| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الثلاثاء 26/8/ 2008


 
(ارض متنازع عليها ..) اكذوبة صدقها من اطلقها !!!

علي عرمش شوكت

سمعنا في التاريخ وشاهدنا في الجغرافية ان الارض واينما كانت هي ملك للذين يقطنونها تأريخيا ، وفي عرف الامم والقوانين الدولية تعود الارض الى الدول التي تدخل ضمن سيادتها الوطنية ، ولا يجري حولها نزاع داخلي الا اذا كانت الدولة غير موجودة ، ففي بداية القرن العشرين وبخاصة بعد تفكك السيطرة العثمانية كانت هنالك نزاعات على الارض تجري بين القبائل العراقية ، الا ان تلك المنازعات قد انتهت منذ ان اصدر النظام الملكي الجديد آنذاك قانون 50 لسنة 32 الذي وزعت الاراضي الاميرية بموجبه على زعماء القبائل العراقية ، الذي كانت نتيجته توطيد النظام الاقطاعي في العراق ، غير ان ذلك القانون قد انهى تلك المنازعات ولم نعد نسمع عن مثلها منذ ذلك الحين ، الا اننا اليوم وبعد هذا الزمن الطويل والتحولات الدراماتيكية في الوضع السياسي العراقي عدنا نسمع بعبارة { الاراضي المتنازع عليها } !! ، ونسمعا في العراق مع الاسف الشديد بعد ان رددتها اسرائيل حول الارض الفلسطينية لغاية التأكيد على ان هذه الارض ليست ملكاً للشعب الفلسطيني ، فهل من يرددها اليوم حول اي جزء من العراق يريد القول ان هذه الارض ليست ملكاً لكل الشعب العراقي وليست الدولة العراقية راعية لها ؟ ، انما خلاصة هذا المفهوم ان الارض لمن يفرض سيطرته عليها بالقوة بصرف النظر عن الاشكالات وطبيعتها الديموغرافية .
سؤال يزدحم في اذهان المواطنين العراقيين من كافة المكونات الاجتماعية والسياسية عن اؤلئك الذين يتنازعون حول ارض عراقية ، مفاده ، هل الحكومة تنازع المواطنين من سكان هذا الجزء من الارض العراقية او ذاك ؟ ، ام جزء من السكان العراقيين هم الذين ينازعون الحكومة على ارض عراقية يريدون ملكيتها لهم فقط وليست للشعب العراقي عموماً ؟ ، واذا ما كانت الامور هكذا فأن ذلك يدعو لوقفة جادة ، وعليه يغدو رفع الايادي برسم نقطة نظام ، اكثر من واجب وطني مُلح ، وينبغي القيام بحملة وقائية من تسرب اشعاعات المحاصصة التي غدت تسري بابعد من مجال التقاسم في المناصب ومواقع النفوذ في السلطة ، الى تقاسم ارض العراق وكأنها ارض الهنود الحمر في امريكا الشمالية ، التي تنازع عليها المستوطنون والجيش البريطاني آنذاك ، بعد ان قضي على سكانها الاصليين من الهنود الحمر ، غير ان المفارقة تجلت بتمخض ذلك النزاع في حينها عن تأسس دولة ، اصبحت فيما بعد اقوى دولة في عالمنا اليوم وهي الولايات المتحدة الامريكية ، و لكن النزاع في العراق على اجزاء من الارض يبشر بشكل شديد الوقع بضياع دولة وتمزيق الشعب العراقي مع الاسف الشديد ، ومن الجدير ذكره ان شعب الارض التي يشار بنشوب نزاع عليها مازال حياً ، فكل ما تقدم ذكره يسفر بجلاء عن وجود قرائن لارتكاب جريمة خطيرة بحق شعبنا العراقي الموحد بشراً وحجراً.

استبشر الشعب العراقي خيراً بسقوط الدكتاتورية ، وبحصوله على مكاسب العهد الجديد والتي تنتصب في مقدمتها الديمقراطية والحرية والفدرالية ، وكان يفترض ان تمحي هذه الانجازات التميّز بين ابناء الشعب العراقي ، بل وتزيد من لحمة الشعب والوطن وليس العكس ، فهي عوامل موحدة يفترض ان يختفي فيها الظلم وتسترجع الحقوق لاصحابها ، ولن يسمح بالانفراد بالقرارات المصيرية التي يمكن ان تجر البلد الى الكوارث ذات عواقب وخيمة ، غير ان ما يشاهد اليوم هو ان البعض لاينظر الى ابعد من موطئ قدمه ، ربما يرى انه غير معنٍ بتقدم العملية السياسية الجارية في البلد ، بقدر ما هو مهتم بزيادة نفوذه ، وكان اطلاق كلمة { اراضي متنازع عليها } يقصد به التغطية على جوهر الصراع السياسي ، والغاية من تصعيده بافتعال مثل هذه الاشكالات وتحديداً قبيل انتخابات مجالس المحافظات ، ولابد من اشارة الى ان كافة الاطراف السياسية التي اثارت بل افتعلت الازمة لاتخلو غايتها من استثمارها كورقة لكسب الاصوات ، وربما تكون مثل هذه المحاولة رابحة لكونها ترمي بثقلها على اثارة العواطف ، في ظل مناخ تسود فيه الامية السياسية والجهل في ممارسة الديمقراطية والعملية الانتخابية .
بيد انه من الغرابة بمكان ان تجري الاوضاع في المشهد العراقي بما لا تشتهي الكتل السياسية المتصارعة ، ومن العلامات الدالة على ذلك هو الجَزر الحاصل في مد المواطنين نحو مراكز التسجيل للانتخابات المحلية ، ويعزو المراقبون هذه الظاهرة الى ردود فعل الناخبين من جراء هذه الصراعات فضلاً عن القحط المر الذي جلبه لهم من سبق وان انتخبوهم ، غير ان ثمة منفذ واحد يبقى سالكاً في مثل هذا التأزم وبالامكان الوصول من خلاله الى كسب الاصوات في الانتخابات القادمة ، هو الحرص المطلق على الثوابت الوطنية وكذلك على ضمان العيش الآمن والكريم لكافة شرائح الشعب العراقي ، والكف عن النهم والاستحواذ وتوسيع رقعة النفوذ على حسب الوطن والمواطنين ، خلف حجة الاراضي المتنازع عليها ، هذه الاكذوبة التي صدقها من اطلقها فحسب ،
 

 

free web counter