| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

السبت 4/7/ 2009



 قانون انتخابات جديد ام محاولة لاعادة انتشار الكتل الكبيرة

علي عرمش شوكت
 
اُخذت الديمقراطية غدراً في عراقنا الجديد عندما اصدر في ظلها قانون انتخابي مكرس لخدمة قطاع معين من القوى السياسية المتنفذة تحديداً ، حيث صودرت في ظله هو الآخر اصوات الناخبين وحولت الى الكتل الكبيرة ، هذه الجناية السياسية لم يدركها القضاء العراقي لحد الآن ، ولم تتحسسها حتى هيئة النزاهة التي نراها اليوم تتصدى للفساد المالي والاداري ، ولكنها لم تلتفت الى الفساد الانتخابي ، اذ في كلا الحالتين هو تجاوز على القوانين ، ولا يختلف كثيراً عن اي فساد آخر ، لقد جرى التخطيط في الانتخابات الماضية للإبقاء على توازن القوى التصويتية على حاله ، الذي لم يعبر اصلاً وباي صورة عن حقيقة تماسك وحدة الشعب العراقي الذي لم يعرف الخرائط والفواصل الطائفية .

كانت الاستفتاءات التي سبقت الانتخابات الاولى قد عكست طبيعة تركيبة الشارع السياسي العراقي ، واعطت توقعات لنتائج الانتخابات اذا ما جرت بنزاهة تتناسب مع الاثر النضالي والتضحيات الجسام التي قدمتها القوى الديمقراطية والقومية والاسلامية ، ولكن كان التقسيم الطائفي والعرقي معمداً بالمحاصصة والذي جاء به بريمر ، قد قلب او بالاحرى اقصى النتيجة الحقيقية المتوقعة في حالة اعتماد التوازن السياسي في تشكيلة مجلس الحكم ، الذي تم تشكيله على اساس توازن عرقي وطائفي ،

لقد جاءت الديمقراطية للعراق وغاب في حراكها دور الديمقراطيين العراقيين للاسف الشديد ، وفي هذا الغياب للقوى الديمقراطية وكنتيجة طبيعية سيتلاشى اثرها تحت وقع اقدام الكيانات الكبيرة الزاحفة المتزاحة على مواقع النفوذ والسلطة ، التي تمتلك القدرات المالية الهائلة المسخرة لغرض الهيمنة على القرار السياسي ، مما جعلها تقاتل في سبيل الامساك الشديد بعتلات القيادة وعلى مواقع القوة ، وتنبغي الاشارة اليه هو ان هذه الدوائر لا تجاهر بالتصدي للقوى الديمقراطية بل تدعي بانها منها واليها ، الا انها تحاول قطع انفاس من يختلف معها دون ان تعطي اي مسكة قانونية تضعها تحت طائلة اللوم ، وذلك عبر اصدار التشريعات الظالمة المُصادرة للحقوق الديمقراطية على غرار قانون الانتخابات الماضية .

واذا ما جرت الانتخابات البرلمانية القادمة وفقاً للقانون القديم غير العادل فستكون النتيجة ، دكتاتورية بواجهة ديمقراطية ، فحينها ستتحول العملية الانتخابية الى مجرد اعادة انتشار للقوى المهيمنة على سلطة القرار ، ولكن بعرض قد يبدو متغيراً عما كان عليه للوهة الاولى ، ومن ثم ستنطلق من على متن استحقاقاتها الانتخابية عملية الاستحواذ والمحاصصة بين مواقع القوى مرة اخرى ، وليس غريباً ان تجري المماطلة والتسويف في مجلس النواب بعدم الاقدام على اتخاذ قرار لاصدار قانون جديد للانتخابات البرلمانية القادمة ، لأن اي تغيير في القانون القديم سيلحق الضرر بأمتيازات الكتل الكبيرة ، وهنالك توقعات ملموسة بان التوصل الى اصدار قانون جديد للانتخابات من شأنه ان يغيير الكفة التصويتية لغير صالح من استأثر بها ، فكيف ستجري الانتخابات القادمة اذا ما اصدر فعلاً مثل هذا القانون الذي يفترض ان يكون عادلاً ، ان تكرار العملية الانتخابية على وفق القانون القديم سيعطل العملية السياسية ويجعلها تراوح في احسن الاحوال ، هذا اذا لم تتخلف ، ومرد ذلك هو عودة الطواقم الادارية والسياسية الفاشلة ذاتها وبكل ما تنطوي عليه من ضعف في الكفائة والآهلية في ادارة شؤون البلد والنهوض بمستوى تطوره الحضاري ، ولا نريد ان نتجى على احد فتجربة السنوات الماضية خير شاهد على ذلك.

وليس مستبعداً ان يجرى ترميماً على القانون الحالي وذلك بهدف الحفاظ على اكبر قدر مما وفره من منافع للكتل الكبيرة ، ولكن يتوهم من يظن ان الناس ستستمرئ القوانين الجائرة بحكم تقادمها ، وتجارب الشعب العراقي وجواره تضرب امثلة رائعة وحية في النضال لكسر قيود الانظمة الظالمة وقوانينها القسرية الجائرة ، من المؤسف انعدام وجود ثقافة ديمقراطية لدى عامة المواطنين ، ومرد ذلك يعود الى مخلفات النظام السابق والمد الظلامي ، مما اتاح المجال رحباً لمن اراد امتطاء الديمقراطية بالمقلوب ، بهدف لي عنق العملية السياسية وحرفها عن مسارها نحو اعادة بناء العراق الديمقراطي الجديد ، ومن هنا تنبعث الضرورة الملحة لصدور قانون جديد للانتخابات القادمة ، تكون من اولى مهامه نشر الوعي الديمقراطي وارساء العدالة ، و منع سرقة اصوات الناخبين وبعثرتها بتعدد الدوائر الانتخابية في البلد ، وبغياب قانون للاحزاب السياسية الذي من شأنه ان يحد من ظاهرة فوضى تكاثرها دون اية ضوابط قانونية .

وما دمنا نبحث عن العدالة و ضرورة تمتع العراقيين بكافة حقوقهم التي نص عليها الدستور ، فلابد ان يتصدر هذا الهم ، قرار اعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة ، وتأتي هذه الاهمية من كون شعبنا يتألف من فئات اجتماعية واحزاب سياسية متعددة لها امتدادات في كافة انحاء الوطن ، فكلما تعددت الدوائر الانتخابية كلما تشتت وضاعت اصوات الناخبين ، وبخاصة التابعة للفئات والاحزاب الصغيرة ، التي طالما ظلمها القانون الانتخابي الحالي ، وذلك بوجود القاسم الانتخابي العالي نسبياً ، وعدم احتساب الاصوات على القاعدة النسبية ، هذا وناهيك عن مصادرة اصوات الاحزاب التي لم تفز وتوزيعها على الاحزاب الفائزة !! ، دون وجه حق ودون موافقة اصحابها ، الا ان هذا الاجراء التعسفي جاء بالقانون الانتخابات الحالي سيء الصيت ، المصاغ والصادر اساساً لخدمة من وضعوه من الكتل الكبيرة ، فأي فهم للديمقراطية هذا واية شرعية ستحكم البلد من خلال هذه المصادرة الظالمة لحريات وحقوق الناس ؟ .
 

 

free web counter