| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الأربعاء 27/5/ 2009



 الدستور العراقي قاسم مشترك اعظم لا يقبل التحجيم

علي عرمش شوكت
 
صدر الدستور العراقي في ظرف غير طبيعي ، ولذلك جاء غير مُقنع حتى للذين قاموا على اصداره ، فالجهة التي ضمنت لها قدراً مرتفعاً من الحقوق في مواده المختلفة ، قد وجدت الطريق امامها سالكة لتواصل رفع سقف طمعها في الحصول على المزيد من المكاسب ، حتى وان كان ذلك على حساب المكونات العراقية الاخرى ، وعلى الطرف الاخر كانت الجهات التي فقدت او ثلمت حقوقها متربصة ، اذ سارعت الى اعلان رفضها له نظراً لما شعرت به من اجحاف بحقوقها ، وفقدانه لسمة العدالة المتوازنة التي لابد من ان يتسم بها ، والحقيقة لابد ان تقال ، فاغلب مواده حمالة اوجه ، تركته مجرداً من الحصانة التي تقيه التفسيرات المصلحية الشرهة ، فهل يمكن المراهنة على هكذا دستور ينقصه الكمال المفترض ؟ ، اذ ينبغي ان يكون عقداً اجتماعياً لكل اطياف الشعب العراقي ، فهو قاسم مشترك اعظم بين العراقيين الا ان صيغته التي صدر بها لم تقنع اي طرف من المكونات السياسية الاساسية في البلد ، فهل يمكن الركون اليه كمرجع لاعادة بناء العراق الديمقراطي الجديد ؟ .

لقد تأسس الدستور وفي عهدته اصدار القوانين بغية اعادة بناء الدولة العراقية ، وقد تجاوزت خمسون مادة منه وهي تنطوي على التأكيد لاصدار قانون ينظم ما تعنيه تلك المواد ، مع ان قسماً من القوانين اخذ طريقه الى الظهور ولكن لم يسلم من بصمات ( الخصخصة ) ، ولكن ظلت حالة بعض مشاريع القوانين التي تعنى بالسلطات و تقاسم الثروات والموارد في حالة موت سريري ، لا لشيء سوى انها تتعلق اكثر من غيرها بتوطيد النفوذ والبقاء في مواقع القرار ، لذا كان وما زال يدور صراعاُ ساخناً حولها ولم يشفع لها الدستور ، وذلك يعود الى مطاطية مواده التي تمنح المتلاعبين القدرة على لي عنق ما جاء به التشريع الدستوري لوجهة خدمة مصالحها الفئوية الضيقة ، بمعنى من المعان فرملة عملية البناء وكبح تقدم العملية السياسية ، وشاهدنا هنا هي حالة قوانين النفط والغاز ، وصلاحيات الحكم لدى الرئاسات ، واولوية صلاحيات المركز ام الاقاليم ، التي ما زالت مبنجة بانتظار اجراء عملية تشريح وتفصيل على مقاييس خاصة جداً واخراجها للناس على انها معافاة .

وليس ببعيد ما هو حاصل من تجاذبات وتصادمات في المواقف عن الثغرات الدستورية ، ان جميع الاطراف تصف مطاليبها الخاصة جداً بكونها من وحي الدستور ! ، و البلية تكمن بامكانية تفسير المواد غير الراكزة التي بنيت على قاعدة المقايضات السياسية ، فحجمت على قدر مصالح ضيقة للاسف الشديد ، الا ان جواز مرورها ومن خلال الاستفتاء الشعبي العام كانت هي المادة التي وعدت باجراء التعديلات على الدستور خلال اربعة شهور من تاريخ بدء عمل الهيئة التشريعية ، ولكن بسبب ما اشرنا اليه من صراعات حول مواقع النفوذ والمال صارت الاربعة شهور اربع سنوات ، ويلوّح الآن بعبور المواد موضع الاختلاف هذه الفترة الحالية من عمل البرلمان ، اي ترحيلها الى مجلس النواب الجديد بعد الانتخابات القادمة التي ستجرى في الحادي والثلاثين من شهر كانون ثاني من عام 2010 والخبر اليقين عند اصحاب القرار .

اذاً يبقى التعويل على الهيئة التشريعية القادمة ، ولكن ماهي الضمانات في ان تستطيع التشكيلة البرلمانية الجديدة من اختراق جدران المحاصصة التي حجزت بعض مواد الدستور الاكثر اهمية من غيرها ضمن نطاقها الضيق المقيت ، ولم تكترث بمصالح عموم المواطنين العراقيين ؟، مما جعل الصراع مفتوحاً وبالتالي معطلاً للجهد الوطني المشترك الهادف الى ارساء سفينة البلاد على شاطئ الديمقراطية والاستقرار والمصالحة الوطنية ، وما دمنا بصدد ذكر الضمانات لوجود دستور يرفل بالكمال ومعبراً عن مصالح الوطن والمواطنين بعدالة تامة ، لابد من المقدمات الضرورية التي تسبق الانتخابات البرلمانية الجديدة ، وهي : اولاً ، اعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة لكي لا تسرق ارادة الناخبين اينما كانوا وكيف ما كانوا ، ثانياً ، اصدار قانون انتخابي عادل وغير متحيّز لجانب الكتل الكبيرة على حساب الكيانات الصغيرة ، ثالثاً ، اصدار قانون الاحزاب السياسية وفق قواعد وضوابط حضارية وذلك للحد من ظاهرة التعدد غير المناسب للاحزاب والكيانات المصطنعة التي من شأنها تشتيت اصوات الناخبين ، رابعاً ، الغاء الطائفية من العملية الانتخابية .

ووفقاً لما تقدم من افكارنا المتواضعة نعتقد بذلك سيخلق مناخاً سياسياً يمكن من خلاله ضمان تطبيق التشريعات الدستورية التي لا خلاف عليها ، وكذلك تعديل المواد غير المتفق حولها ، وحينها ستخطو العملية السياسية مسيرتها غير المتحاصصة وعلى خطاها سيتقدم شعبنا بكل اطيافه الوطنية دون استثناء نحو بناء عراق ديمقراطي حضاري مزدهر وفدرالي موحد .







 

free web counter