| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

 

الأثنين 6/ 8 / 2007

 

 


الى صديقي وزير النفط ... الطبقة العاملة سيدة المجتمع


علي عرمش شوكت

في البداية اريد ان اطرق بوابة ذاكرتك ، فحينما كنا في المعارضة سوية نراك دوما متقدما في الصفوف لمقارعة الظلم والاستبداد والاساليب الدكتاتورية في الحكم ، وكلما صدر اي اجراء تعسفي من قبل النظام المقبور كنت اول المستنكرين ، اكتب اليك ايها الصديق وانا بين الشك واليقين من انك ستقرأ مثل هذه المواضيع ام بات النقد والشكوى مواضيع مزعجة لاتتعامل معها ؟ ، واذا ما اجبرتك الحالة التي تعيشها فتضطر لاصدار قرارا قاسيا بحق الجهة الناقدة او الطرف المشتكي كالذي حصل مع نقابة عمال النفط !! ، اذن اسمح لنا ان نقدم اليك المزيد مما ينعش الذاكرة ، فنعود لنستحضر الماضي وذلك لكي نتمكن من عمل مقاربة بين الامس واليوم ، فنذكر بما قام به النظام الملكي المباد من تعامل تجاه عمال النفط في مدينة كركوك مشابه مع قراركم اليوم ، وماترتب على اثره آنذاك من تداعيات دامية والتي سميت باحداث ( كاور باغي )عام 1946 حيث رفضت السلطات الملكية مطاليب عمال النفط مما دعا العمال الى استخدام سلاحهم الوحيد اي التوقف عن بيع قوة عملهم ( الاضراب ) ، وكانت النتيجة فض ذلك الاضراب بقوة السلاح اسفر عن استشهاد عدد من العمال واعتقال العشرات .

لا نتمنى ان تتداعى الامور بشكل متشابه مع ماحصل في احداث ( كاور باغي ) ، ولكن يا سعادة الوزير هل تعلم ان اجراءك ضد نقابة عمال النفط كان غير مسؤول ، ويعتبر تعدي على حقوق نقابية ومدنية لايسمح بها حتى الدستور ، لاننا في وضع مختلف عن اي نظام شمولي كالنظام الملكي او الجمهوري الدكتاتوري، اذ يفترض ان نعيش اليوم (حياة ديمقراطية) واذا لم تتلمس تضاريس هذه الحياة فأسأل نفسك مرة واحدة : من الذي جيئ بك الى هذه الوزارة لولا العملية الديمقراطية التي قام عليها النظام الجديد بكل مفرداته بما فيها تأسيس النقابات والاقرار بحقوقها كمنظمات للمجتمع المدني المستقلة ، حيث لاشأن لاي وزير اومسؤول بالتحكم بنشاطها المهني او بتقرير مصيرها .
نرجو الا يغرب عن بال السيد الوزير ان الطبقة العاملة هي الوحيدة في المجتمع التي تعطي الكثير ولاتحصل الا على القليل ، ليس على مستوى توفير المستهلكات اليومية وانما حتى في مجال حماية الوطن، حيث ان ابناءها هم على الاغلب من يتجندوا للدفاع عن ارض البلاد وفي حفظ الامن الداخلي ، وهي التي تمتلك القدرة الفاعلة في تحويل المطمورات الى مواد تديم الحياة على الارض ، وبالتالي تحريك عجلة الاقتصاد الوطني ، كما ان الطبقة العاملة هي ذات النسبة الاغلب من الاصوات التي ترجح هذا الحزب او تلك الجهة في الانتخابات ، ومما لاشك فيه ان وصول السيد الوزير الى هذا المنصب كان بفضل اصوات اغلبية ابناء الطبقة العاملة والكادحين الاخرين .
وفي ظل الازمة الخانقة لتوزيع المنتجات النفطية على المواطنين يقتضي الامر شحذ همم عمال النفط تحديدا لتوفير متطلبات السكان من المحروقات، وبالتالى التغلب على الازمة الناتجة عن التلاعب والتخريب والتهريب الحاصل في هذا المجال الاقتصادي الاساسي ، وليس رفع العصا الغليظة بوجه نقابة عمال النفط بالذات ومحاولة الغائها ، بنفس اقل ما يقال عنه غير ديمقراطي اذا لم نسمه نفس دكتاتوري وغير مدرك لتداعيات لاتحمد عواقبها يمكن ان تحصل، لأن عمال القطاع النفطي ومن خلال عملهم الحريص اليومي ينتجون ( اكسير حياة الاقتصاد الوطني ) الا وهي الطاقة المحركة لكل عجلات دوران الحياة، فمن الخطورة بمكان ان توضع العصي في هذه العجلات وبروحية امرية متعالية ، وعلى ما تقدم من معطيات للطبقة العاملة تعتبر بحق ومن دون منازع سيدة المجتمع .
ان الانظمة الديمقراطية التي تسمح بوجود النقابات لاتسمح في ذات الوقت لوزير او اي مسؤول اخر ومهما كان موقعه ان يتدخل ويجمد او يحل نقابة او اية منظمة من منظمات المجتمع المدني الاخرى، اذ ان هذا الامر يعود حصرا الى اعضاء تلك المنظمات فقط ،ان حل النقابات او تجميدها بقرار فردي لايحصل الا في الانظمة الدكتاتورية، واذا ما حصل في الانظمة الديقراطية فيدل على دوافع نابعة من جذور دكتاتورية او انها تباشير دكتاتورية كامنة على مشارف النظام ( الديمقراطي) القائم الذي يبدو ان الديمقراطية المنشودة فيه قد بدأت تلفظ انفاسها الاخيرة !!