| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

                                                                              السبت 2/4/ 2011



 رياح التغيير والمظاهرات الكيدية الحكومية

علي عرمش شوكت
 
المظاهرات "المليونية" الحكومية تذكرنا بكاسري الاضرابات في العالم الراسمالي التي كانت تحصل في الستينيات وما قبلها من القرن الماضي، حيث يلجأ ارباب العمل الى تحشيد مأجورين وارسالهم الى المصانع و الشركات التي تحصل فيها اضرابات، لكي يحلّوا محل العمال المضربين. وتعم اليوم في عدد من بلداننا العربية مظاهرات عارمة مطالبة بالتغيير والاصلاح الديمقراطي والعدالة الاجتماعية، لكنها سرعان ماتواجه بالقمع وكذلك بتحشيد مضاد من قبل ازلام وانصار وماجوري الانظمة المستبدة الجاثمة على صدور شعوبها عقوداً عدة، ويبدو تركيب هذه المظاهرات الكيدية الخبيثة مشكلاً من المرتزقة والمستفيدين من الانظمة، وكذلك المجبرين على المشاركة بعد ارغامهم باوامر صارمة لترك وظائفهم واعمالهم في الدوائر الحكومية والالتحاق بالتظاهر .

لا شك ان غاية الطغم الحاكم من هذه المظاهرات الكاسرة للمظاهرات الجماهيرية هي محاولة للظهور بموقع الاكثرية الذي كما تظن سيمنحها الشرعية ويحجّم دور الانتفاضات والثورات على ظلمها واحتكارها للسلطة واستشراء الفساد. ولكن تعجز كل هذه المحاولات الخبيثة امام قناعات الناس المتظاهرين الباحثين عن الحرية بصدور عارية ومضحين بارواحهم من اجل شعوبهم، وفي المقابل فلا وجود في المظاهرات المصطنعة المدفوعة الثمن سلفاً لشيء اسمه تضحية من اجل الاخرين، وانما هي لاتعدو عن كونها القيام بدور على قدر (المدفوع ) او على قدر الخوف من العواقب الشرسة المتوقعة من قبل السلطات. وعليه عندما ينكسر حاجز الخوف تتبدد (الاكثرية) حتى وان جاءت عبر مقاولة وقابضة للثمن.

في عالمنا العربي والاسلامي اليوم باتت لبعة الاكثرية والاقلية مكشوفة، وبخاصة عندما تدخل الاذرع الحكومية المفسدة على الخط، كما صار ليس مجهولاً ذلك الفلك الذي ياتي بـ ( الاكثرية ) سواء كانت عبر الانتخابات غير المحصنة، او في مظاهرات مفتعلة، الا وهي قوة السلطة اولاً، وقوة المال ثانياً، وما بينهما من تداخل ، وهنا يتجلى امامنا جوهر الحشود الجماهيرية المنتفضة في الشوارع، حينها تتوجب المقارنة المنطقية بين وجود في الشارع يتحلى بارقى حالة التضحية في سبيل العدالة والحرية للشعب والوطن، وبين وجود في سبيل الكسب الذاتي على حساب الاخرين. يقول احد الرؤساء المطالبين بالرحيل ان بامكانه اخراج مظاهرة تعدادها مليون مقابل مظاهرة معارضة تعدادها الف شخص، ولا نكشف سراً في الاشارة هنا الى ان هذا الالف المعارض سوف يحقق مطاليبه على قدر استمرار بقائه متظاهراً في الشارع، ولكن المليون المتظاهرالموالي يتوقف استمراره على قدر تحقيق مكسبه الموعود به .

ان قوة فعل المتظاهر المعارض مرهونة بهدف قد يقدم حياته ثمناً له مأطراً بقناعة مطلقة لتحقيقه، اما المتظاهر (المجلوب) الى ميدان التظاهر دفاعاً عن مصير مشترك مع الحاكم او تطلعاً لمكسب ذاتي ، او تجنباً لمخاطر مهدداً بها لا قدرة له على تحمل عواقبها، فان فعله يتناسب طردياً مع ما يدفع له او ما يجنبه المخاطر، الا ان كل هذه الاسباب تنتهي عندما يصل الامر بالموالاة واقفة بنصف قدم على حافة الهاوية وفي مهب رياح التغيير الضاربة. وبفعل ذلك تصبح الحالة في خانة – ياروح ما بعدك روح - ، وحينذاك يصفى المليون الموالي ستة اصفار فقط بلا ارقام ولكن الالف المعارض تتوسع دائرته ويصبح يعادل المليون المتبخر الف مرة .

فالمظاهرات الكيدية التي تنظمها اجهزة الانظمة المتهاوية تدخل ضمن تفسيرالفعل الكيدي الذي يفسره الفقه القانوني، بان ركائزه تتم لملمتها من سقط المعطيات المبتذلة ، ولهذا لا يقوى على الصمود امام اول مواجهة مع حقائق الامور، مع انه لا يترك المناورة والدسيسة للايقاع بالمقابل، هذا وناهيك عن الاستعانة بالعامل الخارجي المدفوع الثمن على حساب السيادة ومصالح الاوطان العليا، التي تفوق بالعادة ثمن المطاليب الجماهيرية التي ترفعها المظاهرات المعارضة . ولكن تبقى رياح التغيير جارفة لا توقفها مصدات خاوية اوفاسدة حتى النخاع .










 

free web counter