| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

الأحد 11/7/ 2010

 

مناقشة محايدة لعقود النفط العراقية الأخيرة ..
(3) الأخير

علي ألأسدي - البصرة  

كنا قد استعرضنا في الجزء السابق بعض المآخذ على وزارة النفط لتخليها عن الحقول النفطية المطورة التي ما زالت مدارة بنجاح من قبل ادارة وطنية عراقية ، وهو ما يتنافى و سياسة العراق النفطية التي دأب على انتهاجها وتعزيزها منذ ستينيات القرن الماضي. ونستكمل أدناه مناقشة المآخذ الأخرى.
5 – تتحاشى وزارة النفط الافصاح عن الالتزامات المتبادلة بينها وبين الشركات النفطية التي تم الاتفاق حولها في عقود النفط ، وما أعلن عنه كان مقتضبا وغير مقنع ، في حين أن الوزارة ملزمة بعرض الحقيقة للراي العام. فقد أعلن مسئولون كبارا في وزارة النفط أن شركات النفط ستتقاضى أجورا مقطوعة عن كل برميل نفط منتج خلال مدة العقد ، مما دفعنا للاعتقاد بأن ذلك سيتضمن أقساط رأس المال الذي استثمر من قبلها في أعمال تطوير حقول النفط ، لكن اعتقادنا ذاك لم يكن في محله. فما كشفه السيد جيمس كوغان في مقاله المنشورعلى الموقع الالكتروني للاشتراكية العالمية كان صاعقا ، حيث أزاح اللثام عن حقيقة مهمة بقيت غائبة عن الرأي العام العراقي . فقد أورد الكاتب في مقاله : " فإلى جانب قيام الحكومة العراقية بتعويض الشركتين عن كلفة تحديث الحقل – بمبلغ قد يرتفع إلى 50 مليار دولار أميركي – سوف يدفع لهما 1.9 دولار عن كل برميل يتم استخراجه، أو حوالي 1.5 مليار دولار سنويا " (6) ونزيد على ذلك معلومة أخرى ، أن بعض الشركات ستتقاضى أكثر من خمسة دولارات عن البرميل المنتج ، عندها وبحسب القاعدة التي أحتسب الكاتب على أساسها عوائد بعض الشركات النفطية ، فان عوائد شركات أخرى ستكون أكثر من ضعف الرقم في حالة كانت حساباته صحيحة.
اعتمادا على تصريح وزير النفط بخصوص عقد ائتلاف لوك أويل الروسية وستات أويل النرويجية ، قمنا باجراء حساباتنا الخاصة للتأكد من مدخولات الشركات النفطية. حيث صرح قائلا : " ان لوك اويل ستمتلك نسبة 56,25 % في العقد ، فيما تمتلك ستات أويل 18,75%، و "شركة نفط الشمال" العراقية نسبة 25% كشريك ثالث. وبذلك ستحصل لوك اويل وستات اويل على 1,15 سنتا لكل برميل تنتجانه. ولكن وبعد استقطاع ضريبة عراقية نسبتها 35 % من هذا المبلغ، ومن ثم دفع 25 % منه لشركة نفط الشمال باعتبارها شريكا في العقد ، فالدخل المتبقي للشركتين بعد ذلك هو 55 سنتا فقط " . من هذا التوزيع ستكون حوالي 31 سنتا للشركة الروسية ، و24 سنتا لشركة ستات النرويجية عن كل برميل تنتجانه. ولو انتجت الشركتان واحد مليون برميل من النفط في اليوم فستحصل الشركتان على حوالي 200 مليون دولار سنويا دخلا صافيا ، عدا ذلك فانها ستستعيد كل تكاليف تطوير الحقل كاملة. إن الرقم الذي أوردناه يمكن أن يتغير بزيادة الانتاج أو بزياد الأجور عن البرميل ، كما يختلف فيما اذا احتسب قبل اقتطاع الضريبة الحكومية أو بعدها ، ويختلف أيضا في حالة عدم وجود شريك عراقي كما هو الحال في عقود أخرى تم ابرامها، وبناء على ذلك فان الأرقام التي أوردها السيد كوغان في مقاله المشار اليه كانت مبالغا فيها كثيرا ، لكنها لم تخلو من حقائق مهمة.
واذا ما اعتبرنا المبلغ مائتا مليون دولارعوائدا لرأس المال المسثمر ( 50 مليار دولار) فإن نسبة الربح التي ستحققها الشركتان في العام الواحد هي 40 % ، بما يساوي أربعون سنتا عن كل دولار مستثمر.وبما أنها ستستعيد كامل رأس المال ، يعني أنها ستحقق أرباحها خلال فترة العقد دون أن تتكلف سنتا واحدا. والحقيقة الأخرى التي خرجنا بها أن المكاسب التي ستحصل عليها الشركات النفطية من عقود الخدمة الخادعة هذه هي أفضل بكثير مما ستحققه لو كانت تعاقدت على عقود المشاركة في الانتاج التي رفضها الشعب العراقي.
من لم يعرف الحقيقة لا يمكن له أن يتهم وزارة النفط بالكذب والتزييف ، وقد أصبحنا الآن أمام نافذة صغيرة نستطيع من خلالها تسليط الضوء على مصداقية عقود الخدمة تلك ، وصار بامكاننا أن نعرف من خدم من بالتوقيع عليها ، ولنا شهود على ما نقول ، بعضهم ممن وقع على تلك العقود. ففي مقال لمراسل صحيفة النيويورك تايمز في بغداد أندرو كريمر، المنشورة ترجمته " في العرب اليوم " بتاريخ 13 / 7 / 2008 حول العقود التي خططت للاعلان عنها وزارة النفط ، يقول فيه: " لقد بنيت صفقات من دون عروض على انها عقود خدمات, ذلك ان الشركات ستتلقى اجورها لقاء الاعمال التي تقوم بها, بدلا من منحها تراخيص للعمل في مخزون النفط في باطن الارض. وبهذا لا يتطلب عملها نصا في قانون النفط يضع شروطا بتقديم عروض تنافسية. وتعتبر العقود النفطية الاولى مع الشركات الكبرى عقودا استثنائية بالنسبة لصناعة النفط ، فهي تتضمن شرطا يبيح للشركات جني أرباح طائلة باسعار اليوم ". ونقل المراسل عن ليلى نبالي الناطقة باسم شركة شل احدى الشركات التي ضمنت عقدا لتصنيع الغاز المصاحب في البصرة ، قبل أن تفوز بعقد استثمار حقل مجنون النفطي العملاق ، قولها " (هذه ليست عقود خدمات في الحقيقة. فقد صيغت لتلتف على الازمة التشريعية". وقد أكد ذلك عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط بقوله: " ان الوزارة اختارت الشركات التي ارتاحت الوزارة للعمل معها, بمقتضى مذكرات التفاهم غير مدفوعة الاجر, وبفضل كفاءتها الفنية العالية ، واضاف ، (لهذا السبب, حصلت هذه الشركات على الأولوية) ." (7)

6 – لقد ذهب وزير نفطنا بعيدا في عرضه للحقول النفطية المطورة جميعها في جولات التراخيص ، التي أعلن عنها في منتصف العام 2008 ، ولم يميز بين حقول مطورة منتجة لا تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة لتطويرها ، و حقولا مطورة جزئيا ربما احتاجت إلى مبالغ أكبر نسبيا لتطويرها. وبذلك فقد قادنا الوزير إلى خسارة باهضة الثمن ، فذهب الأخضر بسعر اليابس كما يقول المثل الشعبي العراقي ، وبدت جولة التراخيص وكأنها احتفالا لتقديم الجوائز للشركات النفطية ، لامساومتها حول أفضل الشروط التي تخدم مصالحنا الوطنية. كما أظهرت لغير الملم بأبعاد ومناورات وفساد شركات النفط الكبرى أن لا فرق بين حقل نفطي وآخر، فكلها تنتج الذهب الأسود ، إنما الحقيقية غير ذلك ، ففيها الأغنى والأضخم ، وفيها الأقرب إلى سطح الأرض الذي لا يتكلف استخراج النفط منه كثيرا ، وفيها الأبعد في الصحراء والأراضي السبخة ، وفيها الأفقر والأصغر. فليس من المعقول أن يعامل حقل الرميلة المطور ذي الاحتياطي الأعظم في العالم البالغ أكثر من 17 مليار برميل وينتج حاليا أكثر من مليون برميل ، بحقل بدرة الصغير ذي الاحتياطي البالغ مائة مليون برميل وينتج حاليا 170 ألف برميل. نعم توجد كل تلك الميزات والفروق ، والشركات تعرف ذلك جيدا ، ولم يكن غريبا أن يكون حقلا ما من حصة شركة ما وليس من حصة شركة أخرى.

ولا يمكن المرور مر الكرام على حقيقة أن توزيع الحقول النفطية لم تتم بالقرعة أو نتيجة الحظ ، أو وفق عروض العطاءات السرية المتعارف عليها في اقتناص الفرص الاقتصادية. لقد اظهرت جولات التراخيص أن الحقول قد نالها من اتفق عليها مسبقا مع المسئولين في وزارة النفط ، وأن الصينيين كانوا الأكثر معرفة في كيفية التعامل مع الفساد في البلدان النامية ، والأكثر خبرة في الافساد أيضا وشراء الذمم لتحقيق المكاسب ، كما صرح به أحد ممثلي شركات النفط الذين شاركوا في جولة التراخيص ، أما من لم يدرك هذه الحقيقة ويستعد لها مسبقا ، ويفعل ما عليه فعله فقد خرج من السباق غير العادل وغيرالمتكافئ خالي الوفاض. وهكذا كان الحال مع شركات نفط كثيرة استجابت لاعلان جولة الاستدراج ووقعت اتفاقات تفاهم مع وزارة النفط على أمل حصولها على حقوق استثمار نفطية ، لكنها عادت من حيث أتت ، وكان من بينها شركات هندية وفيتنامية واندونيسية وأوربية سبق ان كانت لها اتفاقات تعاون في مجال استثمار حقول نفطية في عهد النظام السابق. ولمعرفة حقيقة ما جرى قبل وخلال وبعد جولات التراخيص نحتاج لجهود مراسل صحفي يعمل لصالح صحف ذات نفوذ ، ليتحرى الحسابات المصرفية لبعض كبار الموظفين في وزارة النفط وسكرتاري مجلس الوزراء ، عندها لن يحتاج الأمر الانتظار حتى يوم القيامة لنكتشف أن الله لم يخلق إبليسا واحدا ليغرربالخيرين من الناس ودفعهم لارتكاب المعاصي بل أباليس.
لقد حذرت صحيفة الفاينانشال تايمز اللندنية من عواقب الفساد في عقود النفط ، حيث جاء في عددها ليوم 1 / 7 / 2008 عشية بدء جولات التراخيص بقولها : " من الضروري الالتزام بالشفافية أثناء إبرام الصفقات النفطية، حتى لا يترسخ في أذهان العراقيين أن الهدف من اجتياح العراق هو ما تزخر به البلاد من ثروات نفطية." وتعتبر الصحيفة " أن عدم الالتزام بالحيطة في هذا المجال لن يجلب النفع لا للعراق ولا للمستثمرين ".(8) لقد فات على الصحفي النبيه أن يعرف أن خطر أبالستنا علينا وعلى ثرواتنا أكبر بكثير من أي اجتياح أجنبي لبلادنا ، بل سنقبل برحابة صدر منح موافقتنا لاستثمار ثرواتنا بدون وساطة عراقيين لا وطنية ولا أخلاق تتحكم بجشعهم وخسة ضمائرهم ، وليت الأمم المتحدة من قام بتنظيم عروض جولات التراخيص والاشراف على العطاءات وتوقيع العقود النفطية. ولو كانت الأمم المتحدة قد فرضت نفسها بالفعل لحمايتنا من غدر أبناء جلدتنا ، واشرفت على عمليات المفاوضات والتعاقد لثارت ثائرة المسئولين ، ولاعترضوا على دورها بحجة حرصهم على استقلال القرارالعراقي ومعارضة التدخل الخارجي بشئونه الداخلية.
7 - لقد بدا للكثيرين أن استحواذ الرأسمال الأمريكي على حقول النفط العراقية كثمرة لحربها على العراق وكأنه أمرا مفروغا منه ، لكن جولات التراخيص التي أدارتها وزارة النفط في الفترة 2008 - 2009 أعطت صورة مغايرة. فجولة التراخيص لم تمنح الشركات الأمريكية مواقع احتكارية أو أفضلية في عقود الاستثمار النفطي ، فلم تدخل السباق منفردة ، بل ضمن ائتلافات (كونسورتيوم) تشكلت خصيصا قبيل جولات التراخيص ، حيث فازت بعقود كغيرها من الشركات النفطية متعددة الجنسية وفق عروض وصفت بالشفافة من قبل وزارة النفط. لمن تابع مجمل نشاطات وزارة النفط ولقاءاتها الثنائية خلف الأبواب المغلقة مع ممثلي شركات النفط الكبرى والصغرى خارج وداخل العراق ، والمدقق في جنسيات من فاز من الشركات بعقود وتلك التي لم تفز ، لابد يلاحظ الحضور الكبير والحاسم للشركات الغربية متعددة الجنسية. ولم يكن من الصعب ملاحظة أن العقود العديدة والمهمة التي فازت بها الشركات النفطية كانت من البلدان التي شاركت الولايات المتحدة في تحالفها الذي قاد الحرب على العراق في 2003.
ما نذكره هنا ليس بدافع الكراهية والعداء للشركات الأمريكية والأجنبية ، بل لوضع القارئ اما حقائق ما يجري في بلادنا من اتفاقات وعلاقات يعتمد عليها حاضر حياة شعبنا ومستقبل رخائه وسعادة أبنائه ، ولكشف الزيف في التصريحات والادعاءات التي عبر عنها المسئولون للظهور بمظهر الوطنيين الحريصين على مصالح بلادنا. فلسنا ضد الشراكة الأمريكية أو الأجنبية في تحسين وتطوير الصناعة النفطية لزيادة انتاجنا النفطي ، مصدرأرغفة الخبز التي تشكل وجبة الغذاء الرئيسية للأكثرية الساحقة من أطفال وأيتام وأرامل والعجزة من ابناء شعبنا ، بل ونعتقد أن من الضروري ان ينصرف التعاون ليشمل المجال الاقتصادي والفني والثقافي بين دولتينا وشعبينا ، على أسس المساواة والاحترام المتبادل لخدمة السلام والرخاء للجميع.
الشركات النفطية التي استحوذت على أكبر وأهم وأغنى الحقول النفطية العراقية هي : شركة أكسون موبيل واوكسيدنتال الأمريكيتان ، بي بي البريطانية ، ايني الايطالية ، دتش شل الهولندية البريطانية ، وكورغاز الكورية الجنوبية وجابكس اليابانية، حيث بلغ الاحتياطي النفطي الذي اصبح بحوزتهم لربع القرن القادم هو 60 مليار برميل من خزين النفط الخام العراقي الذي يزيد عن احتياطي النفط في نيجريا وايران ودول الخليج كل على انفراد. وتتفاوض هذه الشركلت حاليا على عشرات الحقول النفطية الأخرى المكتشفة ، والتنقيب عن مئات أخرى في أنحاء مختلفة من البلاد. من الجانب الآخر إن الشركات الأخرى التي فازت بعقود مثل س ن ب س الصينية ، ولوك أويل وجاز بروم الروسيتان وكورجاز الكورية الجنوبية ، فترتبط جميعها باتفاقات تنسيق في أنشطتها النفطية مع كبريات الشركات الأمريكية والبريطانية أكسون موبيل وبي بي وشل بدليل انها تشاركها بائلافات استثمارية ، وهي بلا شك تتدارس وتنسق المواقف معها والأدوار، وبخاصة لوك أويل الروسية و كورجاز الكورية الجنوبية اللتان لهما أتفاقات موقعة مع أكسون موبيل وشل بالتحديد. ولا نستبعد أن ينطبق الحال على بتروناس الماليزية وتوتال الفرنسية.
فلا يجب أن نصاب بالدهشة من هذا التداخل في المصالح ، فالعولمة أزالت الحدود القطرية ، وألغت السمات الوطنية ، وتجاوزت الثقافات والتقاليد القومية والشعبية والقيم الأخلاقية والاختلافات السياسية والعقائدية ، ووحدت لغة التخاطب والاتصالات ، وأرست قواعد جديدة للتنافس هي اقرب لاحتكار القلة من أي نوع من أنواع المنافسة التي أصبحت من الماضي بسبب عدم ملاءمتها للنظام الاقتصادي العالمي الراهن. ولو قدر لأي مجموعة اقتصادية عراقية حتى لو كان مالكوها من آيات الله ، لقامت بنفس الأنشطة التي تقوم بها الشركات متعددة الجنسية ، ووفق نفس القواعد المعمول بها للبحث عن الفرص لتحقيق الأرباح على حساب الشعوب الضعيفة والمغلوبة في أي مكان من العالم.
فشركة رويال داتش شيل الهولندية ما تزال معروفة بكونها شل الهولندية الملكية ، لكن هذا لم يمنع من أن يكون مكتبها الرئيسي وعاصمة نشاطها وموظفوها البالغ عددهم 24 ألف موظف في هيوستن بولاية تكساس الأمريكية ، وهي حاليا أخطبوط عملاق متعدد الجنسيات ، لا هولنديا ولا ملكيا ، وتعد الأكبر بين شركات استخراج النفط والغاز والتجارة بهما وبمشتقاتهما من الكازولين والبتروكيماويات على مستوى العالم. وكانت أرباحها في الربع الثاني من عام 2009 قد بلغت 4 مليارات دولار، وفي الربع الأول من هذا العام بلغت 4.9 مليار دولار. وإن الشركات الصينية الحكومية التي ما زالت تعمل تحت راية العمال والفلاحين الحمراء ، تتقدم كتفا لكتف مع الشركات النفطية الغربية وتعقد اتفاقات التعاون مع ديكتاتوريات متخلفة لاستغلال ثروات الدول النامية على نفس الأسس الرأسمالية التي تنتهجها بي بي البريطانية وأكسون موبيل الأمريكية. فالشركة الصينية الحكومية سى أو أو سي النفطية ، تتفاوض حاليا لشراء حصة بي بي البريطانية النفطية في شركة بان أمريكان النفطية في الأرجنتين بعشرة مليارات دولار لتمد نفوذها في دول القارة الأمريكية الجنوبية ، ولا يستبعد أن تصبح شريكة للشركة البريطانية نفسها بسبب حاجة الأخيرة للسيولة النقدية لمواجهة الكارثة البيئية التي تواجهها في خليج المكسيك. فالصين تتحول بسرعة من دولة باحثة عن النفط لسد حاجتها الداخلية ( ثاني أكبر دولة مستهلكة للنفط بعد الولايات المتحدة )إلى أخطبوط عالمي لاستثمار الثروات الطبيعية والتجارة بها عالميا.
ولا يجب أن نستغرب ما يجري في العالم بعد انهيار النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفيتي ، فلم يعد ما يلهم الطبقة العاملة العالمية والحركات الوطنية في البلدان النامية ويقوي عزيمتها لمواصلة كفاحها ضد أشكال علاقات الاستغلال الطبقية والاستعمارية في بلدانها. فقد ضعفت حركة النضال الوطني وانحسر بعضها من أجزاء واسعة من العالم ، وأصبح من السهل على المحافظين الجدد أن يتمكنوا من تهميش نظام التكافل الاجتماعي والمكتسبات الاقتصادية والاجتماعية التي تحققت للعمال والشعوب خلال القرن الماضي. وتمكنت الشركات الرأسمالية ممثلة الاستعمار القديم والجديد من تشديد قبضتها على ثروات الشعوب الضعيفة في أفريقيا وأجزاء كثيرة في أمريكا الجنوبية والباسفيك. وأصبح أمرا عاديا ومقبولا أن يقوم رئيس حكومة كرئيس الوزراء البريطاني السابق عن حزب العمال توني بلير بالترويج من أجل المال لصالح حصول الشركات الغربية المتخصصة في النفط والغاز والحديد والصلب والأسلحة وغيرها على عقود بمليارات الدولارات في الدول النامية ودول المعسكر الاشتراكي السابق ، مستغلا مركزه وعلاقاته السابقة مع حكوماتها ( قدرت صحيفة ذي ميرور البريطانية ثروته بعشرين مليون باون منذ استقالته). وفي الوقت الذي يقوم السيد بلير بنشاطه الطفيلي هذا يكرس أكثر رؤساء الحكومات والدول الديمقراطية السابقين جل المتبقي من سنين حياتهم في أعمال خيرية كالرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية السيد جيمي كارتر، والرئيسة الأيرلندية السابقة السيدة ماري روبنسون مفوضة حقوق الانسان، والسيدة ايما بونينو الناشطة الحقوقية ووكيلة مجلش الشيوخ الايطالي .
أن العالم قد تغير كثيرا خلال العقدين السابقين ، وبينما يشعر المعجبون بالعولمة الرأسمالية بالسعادة والزهو في أجواء الحرية الاقتصادية المنفلته التي اتاحتها ، يترقب عمال العالم وأبناء الطبقات الكادحة أسوء الأنباء عن البطالة والفقر والأمراض وانهيار البيئة وسرقة ما تبقى من مكاسبهم الاجتماعية والاقتصادية التي تحققت لهم عبر النضال والتضحيات الجسام.
 

مصادر البحث
1- Energy Information Administration- Country Analisis Briefs- Iraq EIA, International Energy Annual
2- الايكونوميست اللندنية ، " العراق بين نعمة النفط ونقمته " ترجمة أمل الشرقي – 22 /8 / 2008
3- موقع China Daily ، Cnooc bags oil field deal in Iraq ,29 / 6 / 2010
4- شبكة النبأ المعلوماتية – الخميس 17 / 12 / 2009 ، يذكر أن شركة "غلف كيستون" مملوكة لـ"بترول رأس الخيمة" وذلك منذ عام 2007، في صفقة بلغت قيمتها 413 مليون دولار، وقد دخلت الشركة السوق العراقية منذ ذلك الحين، وأعلنت قبل أسابيع عن اكتشاف حوض نفطي في كردستان، قبل أن تعود خلال الأيام الماضية لتعلن أن الكميات الموجودة فيه تتراوح بين 10 و15 مليار برميل.
5– وكالة رويترز للأنباء 31 / 3 / 2010 ، عن شركة أي . أتش . سي كمبرج أنيرجي .ماساتشوسيتس ، الولايات المتحدة.
6 - جيمس كوغان- نهب نفط العراق- الموقع الالكتروني للاشتراكية العالمية. 11 / 3 /2009 ، ترجمة نيقولا ناصر.
7- اندرو كريمر- مراسل صحيفة النيويرك تايمز في بغداد ، جريدة " العرب اليوم " 13 / 7 /2008





 

 

free web counter