| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الثلاثاء 8/4/ 2008



الراصد

 قرارات عاجلة وان جاءت متأخرة

علي عرمش شوكت 

تجلى الحرص على العملية السياسية من كافة القوى الوطنية الحريصة على مستقبل العراق واهله ، ففي خضم الاحداث الاخيرة في محافظة البصرة والتصدي المباشر لها من قبل رئيس الوزراء مباشرة ، دعا الاطراف الاخرى المشاركة في هذه العملية ان تعيد ترتيب اولوياتها السياسية ، وتنحي الخلفات عن صدارة اهتماماتها الآنية ، فكان التأييد للاجراءات الامنية التي اتخذتها الحكومة متقدما على غيره من الامور ، وبخاصة عندما ترجم هذا التاييد الى قرارات عاجلة من قبل ( المجلس السياسي للامن الوطني ) رغم ان هذا المجلس غير مكتمل التكوين ، لكونه لم يضم كافة القوى الوطنية والديمقراطية المؤمنة بالعراق الديمقراطي الفدرالي الجديد ، هذا ما يدعو الى الاعتقاد بان الازمة ( البصراوية ) وتداعياتها وصلاتها العابرة للحدود وما عبرت عنه من الغام سياسية وامنية ، قد تمخضت عن تحريك الشعور العالي بالمسؤولية وضرورة توحيد الجهد الوطني لتدارك المخاطر الداخلية الكامنة بين ثنايا العملية السياسية ، والتي طالما حذر القوى الديمقراطية منها قبل تأزم الوضع الى هذا الحد الخطير .
ان ما اكدت عليها قرارات المجلس السياسي الاخيرة لاسيما حل المليشيات واعتبار ذلك كشرط للعمل السياسي والمشاركة في مسيرة العراق الديمقراطي الجديد ، اعتبرت خطوة حاسمة منتظرة من قبل كافة ابناء الشعب العراقي المخلصين ، وفسرت كونها استئصالا للادران الخبيثة التي عشعشت في الوضع السياسي العراقي الجديد ، والتي كانت تنطوي على بواعث الموت المحقق لكل ما انجز في اية لحظة تتفجر فيها بمنعطف حاد ، وما اكثر مثل هذه المنعطفات ، ومن البديهي ان تكون القدرة على اتخاذ القرارات اسهل بكثير من تطبيقها على الواقع ، ان افضل القرارات يمكن ان يغيبها التسويف وتخنقها المحاصرة واغلاق سبل التنفيذ بوجهها ، ونحو غاية تعزيز الثقة بين الجماهير والحكومة ينبغي الشروع بتنفيذ هذه القرارات ، وبذلك يتم تفعيل همم المواطنين لتبني مايصدر من توجهات وخطط ومعالجات لاي تجلي من تجليات الازمة في البلاد ، ان المواطنين قد سئموا سماع القرارات والوعود وهم بحاجة الى رؤية التطبيق لما يصدر من السلطات وبخاصة الامور المتعلقة بالامن وبالخدمات وتسهيل الامور المعيشية للعوائل الفقيرة خاصة .
مازالت العملية السياسية تعاني من التعثر، و من محاولات النسف والتمزيق وكبح اي تقدم في كافة المسارات ، والتصدي لهذا الوضع لايمكن ان يأتي بالنتيجة المرجوة من خلال القرارات الفائت اوانها ، والتي تبدوا وكأنها غير ملزمة وبالتالي يسهل الالتفاف عليها او تعطيلها ، ومن الجدير بالاهتمام فهناك مجلس للبواب وهو الجهة التشريعية في البلاد ، وتعتمد القوانين التي تصدر عنها الى مسوغ دستوري ، وعليه اذا ما اريد وضع معالجات شافية ومضمونة فينبغي اللجوء اليها لتشريع قوانين تكون ملزمة لايمكن التطاول عليها ، فمثلا وعلى سبيل المثال وليس الحصر ، مسألة حل المليشيات لماذا لم يصدر لحد الان قانون يعنى بهذا الامر الخطير ؟ ، وبدلا عن ذلك نرى الحكومة تلجأ الى قرارات لايأبه بها الخارجون على القانون ، وغالبا ما يفسرونها بانها صادرة عن دوافع شخصية او حزبية ويطغي عليها الطابع الكيدي حسب توصيفهم .
وبهذا الصدد تنتصب ضرورة التمعن في بعض القرارات التي اصدرها المجلس السياسي ، وعلى وجه الخصوص القرار المتعلق بمنع اية جهة من المشاركة في الانتخابات القادمة اذا ما امتنعت عن حل مليشياتها المسلحة ، ان هذا القرار لايمكنه فعل اي شيئ في ظل حياة ديمقراطية مفتوحة لجميع المواطنين العراقيين ، سوى منع عنوان الجهة المعنية التي يطالها المنع من المشاركة ، وذلك بفعل توفر امكانية الدخول في العملية الانتخابية بعناوين اخرى كأن تكون خلف اسم مستقل ، او بالترشيح الفردي ، وبالتالي يكون القرار المذكور قد بات بلا مفعول يذكر ، ولكن لو كان قانونا فانه سينطوي على حيثيات واسس واحكام لاتدع مجالا للالتفاف عليه ، ناهيك عن كونه صادرا عن جهة تشريعية بمعنى انه يتمتع بشرعية دستورية لا مجال للجدال فيه ، كما ان صدور هذا القرار دون ان يرافقه فتح منافذ للمليشيات في سبيل توظيف افرادها في مجالات عمل اخرى مثل الانخراط في القوات المسلحة او بوظائف حكومية ، اسوة بمليشيات اخرى سبق وان تخلت عن السلاح واندمجت في الاجهزة الامنية ، وبغير ذلك سيكون القرار ليس ذا جدوى ، وان تركة ذلك ستجعل افراد بل جموع هذه المليشيات عرضة للتطرف ولمزيد من الاعمال الاجرامية وتشكيل العصابات والمافيات الخطيرة ، وبهذا يكون القرار قد ادى الى عكس ما كان مقصودا به .
يؤمل ان تكون هذه القرارات مقدمة تمهدية لقوانين مستندة على اسس دستورية تتطلبها عملية اعادة البناء ، لكون القوانين تشارك في اصدارها كافة اطراف العملية السياسية ، وبذلك تكون ملزمة للجميع في التطبيق والدفاع عنها وبتحمل مسؤولية نجاحها او فشلها ، وان مزيدا من القوانين العادلة يعني قطعا مزيدا من استقرار الوضع في العراق .




















 


 

free web counter