| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

السبت 25/10/ 2008


 
منطلقات قبول الاتفاقية الامنية او رفضها

علي عرمش شوكت

اسفر صدور مسودة الاتفاقية الامنية بين دولة العراق والولايات المتحدة الامريكية عن حقيقة المواقف لمختلف الكيانات السياسية العراقية ، ولم يبقى احد يتحدث خلف عنوان مستعار ، والاهم من ذلك صار المتحدثون لايترددون عن كشف الاسباب بوضوح التي تدعوهم الى الرفض او للقبول بالاتفاقية ، ان ما اتاح لهم هذه الفرصة هو توفر نصوص واضحة تمكنهم من بناء وتحديد رؤيتهم حولها ، في حين كانت المواقف قبل صدور المسودة تبنى وفق تقييمات عامة ، منها ما تتعلق بحفظ السيادة الوطنية وعدم قبول تواجد قوات اجنبية محتلة وعلى هذا الاساس يرفضها ، كما وهنالك من يتوجس خشية من نشوء فراغ امني وسياسي اذا لم يتم ابرام الاتفاقية فيدعو الى قبولها .
وبين هذا اللون او ذاك من المواقف كان الموقف { الرمادي } اذا جاز هذا التعبير وهو الاكثر واقعية والذي يدعو الى التعامل مع الاتفاقية ليس بالاسلوب القطعي اي تحديد الموقف مباشرة بالرفض او بالقبول لاسباب امست غير مجهولة ، وانما الاهتداء بمنظور شعبنا العراقي الى مثل هذه الاتفاقية ، مدركاً مخاطرها جيداً من خلال تجارب قواه المناضلة على مدى تاريخها الكفاحي المشهود ، وفي مقدمة همومه عدم التفريط بمصالحه الوطنية وبسط سيادته التامة والاستقلال الوطني الناجز والحفاظ على ثرواته من النهب المتواصل ، وعلى اساس ذلك انطلقت الدعوة بضرورة مشاركة الشعب العراقي في تحديد الموقف من الاتفاقية وذلك من خلال اسهام كافة ممثلي قواه السياسية الوطنية المؤمنة ببناء العراق الديمقراطي الفدرالي الموحد الجديد ، وكان في هذا السياق قد دعا الحزب الشيوعي العراق ذات الباع الطويل في مقارعة مثل هذه الاتفاقيات الخطيرة التي كانت تتم من دون ارادة ومعرفة الشعب العراقي ، دعا الى ضرورة اطلاع الشعب وكافة قواه الوطنية على مجريات المفاوضات ، انطلاقاً من ان هذه المشاركة ستعطي زخماً وثقة للمفاوض العراقي وبالتالي تجعل الجانب الامريكي يشعر بانه لا ينفرد بمفاوض مقطوع النسب من سند شعبي رصين .
ورغم مما كشفته المستجدات على اثر نشر المسودة ، حول حقيقة مواقف القوى السياسية العراقية ، ولكن الى الآن مازال البعض لا يفصح عن كامل قراره من الاتفاقية تجنباً من لوم الرافضين عندما يقبلها ومن الذين يدعون الى قبولها حينما يرفضها ، وربما يترقب طرحها للاقرار في مجلس النواب ، املا ً في ان يموه ملامح موقفه عندما يحشره مع الرأي الجمعي ، ولكون وصول الاتفاقية الى هذا المنبر التشريعي يعني وقوفها على عتبة الحدود الفاصلة بين بقائها على قيد الحياة اذا ما لبت مصالح شعبنا ، او رحيلها الى مثواها الاخير بسبب عدم تلبيتها لتلك المصالح ، وهنا تغدو غير مأسوف عليها والى حيث القت رحلها ، ولكن ما يُمكّننا من معرفة كنه مختلف المواقف ، هو التحري عن المنطلقات التي تشكل القواعد الفكرية والسياسية والاقتصادية المنتجة للموقف المعيّن ازاء الاتفاقية الامنية ، التي مازالت تعاني من مخاض عسير ، وهذا يتطلب الاطلاع على كامل مساحة اي الموقف لكي نتمكن من الالمام بحيثياته عن كثب ، وما يساعد على ذلك هو عدم توانى البعض عن كشف دوافع موقفه بصراحة ، وثمة حالات مختلفة من هذا القبيل ، اختار اصحابها المجاهرة بها لغايات عديدة ، وبصرف النظر عن اجابيتها او عدمها فهي تعبر عن قناعة اصحابها بصوابها ، ومع ذلك ففي هامش منها يتم اطلاقها للمناورة السياسية ، وهذا وارد جداً في ظل سماء سياسية ملبدة كالاجواء السياسية العراقية .
وعليه يمكن الاشارة الى نماذج من منطلقات هذه المواقف : الاول يرفض الاتفاقية لكون السيد الخامنئي مرشد الثورة الايرانية قد افتى ضدها !!، والثاني يرى ضرورة ابرامها لان من دونها يصبح العراق على كف عفريت ، والثالث يقول لابد من ترحيل الاحتلال ولكن باقل الخسائر ، بمعنى ان تمرر الاتفاقية لكي تقلص نفوذ الاحتلال الحالية الى حين استكمال بقايا الشوط الذي حُدد في نهاية عام 2011 ، ان لكل واحد من هذه المواقف منطلق وهدف ، فلاول يطغي عليه الطابع التبعي مما يؤدي به الى ان يترك مسافة شاسعة بينه وبين الهم الوطني الخالص ، والثاني يعبر عن خوف من مستقبل غامض ، ولهذا يدعو لقبولها حتى وان قدمت تنازلات ، لانه يتوجس من العودة الى الماضي الدكتاتوري المقيت التي يتوقعها تلوذ في ثنايا تداعيات رفض الاتفاقية ، ويرى ان اقرار الاتفاقية سيقطع طريق الرجوع الى العهد السابق ، والثالث يعبر عن مذهب سياسي واقعي متمرس غير مستعد لقبول ابقاء شعبنا مطحوناً بين فكي رحى الاحتلال والمزايدات السياسية ، ولكن معطيات الوضع السياسي العراقي والدولي الصاخب الحركة والمتغيرات المتواصلة في العلاقات و الاوضاع الاقليمية والدولية لاتدع هذه المواقف في حالة من الثبات ، ومن المرجح ان تتغيير باتجاه الخضوع الى ارادة ومصلحة الشعب العراقي حينما تنطلق بعض من شعورها الوطني المنيع من المؤثرات الخارجية ، وحينما تتجرد من النزعات الطائفية والاثنية والسياسية المتزمتة .

 

free web counter