام ألأخيرة بلغت عملية أذلال ألأنسان العراقي ، ذروة من الوحشية التي لم تشهدها أنظمة الفصل العنصري، التي يتذكرها العالم بالخزي والعار كجنوب أفريقيا وروديسيا وصربيا سابقآ.

أن مايجري من تهجير وتمييز وقهروقتل بحق الأبرياء والعزل، هو وصمة عار في التأريخ العراقي ، وان مياه العالم كلها ربما لا تفي بغرض التطهر من رجسها أبدآ.
والدولة على ما يبدو اما منشغلة بخلافاتها حد ألأغماء، فلم تشعر بما يجري لمواطنيها من معاناة وأذى، وما يشعرون به من أحباط وخيبة أمل، او غير مهتمة، ولا تبالي بما يتعرض له مواطنوها من عذاب يومي لم يعد لهم طاقة لأحتماله أكثر..
واذا كانت الدولة فعلآ لا تبالي بما يجري من قتل يومي وتهجير على الهوية، وهو بعيد عن التصديق و التصور، فمن المخجل لنا ان نكون نحن الذين أنتخبناها لتقودنا.الى ما نحن فيه.

وفي الوقت الذي توشك مجموعات نشطة من جيران رئيس كتلة التوافق في مجلس النواب، ان تستكمل مهمتها المقدسة بأفراغ احياء عديدة في بغداد، مثل حي الجامعة وحي العدل من سكنتها من الشيعة، ينبري ألأستاذ الدليمي مستغيثآ بالحكومة واي جهة أخرى، لأيقاف تهجيربعض العوائل السنية من أحياء مدينة الحرية في بغداد.

ان التهجير يتطلب أستهجان الجميع، وان يعمل جميع ألأطراف سنة وشيعة على وقفه، لا تشجيع التهجير
المضاد . علمآ بأنه يعرف قبل غيره، ان المهجرين من الجانبين، لا مصلحة لهم ولاصلة لهم بما يطرح في وسائل الأعلام،من احتقان وتوتر طائفي . وان المؤثرين والمستفيدين من هذه الأفعال الجبانة القذرة، هم اغراب عن تقاليد العراقيين، والعراقيون براء منهم وان تشدقوا بالمذهب او الدين او اي اتجاه منحرف أخر.

الكل يعرف، ان الطائفية مؤامرة تم تسويقها فقط عند دخول فلول القاعدة وتسلل التكفيرين للعراق أثناء وبعد ألأحتلال، فكيف يسمح وهو السياسي المحنك، ان يكون احد جسورها، ولا يتدخل لأيقاف تهجيرأبناء الحي الذي يسكنه هو نفسه، من المواطنين الشيعة و بضمنهم جيرانه بالذات؟؟.
لقد كان حريآ بالشيخ المحترم، الذي طالما استهجن وأدان الأعمال ألأجرامية،التي طالت احياء شيعية في بغداد وغيرها،ان يلتزم بما قال، ويعمل على أطفاء نار الفتنة ، التي يتكالب كثيرون في داخل العراق وخارجه على أستعارها.
وبدلآ من ان يستصرخ من لا ضمير له من دول الجوار،لأنقاذ بغداد دار السلام وعاصمة التآخي الديني والقومي وألأثني، من سقوطها الوشيك، وربما تكون سقطت بالفعل في أيدي الصفويين،كان عليه ان يتوجه لتوحيد السياسيين العراقيين، لأنقاذ العراق من التخريب المنظم للأقتصاد، وتحطيم بنيته التحتية، وألأخلال بنسيجه ألأجتماعي، و من اجل تحقيق ألأمن وألأمان ودحر الأرهاب والجريمة...
فاذا لم يكن يقصد الشيعة بالصفوية، فكم من الصفويين يعرف في شوارع بغداد واحيائها؟؟

ما هو العيب في ان يختار احد ما، العيش في بلاد الرافدين، من اي اصول كان، عثمانية او صفوية اومصرية او سودانية، ما دام يعمل ويساهم في بناء البلد،و يلتزم ويحترم نظم وتقاليد مواطنيه؟؟
اليس الغالبية من القبائل العربية التي ينتمي اليها اكثرنا، هي من اصول غير عراقية ، وانما من الجزيرة العربية وبلاد الشام، حيث نزحت الى وادي الرافدين واستقرت فيه منذ مئات السنين ؟؟.
ان العصبية القبلية الجاهلية قد ولت، وليس من مصلحة احد اشاعة ثقافتها المتخلفة ، في عصر ازدهار الثقافات ألأنسانية والتعايش السلمي والتآخي بين الشعوب.
الم يكن من ألأفضل وألأنسب، ان يبادر الأستاذ الدليمي، الى حث ابناء حيه من السنة والشيعة الى التلاقي معآ في مساجدهم وهي كثيرة في المنطقة، وليؤكد لهم حرصه على وحدتهم وتآخيهم، ويحذرهم من ألأنجرار للفتنة المشبوهة التي يروج لها أعداء الشعب العراقي؟؟
اليست الدعوة للتآخي وتبادل الود بين ابناء المنطقة، والتعهد من قبلهم برد ألأذى عن بعضهم البعض في حالة حصوله، هي ألأفضل من العداء والتوتر، الذي يلوث عقول ومشاعر الجهلة والمارقين والخارجين على العرف والقانون والأخلاق العراقية النبيلة؟؟.
ان ألأستاذ الدليمي ليس فقط قائدآ سياسيآ خارج البرلمان،بل رئيس كتلة برلمانية داخله، وهو بهذا يمثل ناخبيه من كل الطوائف، ويفترض ان يتبنى قضية الدفاع عنهم وانصافهم ورفع الحيف عنهم كيفما واينما حصل.
لو كنت في منزلة الأستاذ الدليمي لبادرت حال سماعي بتهجير عائلة شيعية او سنية من شارعي، الى البحث عنها في كل مكان لأعادتها على مسؤوليتي الشخصية الى دار سكنها آمنة مطمئنة.

لو كان قد حدث هذا من قبل الأستاذ الدليمي ،هل سنسمع بعد ذلك عن حوادث مماثلة في الدورة او الحرية؟؟

و مع كل الذي حدث، ما زلت اعتقد ان الوقت لم يفت بعد ، فليس غريبآ ولا مستبعدآ، ان يقود ألأستاذ الدليمي وهو المعروف بحنكته ووطنيته التي تبعث على الثقة، مبادرة شخصية وسياسية واسلامية، بالتوجه بنداء الى ابناء بلده عامة والى سكنة حي العدل والجامعة والحرية بخاصة، الذين ينفذون حملة التهجير، بالتوقف عن هذه العملية غير المشرفة، والدعوة بنفس الوقت الى كافة من هجرمن بيوتهم بالعودة اليها.
ولا اعتقد اني اخطئ التقدير بقدرة وامكانية الأستاذ الدليمي على فعل هذا العمل الخير ومتابعة تنفيذه على كل المستويات السياسية والدينية.

وبالمقابل، فأن الأطراف المتورطة بتهجير المواطنين السنة في مناطق أخرى، مطالبة أن تفعل الشيئ نفسه، فان لم تفعل، فينبغي على الشيعة في تلك ألأحياء التظاهر و ألأعتصام في أحيائها، مطالبة بعودة اخوتهم السنة الى ديارهم دون قيد او شرط. وان يستمر ألأحتجاج حتى تتوقف هذه الممارسات غير ألأنسانية الغريبة عن مجتمعنا العراقي.
بذلك فقط يمكن وأد الفتنة الطائفية في مهدها، وفسح المجال للعقل والحكمة ان تأخذ مسارها، ووقف التدهور في العلاقات بين ابناء الشارع الواحد والحي الواحد والوطن الواحد.
لقد اثارني نداء الشيخ الجليل احمد عبد الغفور السامرائي، وانا اسمع مكالمته مع قناة العربية الفضائية يوم ألأحد، العاشر من كانون اول الحالي، حين توجه الى المسؤولين، في خارج العراق، لعمل شيئ ما لوقف حملات التهجير الطائفي التي طالت عائلات سنية في أحياء مدينة الحرية.
وقد حز في نفسي أن يتوجه الشيخ الجليل بنداء الى المؤتمر الأسلامي والجامعة العربية لعمل شيئ ما لأيقاف أضطهاد ابناء الوطن لأبناء وطنهم، بعد ان فشلت مساعيه لدفع السلطات العراقية لأتخاذ اجراءات لحماية المواطنين من العسف الذي يقع عليهم.
وانه لأمر محزن ومؤسف حقآ، ان لا تتحرك الحكومة لوقف جريمة قتل متعمد ضد مواطنيها بالسرعة والحرص اللازمين، في وقت بلغ اليأس بالمواطنين مداه، ليطلبوا النجدة من المنظمات الدولية وألأقليمية؛؛
ولقد اورد ألأستاذ السامرائي ، في خلال تلك المكالمة، كيف حاول سكنة الحي من الشيعة من دون جدوى، منع تهجير اخوتهم السنة من مناطق سكناهم، حيث تعرضواهم ايضآ للتهديد بسبب موقفهم المدافع ذاك.

لقد سمعت عن حوادث اخرى مشابهة، في احياء اخرى من بغداد، حيث تعهد الجيران السنة بالدفاع عن اخوتهم الشيعة من سكنة نفس الحي في حالة تعرضهم لأي تهديد. وقد وقفوا بالفعل ضد الزمر الضالة ومنعوها من تنفيذ تهديداتها بتهجير سكان المنطقة من اخوانهم الشيعة.
ان كل هذه، لأدلة دامغة، ان ليس للمواطنين من مختلف الطوائف الرغبة، او المصلحة في التوترات ألطائفية وحملات التهجيرالقسرية، وان الذين يشجعون ويغذون الكراهية بين أبناء الطائفتين المتآخيتين هم اعداء الطائفتين واعداء العراق في الوقت نفسه.
أقول هذا و ما أزال على قناعة تامة، بأن هناك أمل باهر في ا نتصارالحكمة والتعقل، وماعلى عقلاء ألأمة بما تبقى من الوقت و قبل فوات الأوان،ألا ان يضعوا خلافاتهم جانبآ، ويحولوا جهودهم الخيرة لتجنيب الشعب الفتنة الطائفية، التي يعترف الجميع، ان مخططها معد خارج البلاد، لتدميرالشعب و حاضر ومستقبل العراق.
يا عقلاء ألأمة... تعاونوا لدحرمشعلي المشاعر الطائفية، لوقف تهجيروترويع المواطنين ألعزل ألأبرياء..
ولا تكونوا.....جسرآ للفتنة الطائفية؛؛ وجازاكم الله خيرآ
يقول المثل الفرنسي : أن يأتي متأخرآ......أفضل من أن لا يأتي أبدآ.
مع التقدير.