| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الثلاثاء 27/1/ 2009



فساد انتخابي بامتياز

علي عرمش شوكت

ان عملية انتخابات مجالس المحافظات صراع تحت الشمس في هذه المرة ، حيث لا دعوة ظلامية تتمكن من تعتيم رؤية الناخب ، ولا تضليل ينفع لاستغفال الجماهير وتنصيب الفاشلين ، لقد انقضت فترة زمنية كانت كافية لكشف المقنع والمستور خلف واجهات ذات بريق زائف ، إذ فُقد الوفاء لاصوات الناس ، وتم نسيان هبة المواطنين وتحديهم للارهاب بالتوجه الى صناديق الاقتراع ، ان ما كان يعتمل في اللوحة السياسية من تداعيات دراماتيكية قد تجسدت في صراع على المنافع وعلى مراكز النفوذ والحصص بين المعينين في المجالس ، وجرى كل ذلك على حساب الوطن والمواطن ، مما ادى الى كشف هوية هؤلاء الذين اوتي بهم من وراء ظهر الناخب ، انه درس نافع تعلم منه الناخبون كيف سيدلون باصواتهم مرة اخرى ، ان معظم الذين فازوا في الدورة السابقة كانوا يجهلون شيئاً اسمه الوفاء لمن صوتوا لهم ، ولكنهم اوفياء فوق العادة لذواتهم ، حيث كان اسرع القرارات التي اتخذوها والتي لم يتم النقاش حول منطوقها هي تلك التي منحتهم الرواتب العالية والامتيازات الدسمة ، الامر الذي اسقط عن خيبتهم حتى ورقة التوت .
بعد هذا الفشل الذريع بات من الصعب عليهم البقاء لدورة جديدة ، فكيف الحال وهم قد ادمنوا على طعم السلطة اللذيذ والاسترخاء على كراسيها التي يحيط بها الحشم والخدم والمرافقون الكثر ، وعليه لابد لهم من سبيل للبقاء ، ولم يتوفر في جعبتهم وفي معرفتهم التي باتوا خبراء فيها سوى سبل الفساد ، ولكن هذه المرة كانت ممارسته في اختلاس اصوات الناخبين ، بعد ان ابدعوا في تطبيقه في مجالي المقاولات والادارات ، اذاً الفساد الانتخابي هو المنقذ ، حيث كان لهم تجربة اولية معه وتحت اغطية دينية وعرقية في المرات الماضية ، غير انها قد تمت تعريتها ولم تعد تنفع وامست فضيحة بجلاجل ، ومع ذلك لم ينفكوا عن وسائل التضليل والفساد ، فتحولوا الى سياسة الترغيب بتوزيع الهدايا مقابل القسم بالقرآن بمنحهم الاصوات ، والتهديد بعقاب الله لمن لا يدلي بصوته لهم وبغضب المرجعية التي يدّعون انها اختارتهم بالسر !! ، هكذا وصل بهم الامر حتى امتد افتراؤهم الى المرجعية ذاتها ، ضناً منهم ان الناس ما زالوا يعيشون الغفلة الماضية .
ان السعي المحموم لاستغفال الجماهير البسيطة لن يكون دارجاً هذه المرة كما يبدو ، لكون الاوساط الواعية من الجماهير قد تمكنت من فضحه وكشف الخداع ، لهذا راحوا يتلاعبون بالانظمة والقوانين ليشرّعوا الفساد الانتخابي ، ومن غير المفهوم لحد هذه اللحظة اختيار المفوضية للانتخابات نسخة من قانون الانتخابات تجيز استخدام اماكن العبادة للدعاية الانتخابية علماً انها لم تقر من قبل مجلس النواب ، في حين اهملت النسخة التي اقرت رسمياً ، هذه واحد من العوامل المساعدة على الفساد الانتخابي ، اما الاخرى فهي تلك الجهود الخفية المفضوحة التي سعت الى تعطيل اصدار قانون الاحزاب في العراق الديمقراطي الجديد ، هذا القانون الذي يعتبر السد الذي يمنع التدفق االعشوائي للتشكيلات الصغيرة ، وغير المؤهَلة والمجهولة التمويل والخلفيات والارتباطات الخارجية ، التي من شأنها ان تشوش اللوحة السياسية العراقية ، واكثر تجليات غياب قانون الاحزاب هي حصول سيولة ملفتة للنظر في ظهور الاحزاب والتكوينات السياسية ، وعند الاعلان عن اجراء الانتخابات نطت هذه الكيانات الصغيرة على سطح العملية الانتخابية لتجعلها في حالة تزاحم يتوه به الناخب ، ويشتت الاصوات ولا يخرج من هذه الزحمة الا الكتل ذات المقدرة على شراء الاصوات .
وبالحصيلة النهائية تصبح الاحزاب والقوى الديمقراطية تحديدأ والتي لا تلجأ للتعامل السوقي الرخيص هي المتضررة ، بسبب تبعثر اصوات الناخبين ، ويأتي المفصل الآخر من الفساد الانتخابي لينصب لغماً ناسفاً للعملية الانتخابية ويشوه الممارسة الديمقراطية ، وذلك عبر دعوة الناس الى التمترس خلف الطائفة والعشيرة والقومية لاغياً بذلك كل ما يوحد العراقيين ، ولكن اذا ما استطاعت هذه الكتل المتنفذة والغنية الحصول على الاصوات بفعل قدراتها المالية وادعاءاتها المضللة ، فما هي حيلة الاحزاب الديمقراطية الوطنية العفيفة في الوصول الى الناخب الضائع بين من يغريه بالمال والوعود الكاذبة وبين من ياًتونه بالجملة ويدعون بأنهم سيحققون له مطامحه .
كما ان الفساد الانتخابي يظهر بأوجه مختلفة ، ومن ابرزها هو خرق قانون الانتخابات ، وذلك باستخدام النفوذ السلطوي الذي يصل احياناً الى استخدام المال العام ، كأن يكون استخدام المحطات الفضائية الرسمية للدعاية لصالح قائمة كتلة حاكمة ، ويرادفه ذلك التزوير لشهادات المرشحين وهو فساد صارخ يفضح حقيقة الذين يمارسونه ، فكيف سيكون المرشح صادقاً وهو قد بدأ بتزوير حقيقته ، غير ان هذه الممارسات ستمضي طالما ليس هنالك ما لا يردعها ، فالعقوبات التي حددتها مفوضية الانتخابات لاتخيف من هو قادر على دفعها طالما لا تتعدى سوى غرامات مالية بسيطة لم تأت اصلاً من خلال تعب كتف او عَرق جبين .
ان اي مظهر من مظاهر الفساد الانتخابي له مهندسوه ، وكذلك له مراميه والتي تصب جميعها في هدف تتفيه العملية الانتخابية او في اقل تقدير حرفها عن مسارها الديمقراطية لبناء دولة المؤسسات ، وان الغاية النهائية هي اختلاس اصوات الناخبين وسلب ارادة المجتمع ليبقى العراق وشعبه لعبة بين ايدي المفسدين .




 

free web counter