| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الأثنين 6/10/ 2008


 
 وحدة الصف الوطني تحت رحمة المحاصصة

علي عرمش شوكت

دخل شعبنا الى عالم الديمقراطية من ابوابه الواسعة ، فمن الاسحواذ المطلق على كافة شؤون البلد من قبل فرد مستبد الى حرية الاختيار والمشاركة بالقرار ، هذا ما هو مفترض في الحياة السياسية الجديدة في العراق ، الا ان العمل السياسي قد جرى تعويمه على سيول من الفوضى الجارفة ، اطلق عليها الامريكان { الفوضى الخلاقة } ، وبفعلها اسفرت عن زلل لايبشر بالاطمئنان على البناء الديمقراطي الذي تنشده العملية السياسية ، انما يلوح بل يعلن دون تردد عن وجهته التي لن تؤدي في احسن الاحوال الا الى خلق مناخ مشبع بروائح الاسبداد والانفراد وادارة دفة الامور نحو الخلف ، ان مايهدد العملية السياسية اليوم هو تدهور روح التضامن بين اطرافها ازاء القضايا الوطنية المشتركة ، فضلاً عن التمسك بالحصص والاهتمام بتوسيع دائرة النفوذ مما أجيج النزاعات وادى الى تعقيد ابسط الامور المختلف حولها .
وعلى هذه اللوحة تلمسنا العبر وسطرت العبارات التي تحتاج الى من يحولها الى لغة الشارع السياسي العراقي لكي يسهل على ابنائه فهمها وبالتالي التعامل معها ، وعلى سبيل المثال وليس الحصر ، كثر التساؤل بالامس حول اجتماع هيئة الرئاسة في كردستان دون حضور رئيس الوزراء ، وعلى اثر ذلك اعتبر الاجتماع غير رسمي من قبل رئيس الحكومة ، كما شدت الانتباه تلك التصريحات عن اقرار قانون انتخاب مجالس المحافظات المثير للجدل من قبل مجلس الرئاسة خلال اجتماعه في اربيل ، في حين حلقت انباء في فضاء بغداد مفادها عدم اقرار هذا القانون ، واذا ما كشف ذلك عن شيئ انما يكشف عن حصول فجوة في تماسك وتضامن النخبة الحاكمة للاسف الشديد ، للحد الذي وصلت فيه الامور الى عدم التنسيق حتى على عقد اجتماع يفترض ان يكون لمعالجة هموم مشتركة عامة وهامة .
هذا الامر الذي ينطوي على خطورة بالغة ليس بانعكاساته على وحدة الصف الوطني ولا على مستقبل الوضع في العراق فحسب ، انما الخطورة الاكثر تأثيراً تكمن في انه قد اعطى حقنة منعشة لقوى الارهاب التي تراهن على اشتداد الخلافات وتأجيج الفوضى داخل اطراف العملية السياسية ، فلا يختلف اثنان على ان نشوب هذه التشنجات في العلاقات البينية كان صداه المباشر تصاعد الاعمال الارهابية في العاصمة بغداد رغم التحوط الامني المتزايد بمناسبة العيد ، وفي ذات المنحى والاكثر اهمية هو عدم وجود موقف عراقي رسمي موحد من الاتفاقية الامنية التي يجري التباحث حولها مع الجانب الامريكي ، فهنالك من يدعو الى الاسراع بتوقيعها مبرراً ذلك باهمية تطبيق بنودها لاخراج البلد من البند السابع وغير ذلك ، وآخر يصر على اتمامها بصورة لاتثير غضب الشارع العراقي او تقلق الجيران حتى وان ادى ذلك الى نشوب خلافات مع الجانب الامريكي مهما كانت التداعيات ، ومن المؤسف حقاً ان المعنيين من النخبة الحاكمة لايتلامسون في اختلافاتهم هذه مع متطابات المسؤولية الوطنية الملقات على عواتقهم ، اذ ان نهج المحاصصة تحول الى غمامة لا تسمح بمدى للرؤية ابعد من ظل الامتيازات المكتسبة منه ، وعلى ذلك تعوقت جهود الاطراف المختلفة في سبيل خلق مقاربات تصب في مجرى توسيع التضامن والمشاركة في مسؤولية اتخاذ القرار الموحد ، الذي يرسي بدوره الدعامة القوية التي لابد منها ليتكئ عليها بناء الدولة الديقراطية المدنية في العراق ، ويمكن ان يكون ذلك مفهوماً ، ولكن الذي يصعب فهمه هو انتقال منهج الاقصاء الذي هو احد ثمار المحاصصة الى بعض الذين يفترض ان يكونوا اكثر تماسكاً فيما بينهم لكونهم يتحملون المسؤولية المشتركة في ادارة الحكم ، وليس خافياً على اي طرف منهم ان امامهم مهام جسام لايمكن انجازها بانفراد احدهم ، ليس دون الاطراف الاخرى فحسب وانما بلا مشاركة واسعة من القوى الوطنية والديمقراطية المنضوية في العملية السياسية وحتى غير المشاركة فيها ايضاً .
والشيئ بالشيئ يذكر كما يقال ، فمنذ ان بدأ التفاوض بين العراق والولايات المتحدة الامريكية لم يطّلع الشعب العراقي على اية بنود للاتفاقية الامنية المزمع ابرامها ، ما عدا تسرب بعض المعلومات التي تشير الى قرب انجازها ، وعلى الاغلب كنا وما زلنا نسمع بها ليس من الجانب العراقي وانما من الجانب الاخر ، وبالمناسبة فقد صرح { نغروبونتي } مساعد وزير خارجية الولايات الامريكية المتحدة يوم السبت 4 \ 10 \ 2008 بمناسبة زيارته للعراق ، بان الاتفاقية ستنجز قريباً ، ولم يعقبه اي تعليق من الحكومة العراقية ، نذكر ذلك لضرورة تقديم {الامتنان} الى الجانب الامريكي الذي زف الينا البشرى بقرب انجاز الاتفاقية الامنية ، مع اننا نبقى نجهل طبيعتها وما ستضيفه لشعبنا من هموم ولوطننا من قيود ، هذه الحال التي تنم عن عدم تراص الجانب العراقي وتخلخل وحدة صفه الوطني من جراء احكام المحاصصة المعمدة بالطائفية والفساد والاختراقات الاقليمية ، سوف لن تساعد ابداً على انتزاع العراق من براثن الاحتلال وتداعياته المدمرة ، طالما ظلت الامور تحت رحمة المحاصصة التي من الاجدر بنا ان نطلق عليها اسم { المخاصصة } لكونها تخصخص العراق بين اصحاب النفوذ في الداخل والطامعين من الخارج .

 

free web counter