| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

الخميس 11/2/ 2010

 

لم كل هذا الفزع من البعثيين ......؟؟

علي ألأسدي - البصرة  

" لا يمكن أخذ البريء بجريرة المجرم "

يبدو أن قرارات " الهيئة التمييزية " ، بالسماح للمشمولين بقرار الاجتثاث بالمشاركة بالانتخابات القادمة قد أثار ألغرائز السفلى لهواة الرقص على صوت الطبول ، وبينهم سذجا مستعدون لارتكاب ما يؤمروا به لصالح هذا أو ذاك من المرشحين ممن لا حظوظ لهم في اكتساب ثقة الناخبين الواعين. فلمصلحة من تثار هذه الضجة حول مرشحين بعدد الأصابع لشكوك بصلاتهم بحزب البعث في حين يسدل الستارعلى صداميين كبارا يديرون ويشرفون على مصارف عراقية وشركات مالية ووكالات تجارية واستثمارية هنا في العراق والبلدان العربية والأجنبية ، ويتحكمون بالقنوات المالية التي تمول وتدعم انتعاش الصدامية ومشاريعها الارهابية. ولا يمكن تفسير السكوت عن أولئك الصداميين المخضرمين إلا لأن البعض من السياسيين الفاسدين قد استخدم موقعه لتبادل المنافع وحصد الأرباح على حساب الجماهير المحبطة.

الضجة المثارة حول الاجتثاث والهيئة التمييزية مبالغ فيها إلى حد بعيد ، وهي تعبر عن قلق القوائم الطائفية الكبيرة وخشيتها من خسارتها للسلطة في الانتخابات القادمة لصالح مرشحي القوائم التي لا تستخدم الدين والمذهب كوسيلة للفوز كما اعتادت هي أن تفعل . أن القيادة السياسية الحالية التي فشلت وتمادت في الفشل في تحسين حياة الشعب المعاشية والخدمات الأساسية تعجز عن إقناع الجماهير بجدارتها أو أفضليتها ، وما الزوبعة المفتعلة من قبل التحالف الحاكم حول البعثيين إلا جزء متمما لمحاولة الاستحواذ على أصوات الناخبين التي باشرها في وقت سابق ، عندما أصدر قانونا للانتخابات يضمن له الاستيلاء على أصوات من لم يصوت له. واستكمالا لهذا ينفذ الائتلاف الحاكم خطة دعائية غير نظيفة لاسقاط المنافسين وإزاحتهم قبل أن يدخلوا حلبة التنافس الانتخابي ، مع إدراكهم المسبق أن مثل هذا الأسلوب الاقصائي قد يكلف المتنافسين المستهدفين حياتهم أو حياة أفراد عائلاتهم في ظل الفلتان الأمني وانتعاش نشاطات بعض المليشيات الارهابية.
لقد تهيأ للبعض أن الحديث عن جرائم البعثيين والتحذير من خطر تغلغلهم إلى أجهزة الدولة هو الأسلوب الأمثل للظهور بمظهر الوطنيين المخلصين للشعب ، لكنهم لم يدركوا أن الجماهير العراقية على درجة من الوعي يمكنها من التمييز بين الحمل الوديع والثعلب الماكر، وبين الوطنيين المخلصين والمدعين الزائفين. وللأسف الشديد أن السيد رئيس الوزراء قد وقع في هذا الوهم ،عندما استخدم " بعبع البعث " لتخويف الناس من قوائم بعينها بأمل جذبهم نحو قائمته ، متناسيا أن الخطر الذي تشكله القطط السمان والفساد المالي في حكومته وحزبه وقائمته يسبب من الغثيان والغضب والخيبة والفزع للباحثين عن لقمة العيش الشريفة أضعاف ما يشكله أولئك المرشحون البعثيون. وكان على رئيس الوزراء أن يكون اكثر حذرا في لعبة جر الحبل هذه ، فما أخشاه هو العكس تماما ، فالأيدي التي تمسك بالطرف الآخر من الحبل استجمعت من القوة والمناورات ما يجعلها واثقة من إجباره على ترك الملعب مثخن الجراح.

ولأن موضوع الاجتثاث ما زال ساخنا فتداعياته مستمرة أيضا ، فقد عبر محافظون ورؤساء مجالس محافظات عن نيتهم لاقصاء موظفين عن وظائفهم كونهم بعثيون أو لهم علاقات بالبعثيين ، متجاهلين حقيقة أن حملة كهذه منافية لمبادئ حقوق الانسان ،التي تؤكد على احترام حق الفرد في العمل دون تمييز أو تعسف. وما اعتقده أن محاولات كهذه هي الأخرى ستعمل على عكس ما أريد لها، إذا لم يبادر رئيس الوزراء للتبرؤ منها ومن الداعين لها ، فأي حكومة تمارس اجراءات الترهيب بحق مواطنيها ، فتحرمهم من مصادر رزقهم إنما تعبرعن نزعة قمعية وديكتاتورية ولا انسانية. فقد هدد محافظ بغداد، الذي ينتمي الى «حزب الدعوة» بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، الأحد الماضي 7 / 2 / 2010 بالبدء بحملة واسعة لعزل البعثيين من جميع دوائر المحافظة. كما توعد محافظ كل من كربلاء والنجف وواسط باجراءات مشابهة ضد الموظفين البعثيين متعهدين بفصلهم من مهامهم الوظيفية. ولا نستبعد أن يظهر لنا محافظون آخرون في أزمة أخرى ليتوعدوا بفصل المنتمين إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني ، أو للحزب الشيوعي العراقي ، أو للحزب الاسلامي ، أو لحزب الوفاق الوطني ، أو لحزب المؤتمر الوطني العراقي .

لقد جوبهت تلك الدعوات باستنكار ممثلي حركات سياسية وأعضاء في المجلس النيابي معتبرينها مخالفة للدستور العراقي.
فقد عقب على هذه التهديدات القيادي في «الحركة الوطنية العراقية» حسن الشعلان لـصحيفة «الحياة» قائلا: ان «الدعوات الاخيرة لتصفية البعثيين خطيرة ، ويراد منها ايهام الشعب العراقي ومحاولة لرمي الاخفاق الحكومي في ادارة امور البلاد على الغير والفشل في ادارة الملف الامني والسياسي». كما وصف القيادي في الحزب الاسلامي النائب رشيد العزاوي هذه الدعوات بأنها تأتي «لأغراض انتخابية»، مشدداً على «ضرورة التعامل وفق القوانين السارية ويجب ان تستند الى الاجراءات القانونية والدستورية والقضائية وينبغي عدم ادراجه تحت الاغراض السياسية والانتخابية كما يتم الآن. وقال عضو «الائتلاف الوطني» النائب المستقل وائل عبد اللطيف ان «محافظ بغداد لا يملك الحق القانوني في استبعاد الموظفين ، معتبرا كلام المحافظ متعجل وغير مسؤول ويشوبه الكثير من السلبيات".
لكن الأمر لا ينتهي هنا فإن التصعيد الأخير حول إقصاء مواطنين من وظائفهم قد أوجد حالة من عدم اليقين والفزع في نفوس الكثيرمن الناس الذين انتموا لحزب البعث في مرحلة من حياتهم اعتقادا بتمثيله للفكر القومي كما كان معروفا عنه ، أو حفاظا على عملهم ومصادر رزقهم ، ولم يرتكبوا أو يساهموا في نشاطات سببت الأذي لأحد. إن حرمان الناس من مصادر رزقها هي نزعة فاشية ، ويمكن أن نسأل حضرة محافظ بغداد ، ماذا سيكون موقفه لو كان هو من يحارب في رزقه ويفصل من وظيفته ويرمى إلى الشارع ؟

لايمكن السماح بمثل هذا الطيش والتخبط في عراق ما بعد الديكتاتورية ، ولابد من قرار حكومي عقلاني و إنساني وحازم يوقف هذا الظلم ويعاقب مرتكبيه.

ومن واجب السلطات الحكومية تعزيز الثقة بالدولة وسلطة القانون ، وبقدرتها على حفظ الأمن لضمان حياة آمنة للعراقيين دون تمييز، وينبغي أيضا إصدار بيانات التحذير من التصرفات الكيدية والطائشة بحق المواطنين الآمنين ، والتأكيد على وحدة الصف العراقية العابرة للطائفية والعنصرية.

 


10 / 2 0/ 2010




 

free web counter