| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الأربعاء 5/8/ 2009



 اصلاح الامور من خلال اصلاح الدستور

علي عرمش شوكت
 
الصلح الداخلي واصلاح الاوضاع التعبة والقيام بالمصالحة الوطنية اهداف نبيلة ، يا ليتها تتم قبل الانتخابات البرلمانية القادمة لكونها الاساس الكونكريتي الاهم لبناء دولة العراق الجديد المستقر الواعد ، وفي ذات الوقت تكوّن المناخ الضروري لسلامة وديمومة الحياة الديمقراطية ، وبها تتجسد المصالح الوطنية الكبرى التي لابد ان تكون قبلة العراقيين جميعاً ، لو تجرأ البعض وفك وثاقه عن النزعة الذاتية واعطى شيئاً من جهده الى المصلحة الوطنية لتراجعت الخلافات بين مكونات العملية السياسية الى درجة صفرية ، ان التشبث بالمواقع والمواقف حالة تعاكس منطق حركة الاشياء ، التي يحصل فيها شيء جديد في كل منعطف زمني ، وعليه تبقى الحياة للاصلح ،

وفي عشية الانتخابات القادمة نشهد تحركاً غير اعتيادي لمختلف الدوائر السياسية العاملة في الساحة السياسية العراقية ، فبعضها انفك عن فلكه وغدا يأخذ له مداراً خاصاً ، والبعض من القوى السياسية التحق بسرب يتناغم معه بالخطاب السياسي ، واخر ما زال يحاول لملمة امثاله والظهور بعنوانه الديمقراطي المشهود له في ميادين النضال ، ولكن ما يشغل البال حقاً هو ان الحركة الحاصلة يغلب على معطياتها الطابع الشكلي ، وبعبارة اكثر وضوحاً تبدو الانتقالات تقتصر على تبديل العناوين والمسميات للكتل الجديدة ، ولم يلمس منها لحد الان اي شيء جديد في البرامج الانتخابية او التوجهات السياسية ، مما يميط اللثام عن جوهر هذه المقاربات التي ينصب جلها حول تقاسم مواقع النفوذ بعد الوصول الى كرسي الحكم .

ومع كل ذلك يظل تكاتف القوى السياسية يشكل خطوة لابد منها تسبق اي عمل سياسي ، ولكن شرط ان يسبقها تأسيس المشروع الوطني الذي هو بمثابة خارطة طريق تكفل تجنب التخبط والعمل اللامسؤول الذي يخيم على جهود اعادة البناء ، وحل الخلافات التي تعيش حالة استعصاء ، بسبب التخندق الفئوي الذي يعيشه معظم المكونات السياسية ، ان ابرز مظاهره هي الخلافات بين حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية ، ان هذه الاشكاليات ليست شائكة للحد الذي يصعب فيه الخروج من بئر الخلافات ، فهنالك الدستور الذي كفل و اطر الحقوق وقرر الواجبات ، ولكن العلة تكمن في نمط التعامل مع منطوقه التشريعي ، ومع ان كافة الاطراف تدعو الى اعتماده كمرجع للحل ، الا ان البعض يستغل مطاطية بعض بنوده فيفسرها حسب حاجته ، والآخر يشكك في كماله ويدعو الى تعديله قبل الاستناد اليه ، لكن هذه الدعوة تصطدم بعدم قبول التعديل لدى طرف اخر لانه يخشى من ان يخل ذلك بمكاسبه .

وجاءت زيارة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي الى كردستان ولقاؤه بالقادة الاكراد لتعبر عن صواب التوجه ودقة التشخيص لمعالجة ما هو حاصل من خلافات بين المركز والاقليم ، غير ان المنتظر المهم هو الا تنحصر الحلول كما هي محصورة الخلافات لدى الطبقة الحاكمة حتى وان كان قرار الحل بايديها فاشراك الجماهير صاحبة المصلحة الاولى وعبر ممثليها في البرلمان سيرشّد الحلول ويوثقها وربما يشرعها ويجعلها منيعة عن التلاعب والتاثر بالامزجة الشخصية والتقلبات السياسية الطارئة ، وبهذا المعنى كان موعد الزيارة قد ترتب بعد الانتخابات الكردستانية ، حيث تعززت الشرعية في الاقليم وتبلورت لوحة المشهد السياسي في كردستان عموما ً، مما يتيح فرصة ارحب لمعالجة اية خلافات سواء كانت قد حصلت في الماضي او ستحصل مستقبلاً .

وكانت هذه علامة دالة على اصلاح الاجواء وتنقيتها قبيل الانتخابات البرلمانية القادمة التي لم تستقم مع وجود الخلافات السياسية في الامور التي تتعلق بالتشريعات الدستورية تحديداً ، ان مثل هكذا تباينات لايمكن ان تنتهي بمجرد لقاءات او بروتكولات توافقية انما يحسمها التشريع الدستوري ، وعليه ينبغي ان تتسارع الهمم لتعديل الدستور وفقاً للمادة 42 التي تعنى بهذا الامر ، ومن ثم تطبيق المادة 140 الخاصة بمشكلة كركوك ، اما ما تعج به الساحة السياسية العراقية من تحركات ستؤدي الى اصطفافات جديدة ، لكن شعبنا ينتظر ان لا يتوقف الامر على تغيير الجلود وانما تغيير المضامين لصالح التقدم وبناء البلد والحفاظ على سيادته من الاختراقات الاقليمية الشرسة وامواله من النهب المنظم .



 

free web counter