| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الجمعة 23/5/ 2008



الراصد

 من اين تبدأ طريق الزعامة ..؟

علي عرمش شوكت 

جرى نقاش بيني وبين صديق غير مقتنع بمجريات العملية السياسية حول هموم الوضع في العراق والمعضلات المحملة على قفى شعبنا التعبان ، وتطرقنا الى الخطوات التي يقدم عليها هذه الايام ، رئيس الوزراء الدكتور المالكي ، وعندما شعر هذا الصديق بانني سأكتب موضوع حول الجدل الذي دار بيننا ، طلب مني عدم ذكر اسمه ، لما لآرائه من تشاؤم في الوضع القائم فمن تشخيصاته جاء وصفه للسيد رئيس الوزراء المالكي ، ( مع كونه يحتل موقع الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم اي انه رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ، غير ان خطواته مازالت لم تقترب من طريق زعامة الشعب العراقي عموما ) ، وكانت عبارته هذه ردا على قولي بان المالكي يحاول تلمس طريقه المفضي اذا ما تواصل الى مكانة الزعامة ، من خلال خطواته الجريئة التي اتخذها في البصرة وفي الموصل ، وكذلك احاديثه وتشخيصاته للعلل السياسية التي تصيب كبد هذه العملية وكيفية معالجتها ، ووعوده بصيانة الانتخابات وتعزيز الديمقراطية ، ولكن صاحبي اردف قائلا : اليوم كان للمالكي اجتماعا مع مدراء دائرة مجلس الوزراء وهم كثر ، ولكنني اتساءل هل يوجد واحد من هؤلاء المدراء من اصحاب الكفاءات المستقلين او من العلمانيين مثلا وهم كثر ايضا ؟ ، وضرب مثلا بمستشاري رئيس الجمهورية مام جلال الذي جعل من طاقم مكتبه عبارة عن موزائيك عراقي جميل ، مع انه مازال بعيدا عن اكتساب موقع الزعيم الشعبي وذلك لميله في الغالب الى حصر السلطة بايدي الكتل الطائفية والعرقية .
وراح صاحبي مستغرقا في ذكر مواصفات الزعيم الذي تبحث عنه جموع الجماهير الواقعة تحت طائلة الفقر والتمييز والتجاوز على حقوقها الانسانية وحرياتها الخاصة ، فضلا عن ما يصيبها من الاذى جراء الفوضى الامنية ، وفي هذا الصدد تمكن الاشارة الى الارث التاريخي لدى شعوب الشرق بوجه خاص في البحث عن الزعيم البطل المنقذ ، ذلك البحث المضني والذي في الغالب يجعل الناس ينساقون وراء حتى الاوهام و الوعود والادعاءات التي يطلقها الباحثون عن الزعامة ، ولكن الجماهير عادة ما تمنح الزعماء التأييد المطلق شعورا منها بان ذلك سيعود عليها بالنفع وانقاذها من مأساتها المعاشة ، غير ان ذلك لا يخلق لدى طلاب الزعامة الذين ياخذهم كرسي الحكم سوى الاصابة بداء العظمة ، وبالتالي النظر الى الناس كونهم ادوات مكرسة لتنفيذ اوامرهم وتحقيق نوازعهم الشخصية الفردية التسلطية ، اي التحول الى النهج الدكتاتوري .
بيد ان طريق الزعامة المفضية الى موقع الدكتاتور والمتسمة بالجحود لفضل الجماهير التي جاءت بمدعي الزعامة ، بل التي صنعته ، قد اثبتت تجارب الشعوب ان نهايتها لا احد يتمناها ، الا الراسخون بالاستبداد وفاقدو البصيرة ، ممن اعمتهم اكاليل الجاه والمال والنفوذ السلطوي ، لكنه سيبقى بحث الناس عن من يحقق لهم تطلعاتهم في الحياة الكريمة والعيش الآمن اي عن المنقذ متواصلا ، ان بداية الطريق الزعامة لها بوابة وعنوان بمقاسات حجم الوطن والشعب المعنيين ، ومن لايقرأ جيدا لابد له من ان يتلمس الطريق جيدا ، والخطوة الاولى هي في التجرد من الخصوصيات وان يكون ( الزعيم ) كالهواء فمتى ما ظل نقيا خلق حياة صحية للجميع ومتى ما تلوث دمر الجميع ، والمعنى هو ان يبقى الزعيم بمنأى عن الاصابة باشعاعات سموم الاثنية والطائفية والجهوية المقيتة ، يقال ان مواصفات الزعيم تقع تحت طائلة احابيل طاقم ادارته ومحيطه الضيق وكذلك مصائب دسائس القصر، حيث تتحكم الى حد بعيد بتشكيل نمط نهجه وابقائه في المربع الاخير الذي لايحسد عليه ، اما عناصر هذا المحيط فهي تشبه من يقود عربة ذات خيول جامحة ولايأبه بوجهتها ، لكونه سيقفز من العربة حينما تواجهها اول هاوية ، ناجيا بنفسه وتاركا العربة ومن فيها الى مصير محتوم ، لذا يتطلب تكوين الطاقم المحيط بالزعيم من اصحاب الكفاءات المخلصين لشعبهم وليس من المتهالكين على كرسي الوظيفة .
وتبقى طريق الزعامة تتخللها تضاريس قاسية لا يمكن لمن لا يمتلك وسائل عبورها النزيهة العادلة التي تعينه على الوصول فيها الى نهاية المطاف وهو آمن ، واساسها قطعا الوفاق مع شعبه ، ولكن لا يعني ان يكون ذلك حائلا دون محاولات الباحثين عن الزعامة لدخول هذه الطريق ، وقد جرب العديد من هؤلاء وسجل التاريخ خير شاهد على بؤس نهاياتهم ، واقرب مثال على ذلك ، الدكتاتور صدام حسين ، حيث سقط هو وعربته وخيولها الجامحة في هاوية سحيقة غير مأسوف عليه ، تاركا تاج الزعامة الذي حلم به فوق ركام الدولة العراقية التي سرقها واحتجز شعبها بطريقة البلطجية العتاة، بينما ظل لقب الزعيم رديفا لاسم الشهيد عبد الكريم قاسم ، بالرغم من ان الزعيم تصرف بصورة فردية في العديد من القرارات المصيرية ، وفي مقدمتها كبح ارادة الجماهير بالتصدي لانقلابي شباط الاسود عام 1963 ، ولكن قد اكتسب صفة الزعيم لتمكنه من البقاء على مسافة واحدة من كافة اطياف الشعب العراقي ، حيث كان مكتبه يضم حتى بعض المعارضين له من القوميين الذين لم يتوانوا عن المشاركة مع الانقلابيين عليه ، و كما كان طاهرا من رجس الفساد المالي والاخلاقي ، هذا وناهيك عن حبه للفقراء والاهتمام بعالجة اوضاعم المعاشية ، وابرز المعالم على ذلك ظل بناؤه لمدن الفقراء شاهدا ، مثل مدينة الثورة ومدينة الشعلة وغيرهما في المحافظات الاخرى والتي كان يفترض ان تسمى واحدة منها في اقل تقدير باسمه ، اذن من هنا تبدأ طريق الزعامة .








 

free web counter