| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الأحد 25/11/ 2007



الراصد

قوانين على قارعة مجلس النواب

علي عرمش شوكت

اجاد الدستور العراقي على اعضاء مجلس النواب بخمسين امرا او اكثر تتعلق بحياة البلاد لينظمها بقانون ، فبعضها اقر بالفعل والبعض الاخر تعسر قليلا وفي نهاية المخاض ولد ولم يكن سالما من بعض العيوب الخلقية ، مع كونها كانت جوهرية ، اما القوانين الاكثر اهمية فقد ظلت مستعصية ، مع ان عدم صدورها يعني قطعا عدم التقدم في العملية السياسية ، وهذه الحالة تبدو عملية جرجرة لتعطيل اعادة بناء الدولة العراقية ، وكأنها مقصودة لبقاء الحال على ما هو عليه ، ولا تفسير للخلافات الحاصلة بين الكتل السياسية الا انعكاسا لعدم الاتفاق او التوافق على ارساء الوضع العراقي على بر كما يقال ، ولاتخفى الغاية من التقصد باستمرار حالة عدم استتباب الامور ، فهي لا تبتعد عن استمرار المنافع البالغة التي تعود على اطراف الخلاف دون استثناء في ظل الوضع القائم ، وان فردوس الامتيازات ( نعمة ) ليس من السهل التنازل عنها ، مما يدفع الى تكريس الخلافات وبالتالي بقاء مشاريع القوانين في خزانات مجلس النواب ، يحملها على رأسه ولكن وللاسف لم يتعامل معها وكأنه ذاهب بها الى متحف ليس الا .
من المعروف في ايامنا هذه ان ملامح الدولة العصرية لاتتميز الا بقوانينها الحضارية التقدمية ومؤسساتها الدستورية ، حيث تعتبر هي الاساسات والهياكل التي تقوم عليها ، ومن دون ذلك تحسب وكأنها خرائب وسط عمارات حديثة ، وعندنا في العراق باتت اعادة بناء الدولة من مرحلة صفرية بعد الخراب الذي حل بها على اثر حماقات النظام السابق بحروبه العبثية ، وماترتب عليها من حصار قاس وظالم للشعب العراقي ، ثم جاء الاحتلال ليوجه الى بقايا الدولة العراقية رصاصة الرحمة ، وذلك بحل الجيش العراقي والغاء مؤسساتها الاخرى ، ولهذا وقع على ناصية مجلس النواب اكثر من خمسين مشروع قانون ، غير ان الاختلافات بين بعض اطراف العملية السياسية هي التي مازالت تحول دون اقرارها ، وبعبارة ادق لم يتمكن البرلمان من اصدار القوانين التي لم تتوافق عليها الكتل السياسية ، ولكن قد تم بسلاسة شديدة اصدار القوانين التي هي ذات مردود نفعي مباشر على الاوساط المتنفذة ، القادرة على تدعيم اقرار القوانين المشار اليها ، لا بل قد امعنت في هذا المنحى فأصدرت قوانينها الخاصة ، الامر الذي شجع حتى المليشيات باصدار شرائعها وقواوينها ومحاكمها الخاصة .
ان الفراغ القانوني في العديد من مناحي الحياة قد شوه الى حد بعيد ما رمم من اساسات الدولة وابقاها معلقة بأرادة جهات سياسية محددة ( النخبة الحاكمة ) ، ولا نغالي اذا ما قلنا بأن قوى الارهاب قد استفادت هي الاخرى من هذا الفراغ القانوني والمؤسساتي ، لتتشجع على محاولة تجسيد وهمها الخارج عن اي منطق والمناقض لسياق التاريخ ، فتتجاسر على العراق وعموم بناته وابنائه وتجرؤ على اعلان ما اسمته ( بدولة العراق الاسلامية ) !! التي لم يشفع لها حتى الطقس العراقي فتهاوت تحت اشعة شمسنا القائظة ، ليس هذا فحسب وانما حتى القوانين التي صدرت لم تحظ بالاحترام اللازم ،ويجري تجاوزها وابدالها كيفيا في الممارسات اليومية من قبل ليس الخارجين عن القانون فحسب مثل المليشيات التي اصدرت لنفسها قوانين ما انزل الله بها من سلطان ونصبت محاكم ونفذت احكامها بالاعدام ، انما من بعض المسؤولين في الحكومة ذاتها ، وبنظرة فاحصة يمكن للمرء ان يقييم حالة بعض القوانين المقرورة والصادرة باجماع اذ تشابه ( عصا الاسقف ) اي انها ليست للاتكاء عليها ، وانما مجرد برستيج ( ابهة ) تخلو من الفعل النافع ، وان الاشكال في هذه القوانين يكمن في عملية اصدارها التي كانت غالبا ما تكتنفها عدم استشراف الظروف المتحركة المتغييرة ،لكون القانون بحاجة ماسة الى مساحة زمان ومكان ممهدة ومستقرة نسبيا في اقل تقدير ، لكي لاتدفع حالة التقلبات المتسارعة الى اعادة وتغيير متلاحقة لهذه القوانين ، مما يفقدها هيبتها وفعلها في ميدانها المعين ، وهذا ما يذكرنا بقوانين النظام الدكتاتوري التي عبر عنها صدام حسين ذات يوم متسائلا – ما هي القوانين ؟ ومجيبا – القوانين نحن نكتبا ونحن نلغيها – ويقصد حينذاك نفسه بالذات ، بمعنى انها حبرا على ورق ويمكن تغيرها حتى قبل ان يجف حبرها !! .
ان العديد من فقرات الدستور والتى يحتاج بعضها الى قانون ينظمها تعاني هي الاخرى من العسر في التنفيذ لانها صدرت بذات المناخات التي صدرت فيها القوانين، التي لم تزل مركونة بمعنى ان العجالة ومحاولة ترسيخ (الاقدام ) قد تغلبت على ضرورة التأني وبعد النظر لافق تطور العملية السياسية ، فهنالك الفقرة الدستوري التي تخص اجتثاث البعث التي اضطر المقررون الى تغيير القانون المنظم لها اكثر من مرة وما زال الجدل حاميا ويتطاير شرره حتى خارج اماكن مناقشتها ، وكذلك المادة 140 الخاصة بمعالجة الاوضاع في كركوك وغيرها ، وتبقى مشاريع قوانين عديدة اخرى تنتظر على قارعة مجلس النواب ، غير ان الظروف قد انجلت اكثر مما سبق ،وبات تسارع مرور الزمن يلح على قبول العجالة في اصدار هذه القوانين ولكن بنفس مستفيد من تجربة الاربع سنوات ونيف الماضية ، وذلك لاهمية بناء دولة القوانين والمؤسسات وتحقيق هدف الشعب العراقي بالاستقرار والتقدم لعراق ديمقراطي حضاري فدرالي متطور وموحد .




 


 

free web counter