| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الأربعاء 7/4/ 2010



 نأمل الا نلام عندما نتساءل

علي عرمش شوكت
 
زُعم ان تشكيلة الحكومة العراقية التي انتهت فترتها مع نهاية الدورة البرلمانية الماضية بانها كانت حكومة وحدة وطنية ، بيد ان حقيقتها لم تعبر عن هذه الوحدة ، انما كانت حكومة محاصصة بين الكتل الكبيرة المتنفذة على قاعدة تقاسم المغانم في المال والنفوذ ، ولكونها قامت على تقاسم المنافع كانت تفتقر للمرجعية الوطنية ، حتى البرلمان العراقي غدا على شاكلتها ، حيث خاب في التشريع وغاب في الرقابة ، مع انه كان معوّلاً عليه ، الا انه راح يبحث عن بوصلته في اخر ايام عمره ، حينما شعر اعضاؤه بان الوقت قد ادركهم ، لعلهم يجددون تذاكر بقائهم في قطار الحكم عند رحلته للاربع سنوات المقبلة .

نأمل ان لا نلام عندما نتساءل عن صفة واحدة فقط تؤكد بان الحكومة السابقة حكومة وحدة وطنية ، اذ من الصعوبة بمكان ان تجد طرفين لا اكثر من مكوناتها راضيين عن بعضهما البعض ، لا في نواياهم المعلنة ولا حتى المستترة ، التي تتجسد غالباً في طفح تصريحاتهم المتشنجة التي ترافق تجاذباتهم حول المواقع والمنافع ، والتي غالباً ما كانت تصل الى حد التخوين ومحاولات التسقيط ، واذا ما لمُس بعض السلوك المشترك لاطراف النخبة الحاكمة ، فهو لا يتعدى تقاسم جني مشترك من المنافع ، وعلى سبيل الذكر وليس الحصر ، قانون الانتخابات غير الاخلاقي الذي شرّع لسرقة الشرعية من الناخب العراقي ، وجيّرها لصالح النخبة المتنفذة ، ونكتفي باخر تداعيات هذا المسمى بقانون الانتخابات الا وهو ، اعطاء الحق لرئيس الكتلة ان يمنح المقعد ( التعويضي المستلب ) الى من يشاء حتى وان كان قد حصل على صوته فقط ، و مثل هذا كثر قد عاقبهم الشعب لخيبتهم وعدم اهليتهم لتمثيله .

جاءت نتيجة الانتخابات وبصرف النظر عن نقاوتها او عدمها لتضع جميع الكتل الفائزة على بعد واحد تقريباً من الامساك بصولجان تشكيل الحكومة ، مما جعل كافة القوائم تسارع بالاعلان عن رغبتها لتشكيل حكومة شراكة ، ما يعني لا مفر امام المتنافسين من العودة الى المحاصصة ولكن بمسمى اخر (حكومة مشاركة ) للتخفيف من وقع ذلك على نفوس المواطنين الذين عانوا وعانى البلد اشد المصائب من جراء النمط المقيت للمحاصصة ، علماً ان احدى القوائم الفائزة قد اعلنت في البدء عن نيتها لتشكيل حكومة اغلبية برلمانية ، الا انها سرعان ما تراجعت عن ذلك لكونها لم تحظ بالقبول من قبل القوائم الاخرى ، وان ابسط تفسير لذلك هو ان الكتل التي كانت متنفذة لم تستوعب فقدانها للذة ونشوة كرسي السلطة و عدم حصولها على منافع الحكم ، وتتحول الى معارضة لاربع سنوات قادمة .

وليس هذا فحسب ، انما كل القوائم الفائزة اتسم حراكها بالهرولة و الاستباق و محاولة القفز الى اكثر حصص مائدة الحكم دسامة ، الا وهو كرسي رئيس الوزراء ، حتى وان كانت لم تمتلك الجواز الدستوري لذلك ، اي عدم تمتعها باكبر عدد من مقاعد البرلمان ، ان هذا السلوك المحموم وتصاعد حدة الصراع قد شكل عامل دفع لماكنة الارهاب التي راحت تصدم الجدار الامني الهش اصلاً ، والذي طالما تغنت به الحكومة وبخاصة رئيسها السيد نوري المالكي ، وبذلك قد اُحرقت ورقته الاكثر قوة ، وادت الى ظهور مزيد من العقبات امامه ، مما جعل امله في تصدر قائمة المرشحين لرئاسة الوزارة الجديدة خارج دائرة الاحتمال ، مع ان ذلك لا يعني قطعاً زيادة نصيب علاوي لتشكيل الوزارة رغم حصوله على اكثر الاصوات ، فهو الاخر قد وضعت في طريقه مطبات مبعثها على الاغلب الخشية من بعض اطراف قائمته الذين يجاهرون في عدم الايمان بالعملية السياسية الديمقراطية التعددية ، وانما الحنين الى حكم الفرد المستبد ، مما يخلق لدى المراقب السياسي شعوراً بان القوائم الفائزة الاصغر هي التي ستخطف فرصة تشكيل الحكومة المقبلة .

وفي غضون ذلك واصلت القوائم الفائزة الاستقواء بالعون الخارجي ، ولماذا لا ، هو الذي قدم لها عظيم عون متعدد ساعدها على الفوز ، وبخاصة المال السياسي والدفع المعنوي والذي ساهمت فيه قمم سياسية في دول الجوار ، وذلك بالتلويح والايحاء وكذلك التهديد بعدم التعامل مع هذه او قبول تلك من القوائم ، والغاية من ذلك هي كبح تقدم الحياة الديمقراطية في العراق الجديد ، ومن ابرز تجلياته هو تجاهل مبدأ التبادل السلمي للسلطة الذي نصت علية المادة السادسة من الدستور العراقي ، هذا وناهيك عن التجاوزات الصارخة على مبدأ التعددية ، وحق الاختيار الذي تعرض للمصادرة بالنسبة للقوائم غير الفائزة ، اذاً من كل ما تقدم يفهم ان حكومة الاغلبية لا يكتب لها التوفيق ، مع انها المفضلة لكونها توفر للبرلمان اكبر قدر من الرقابة على السلطة التنفيذية من خلال وجود المعارضة البرلمانية ، بعكس حكومة الشراكة التي لا تخرج عن بؤرة المحاصصة في اي حال من الاحوال ، وفيها تنتفي الرقابة حيث لا احد يراقب احد لكونهم كلهم شركاء في السلطة التنفيذية ، ولا يبشر ذلك الا باستمرار النهب والتخريب والفساد و التغاضي عن خرق السيادة .







 

free web counter