| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الأسدي

 

 

 

 

الأربعاء 10 / 10 / 2007

 

 


صورة المعارضة سياسة مالها الفشل يا حكومة

علي الاسدي

في المؤتمر الصحفي، الذي عقده الناطق باسم وزارة الداخلية اللواء عبد الكريم خلف بتاريخ8/10، اعلن تفاصيل ما خرجت به لجنة التحقيق في احداث ما سمي بجند السماء. وفي المؤتمر،كشف عن تورط السيد اياد علاوي، رئيس الوزراء الاسبق ورئيس الكتلة العراقية الوطنية في مجلس النواب في ملابساتها. لم يكن الناطق الرسمي موفقا في تمثيل دور المدعي العام، في دفاعه عن الحق العام، ولا دور الشرطي الواثق من نفسه،وهو الذي امسك بالمتهم متلبسا وقت حدوث الجريمة.
لقد احزنني الموقف الصعب الذي حشر فيه اللواء خلف، فلم يكن الشخص المناسب لاداء هذه المهمة غير النظيفة، وهو الذي عوّد المشاهدين والمستمعين، على متابعة ما يدلي به حول العمليات الارهابية،التي تقع في البلاد، وعلى النجاحات الي تحققها قوى جيشنا وشرطتنا الوطنية، في القاء القبض وتفتيت الخلايا الاجرامية. ان دور الشرطة والجيش، هو تنفيذ المهام التي تحافظ على امن المواطنين دون الانحياز لهذا الطرف السياسي او ذاك.
ان وظيفة العسكريين الحيادية في الاجواء السياسية المتوترة،مطلوبة الان اكثر من اي وقت مضى، وهي الضمانة لاستقرارالوضع السياسي، اذا ما تعرض لاي زلزال اجتماعي غير متوقع. فالسيد خلف يعرف جيدا ان السياسيين في حركة دائمة، والتكتلات المتعارضة تغير من مواقفها بين ليلة واخرى، فمن معارض للحكومة الى متحالف معها،ومن الائتلاف الحكومي الواثق من وحدته وقوته، يخرج البعض لينتظم في صفوف المعارضة. ومن الواقع المعاش في ظروف بلادنا المستباحة، الكثير من التجارب ما يؤكد هذه الحقيقة، وما انا بحكيم او قارئ للفال،وانما ناقل لصورتها بالالوان الطبيعية. وان وظيفة الرجل العسكري والامني، مستمرة بواجباتها الوظيفية، سواء استقالت الحكومة،اواسقطت من قبل المعارضة البرلمانية. وفي الدول الديمقراطية،(التي يفترض ان تكون دولتنا احداها) لا يشكل مجيئ المعارضة للحكم، اي تغييراو كارثة للهياكل الوظيفية في الجيش والشرطة او مؤسسات الدولة الاخرى.
وفي بلادنا، التي تشكلت حكومتها، بعد انتخابات عامة شارك فيها ملايين المواطنين، من الطبيعي ان تحتدم الصراعات السياسية،في البرلمان وخارجه، وتتهم الاطراف بعضها لبعض بالتقصير والاخفاق في هذا الشأن او ذاك، لكن عبر النقاش الهادئ والساخن،والتهديد(ليس بالخيانة كما يفعل بعض سياسيينا القليلي التجربة بالعمل السياسي) بل بالانسحاب من الحكومة او البرلمان او من الائتلاف الحكومي الى جبهة المعارضة.
لقد كان ما ادلى به السيد عبد الكريم خلف من اتهامات للسيد اياد علاوي، رئيس الوزراء الاسبق وعضو البرلمان، غير صحيح بكل المقاييس، القانونية والسياسية والتقاليد العراقية. ان زج اسم السيد اياد في هذه القضية، اعتمادا على اعترافات متهم في قضية جند السماء المثيرة للجدل،وهو شقيق المتهم الرئيسي فيها، تثير اكثر من علامة استفهام. وما اطلاق هذا الموضوع على جناح السرعة على وسائل الاعلام، الا احد اهم علامات الاستفهام. فقد بثت النبأ قناة العراقية الحكومية، والطائفية بنفس الوقت، والمنحازة الى احد الاحزاب الاساسية في الائتلاف الحاكم، موثقآ بأظهارالمتهم وهو يدلي باعترافاته عن تورط (الهدف الدسم) للقصة الاعلامية.
ان سلوك هذا الاسلوب الخاسرفي تشويه المعارضة ليس جديدا على السياسي العراقي وحتى للمواطن البسيط. فقد استعمل هذا الاسلوب من قبل النظام السابق ضد معارضيه من القوى السياسية الوطنية، بقصد اسقاطهم وازاحتهم من الساحة السياسية المعارضة في حينها. وتستعمله كل النظم الشمولية التي لم تاتي عن طريق صناديق الانتخاب، وهو بالنسبة لتلك النظم يعتبر امرآ روتينيا،ولكن ان تستخدمه حكومة عراقية منتخبة، وضد احد اقرب حلفاء الائتلاف الحاكم بمكونيه العربي والكوردي، فهو امر غير مقبول وغير مبرر.
ان بريق المال في هذا الزمن الشاذ عملة صعبة بحد ذاته، فكيف اذا حوّل هذا البريق الى المال نفسه وبسخاء بلا حدود. ان السلطة، اي سلطة، تستطيع دون صعوبة، تجنيد العشرات من امثال هذا المتهم او غيره. ان المسألة اكثر من كارثة سياسية وطنية،عندما تباشر جهات حكومية،الاساءة وتشويه سمعة الشخصيات العاملة في الساحة السياسية لكونها معارضة. وبالنسبة للسيد اياد علاوي فهو يشكل قوة مرشحة لاستلام السلطة مستقبلا.والسيد علاوي لم يخفي طموحه في المنافسة واستلام السلطة، اضافة الى معارضته الصريحة لنظام المحاصصة الطائفي. ومعروف ان الذي اسس لهذا النظام التقسيمي هو الحاكم المدني السابق السيد بريمر، والذي اصبح قانون الائتلاف الحاكم الحالي في ممارسته للحكم، برغم نتائجه الكارثية على وحدة الشعب ومصير البلاد.
ان السيد عبد الكريم خلف الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية،ارتكب خطآ فادحا بزج وظيفته وشخصه بقضية سياسية اصلا،وما اقحام السياسة في هذه القضية المثيرة للجدل، الا دليل واضح على التخبط والجهل واللاأبالية بمصالح ملايين الفقراء والمعدمين والايتام والمحرومين وابناء الشهداء.ان حكومة ليس لها خطة للقضاء على الفقر والبطالة والعوز والاصلاح الاقتصادي، لايمكن ان تؤتمن على تطبيق القانون بنزاهة وتجرد.وفي خضم هذا التردي لاوضاع الناس المعاشية والخدمية والفساد المستشري في الدولة،وهي المواضيع التي ينبغي ان تتوجه اليها جهود الحكومة العراقية الراهنة،اما السير في ذات الطريق الذي انتهجه مخرج مسرحية (ابو طبر) فلن يفضي الى اي شيئ، غير المزيد من الخراب النفسي لشعبنا المعطاء.